المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب رفع الصوت بالأذان) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٤

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب في المحافظة على وقت الصلوات)

- ‌(باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت)

- ‌(باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها)

- ‌(باب في بناء المساجد)

- ‌(باب اتخاذ المساجد في الدور)

- ‌(باب في السرج في المساجد)

- ‌(باب في كنس المساجد)

- ‌(باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال)

- ‌(باب في فضل القعود في المسجد)

- ‌(باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد)

- ‌(باب في المشرك يدخل المسجد)

- ‌(باب المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة)

- ‌(باب النهى عن الصلاة في مبارك الإبل)

- ‌(باب متى يؤمر الغلام بالصلاة)

- ‌(باب بدء الأذان)

- ‌(باب ما جاء في الإقامة)

- ‌(باب الرجل يؤذن ويقيم آخر)

- ‌(باب من أذن فهو يقيم)

- ‌(باب رفع الصوت بالأذان)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت)

- ‌(باب الأذان فوق المنارة)

- ‌(باب في المؤذن يستدير في أذانه)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع المؤذن)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع الإقامة)

- ‌(باب في الدعاء عند الأذان)

- ‌(باب ما يقول عند أذان المغرب)

- ‌(باب أخذ الأجر على التأذين)

- ‌(باب في الأذان قبل دخول الوقت)

- ‌(باب الأذان للأعمى)

- ‌(باب الخروج من المسجد بعد الأذان)

- ‌(باب في المؤذن ينتظر الإمام)

- ‌(باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا)

- ‌(باب في فضل صلاة الجماعة)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب ما جاء في المشى إلى الصلاة في الظلم)

- ‌(باب ما جاء في الهدى في المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب من خرج يريد الصلاة فسبق بها)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد)

- ‌(باب ما جاء في الجمع في المسجد مرّتين)

- ‌(باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد)

- ‌(باب في جماع الإمامة وفضلها)

- ‌(باب في كراهية التدافع عن الإمامة)

- ‌(باب من أحق بالإمامة)

- ‌(باب إمامة النساء)

- ‌(باب الرجل يؤمّ القوم وهم له كارهون)

- ‌(باب إمامة البرّ والفاجر)

- ‌(باب إمامة الأعمى)

- ‌(باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة)

- ‌(باب الإمام يصلى من قعود)

- ‌ مشروعية التبليغ عند الحاجة إليه

- ‌(باب الرجلين يؤمّ أحدهما صاحبه كيف يقومان)

- ‌(باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون)

- ‌(باب الإمام ينحرف بعد التسليم)

الفصل: ‌(باب رفع الصوت بالأذان)

فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أو أعطيناك حقك قال الصدائى فدخل ذلك في نفسى أني سألته من الصدقات وأنا غنى ثم إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اعتشى من أول الليل فلزمته وكنت قويا وكان أصحابه ينقطعون عنه ويستأخرون حتى لم يبق معه أحد غيرى فلما كان أوان أذان الصبح أمرنى فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول الله فجعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينظر ناحية المشرق إلى الفجر فيقول لا حتى إذا طلع الفجر نزل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فتبرّز ثم انصرف إلىّ وقد تلاحق أصحابه فقال هل من ماء يا أخا صداء فقلت لا إلا شيء قليل لا يكفيك فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اجعله في إناء ثم ائتنى به ففعلت فوضع كفه في الماء قال الصدائى فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لولا إنى أستحيى من ربي لسقينا واستقينا ناد في أصحابى من له حاجة في الماء فناديت فيهم فأخذ من أراد منهم ثم قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأراد بلال أن يقيم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم. قال الصدائى فأقمت الصلاة فلما قضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصلاة أتيته بالكتابين فقلت يا رسول الله اعفنى من هذين فقال نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما بدا لك فقلت سمعتك يا نبى الله تقول لا خير في الإمارة لرجل مؤمن وأنا أو من بالله ورسوله وسمعتك تقول للسائل من سأل الناس عن ظهر غنى فصداع في الرأس وداء في البطن وسألتك وأنا غنىّ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو ذاك فإن شئت فاقبل وإن شئت فدع فقلت أدع فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فدلني على رجل أؤمره عليكم فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه فأمره عليهم ثم قلنا يا نبى الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا وإذا كان الصيف قلّ ماؤها وتفرّقنا على مياه حولنا وقد أسلمنا وكلّ من حولنا عدوّ لنا فادع الله لنا في بئرنا أن يسعنا ماؤها فنجتمع عليها ولا نتفرّق فدعا بسبع حصيات فعركهنّ في يده ودعا فيهن ثم قال اذهبوا بهذه الحصيات فإذا أتيتم البئر فألقوها واحدة واحدة واذكروا اسم الله تعالى قال الصدائى ففعلنا ما قال لنا فما استطعنا بعد أن ننظر إلى قعرها يعنى البئر اهـ

