المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الإمام يصلى من قعود) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٤

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب في المحافظة على وقت الصلوات)

- ‌(باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت)

- ‌(باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها)

- ‌(باب في بناء المساجد)

- ‌(باب اتخاذ المساجد في الدور)

- ‌(باب في السرج في المساجد)

- ‌(باب في كنس المساجد)

- ‌(باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال)

- ‌(باب في فضل القعود في المسجد)

- ‌(باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد)

- ‌(باب في المشرك يدخل المسجد)

- ‌(باب المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة)

- ‌(باب النهى عن الصلاة في مبارك الإبل)

- ‌(باب متى يؤمر الغلام بالصلاة)

- ‌(باب بدء الأذان)

- ‌(باب ما جاء في الإقامة)

- ‌(باب الرجل يؤذن ويقيم آخر)

- ‌(باب من أذن فهو يقيم)

- ‌(باب رفع الصوت بالأذان)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت)

- ‌(باب الأذان فوق المنارة)

- ‌(باب في المؤذن يستدير في أذانه)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع المؤذن)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع الإقامة)

- ‌(باب في الدعاء عند الأذان)

- ‌(باب ما يقول عند أذان المغرب)

- ‌(باب أخذ الأجر على التأذين)

- ‌(باب في الأذان قبل دخول الوقت)

- ‌(باب الأذان للأعمى)

- ‌(باب الخروج من المسجد بعد الأذان)

- ‌(باب في المؤذن ينتظر الإمام)

- ‌(باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا)

- ‌(باب في فضل صلاة الجماعة)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب ما جاء في المشى إلى الصلاة في الظلم)

- ‌(باب ما جاء في الهدى في المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب من خرج يريد الصلاة فسبق بها)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد)

- ‌(باب ما جاء في الجمع في المسجد مرّتين)

- ‌(باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد)

- ‌(باب في جماع الإمامة وفضلها)

- ‌(باب في كراهية التدافع عن الإمامة)

- ‌(باب من أحق بالإمامة)

- ‌(باب إمامة النساء)

- ‌(باب الرجل يؤمّ القوم وهم له كارهون)

- ‌(باب إمامة البرّ والفاجر)

- ‌(باب إمامة الأعمى)

- ‌(باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة)

- ‌(باب الإمام يصلى من قعود)

- ‌ مشروعية التبليغ عند الحاجة إليه

- ‌(باب الرجلين يؤمّ أحدهما صاحبه كيف يقومان)

- ‌(باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون)

- ‌(باب الإمام ينحرف بعد التسليم)

الفصل: ‌(باب الإمام يصلى من قعود)

فأمّ قومه فافتتح سورة البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده فلما انصرف قالوا نافقت يا فلان فقال ما نافقت ولكنى آتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأخبره فأتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله إنك أخرت العشاء البارحة وإن معاذا صلاها معك ثم رجع فأمنا فافتتح سورة البقرة فتنحيت فصليت وحدى وإنما نحن أهل نواضح نعمل بأيدينا فالتفت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى معاذ فقال أفتان أنت يا معاذ أفتان أنت اقرأ بسورة كذا وسورة كذا قال عمرو وعدّ سورا قال سفيان وقال أبو الزبير وقال له النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والسماء والطارق والسماء ذات البروج والشمس وضحاها والليل إذا يغشى ونحوها فقلت لعمرو فإن أبا الزبير كان يقول إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان قال له اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والسماء والطارق والسماء ذات البروج والشمس وضحاها والليل إذا يغشى اهـ

(باب الإمام يصلى من قعود)

وفي بعض النسخ باب إذا صلى الإمام قاعدا

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ:"إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ"

(ش)(قوله ركب فرسا فصرع عنه) أى سقط عنه كما صرّح به في رواية البخارى

(قوله فجحش شقه الأيمن) أى انخدش شقه فمنعه من القيام للصلاة. وفى رواية للبخارى عن أنس جحش ساقه أو كتفه. ولا منافاه بينهما لأن رواية البخارى فيها بيان محلّ الخدش من الشق

