المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٤

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب في المحافظة على وقت الصلوات)

- ‌(باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت)

- ‌(باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها)

- ‌(باب في بناء المساجد)

- ‌(باب اتخاذ المساجد في الدور)

- ‌(باب في السرج في المساجد)

- ‌(باب في كنس المساجد)

- ‌(باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال)

- ‌(باب في فضل القعود في المسجد)

- ‌(باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد)

- ‌(باب في المشرك يدخل المسجد)

- ‌(باب المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة)

- ‌(باب النهى عن الصلاة في مبارك الإبل)

- ‌(باب متى يؤمر الغلام بالصلاة)

- ‌(باب بدء الأذان)

- ‌(باب ما جاء في الإقامة)

- ‌(باب الرجل يؤذن ويقيم آخر)

- ‌(باب من أذن فهو يقيم)

- ‌(باب رفع الصوت بالأذان)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت)

- ‌(باب الأذان فوق المنارة)

- ‌(باب في المؤذن يستدير في أذانه)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع المؤذن)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع الإقامة)

- ‌(باب في الدعاء عند الأذان)

- ‌(باب ما يقول عند أذان المغرب)

- ‌(باب أخذ الأجر على التأذين)

- ‌(باب في الأذان قبل دخول الوقت)

- ‌(باب الأذان للأعمى)

- ‌(باب الخروج من المسجد بعد الأذان)

- ‌(باب في المؤذن ينتظر الإمام)

- ‌(باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا)

- ‌(باب في فضل صلاة الجماعة)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب ما جاء في المشى إلى الصلاة في الظلم)

- ‌(باب ما جاء في الهدى في المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب من خرج يريد الصلاة فسبق بها)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد)

- ‌(باب ما جاء في الجمع في المسجد مرّتين)

- ‌(باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد)

- ‌(باب في جماع الإمامة وفضلها)

- ‌(باب في كراهية التدافع عن الإمامة)

- ‌(باب من أحق بالإمامة)

- ‌(باب إمامة النساء)

- ‌(باب الرجل يؤمّ القوم وهم له كارهون)

- ‌(باب إمامة البرّ والفاجر)

- ‌(باب إمامة الأعمى)

- ‌(باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة)

- ‌(باب الإمام يصلى من قعود)

- ‌ مشروعية التبليغ عند الحاجة إليه

- ‌(باب الرجلين يؤمّ أحدهما صاحبه كيف يقومان)

- ‌(باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون)

- ‌(باب الإمام ينحرف بعد التسليم)

الفصل: ‌(باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد)

فيه وهو جائز الحديث صدوق وقال عبدان ما كان في الدنيا مثله وقال الدارقطنى صدوق كبير وقال الآجرى عن أبى داود حدّث هشام بأربعمائة حديث مسندة ليس لها أصل وقال المزّى ذكر أحمد هشاما فقال طياش خفيف. ولد سنة ثلاثا وخمسين ومائة. قيل توفى سنة خمس وأربعين ومائتين

(قوله صدقة بن خالد) الدمشقى أبو العباس الأموى. روى عن أبيه وزيد بن واقد وعتبة بن أبى حكيم وعثمان بن أبى العاتكة والأوزاعي وغيرهم. وعنه الوليد بن مسلم ويحيى بن حمزة وأبو مسهر وهشام بن عمار وطائفة. قال أحمد ثقة ثقة ليس به بأس صالح الحديث ووثقه ابن معين ودحيم وابن نمير والعجلى وأبو زرعة وابن لسعد والنسائى وابن عمار وأبو داود. قيل توفى سنة إحدى وثمانين ومائة. روى له البخارى وأبو داود والنسائى وابن ماجه

(قوله عثمان ابن أبى العاتكة) أبو حفص الأزدى الدمشقى. روى عن عمير بن هانئ وعمرو بن مهاجر وعلى ابن يزيد الألهانى وسليمان بن حبيب وغيرهم. وعنه صدقة بن خالد والوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب وجماعة. قال ابن معين ليس بشئ وقال دحيم والعجلي وأبو حاتم لا بأس به وقال النسائى ضعيف وقال ابن عدى هو مع ضعفه يكتب حديثه وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالقوى عندهم وقال خليفة كان ثقة كثير الحديث وقال الواقدى كان ثقة في الحديث وذكره ابن حبان في الثقات توفى سنة خمس وخمسين ومائة. روى له أبو داود وابن ماجه

