الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن خزيمة تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخيره. توفى سنة أربع وخمسين ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة. روى له أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه والبخارى في جزء القراءة خلف الإمام. و (عكرمة) بن عبد الله مولى عبد الله بن عباس
(معنى الحديث)
(قوله ليؤذن لكم خياركم) أى من هو أكثر محافظة على أمور الدين ليكفّ نظره عن العورات ويحافظ على الأوقات لأن أمر الصلاة والصيام منوط بالمؤذنين كما تقدم. والأمر فيه للاستحباب
(قوله وليؤمكم قرّاؤكم) أى أحفظكم للقرآن وأتقنكم لأحكامه فإنه أفضل الأذكار وأطولها في الصلاة. وفى ذلك تعظيم لكلام الله تعالى وتقديم قارئه وإشارة إلى علوّ مرتبته في الدارين. وفيه ترغيب لتعليم القرآن. ومعلوم أن محلّ تقديم الأقرإ إذا كان عالما بأحكام الصلاة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه وفى إسناده حسين بن عيسى الحنفي وفيه مقال كما علمت
(باب إمامة النساء)
أتجوز أم لا. وفى بعض النسخ باب ما جاء في إمامة النساء. والنساء اسم لجماعة الإناث واحده امرأة من غير لفظ الجمع ومثله النسوة والنسوان
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ نَوْفَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ لَمَّا غَزَا بَدْرًا، قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِي الْغَزْوِ مَعَكَ أُمَرِّض مَرْضَاكُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي شَهَادَةً، قَالَ:«قِرِّي فِي بَيْتِكِ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَرْزُقُكِ الشَّهَادَةَ» ، قَالَ: فَكَانَتْ تُسَمَّى الشَّهِيدَةُ، قَالَ: وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ أَنْ تَتَّخِذَ فِي دَارِهَا مُؤَذِّنًا، فَأَذِنَ لَهَا، قَالَ: وَكَانَتْ قَدْ دَبَّرَتْ غُلَامًا لَهَا وَجَارِيَةً فَقَامَا إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فَغَمَّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَذَهَبَا، فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ، أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا فَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ.
(ش)(رجال الحديث)
(قوله الوليد بن عبد الله بن جميع) مصغرا الزهرى المكي الكوفى وقد ينسب إلى جده. روى عن مجاهد وأبي سلمة وإبراهيم النخعى وعكرمة. وعنه ابن ثابت ويحيى القطان وأبو أسامة وآخرون. وثقه ابن معين وقال أحمد وأبو زرعة وأبو داود ليس به بأس وذكره ابن حبان في الضعفاء وقال ينفرد عن الأثبات بما لا يشبه حديث الثقات فلما فحش ذلك منه بطل الاحتجاج به وقال العقيلى في حديثه اضطراب وقال في التقريب صدوق يهم وقال البخارى كان فيه تشيع، روى له أبو داود ومسلم والترمذى والنسائى والبخارى في الأدب
(قوله حدّثتني جدّتى) هي ليلى بنت مالك قال في التقريب ليلى بنت مالك لا تعرف من الثالثة روى لها أبو داود. و (عبد الرحمن بن خلاد الأنصارى) روى عن أمّ ورقة، وعنه الوليد ابن جميع. ذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو الحسن بن القطان حاله مجهول وقال في التقريب مجهول الحال من الرابعة. روى له أبو داود. و (أمّ ورقة بنت نوفل) هى بنت عبد الله بن الحارث بن عويمر بن نوفل الأنصارية فهى منسوبة إلى جدّها الأعلى. كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يزورها ويسميها الشهيدة كما في الحديث. روى لها أبو داود
(معنى الحديث)
(قوله لما غزا بدرا) أى أراد أن يغزوها. وهي قرية بين مكة والمدينة وهي إلى المدينة أقرب. ويقال هى منها على ثمانية وعشرين فرسخا وأصلها بئر كانت لرجل يسمى بدرا فسميت البلدة باسمه. وكان ذلك في رمضان في السنة الثانية من الهجرة (وسبب هذه) الغزوة أن أبا سفيان قدم بعير من الشام فخرج النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه ليغنموا تلك العير من أبى سفيان فعلمت بذلك قريش فخرج أبو جهل ومن معه ليذبوا عن العير فأخذ أبو سفيان بالعير طريق الساحل فنجت فقيل لأبى جهل ارجع فأبى وسار إلى بدر. وشاور النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أصحابه فقام أبو بكر وعمر فأحسنا القول ثم قام سعد بن عبادة فقال انظر أمرك وامض فيه فوالله لو سرت إلى عدن ما تخلف عنك رجل من الأنصار ثم قال مقداد ابن عمرو امض كما أمرك الله فإنا معك حيثما أحببت لا نقول لك كما قالت بنو إسراءيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم قال أيها الناس أشيروا عليّ فقام سعد ابن معاذ فقال يا رسول الله امض لما أردت فإنا لا نكره أن تلقى بنا عدوّنا ولعل الله يريك ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة الله تعالى فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سيروا على بركة الله وأبشروا فإنه وعدنى إحدى الطائفتين. وروى مسلم والترمذى عن ابن عباس قال حدثنى عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه تسعة عشر رجلا وثلثمائة فاستقبل القبلة ثم مدّ يديه فجعل