(قوله فصلى صلاة من الصلوات) أى المكتوبة لأنها التى عرف من عادتهم أنهم يجتمعون لها بخلاف النافلة

(قوله فصلينا وراءه قعودا الخ) وفى نسخة وصلينا وراءه أى بعد أن قاموا خلفه فأشار إليهم بالجلوس كما سيصرّح به في حديث عائشة الآتى ولذا بين لهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله إنما جعل الإمام ليؤتم به أى ليقتدى به ويتابع في أعمال الصلاة

ص: 326

فلا يسبقه ولا يقارنه. وبين المتابعة بقوله فإذا صلى قائما فصلوا قياما أى قائمين فالمصدر مؤوّل باسم الفاعل. ومحلّ وحوب القيام على المأموم تبعا للإمام إذا كان قادرا عليه فإذا لم يستطع القيام صلى من جلوس أو على حسب ما يتيسر له

(قوله وإذا ركع فاركعوا الخ) ظاهر في أن المأموم لا يهوى إلى الركوع حتى يتمّ الإمام ركوعه. وأصرح منه ما رواه أحمد وسيأتي للمصنف وفيه ولا تركعوا حتى يركع

(قوله سمع الله لمن حمده) يعنى قبل الله حمد من حمده

(قوله ربنا ولك الحمد) الواو عاطفة على محذوف أى ربنا أطعناك أو حمدناك ولك الحمد (وهو) صريح في أن الإمام يقول الجملة الأولى والمأموم يقول الثانية. وبه قال أبو حنيفة والمالكية ورواية عن أحمد (وذهب) الشافعى والحنابلة إلى أنه يجمع بينهما. وسيأتى تمام الكلام عليه إن شاء الله تعالى

(قوله أجمعون) تأكيد للضمير في صلوا (والحديث يدلّ) على أنه يجب على المأموم أن يتابع الإمام في الصلاة حتى لو صلى الإمام جالسا لعذر يصلى المأموم جالسا أيضا وإن كان قادرا على القيام وبه أخذ إسحاق والأوزاعى وابن المنذر وداود وبقية أهل الظاهر قالوا ولا تجوز وراءه قياما (قال) ابن حزم وبه نأخذ إلا فيمن يصلى إلى جنب الإمام يذكر الناس ويعلمهم تكبير الإمام فإنه يتخير بين الصلاة قاعدا والصلاة قائما وبمثل قولنا يقول جمهور السلف وروى هذا عن جابر وأسيد بن حضير وأبى هريرة ولا مخالف لهم يعرف من الصحابة (وحكى) هذا أيضا ابن حبان عن الصحابة المذكورين وغيرهم من الصحابة والتابعين وقال وهو عندى ضرب من الإجماع الذى أجمعوا على إجازته لأن من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أربعة أفتوا به. والإجماع عندنا إجماع الصحابة. ولم يرو عن أحد من الصحابة خلاف لهؤلاء الأربعة لا بإسناد متصل ولا منقطع. فكأن التابعين أجمعوا على إجازته. وأول من أبطل في هذه الأمة صلاة المأموم قاعدا إذا صلى إمامه جالسا المغيرة بن مقسم صاحب النخعى وأخذ عنه حماد بن أبى سليمان ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة وتبعه عليه من بعده من أصحابه اهـ وإلى جواز صلاة القاعد القادر على القيام خلف القاعد العاجز عنه ذهبت الحنابلة لكن خصصوا الجواز بما إذا كان الإمام إمام الحىّ أو الإمام الأعظم فلا يجوز ذلك وراء غيرهما إلا إذا كان المأموم مثله (وقالت) الشافعية وأبو ثور والثورى والحميدى والحنفية تجوز صلاة القائم خلف القاعد العاجز عن القيام. قالوا ولا يجوز أن يصلوا وراءه جلوسا. واحتجوا بما رواه الشيخان عن عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر في مرضه الذى توفي فيه أبا بكر أن يصلى بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان الأرض فجاء فجلس عن يسار أبى بكر فكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلى بالناس جالسا