(قوله عمير بن هانئ) أبى الوليد الدمشقى. روى عن ابن عمر ومعاوية بن أبى سفيان وأبى هريرة وغيرهم. وعنه قتادة والزهرى وسعيد بن بشير ومعاوية بن صالح والأوزاعي وكثيرون. قال العجلى تابعى ثقة ووثقه ابن حبان مات سنة سبع وعشرين ومائة. روى له الجماعة إلا النسائى. و (العنسى) بفتح فسكون نسبة إلى عنس بن مالك بن أدد

(معنى الحديث)

(قوله من أتى المسجد لشئ الخ) أى من حضره لقصد حصول شئ أخروى أو دنيوى فذلك الشئ نصيبه يثاب عليه أو يعاقب فهو كقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإنما لكل امرئ ما نوى ففيه تنبيه على تحسين النية في إتيان المسجد لئلا تكون مختلطة بغرض دنيوى كالاجتماع مع الأصحاب أو النوم فيه أو الكلام بل ينوى الاعتكاف والعزلة والعبادة واستفادة علم أو إفادته أو نحو ذلك

(ففه الحديث) والحديث يدلّ على الترغيب في عمارة المساجد بالعبادة

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى

(باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد)

أى في بيان النهى عن تعريف الحيوان أو غيره الضائع في المسجد. فالضالة بتشديد اللام

ص: 86

الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره يقال صلّ الشئ إذا ضاع وضلّ عن الطريق إذا جار. وهى في الأصل فاعلة ثم اتسع فيها فصارت من الصفات الغالبة. وتقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع وتجمع على ضوال كذا في النهاية. وقال في المصباح الضالة مختصّ بالحيوان ويقال لغير الحيوان ضائع ولقيط اهـ

(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حَيْوَةُ يَعْنِي ابْنَ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَسْوَدِ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مَوْلَى شَدَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا "

(ش)(رجال الحديث)

(قوله الجشمى) نسبة إلى جشم قرية من قرى بيهق من أعمال نيسابور بخراسان

(قوله سمعت أبا الأسود يعنى محمد بن عبد الرحمن بن نوفل) بن الأسود ابن نوفل بهن خويلد الأسدى المدنى. روى عن عروة وعلى بن الحسين وسليمان بن يسار والقاسم ابن محمد والأعرج. وعنه الزهرى وعمرو بن الحارث ومالك وسعيد بن أبى أيوب وحيوة بن شريح. وثقه أبو حاتم والنسائى وابن سعد وابن حبان وابن شاهين وقال أحمد بن صالح ثبت له شأن. قيل مات سنة ثلاثين ومائة. روى له الجماعة

(قوله أبو عبد الله) هو سالم بن عبد الله (مولى شدّاد بن الهاد) روى عن أبى هريرة وعثمان وعائشة وعبد الرحمن بن أبى بكر وأبى سعيد الخدرى وعنه أبو الأسود وبكير بن الأشج وسعيد المقبرى ويحبى بن أبى كثير وغيرهم. قال العجلى تابعى ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم شيخ. مات سنة عشر ومائة روى له مسلم وأبو داود وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله من سمع رجلا ينشد الخ) بفتح المثناة التحتية وضم الشين المعجمة كيطلب وزنا ومعنى يقال نشدت الدّابة إذا طلبتها وعرّفتها وأنشدتها إذا عرّفتها فالنشد يستعمل في الطلب والتعريف بخلاف الإنشاد فإنه يستعمل في التعريف فقط

(قوله لا أداها الله إليك) أى لا أوصلها الله إليك. وفى رواية مسلم لا ردّها الله عليك. وفى رواية النسائى لا وجدت فهو دعاء عليه. فلا لنفى الماضى ودخولها عليه بلا تكرار جائز في الدعاء وفي غير الدعاء

ص: 87

الغالب التكرار كقوله تعالى "فلا صدّق ولا صلى"(قال) ابن رسلان قوله لا أداها الله إليك فيه دليل على جواز الدعاء على الناشد في المسجد بعدم الوجدان معاقبة له في ماله ومعاملة له بنقيض قصده اهـ

