الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا مِنْهُمْ "
(ش)(قوله عبد الرزاق) بن همام و (معمر) بن راشد
(قوله رجل من مزينة) بالتصغير وهو مجهول
(قوله في أصحابه) أي بين جماعة من أصحابه
(قوله ما تقول في رجل وامرأة الخ) أى في شأن رجل وامرأة زنيا. وسيأتى الحديث للمصنف في الحدود إن شاء الله تعالى (وحاصل) القصة أن رجلا وامرأة من اليهود محصنين زنيا فأفتى الأحبار بأنهما يجلدان مائة سوط ويسودان بالفحم ويركبان على حمار مقلوبين ثم بعثوا بنى قريظة للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يسألونه عن ذلك وقالوا إن قال لكم مثل ذلك فهو صادق وقوله حجة لنا عند ربنا وإلا فهو كذاب فأتوه فأخبرهم بأنهما يرجمان وفى التوراة كذلك فقالوا إن أحبارنا أخبرونا بأنهما يجلدان فقال جبريل للنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هل تعرفون شابا أبيض أعور يقال له ابن صوريا قالوا نعم هو أعلم يهودى على وجه الأرض بما في التوراة قال فأرسلوا إليه فأحضروه ففعلوا فأتاهم فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنت ابن صوريا قال نعم قال وأنت أعلم اليهود قال كذلك يزعمون قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لهم أترضون به حكما قالوا نعم قال له النبيّ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنشدك الله الذى لا إله إلا هو الذي فلق البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن قال نعم والذي ذكرتنى به لولا خشيت أن تحرقنى التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت فوثب عليه سفلة اليهود فقال أنا خفت إن كذبت أن ينزل علينا العذاب ثم سأل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن أشياء كان يعرفها من أعلامه فأجابه عنها فأسلم وأمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالزانيين فرجما عند باب المسجد
(باب المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة)
أى وما تجوز فيها الصلاة. ففى الكلام اكتفاء "وبهذا يظهر" مطابقة الحديث الأول للترجمة
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله جرير) بن عبد الحميد. و (الأعمش) هو سليمان ابن مهران
(قوله عبيد بن عمير) بالتصغير فيهما ابن قتادة بن سعيد الليثى أبى عاصم المكي قاضى مكة. روى عن أبيه وعمر وعلى وأبى موسى الأشعرى وأبيّ بن كعب وآخرين، وعنه عطاء ابن أبى رباح وعمرو بن دينار ومجاهد وكثيرون. قال ابن معين وأبو زرعة ثقة وقال العجلي ثقة من كبار التابعين وذكره ابن حبان في الثقات وقال مجاهد نفخر على التابعين بأربعة فذكره فيهم مات سنة أربع أو ثمان وستين. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله جعلت لى الأرض طهورا الخ) أى مطهرا عند عدم المقدرة على استعمال الماء قال الله تعالى "وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا" وفى الكلام حذف الواو مع معطوفها أى جعلت لى ولأمتى كما يدلّ عليه رواية مسلم عن حذيفة بن اليمان جعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا وكما في رواية أبى أمامة عند البيهقى أن نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن الله قد فضلني على الأنبياء أو قال أمتي على الأمم بأربع جعل الأرض كلها لى ولأمتي طهورا ومسجدا (واحتج أبو حنيفة) بهذا الحديث على أن التيمم جائز بجميع أجزاء الأرض من رمل وجصّ ونورة وزرنيخ ونحوها (وبه قال مالك) إلا ما كان محروقا (وذهب) الشافعى وأحمد وجماعة إلى أنه لا يجوز التيمم إلا بالتراب خاصة وحملوا المطلق في حديث الباب على المقيد في حديث حذيفة وتقدم بيان ذلك في التيمم مستوفى. وقوله