ص: 327

وأبو بكر قائما يقتدى أبو بكر بصلاة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ويقتدى الناس بصلاة أبى بكر. قالوا وهي صريحة في أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان الإمام لأنه جلس عن يسار أبى بكر ولقوله يصلى بالناس ولقوله وأبو بكر قائما يقتدى أبو بكر بصلاة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقالوا إن حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا ناسخ لحديث الباب. وأنكر أحمد النسخ وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين (إحداهما) إذا ابتدأ الإمام الراتب الصلاة قاعد المرض يرجى برؤه فيصلون خلفه قعودا (ثانيتهما) إذا ابتدأ الإمام الراتب قائما لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قياما سواء أطرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدا أم لا كما في الأحاديث التي في مرض موته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإن تقريره لهم على القيام دلّ على أنه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة قائما وصلوا معه قياما بخلاف الحالة الأولى فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ابتدأ الصلاة جالسا فلما صلوا خلفه قياما أنكر عليهم (وذهبت) المالكية إلى أنه لا تصح صلاة القادر على القيام خلف العاجز عنه سواء أصلى المأموم قائما أم قاعدا لأن القيام ركن من أركان الصلاة فلا يسقط عن القادر عليه. وهذا ظاهر بالنسبة لمن صلى قاعدا. أما بالنسبة لمن صلى قائما خلف القاعد فلنقص حالة الإمام عن المأموم. وعن مالك فيما إذا صلوا وراءه قياما روايتان أشهرهما عدم صحة الصلاة. وإن كان المأموم عاجزا عن القيام كالإمام فالصلاة صحيحة باتفاق كما قاله ابن رشد (وأجابوا) عن حديث الباب بأنه منسوخ بحديث عائشة وحديث عائشة خاص برسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حكى ذلك القاضى عياض وقال لا يصح لأحد أن يؤمّ جالسا بعده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو مشهور قول مالك وجماعة من أصحابه وهذا أولى الأقاويل لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يصح التقدم بين يديه في الصلاة ولا في غيرها لا لعذر ولا لغيره. وروى ابن حبيب عن مالك أن حديث عائشة منسوخ لترك أبى بكر وعمر وعثمان الإمامة حال الجلوس (قال) في المدونة سألنا مالكا عن المريض الذى لا يستطيع القيام يصلى جالسا ويصلى بصلاته ناس قال لا ينبغى لأحد أن يفعل ذلك وحدثني عن على عن سفيان عن جابر بن يزيد عن الشعبي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يؤمّ الرجل القوم جالسا اهـ ويدل لهم على النسخ ما رواه البيهقي من طريق سفيان بن عيينة عن جابر عن الشعبي قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يؤمنّ أحد بعدى جالسا قال على بن عمر لم يروه غير جابر الجعفي وهو متروك والحديث مرسل لا تقوم به حجة (وقال) الشافعى إن الحديث لا يثبت لأنه مرسل ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه

(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية ركوب الخيل، وعلى أنه صلى الله تعالى عليه

ص: 328

وعلى آله وسلم يجوز عليه ما يجوز على البشر من الأسقام ونحوها من غير نقص في مقداره لذلك بل ليزداد رفعة وجلالة، وعلى أن المأموم يجب عليه متابعة الإمام في جميع أفعال الصلاة وعلى أنه لا يوافق إمامه في قوله سمع الله لمن حمده بل يقول ربنا ولك الحمد، وعلى أن الإمام إذا صلى جالسا لعذر يتابعه المأموم في الجلوس. وتقدم بيانه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك في الموطأ والشيخان والنسائى وابن ماجه والترمذى والبيهقى

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها يُسَبِّحُ جَالِسًا، قَالَ: فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَسَكَتَ عَنَّا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى، نَعُودُهُ فَصَلَّى الْمَكْتُوبَةَ جَالِسًا، فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ:«إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا، وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا»

(ش)(رجال الحديث)(جرير) بن عبد الحميد

(قوله عن أبى سفيان) هو طلحة ابن نافع القرشي مولاهم. روى عن أبى أيوب الأنصارى وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وأنس وآخرين. وعنه جعفر بن أبى خيثمة وحصين بن عبد الرحمن وابن إسحاق والوليد بن مسلم. قال أحمد والنسائى لا بأس به وقال ابن عدى لا بأس به روى عنه الأعمش أحاديث مستقيمة وقال ابن معين لا شيء وقال ابن المدينى يكتب حديثه وليس بالقوى. روى له الجماعة