(قوله فإن المساجد لم تبن لهذا) أى لنشد الضالة بل بنيت لذكر الله عز وجل والصلاة وتعليم العلم ونحو ذلك. وروى ابن أبى شيبة بسند جيد عن عاصم بن عمر بن قتادة أن عمر سمع ناسا من التجار يذكرون تجارتهم والدنيا في المسجد فقال إنما بنيت هذه المساجد لذكر الله فإذا ذكرتم تجاراتكم ودنياكم فاخرجوا إلى البقيع (وفى الحديث) دلالة على النهى عن رفع الصوت بنشد الضالة في المسجد ومثله البيع والشراء. لما رواه الترمذى وحسنه إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردها الله عليك ومثل البيع الإجارة (قال) في المرقاة وكذا يندب أن يقال لمن أنشد شعرا مذموما فضّ الله فاك ثلاثا للأمر بذلك رواه ابن السنى اهـ (وقال) المازرى في الحديث منع السؤال في المسجد اهـ لكن سيأتي للمصنف في باب المسألة في المساجد أنه صلى الله تعالى وعليه وعلى آله وسلم قال هل فيكم أحد أطعم اليوم مسكينا فقال أبو بكر دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها منه فدفعتها إليه. فهذا يدلّ على جواز السؤال بالمسجد وهو الذى اختاره النووى (قال) في المرقاة لا بأس بإعطاء السائل فيه شيئا للحديث الصحيح هل فيكم أحد أطعم اليوم مسكينا "الحديث" وروى البيهقي أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر سليكا الغطفانى بالصلاة يوم الجمعة في حال الخطبة ليراه الناس فيتصدقوا عليه وأنه أمرهم بالصدقة وهو على المنبر (وفصل) بعضهم بين من يؤذى الناس بالمرور ونحوه فيكره إعطاؤه لأنه إعانة له على ممنوع وبين من لا يؤذى فيجوز إعطاؤه لأن السؤّال كانوا يسألون على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المسجد اهـ (وقال) القاضى عياض فيه دليل على منع عمل الصانع في المسجد كالخياطة وشبهها "والراجح" منع الصنائع التى يختص بنفعها آحاد الناس ويكتسب بها فلا يتخذ المسجد متجرا وأما المثاقفة وإصلاح آلات الجهاد مما لا امتهان للمسجد في عمله فلا بأس اهـ (فائدة) لا يجوز رفع الصوت في المسجد ولو بالقرآن والذكر. فقد روى المصنف عن أبي سعيد الخدرى أنه قال اعتكف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذينّ بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة. وقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم "الحديث" رواه ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع، وقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة، رواه الخطيب عن جابر. ونحو ذلك من الأحاديث المشهورة. ولذا أنكرت

ص: 88

الصحابة رضوان الله تعالى عليهم على من رفع صوته في المسجد بقراءة أو ذكر كما هو منصوص عليه في البخارى وغيره (قال البزّازى) وفى فتاوى القاضى الجهر بالذكر حرام، وقد صحّ عن ابن مسعود أنه سمع قوما اجتمعوا في مسجد يهللون ويصلون على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جهرا فذهب إليهم وقال ما عهدنا ذلك على عهده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وما أراكم إلا مبتدعين فما زال يذكر ذلك حتى أخرجهم من المسجد اهـ وروى عن سعيد ابن المسيب أنه كان في المسجد آخر الليل يتهجد ثم دخل عمر بن عبد العزيز وكان إذ ذاك خليفة وكان حسن الصوت فجهر بالقراءة فلما سمعه سعيد بن المسيب قال لخادمه اذهب إلى هذا المصلى فقل له إما أن تخفض من صوتك وإما أن تخرج من المسجد ثم أقبل على صلاته فجاء الخادم فوجد المصلى عمر بن عبد العزيز فرجع ولم يقل له شيئا فلما سلم سعيد قال لخادمه ألم أقل لك تنهى هذا المصلى عما يفعل فقال له هو الخليفة عمر بن عبد العزيز قال اذهب إليه وقل له ما أخبرتك به فذهب إليه فقال له إن سعيدا يقول لك إما أن تخفض من صوتك وإما أن تخرج من المسجد فخفف في صلاته فلما سلم منها أخذ نعليه وخرج من المسجد اهـ وروى ابن أبى شيبة بسند جيد عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب اتخذ مكانا إلى جانب المسجد يقال له البطيحاء وقال من أراد أن يلغط أو يرفع صوتا أو ينشد شعرا فليخرج إليه. وروى يحيى عن نافع أن عمر بينما هو في المسجد عشاء إذ سمع ضحك رجل فأرسل إليه فقال من أنت فقال أنا رجل من ثقيف فقال أمن أهل البلد أنت فقال بل من أهل الطائف فتوعده فقال لو كنت من أهل البلد لنكلت بك إن مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات. وعن السائب بن يزيد قال كنت مضطجعا في المسجد فحصبني رجل فرفعت رأسى فإذا عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فقال اذهب فأتنى بهذين الرجلين فجئت بهما فقال من أين أنتما قالا من أهل الطائف قال لو كنتما من أهل البلد ما فارقتمانى حتى أوجعتكما جلدا ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (ومن ثمّ) نصت الأئمة على منع رفع الصوت في المساجد بقرآن أو ذكر (قال) في الدرّ المختار يحرم في المسجد رفع الصوت بذكر إلا للمتفقهة اهـ (وقال) في البحر الرائق إذا جهر الإمام فوق حاجة الناس فقد أساء اهـ ونحوه في سائر كتب السادة الحنفية (وقال) في مختصر الإمام خليل وشروحه وحواشيه يكره رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد خشية التشويش على المصلين والذاكرين فإن شوّش حرم اتفاقا اهـ ونحوه في باقى كتب السادة المالكية (وقال) ابن العماد تحرم القراءة جهرا على وجه يشوّش على نحو مصلّ اهـ ومثله في كتب السادة الشافعية ونظير ذلك في كتب السادة الحنابلة (فائدة أخرى) يمنع دخول الصبيان المساجد لحديث جنبوا مساجدكم صبيانكم الخ (قال في الدرّ المختار) يحرم إدخال صبيان ومجانين المسجد حيث

