الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: التبرع بالدم:
الجانب الطبي:
مما هو معروف أنّ الحاجة للتبرع بالدم كبيرة جداً في أغلب الأحوال، وعاجلة جداً في أحوال كثيرة، وقد بينت إحدى الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية أنّه في كل عام تقريباً هناك حاجة إلى حوالي 38000 وحدة من خلايا الدم الحمراء.
الأشخاص المحتاجون لتلقي أو استقبال الدم هم:
- ضحايا الحوادث المرورية والحرائق.
- المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية كبرى كعمليات القلب المفتوح، ونقل الأعضاء، وغيرها من العمليات المصحوبة بنزف شديد.
- الأشخاص الذين يعانون من سرطان الدم أو غيره من الأورام.
- الأشخاص المصابون بفقر الدم المنجلي أو الثلاسيميا.
الأشخاص الذين يمكنهم التبرع بالدم:
للتبرع بالدم بعض الشروط لا بد من توافرها في المتبرع، وهي:
1.
أن يكون ذا صحة جيدة.
2.
أن يكون قد تجاوز السابعة عشر من عمره.
3.
أن لا يقل وزنه عن خمسين كيلوغرام.
4.
أن يخضع لفحص طبي يبين خلوه من بعض الأمراض.
الأشخاص الذين لا يمكنهم التبرع بالدم:
هناك بعض الأشخاص لا يمكنهم التبرع بالدم، إما بشكل مؤقت، أو بصفة دائمة، وذلك كما يلي:
أولاً: الموانع المؤقتة للتبرع بالدم:
1.
الأشخاص الذين سبقت لهم الإصابة بذبحة صدرية خلال سنة من التبرع بالدم.
2.
الذين أصيبوا بمرض الملاريا خلال السنوات الثلاث الماضية.
3.
الأشخاص الذين زاروا منطقة موبوءة بالملاريا خلال السنة الماضية.
4.
من تم نقل دم إليه أو أخذ أحد مكونات الدم منه خلال السنة الماضية.
5.
من أجريت له عملية وشم خلال السنة الماضية.
6.
من تعرض لعملية جراحية في القلب خلال السنة الماضية.
7.
من تعرض لإصابة بالتهاب الكبد خلال السنة الماضية.
8.
الشخص المصاب بوعكة صحية أو ارتفاع في درجة الحرارة يوم التبرع.
9.
من تناول مضاداً حيوياً قبل يوم إلى ثلاثة أيام من التبرع.
ثانياً: الموانع الدائمة للتبرع بالدم:
1.
الأشخاص الذين سبق لهم استخدام المخدرات عن طريق الوريد.
2.
الأشخاص الذين يمارسون اللواط أو العلاقات الجنسية المحرمة.
3.
الأشخاص الذين سبق لهم استقبال حقن مُركّزة لعوامل تخثر الدم.
4.
الذين وُجد أثناء إجراء الاختبارات المعملية أنّ لديهم فحصاً إيجابياً لتحليل التهاب الكبد من النوعين (ب وج) وتحليل (H I V) أي الإيدز.
الكمية التي يتم التبرع بها:
يتم أخذ من 400 إلى 450 مليلترا، وهو ما يمثل حوالي 1/ 12 من حجم الدم الموجود داخل جسم كل إنسان، والذي يتراوح بين 5 إلى 6 لترات.
كيف تتم عملية التبرع بالدم:
- يخضع المتبرع لفحص سريري شامل، يتضمن قياس العلامات الحيوية كالنبض والحرارة وضغط الدم.
- تُجرى بعض التحاليل المخبرية الضرورية كمستوى الخضاب (الهيموجلوبين)، وبعض التحاليل للتأكد من سلامة الدم.
- يستمر التبرع حوالي 10 - 15 دقيقة يكون المتبرع مستلقياً فيها على سرير مريح (1).
(1) انظر، مقال التبرع بالدم، موقع طبيب، http://www.6 abib.com/a-1040.htm ، تاريخ التصفح 16/ 10/2010 م.
3:53 صورة تبين طريقة التبرع بالدم
الجانب الفقهي:
التكييف الفقهي:
من خلال النظر في الحقيقة الطبية لكمية الدم التي يتم استخراجها في التبرع نجد أنّ الصورة المشابهة له عند الفقهاء المتقدمين هي الحجامة، فما هو النظر الفقهي للتبرع بالدم تنظيراً على الحجامة.