ومسجدا أى موضع صلاة لا تختص منها بموضع دون غيره. ويمكن أن يكون من باب التشبيه البليغ أى جعلت الأرض كالمسجد في جواز الصلاة. وهذا من باب الامتنان على هذه الأمة حيث رخص لها الصلاة في جميع بقاع الأرض إلا ما نهى عن الصلاة فيه إما لنجاسته كالمقبرة والمجزرة والمزبلة أو لمعنى آخر كمعاطن الإبل والحمام وقارعة الطريق كما سيأتي بخلاف الأمم المتقدّمة لأنهم كانوا لا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم كما قاله الخطابى وهو الأظهر. ويؤيده ما ذكره في رواية عمرو بن شعيب من قوله وكان من قبلى إنما كانوا يصلون في كنائسهم وما أخرجه البزار من حديث ابن عباس وفيه. لم يكن من الأنبياء أحد يصلى حتى يبلغ محرابه (وقال) القاضى المراد جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا وجعلت لغيرى مسجدا ولم تجعل له طهورا اهـ "وقيل" إنما أبيح لهم في موطن يتيقنون طهارته بخلاف هذه الأمة فأبيح لها في جميع الأمكنة إلا فيما يتيقنون نجاسته
(فقه الحديث) والحديث يدل على أن الله تعالى اختص هذه الأمة. بجواز التيمم عند الحاجة إليه. وعلى جواز الصلاة في أىّ مكان من الأمكنة الطاهرة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى والبيهقى عن جابر بن عبد الله مطولا بلفظ إن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلى نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلّ وأحلت لى الغنائم ولم تحلّ لأحد قبلى وأعطيت الشفاعة وكان النبى يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة. وأخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه عن جابر مطولا بنحوه
(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ الْمُرَادِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، مَرَّ بِبَابِلَ وَهُوَ يَسِيرُ فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَلَمَّا بَرَزَ مِنْهَا أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:«إِنَّ حِبِّي صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ نَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَنَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ» .
(ش)(رجال الحديث)
(قوله سليمان بن داود) العتكي الزهرانى. و (ابن وهب) هو عبد الله. و (ابن لهيعة) هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة. و (يحيى بن أزهر) المصرى روى عن حجاج بن شدّاد وأفلح بن حميد وعمار بن سعد. وعنه ابن القاسم وابن وهب وبكر ابن مضر وغيرهم، قال الذهبي ثقة وأثنى عليه ابن بكير وقال في التقريب صدوق وذكره ابن حبان في الثقات. توفى سنة إحدى وستين ومائة. روى له أبو داود
(قوله عمار بن سعد) السلهمى روى عن عمر وعقبة بن نافع وأبى صالح الغفارى ويزيد بن رباح وغيرهم. وعنه ابن لهيعة وبكير بن الأشج وحيوة بن شريح ويحيى بن أزهر وطائفة، قال ابن يونس ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. توفى سنة ثمان وأربعين ومائة. روى له أبو داود، و (المرادى) نسبة إلى مراد قبيلة
(قوله عن أبى صالح) هو سعيد بن عبد الرحمن بن مليك الغفارى. روى عن عليّ وأبى هريرة وعقبة بن عامر. وعنه الحجاج بن شداد وعمار بن سعد، قال العجلي تابعى ثقة وذكره ابن حبان. في الثقات وقال ابن يونس ما أظنه سمع من على. روى له أبو داود
(معنى الحديث)
(قوله مرّ ببابل) أى وهو في بعض أسفاره، وبابل أقدم أبنية العراق ينسب إلى أهلها السحر والخمر. كانت ملوك الكنعانيين وغيرهم يقيمون بها. وبها آثار أبنية من قديم الزمان. ويقال إن أول من سكنها وعمرها نوح عليه الصلاة والسلام وكان قد نزلها عقب الطوفان هو ومن كان معه في السفينة لطلب الدفء فأقاموا بها وتناسلوا فيها وكثروا من بعد نوح