(معنى الحديث)

(قوله على جذم نخلة) بكسر الجيم وفتحها أصل النخلة. وجمعه أجذام وجذوم

(قوله فانفكت قدمه) أى زالت عن مفصلها يقال فككت العظم فكا من باب قتل أزلته من مفصله (ولا منافاة) بينه وبين الرواية السابقة أنه جحش شقه الأيمن لاحتمال حصول الخدش وفك القدم

(قوله في مشربة) بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الراء وضمها الغرفة

(قوله يسبح جالسا) أى يصلى نافلة حال كونه جالسا

(قوله فسكت عنا) أى لم يأمرنا بالجلوس تبعا له

(قوله فصلى المكتوبة جالسا) أى صلى الفريضة جالسا (وهو صريح) في أن تلك الصلاة لم تكن في المسجد. وكأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عجز عن الصلاة

ص: 329

بالناس في المسجد فكان يصلى في بيته ممن حضر لكنه لم ينقل أنه استخلف. ومن ثمّ قال عياض إن الظاهر أنه صلى وائتمّ به من حضر عنده ومن كان في المسجد. وما قاله محتمل لكن يلزم عليه أن يكون الإمام أعلى من المأمومين. ومذهب عياض خلافه إلا أن يقال إن محلّ المنع عنده إذا لم يكن مع الإمام في مكانه العالى أحدكما هنا فإنه كان معه بعض أصحابه

(قوله فقمنا خلفه) أى صلينا وراءه قائمين. وفي رواية البخارى فصلى جالسا وصلى وراءه فوم قياما. ولعلهم فهموا أنه لا يجوز لهم الجلوس حيث إنهم قادرون على القيام

(قوله ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها) وفي رواية مسلم إن كدتم آنفا تفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم إن صلوا قياما فصلوا قياما وإن صلوا قعودا فصلوا قعودا (فقه الحديث) دلّ الحديث زيادة على ما تقدم على مشروعية عيادة المريض، وعلى جواز الجماعة في النافلة ولو كثرت (وقيده) المالكية في غير التراويح والعيد ونحوهما بأن تكون الجماعة قليلة كالاثنين والثلاثة وبأن يكون المكان غير مشتهر (وذهبت) الحنفية إلى الكراهة مطلقا إلا في التروايح والوتر في رمضان (وذهبت) الحنابلة والشافعية إلى الجواز مطلقا إلا أن الشافعية قالوا بالانفراد فيما عدا التراويح والعيدين ونحوهما. ودلّ الحديث أيضا على جواز اقتداء القائم بالقاعد في النافلة وعدم جوازه في المكتوبة، وعلى النهى عن التشبه بفعل المخالفين

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي وابن حبان في صحيحه وابن ماجه مختصرا

(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنَى، عَنْ وُهَيْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ -قَالَ مُسْلِمٌ: وَلَكَ الْحَمْدُ- وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ"، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَفْهَمَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سُلَيْمَانَ.

(ش)(رجال الحديث)(وهيب) بن خالد. و (مصعب بن محمد) بن عبد الرحمن

ص: 330

ابن شرحبيل العبدى المكي. روى عن أبيه وأبى أمامة وأبى سلمة وأبى صالح ذكوان السمان ومحمد ابن سعد وآخرين. وعنه محمد بن عجلان وسهيل بن أبى صالح والسفيانان. وثقه ابن معين وابن حبان وقال أبو حاتم صالح يكتب حديثه ولا يحتج به وقال أحمد لا أعلم عنه إلا خيرا وقال البخارى روى عنه ابن عيينة وقال كان رجلا صالحا. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله فإذا كبر) أى للإحرام بالصلاة على ما هو المتبادر