(باب رفع الصوت بالأذان)

وفي بعض النسخ باب ما جاء في رفع الصوت بالأذان. والصوت هو القرع وقيل تموّج الهواء

(ص) حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عائشة، عَنْ

ص: 172

أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ:«الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَشَاهِدُ الصَّلَاةِ يُكْتَبُ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً وَيُكَفَّرُ عَنْهُ مَا بَيْنَهُمَا»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله النمرى) نسبة إلى نمر بفتح النون وكسر الميم واد بنجد في ديار بنى كلاب

(قوله عن موسى بن أبى عائشة) هكذا في أكثر النسخ. وفي نسخة موسى بن أبى عثمان ولعلها الصواب لموافقتها رواية النسائى وابن ماجه والبيهقى. وهو التبان بمثناة فوقية وموحدة المدنى وقيل الكوفي مولى المغيرة. روى عن أبيه وأبي يحيى المكي والأعرج وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعى وغيرهم، وعنه شعبة وأبو الزناد ومالك بن مغول والثورى. قال سفيان نعم الشيخ كان مؤدبا وذكره ابن حبان في الثقات

(قوله عن أبى يحيى) هو المكي. روى عن أبى هريرة حديث الباب. وعنه موسى بن أبى عثمان. ذكره ابن حبان في الثقات وزعم أنه سمعان الأسلمى وقال ابن القطان لا يعرف أصلا وقال المنذرى والثورى إنه مجهول. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله المؤذن يغفر له مدى صوته) أى غاية صوته ومنتهاه. وهو منصوب على الظرفية أى أن المؤذن يستكمل مغفرة الله تعالى إذا بذل جهده في رفع الصوت بالأذان. وقيل إن الكلام على وجه التمثيل والتشبيه يريد أن المكان الذى ينتهى إليه صوت المؤذن لو قدّر وكان ما بين أقصاه وبين مقامه الذى هو فيه ذنوب تملأ تلك المسافة لغفرها الله تعالى له. وقيل معناه يغفر لأجله ذنوب كلّ من سمع صوته فحضر للصلاة المسببة عن ندائه. وقيل معناه يغفر ذنوبه التي باشرها في تلك النواحى إلى حيث يبلغ صوته. وقيل معناه يغفر بشفاعته ذنوب من كان ساكنا أو مقيما إلى حيث يبلغ صوته

(قوله ويشهد له كلّ رطب ويابس) أى كلّ نام وجماد مما يبلغه صوته من الإنس والجنّ وسائر الحيوانات والمخلوقات، ويقوى هذا ما في رواية للبخارى من قوله فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة واختلف في هذه الشهادة (قال) الحافظ في الفتح نقلا عن ابن بزيرة تقرّر في العادة أن السماع والشهادة والتسبيح لا يكون إلا من حىّ فهل هى هنا لسان الحال لأن الموجودات ناطقة بلسان حالها بجلال بارئها أم على ظاهرها. وغير ممتنع عقلا أن الله تعالى يخلق فيها الحياة والكلام اهـ والصحيح أن للجمادات والنباتات والحيوانات علما وإدراكا وتسبيحا كما يعلم من قوله تعالى "وإن منها لما يهبط من خشية الله" وقوله تعالى "وإن من شيء إلا يسبح بحمده"(قال) البغوى

ص: 173

هذا مذهب أهل السنة. يدلّ عليه قضية كلام الذئب والبقر وغيرهما اهـ ويؤيده ما في رواية مسلم من حديث جابر بن سمرة مرفوعا إنى لأعرف حجرا كان يسلم عليّ. وما في رواية الصحيحين من قول النار أكل بعضى معضا (والحكمة) في هذه الشهادة اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلوّ الدرجة وكما أن الله تعالى يفضح بالشهادة قوما فكذلك يكرم بالشهادة آخرين (وقال) الزّين بن المنير والسرّ في هذه الشهادة أن أحكام الآخرة جرت على نعت أحكام الخلق في الدنيا في توجيه الدعوى والجواب والشهادة اهـ