وملكوا عليهم ملوكا وابتنوا بها المدائن واتصلت مساكنهم بدجلة والفرات. وقال أبو المنذر إن مدينة بابل كانت اثني عشر فرسخا في مثل ذلك وكان بابها مما يلي الكوفة وكان الفرات يجرى بها حتى صرفه بختنصر إلى موضعه الآن مخافة أن يهدم سور المدينة
(قوله يؤذنه) أى يعلمه من آذن بالمدّ ويؤذن فسقط في المضارع إحدى الهمزتين
(قوله فلما برز منها الخ) أى خرج من أرض بابل. وهو مرتب على مجذوف أى أن المؤذن جاء يؤذنه بالصلاة فأمره بالانتظار حتى يخرج منها فلما خرج أمر المؤذن فأقام الصلاة الخ
(قوله إنّ حبي) بكسر الحاء المهملة. وفي نسخة حبيبى يعني النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
(قوله نهاني أن أصلى في المقبرة) بفتح الميم وقد تكسر وبتثليث الموحدة وهى المحلّ الذى يذفن فيه الموتى (وفي الحديث دلالة) على منع الصلاة في المقابر. وقد اختلف في ذلك فذهب أحمد وأصحابه إلى تحريم الصلاة فيها وعدم صحتها. ولم يفرق بين المنبوشة وغيرها ولا بين أن يفرش عليها شيء يقي من النجاسة أولا ولا بين أن يكون في القبور أو في مكان منفرد عنها كالبيت. وإلى ذلك ذهبت الظاهرية (قال) ابن حزم وبه قال طوائف من السلف فحكى عن خمسة من الصحابة النهي كما ذلك وهم عمر وعلي وأبو هريرة وأنس وابن عباس. وقال ما نعلم لهم مخالفا من الصحابة وحكاه عن جماعة من التابعين إبراهيم النخعى ونافع بن جبير بن مطعم وطاوس وعمرو بن دينار وخيثمة وغيرهم اهـ "وقوله" ما نعلم لهم مخالفا من الصحابة "إخبار" عن علمه وإلا فقد حكى الخطابي في معالم السنن عن عبد الله بن عمر أنه رخص في الصلاة في المقبرة. وحكي أيضا عن الحسن أنه صلى في المقبرة. وقد ذهب إلى تحريم الصلاة على القبر من أهل البيت المنصور بالله والهادوية وصرحوا بعدم صحتها إن وقعت فيها (وفرقت الشافعية) بين المقبرة المنبوشة وغيرها فقالوا إذا كانت منبوشة ومختلطة بلحم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها للنجاسة فإن صلى في مكان طاهر منها أجزأته. وإن كانت غير منبوشة جازت الصلاة مع الكراهة. وإن شك في نبشها ففيها قولان أصحهما تصح مع الكراهة (وذهب الثورى) والأوزاعي وأبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة ولم يفرقوا بين المنبوشة وغيرها (وذهبت المالكية) إلى جواز الصلاة في المقابر بدون كراهة. وتمسكوا بحديث جعلت لى الأرض طهورا ومسجدا المتقدم. وبما تقدم أيضا في رواية البخارى من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلّ وحملوا أحاديث النهى عن الصلاة في المقابر على ما إذا كان بها نجاسة (وردّ بأن) حديث جعلت لى الأرض طهورا ومسجدا ونحوه عامّ خصّ بأحاديث النهى عن الصلاة في المقبرة. وهى مطلقة لا دليل على تقييدها بما إذا كان بها نجاسة بل هى وغيرها في ذلك سواء
(قوله فإنها ملعونة) أى ملعون أهلها فوصف الأرض باللعنة باعتبار أهلها وذلك لما ذكره أهل التفسير في قوله تعالى "قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد" من أن نمروذ بن كنعان كان أكبر
ملوك الأرض في زمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام وكان من مكره أنه بنى صرحا ببابل ليصعد إلى السماء ويقاتل أهلها في زعمه "قال" ابن عباس كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراع "وقال" كعب ومقاتل كان طوله فرسخين فهبت ريح فقصفته وألقت رأسه في البحر وأتاهم الله بزلزال قلعت بنيانهم من قواعده وأساسه فانهدم عليهم وهم تحته فأهلكهم. ولما سقط تبلبلت الألسن من الفزع فتكلموا يومئذ بثلاث وسبعين لسانا فلذلك سميت ببابل (والحديث