يهتف بربه يقول اللهم أنجز لى ما وعدتنى اللهم آتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من المسلمين لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادّا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ثم قال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله تعالى {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم الآية} فأمدّه الله بالملائكة
(قوله أمرّض مرضاكم) أى أتكفل بخدمتهم ومعالجتهم
(قوله قرّى في بيتك) بكسر القاف أى استقرّي واثبتي فيه وهو أمر من قرر يقرر من باب ضرب ويجوز فيه فتح القاف فيكون أمرا من باب علم
(قوله فكانت تسمى الشهيدة) اعتمادا على قوله صلى الله عليه وآله وسلم لها إن الله عز وجل يرزقك الشهادة
(قوله وكانت قد قرأت القرآن) وفي رواية البيهقي وكانت قد جمعت القرآن أى حفظته وأحكمت قراءته. وهو علة لقوله فاستأذنت مقدّمة عليه
(قوله أن تتخذ في دارها مؤذنا) أى ليجتمع عليها نساء الحىّ فتؤمهم وكان صلى الله عليه وآله وسلم أمرها أن تؤمّ أهل دارها كما صرح به في الرواية الآتية للمصنف وبهذا تعلم مطابقة الحديث الترجمة
(قوله وكانت دبرت غلاما لها وجارية) أى علقت عتقهما على موتها يقال دبر الرجل عبده تدبيرا إذا أعتقه بعد موته
(قوله فغماها بقطيفة) أى غطياها بقطيفة وحبسا نفسها حتى ماتت. والقطيفة كساء له هدب وقال في الصحاح القطيفة دثار مخمل وجمعه قطائف وقطف مثل صحائف وصحف اهـ وبذلك تحقق إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بأنها سترزق الشهادة
(قوله فأصبح عمر فقام في الناس الخ) أى خطب في الناس وأخبرهم خبرها وقال من كان عنده علم بمكانهما أو رآهما شك من الراوى
(قوله فأمر بهما فصلبا) مرتب على محذوف أى فجئ بهما إليه فسألهما فأقرّا بأنهما قتلاها فأمر بهما فصلبا (وظاهر) الحديث يخالف قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا قود إلا بالسيف رواه ابن ماجه من حديث أبي بكرة والنعمان بن بشير. ويمكن توجيهه بأن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قتلهما أوّلا بالسيف ثم صلبهما ثانيا للتشنيع والتشهير بهما. على أن في سند حديث ابن ماجه جابرا الجعفى ومبارك بن فضالة وقد ضعفهما غير واحد
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن قعود النساء في البيوت أفضل من خروجهن إلى الجهاد وعلى جواز اتخاذ النساء مؤذنا (واختلف فيه) فقال ابن المسيب والزهرى والضحاك بجوازه وكذا الإقامة أخذا بظاهر هذا الحديث (وذهب) بعضهم إلى أنه ليس على النساء أذان ولا إقامة لما روى عن الحسن وابن سيرين قالا ليس على النساء أذان ولا إقامة. ودلّ الحديث أيضا على مشروعية التدبر، وعلى جواز صلب القاتل. وهو وإن كان من فعل عمر قد أقرّه الصحابة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أبو نعيم من طريق وكيع وأخرجه الحاكم من طريق عبد الله بن داود عن الوليد بن جميع مختصرا وأخرجه البيهقي وابن السكن عن أمّ ورقة
أنها قالت يا رسول الله لو أذنت لى فغزوت معك فمرّضت مريضكم وداويت جريحكم فلعل الله أن في يزقني الشهادة قال يا أمّ ورقة اقعدى في بيتك فإن الله سيهدى إليك شهادة في بيتك وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وكان لها غلام وجارية فدبرتهما فقاما إليها فغمياها فقتلاها فلما أصبح عمر قال والله ما سمعت قراءة خالتي أمّ ورقة البارحة فدخل الدار فلم ير شيئا فدخل البيت فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت فقال صدق الله ورسوله ثم صعد المنبر فذكر الخبر وقال عليّ بهما فسألهما فأقرّا أنهما قتلاها فأمر بهما فصلبا
(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا
(ش) ساق المصنف هذا لبيان الاختلاف بين تلاميذ الوليد بن جميع فرواه عنه وكيع وذكر أن شيخ الوليد حدثه وعبد الرحمن بن خلاد ورواه ابن فضيل عن الوليد وذكر أن شيخه عبد الرحمن بن خلاد فقط
(ش)(رجال الحديث)(الحسن بن حماد) بن كسيب أبو عليّ البغداديّ المعروف بسجادة. روى عن حفص بن غياث وأبي بكر بن عياش ويحيى بن سعيد الأموى ووكيع وجماعة وعنه ابن ماجه وأبو داود وأبو زرعة وأبو يعلى وأبو القاسم البغوى وابن صاعد وآخرون. قال أحمد صاحب سنة ما بلغنى عنه إلا خير ووثقه الخطيب وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب صدوق من العاشرة. مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. و (الحضرمى) نسبة إلى حضرموت كما تقدم
(قوله والأول أتم) أى أن الحديث الذى رواه المصنف من طريق وكيع بن الجراح أتمّ في المعنى من الذى رواه من طريق محمد بن فضيل عن الوليد
(معنى الحديث)
(قوله وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يزورها الخ) وفي رواية الحاكم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول انطلقوا بنا إلى الشهيدة فنزورها وجعل لها مؤذنا أى بعد أن استأذنته في اتخاذه كما تقدم وأمرها أن تؤم أهل دارها أى في الفرائض كما صرح به في رواية الحاكم (وفيه) دليل على صحة إمامة المرأة أهل دارها وإن كان فيهم