(قوله وشاهد الصلاة الخ) أى حاضرها مع الجماعة المسببة غالبا عن الأذان. وهو عطف على جملة قوله المؤذن يغفر له فكأنه قال المؤذن يغفر له والذى يحضر الصلاة مع الجماعة يكتب له ثواب خمس وعشرين صلاة زيادة على صلاة المنفرد. ويؤيده ما سيأتى للمصنف في باب فضل المشى إلى الصلاة عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسا وعشرين درجة

(قوله ويكفر عنه ما بينهما) أى يكفر عن حاضر الصلاة ما بين الصلاتين اللتين شهدهما. وفى رواية ابن ماجه ويكفر له ما بينهما. وظاهر الحديث أنه يكفر عنه الذنوب مطلقا وبعضهم خصها بالصغائر

(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب رفع الصوت بالأذان لكونه سببا للمغفرة وشهادة الموجودات ولأن فيه الأمر بالمجيء للصلاة فكلما كان أدعى للإسماع كان أولى لما يترتب عليه من زيادة الخير. لكن لا يبالغ في رفع الصوت حتى يتضرّر به لما روى البيهقي أن عمر بن الخطاب سمع أبا محذورة رفع صوته فقال أما خشيت أن ينشقّ مريطاؤك "بضم الميم وفتح الراء وسكون المثناة التحتية ما بين السرّة والعانة وقيل من الصدر إلى العانة". ودلّ الحديث أيضا على رفعة شأن المؤذن يوم القيامة، وعلى فضل صلاة الجماعة وأنها تكفر ما بينها وبين الصلاة الأخرى من الذنوب

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والبيهقى من وجهين والنسائى إلى قوله كل رطب ويابس. وقال فيه وله مثل أجر من صلى

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى

ص: 174

إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، وَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ أَنْ لا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى "

(ش) وجه مطابقة الحديث للترجمة أن قوله إذا نودى بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين ظاهر في أنه يبعد إلى غاية ينتفى فيها سماعه للصوت المرتفع بالأذان

(قوله عن أبى الزّناد) هو عبد الله بن ذكوان. و (الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز

(قوله إذا نودي بالصلاة) أي للصلاة فالباء بمعنى اللام. في رواية البخاري ومسلم إذا نودي للصلاة

(قوله أدبر الشيطان) تقدم أنه كل عات متمرّد من الإنس والجنّ والدوابّ. والمراد به هنا المتمرّد من الجنّ. وهل المراد به إبليس أو جنس الشيطان. الأقرب الثاني إذ لا فرق في التضرّر بالأذان بين إبليس وغيره

(قوله وله ضراط) بضم الضاد المعجمة. وتقدم أنه ريح له صوت يخرج من دبر الإنسان وغيره. ثم هو يحتمل أن يكون باقيا على ظاهره لأن الشيطان جسم يأكل ويشرب كما جاء في الأخبار فيصح منه خروج الريح. ويحتمل أن يكون على سبيل التمثيل فيكون صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شبه حال الشيطان عند هروبه من سماع الأذان بحال من حزبه أمر عظيم واعتراه خطب جسيم فلم يزل يحصل له الضراط من شدّة ما هو فيه لأن الواقع في شدّة من خوف وغيره تسترخى مفاصله ولا يملك نفسه فينفتح مخرجه. ولما كان الشيطان يعتريه شدّة قوية عند النداء للصلاة فيهرب حتى لا يسمع الأذان شبه حاله بحال ذلك الرجل وأثبت له على وجه الادّعاء الضراط الذى ينشأ من شدة الخوف

(قوله حتى لا يسمع التأذين) غاية لإدباره. وجاء بيان مكان الغاية في رواية لمسلم من حديث جابر وفيه فقال حتى يكون مكان الروحاء (وحكى) الأعمش عن أبى سفيان عن جابر أن بين المدينة والروحاء ستة وثلاثين ميلا (وفيه دليل) على استحباب رفع الصوت بالأذان لأن قوله حتى لا يسمع ظاهر في أنه يبعد إلى غاية ينتفى فيها سماعه للصوت

(قوله فإذا قضى النداء الخ) أى فإذا فرغ المؤذن من الأذان أقبل الشيطان. وفى رواية لمسلم فإذا سكت رجع يوسوس. وقضى بالبناء للمجهول ويروى بالبناء للمعلوم وفاعله ضمير يعود على النادى المعلوم من المقام