(قوله ولا تكبروا حتى يكبر) ذكره للتأكيد وهو صريح في وجوب تأخير تكبير المأموم للإحرام عن تكبير الإمام. وبهذا قالت المالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد من الحنفية قالوا فلو أحرم معه أو قبله بطلت صلاته لأنه ائتمّ بمن لم تنعقد صلاته. واستدلوا بقوله في الحديث فإذا كبر فكبروا قالوا إن الفاء فيه للتعقيب فيكون أمرا بالتكبير بعد تكبير الإمام. فإذا أتى به مقارنا فقد أتى به قبل أوانه فلا يجوز كالصلاة قبل وقتها. ولأن الاقتداء بناء صلاته على صلاة الإمام فلا بدّ من شروع الإمام في الصلاة حتى يتحقق البناء على صلاته وإلا لزم البناء على المعدوم وهو لا يجوز (وقال أبو حنيفة) يكبر المأموم للإحرام مقارنا لتكبير الإمام لا يتقدم ولا يتأخر عنه. لكن هذا الحديث يردّ عليه لأن قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر صريح في وجوب تأخير تكبير المأموم عن تكبير الإمام

(قوله ولا تركعوا حتى يركع الخ) صريح أيضا في وجوب تأخير المأمومين في الركوع وما بعده من أفعال الصلاة عن ركوع الإمام وغيره منها فتكون المقارنة والسبق محرّمين. لكن قالت الشافعية والمالكية والحنابلة تكره المقارنة. أما السبق فقد اتفق الجمهور على منعه من غير بطلان (وذهب) ابن عمر والظاهرية وأحمد في رواية إلى البطلان لأن النهى عندهم يقتضى الفساد وفي المغنى عن أحمد ليس لمن سبق الإمام صلاة. ولو كانت له صلاة لرجى له الثواب ولم يخش عليه العقاب اهـ ولم يذكر في الحديث المتابعة في السلام لكنه يجب فيه المتابعة كالإحرام فإن ساوى المأموم الإمام أو سبقه في السلام بطلت صلاته عند المالكية والحنابلة إن سبقه عمدا. قالوا وإن سبقه سهوا فيعيده بعده وإلا بطلت. وقالت الشافعية إن سبقه بالسلام بطلت وإن قارنه ففيه قولان أصحهما يكره والثانى يبطل. وعن أبى حنيفة روايتان إحداهما يسلم مقارنا لتسليم الإمام والأخرى يسلم بعده وهو قول أبى يوسف ومحمد وهو المعوّل عليه

(قوله اللهم ربنا الخ) هكذا بإثبات اللهم وهي ثابتة في روايات كثيرة وفى بعضها بحذفها. وثبوتها أرجح كما قاله في الفتح. وكلاهما جائز. وفي ثبوتها تكرير النداء فكأنه قال يا ألله يا ربنا لك الحمد وقال مسلم بن إبراهيم في روايته ولك الحمد بالواو وهي ثابتة من طرق كثيرة (قال) ابن دقيق العيد كأن إتيان الواو دالّ على معنى زائد لأنه يكون التقدير مثلا ربنا استجب لنا ولك الحمد فيشتمل على معنى النداء ومعنى الخبر اهـ

(قوله

ص: 331

اللهمّ ربنا لك الحمد أفهمنى بعض أصحابنا عن سليمان) غرض المصنف من هذا تقوية أن رواية سليمان بن حرب ربنا لك الحمد بدون واو فكأنه يقول كما أنى رويتها عن سليمان بدون واو سمعتها كذلك من بعض أصحابى عنه. أو أن المراد أن أبا داود يقول لما حدثنى سليمان بن حرب بهذا الحديث لم أفهم منه هذا اللفظ فأفهمنيه بعض أصحابى الذين كانوا معى في سماع الحديث

(فقه الحديث) دلّ الحديث على وحوب متابعة المأموم الإمام في جميع أعمال الصلاة من تكبير وغيره. وتقدّم بيانه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ الْمِصِّيصِيُّ، نَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» بِهَذَا الْخَبَرِ زَادَ «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ:«وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ والْوَهْمُ عِنْدَنَا مِنْ أَبِي خَالِدٍ»