التخريج الفقهي:
كما سبق في المطلب الأول من هذا المبحث فقد اختلف الفقهاء المتقدمون في حكم الحجامة للصائم، وخلاصة القول فيها:
1 -
قول الجمهور (الحنفية والمالكية والشافعية) أنَّ الحجامة لا تؤثر على الصوم (1).
(1) انظر: السرخسي، محمد بن أحمد، المبسوط، مرجع سابق، ج 3، ص 57، وسحنون، عبد السلام، المدونة الكبرى، مرجع سابق، ج 1، ص 198، الشربيني، محمد أحمد، مغني المحتاج، مرجع سابق، ج 1،ص 431.
2 -
قول الحنابلة، وبعض الشافعية أنها مفسدة للصوم (1).
وقد سبق بسط أدلة الفريقين ومناقشتها والترجيح بينها.
حكم التبرع بالدم في ضوء الموقف من الحجامة:
التبرع بالدم جائز للصائم ولا يؤثر على صومه، وهذا موقف المذاهب الثلاثة الحنفية والمالكية والشافعية، وعلى قول الحنابلة، وبعض الشافعية يكون التبرع بالدم في نهار رمضان مفسداً للصوم.
أقوال الفقهاء المعاصرين في حكم التبرع بالدم للصائم:
اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم التبرع بالدم للصائم تبعاً لما حصل من اختلاف في مسألة الحجامة، حيث التكييف الفقهي مطابق لها، وقد تباينت أقوالهم على قولين.
القول الأول: (التبرع بالدم غير مفسد للصوم)
وذهب إلى هذا القول من المعاصرين الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني (2)،
(1) انظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، مرجع سابق، ج 3، ص 15، والنووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق، ج 6، ص 364.
(2)
انظر: باشا، حسان، الدليل الطبي والفقهي للمريض في شهر رمضان، مرجع سابق، ص 140 - 141.
والشيخ يوسف القرضاوي (1)، والشيخ وهبة الزحيلي (2)، والشيخ محمود عويضة (3)، والشيخ محمد جبر الألفي (4).
أدلتهم:
استند أصحاب هذا القول على قياس التبرع بالدم على الحجامة، فقالوا إذا كانت الحجامة غير مُفَطِّرة فكذلك التبرع بالدم.
القول الثاني: (التبرع بالدم مفسد للصوم)
ذهب إلى هذا القول من المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية سابقاً (5)، والشيخ محمد العثيمين (6).
دليلهم:
استند أصحاب هذا القول إلى أن الحجامة مُفَطِّرة، فكذلك التبرع بالدم إذ هو نظير الحجامة.
(1) انظر: القرضاوي، يوسف، فقه الصيام، مرجع سابق، ص 85.
(2)
انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد العاشر، ج 2، ص 378.
(3)
عويضة، محمود بن عبد اللطيف، الجامع لأحكام الصيام، مرجع سابق، ص 269.
(4)
انظر: الألفي، محمد جبر، مُفَطِّرات الصائم في ضوء المستجدات الطبية، مجلة مجمع الفقه، العدد العاشر، ج 2، ص 100 - 101.
(5)
انظر: ابن باز، عبد العزيز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، مرجع سابق، ج 15، ص 272.
(6)
العثيمين، محمد، مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين، مرجع سابق، ج 19، ص 249 - 250.
الترجيح:
سبق بيان الترجيح في مسألة الحجامة أنها غير مفسدة للصوم (1)، وأن قول الجمهور هو الأسعد بالدليل والأقوى، لذا يرى الباحث أنّ التبرع بالدم أثناء الصوم لا يؤثر على صحة الصوم، وأبرز أسباب الترجيح:
1.
أنّ أحاديث القائلين بالتفطير لم تخلو من نقد من أئمة الحديث بما فيها عمدتهم في الاستدلال حديث «أفطر الحاجم والمحجوم» (2).
2.
الروايات التي فيها لفظة: «رخص» تدل على رفع الحظر، إذ الرخصة لا تكون إلا بعد حظر.
3.
أنَّه على افتراض تكافؤ أدلة الفريقين، وليس ثمة مرجح، فالقول بالبراءة الأصلية هو الموافق للشريعة ومقاصدها، ولا يمكن إفساد عبادة إلا بنص صحيح، أو تعليل صريح.
OOOOO
(1) انظر: الجانب الفقهي للغسيل الكلوي الدموي، المطلب السابق.
(2)
سبق تخريجه، انظر: ص (411).