(قوله حتى إذا ثوّب بالصلاة أدبر) أى إذا أقيم للصلاة وسمع الإقامة ذهب الشيطان. ثوّب بضم المثلثة وتشديد الواو المكسورة أقيم للصلاة فالمراد بالتثويب هنا الإقامة كما عليه الجمهور. وجزم به أبو عوانة في صحيحه والبيهقي والخطابى وغيرهم. والعامة لا تعرف التثويب إلا قول المؤذن في صلاة الفجر الصلاة خير من النوم. والأصل في التثويب أن يجئ الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليرى

ص: 175

ويشتهر فسمى الدعاء تثويبا لذلك وكل داع مثوّب. وقيل إنما سمى تثويبا من باب ثاب يثوب إذا رجع فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة ثم كثر استعماله في كل إعلام يجهر به الصوت. وسميت الإقامة تثويبا لأنها إعلام لإقامة الصلاة ودعاء لها

(قوله حتى يخطر بين المرء ونفسه) أى قلبه والمراد أنه يوسوس للمرء حتى يحول بينه وبين ما يريده من إقباله على صلاته وإخلاصه فيها. ويخطر بضم الطاء المهملة وكسرها كذا في المصباح. وقال عياض ضبطناه عن المتقنين بالكسر وهو الوجه ومعناه يوسوس وأصله من خطر البعير بذنبه إذا حرّكه فضرب به فخذيه. أما بالضم فمن المرور أى يدنو منه فيمرّ بينه وبين قلبه فيشغله عما هو فيه

(قوله اذكر كذا اذكر كذا الخ) هكذا في رواية للبخارى وفى رواية لمسلم بعد قوله اذكر كذا فهناه ومناه وذكره من حاجاته ما لم يكن يذكر أى من أمور الدنيا قبل دخوله في الصلاة من مال وبيع وشراء ونحو ذلك (قال في الفتح) قيل خصه بما يعلم دون ما لا يعلم لأنه يميل لما يعلم أكثر لتحقق وجوده. والذى يظهر أنه الأعم من ذلك فيذكره بما سبق له به علم ليشغل باله به وبما لم يكن سبق له ليوقعه في الفكرة فيه وهذا أعمّ من أن يكون في أمور الدنيا أو في أمور الدين كالعلم اهـ

(قوله حتى يظل الرجل الخ) غاية لوسوسة الشيطان أى أنه يوسوس للرجل حتى يصير لا يدرى كم صلى من الركعات أثلاثا أم أربعا. ويظلّ بالظاء المعجمة المفتوحة هي في الأصل لاتصاف المخبر عنه بالخبر نهارا. وفي بعض النسخ وللأصيلى يضلّ بكسر الضاد المعجمة من باب ضرب أي ينسى الرجل فلا يعلم كم صلى. أو بفتحها من باب تعب أى يخطئُ ويتحير. وفي نسخة حتى يظلّ الرجل إن يدرى بكسر همزة إن نافية بمعنى ما. وفي رواية البيهقى ما يدرى (والحكمة) في هروب الشيطان عند سماع الأذان والإقامة دون سماع القرآن والذكر في الصلاة أن الأذان دعاء إلى الصلاة المشتملة على السجود الذى أباه وعصى بسببه وهو إعلام بالصلاة التى هي أفضل الأعمال بألفاظ هي من أفضل الذكر لا يزاد فيها ولا ينقص منها بل تقع على وفق الأمر فينفر من سماعها. أما الصلاة فلا يقع من كثير من الناس فيها من التفريط فيتمكن الشيطان من المفرّط فلو قدّر أن المصلى فعل جميع ما أمر به فيها لم يقربه فيها إن كان وحده. وهو نادر وكذا إذا انضم إليه مثله. وهو أندر (قال ابن الجوزى) على الأذان هيبة يشتد انزعاج الشيطان بسببها لأنه لا يكاد يقع في الأذان رياء ولا غفلة عند النطق به لأن النفس لا تحضره بخلاف الصلاة فإن النفس تحضر فيها فيفتح الشيطان لها أبواب الوسوسة اهـ ومحلّ ما ذكر إذا كان الأذان موافقا لما جاءت به الشريعة المطهرة من عدم التغنى والتمطيط بكلماته والزيادة عليها بخلاف ما يقع من غالب مؤذنى أهل هذا الزمان من التغنى والتحريف في كلماته فإنه لا يترتب عليه ما ذكر بل هو بغية الشيطان (فائدة) يكون الأذان الشرعى لدفع أذى الجنّ وبعدهم ففى رواية مسلم من طريق سهيل بن أبى صالح قال أرسلنى أبى إلى بني حارثة ومعى غلام لنا

ص: 176