(ش)(قوله المصيصى) بفتح الميم وكسر الصاد المهملة المشددة نسبة إلى مصيصة مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم بقرب طرسوس. و (أبو خالد) هو سليمان بن حيان بالمثناة التحتية الأحمر. روى عن حميد الطويل وهشام بن عروة وابن جريج والأعمش وشعبة وكثيرين. وعنه أحمد وابن أبى إياس وأبو كريب وعمرو الناقد وأبو توبة الحلبى وجماعة. قال العجلى ثقة ثبت صاحب سنة وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وقال أبو حاتم صدوق وقال البزّار ليس ممن يلزم بزيادته حجة لاتفاق أهل العلم بالنقل أنه لم يكن حافظا وأنه قد روى أحاديث عن الأعمش وغيره لم يتابع عليها. مات سنة. تسع وثمانين ومائة. روى له الجماعة

(قوله بهذا الخبر) أى المروى من طريق مصعب بن محمد

(قوله زاد وإذا قرأ فأنصتوا) أى زاد أبو خالد في روايته وإذا قرأ الإمام فأنصتوا لاستماع قراءته. وهذا إنما يكون في حالة الجهر بالقراءة

(قوله وهذه الزيادة الخ) غرض المصنف بذلك تضعيف زيادة أبى خالد قال البيهقي قد أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة في الحديث أبو داود وأبو حاتم وابن معين والحاكم والدارقطنى وقالوا إنها ليست بمحفوظة اهـ وقال الدارقطنى رواه أصحاب قتادة الحفاظ عنه منهم هشام الدستوائى وسعيد وشعبة وهمام وأبو عوانة وأبان وعدى بن أبى عمارة ولم يقل أحد منهم وإذا قرأ فأنصتوا قال وإجماعهم يدلّ على وهمه. وعن أبى حاتم ليست هذه الكلمة

ص: 332

محفوظة إنما هى من تخليط ابن عجلان. وعن ابن معين في حديث ابن عجلان وإذا قرأ فأنصتوا ليس بشئ. نقل ذلك العينى وقال قد صحح مسلم هذه الزيادة من حديث أبى موسى الأشعرى ومن حديث أبى هريرة. وأيضا هذه الزيادة من ثقة وزيادة الثقة مقبولة اهـ وقال المنذرى وفيما قاله أبو داود نظر فإن أبا خالد هذا من الثقات الذين احتج البخارى وسلم بحديثهم في صحيحيهما ومع هذا فلم ينفرد بهذه الزيادة بل قد تابعه عليها أبو سعد محمد بن سعد الأنصارى وقد سمع من ابن عجلان وهو ثقة ووثقه يحيى بن معين ومحمد بن عبد الله المخرّمى وأبو عبد الرحمن النسائى. وقد أخرج هذه الزيادة النسائى في سننه من حديث أبى خالد الأحمر ومن حديث محمد بن سعد. وقد أخرج مسلم في الصحيح هذه الزيادة من حديث أبى موسى الأشعرى من حديث جرير بن عبد الحميد عن سليمان التيمى عن قتادة اهـ وعلى ثبوتها فهى تدلّ على عدم جواز قراءة المأموم خلف الإمام حالة جهر الإمام بالقراءة. وفى المسألة خلاف يأتى تحقيقه في محله إن شاء الله تعالى

(من أخرج هذه الرواية أيضا) أخرجها النسائى وابن أبى شيبة وابن ماجه من طريق أبى خالد أيضا بلفظ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما جعل الإمام ليؤتمّ به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا وإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله تعالى عنها -، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» .

(ش)(القعنبى) هو عبد الله بن مسلمة

(قوله وهو جالس) لعله لما أصابه من فكّ قدمه أو خدش شقه كما تقدم. وفى رواية البخاري صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا

(قوله وصلى وراءه قوم قياما الخ) وفى نسخة فصلى وراءه قوم أى ممن جاءوا يعودونه كما بين في الرواية السابقة فأشار إليهم أن اجلسوا هكذا في رواية الأكثر وفى رواية الحموى عند البخارى فأشار عليهم أي إليهم. وهو يفيد أن الصلاة كانت مكتوبة لما تقدم في حديث جابر من أنه كان يصلى النافلة فقاموا خلفه فسكت عليهم وفي المرّة

ص: 333