يدلّ) على أن الصلاة ببابل منهيّ عنها. وهو وإن كان ضعيفا يؤيده ما رواه ابن أبي شيبة عن سفيان عن عبد الله بن شريك عن عبد الله بن أبي المحلّ العامرى قال كنا مع علىّ فمررنا على الخسف الذى ببابل فلم يصلّ حتى أجازه. وعن حجر بن عنيس الحضرمي عن على قال ما كنت لأصلى في أرض خسف الله بها ثلاث مرار. أى قالها ثلاث مرات (قال البيهقى) هذا النهى إن ثبت مرفوعا ليس لمعنى يرجع إلى الصلاة إذ لو صلى فيها لم يعدو إنما هو كما جاء في قضية الحجر اهـ "والحجر مساكن ثمود قوم صالح"(وقال الخطابي) في إسناد هذا الحديث مقال ولا أعلم أحدا من العلماء حرّم الصلاة في أرض بابل وقد عارضه ما هو أصحّ منه وهو قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا. ويشبه أن يكون معناه إن ثبت أنه نهاه أن يتخذ أرض بابل وطنا ودارا للإقامة فتكون صلاته فيها إذا كانت إقامته بها ناقصة "يعنى أن المراد بقوله نهانى أن أصلى ببابل أي أن أقيم فيها فأطلق الملزوم وأراد اللازم" ويخرّج هذا النهى فيه على الخصوص. ألا تراه يقول نهاني. ولعل ذلك إنذار له بما أصابه من المحنة في الكوفة وهي أرض بابل ولم ينتقل أحد من الخلفاء الراشدين قبله من المدينة اهـ وما ذكره بعيد كما قاله الحافظ "وقوله" يعارضه ما هو أصحّ منه "غير مسلم" لأن هذا الحديث على فرض صحته خاصّ وذلك عامّ مخصوص بالمواضع التى نهى عن الصلاة فيها فلا تعارض
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على النهى عن الصلاة في المقابر، وعلى النهى عن الصلاة في أرض بابل، وعلى أن عقوبة المعاصى تجرّ بذيلها على المكان الذى وقعت فيه فيحرم من حصول الخير فيه، وعلى أن الاتصال بأهل الذنوب وبال وحرمان من الرحمة
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، بِمَعْنَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ منها مَكَانَ فَلَمَّا بَرَزَ
(ش) ساق المصنف هذه الرواية لبيان أن شيخ ابن لهيعة ويحيى بن أزهر مختلف وفي
حديث سليمان شيخهما عمار بن سعد. وفي حديث أحمد بن صالح شيخهما الحجاج بن شدّاد ولا تنافي بينهما لأنهما قد رويا الحديث عن كل منهما. وقد اتفقا في المعنى واللفظ غير أن الحجاج قال في روايته فلما خرج منها بدل قول عمار بن سعد في روايته فلما برز
(قوله الحجاج بن شدّاد) الصنعاني. روى عن أبى صالح الغفارى. وعنه ابن لهيعة وحيوة بن شريح ويحيى بن أزهر. ذكره ابن حبان في الثقات وقال إنه من صنعاء الشام وقال ابن القطان لا يعرف حاله وقال في التقريب مقبول من السابعة. روى له أبو داود هذا الحديث فقط
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: -وَقَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ فِيمَا يَحْسَبُ عَمْرٌو- إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْحَمَّامَ وَالْمَقْبَرَةَ»
(ش)(قوله حماد) بن سلمة. و (عبد الواحد) بن زياد
(قوله عن أبيه) هو يحيى بن عمارة
(قوله وقال موسى في حديثه فيما يحسب عمرو الخ) أشار به إلى بيان الاختلاف الواقع في رفع الحديث فرواه مسدد عن عبد الواحد عن عمرو جازما برفعه. ورواه موسى عن حماد عن عمرو غير متيقن رفعه. وهذا هو المشار إليه بقوله فيما يحسب عمر والخ
(قوله الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة) الحمام هو الموضع الذى يغتسل فيه بالحميم وهو في الأصل الماء الحارّ ثم قيل للماء الذى يغتسل به مطلقا (والحديث يدلّ) على منع الصلاة في المقبرة والحمام. أما الصلاة في المقبرة فقد تقدم الكلام. عليها (وأما الحمام) فاختلف العلماء في الصلاة فيه. فذهب أحمد إلى عدم صحة الصلاة فيه أخذا بظاهر الحديث وبه قال أبو ثور والظاهرية. وروى عن ابن عباس أنه قال لا يصلين إلى حشّ "بيت الخلاء" ولا في حمام (قال ابن حزم) لا نعلم لابن عباس في هذا مخالفا من الصحابة اهـ. وروى ذلك عن نافع بن جبير وإبراهيم النخعي وخيثمة والعلاء بن زياد (قال) ابن حزم ولا تحلّ الصلاة في حمام سواء في ذلك مبدأ بابه إلى جميع حدوده ولا على سطحه وسقف مستوقده وأعالى حيطانه خربا كان أو قائما فإن سقط من بنائه شيء يسقط عنه اسم الحمام جازت الصلاة في أرضه حينئذ اهـ
(وذهب الجمهور) إلى صحة الصلاة في الحمام مع الكراهة إن أمنت النجاسة وإلا فلا تصحّ. وهو محمل الحديث عندهم غير أن المالكية قالوا بالجواز من غير كراهة (فائدة) المواضع التى ورد النهى عن الصلاة فيها كثيرة (منها) الثلاثة المذكورة في الباب (ومنها) المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق وأعطان
الإبل وفوق ظهر بيت الله تعالى. يدلّ على هذا ما رواه ابن ماجه والترمذى عن زيد بن جبير عن داود ابن حصين عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفى الحمام وفي أعطان الإبل وفوق ظهر بيت الله تعالى قال الترمذى إسناده ليس بذاك القوى (ومنها) الصلاة إلى المقبرة وإلى جدار مرحاض عليه نجاسة وفى الكنيسة والبيعة وإلى التماثيل (ومنها) الأرض المغصوبة ومسجد الضرار والصلاة إلى التنور وفى بطن الوادى والصلاة إلى النائم وإلى المتحدّث. وزادت الهادوية كراهة الصلاة إلى المحدث والفاسق والسراج. وزاد الإمام يحيى الجنب والحائض. فيكون الجميع خمسة وعشرين موضعا (وهاك) دليل المنع من الصلاة في هذه المواطن، أما الثلاثة الأول فأدلتها المذكورة في الباب. وأما الخمسة التي تليها فدليلها ما ذكر من حديث زيد بن جبير. وأما الصلاة إلى المقبرة فما رواه الترمذى وسيأتى للمصنف عن أبى مرثد الغنوى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها وأما الصلاة إلى جدار مرحاض فلحديث ابن عباس نهى عن الصلاة في المسجد تجاه حشّ أخرجه ابن عدى قال العراقي ولم يصحّ إسناده. وروى ابن أبى شيبة في المصنف عن عبد الله ابن عمرو أنه قال لا يصلى إلى الحشّ. وعن على قال لا يصل تجاه حشّ. وعن إبراهيم كانوا يكرهون ثلاثة أشياء فذكر منها الحشّ. وفى كراهة استقباله خلاف بين الفقهاء. وأما الكنيسة والبيعة فروى ابن أبى شيبة في المصنف عن ابن عباس أنه كره الصلاة في الكنيسة إذا كان فيها تصاوير. وقد رويت الكراهة عن الحسن ولم ير الشعبى وعطاء بن أبى رباح بالصلاة في الكنيسة والبيعة بأسا ولم ير ابن سيرين بالصلاة في الكنيسة بأسا. وصلى أبو موسى الأشعرى وعمر بن عبد العزيز في كنيسة. ولعل وجه الكراهة ما تقدم من اتخاذهم لقبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد لأنها تصير جميع البيع والمساجد مظنة لذلك. وأما الصلاة إلى التماثيل فلحديث عائشة الصحيح أنه قال لها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أزيلى عنى قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لى في صلاتى. وكان لها ستر فيه تماثيل. وأما الصلاة إلى النائم والمتحدّث فلحديث ابن عباس عند أبى داود وابن ماجه بلفظ نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن نصلى خلف النائم والمتحدّث. وأما الصلاة في الأرض المغصوبة فلما فيها من استعمال مال الغير بغير إذنه. وأما الصلاة في مسجد الضرار فقال ابن حزم إنه لا يجزئُ أحدا الصلاة فيه لقصة مسجد الضرار وقوله تعالى "لا تقم فيه أبدا" فصحّ أنه ليس موضع صلاة. وأما الصلاة إلى التنور فكرهها محمد بن سيرين وقال بيت نار رواه ابن أبى شيبة في المصنف. وزاد ابن حزم فقال لا تجوز الصلاة في مسجد يستهزأ فيه بالله أو برسوله أو شيء من الدين أو في مكان يكفر فيه