ص: 89

غلب تنجيسهم وإلا فيكره (وقالت) المالكية يجوز بمسجد إحضار الصبي الذى شأنه أنه لا يعبث أو يعبث لكن ينكفّ عن العبث إذا نهى وإلا منع إدخاله اهـ (وقالت) الشافعية والحنابلة يكره إدخال الصبيان الذين لا يميزون المسجد لأنه لا يؤمن تلويثهم إياه اهـ لكن قالت الحنابلة محله إذا كان لغير مصلحة ولا فائدة أما إذا كان لها كقراءة وصلاة فيجوز

(فقه الحديث) دلّ الحديث على النهى عن طلب الضائع في المسجد، وعلى أن من سمع ذلك يطلب منه أن يدعو عليه بعدم ردّه اليه، وعلى أن المساجد لم تبن للاشتغال بالأمور الدنيوية

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم وابن ماجه

(باب في كراهية البزاق في المسجد)

وفي بعض النسخ باب في كراهة البزاق في المسجد. وتقدم أن الكراهية والكراهة كلاهما مصدران من كره يكره من باب علم

(ص) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا هِشَامٌ، وَشُعْبَةُ، وَأَبَانٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ:«التَّفْلُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُوَارِيَهُ»

(ش)(قوله هشام) بن أبى عبد الله الدستوائى. و (أبان) بن يزيد العطار. و (قتادة) ابن دعامة

(قوله التفل في المسجد الخ) بفتح المثناة من فوق وإسكان الفاء نفخ معه أدني بزاق وهو أكثر من النفث وأقل من البزاق أى إلقاء البزاق في المسجد ذنب. وفى رواية لأحمد التفل في المسجد سيئة. وقوله في المسجد ظرف للفعل فيتناول النهى من تفل في المسجد وهو خارج عنه وقوله وكفارته أن يواريه أى يستره. وفي نسخة أن يواريه. وفي رواية في الصحيحين وكفارتها أى يجب عليه أن يكفر هذه الخطيئة بستر ودفن التفل في تراب المسجد إن كان ترابيا وإلا أزالها (قال) المازرى هو خطيئة لمن فعل ولم يدفن لأنه يقذّر المسجد ويتأذى به من تعلق به أو رآه كما جاء في الحديث الآخر لئلا يصيب جلد مؤمن. وأما من اضطر إليه ودفنه فقيل إن الخطيئة ثبتت ولكن كفرها الدفن. والصواب أنه لم يأت خطيئة. وإنما جعل الدفن كفارة لأنه على تقدير عدم الدفن ثبتت الخطيئة فلما أسقط ما يقذّر سمى كفارة كما سميت تحلة اليمين كفارة مع أن اليمين ليست إثما يكفر ولكن لما جعلها الله تعالى فسحة لعباده ورافعة لحكم اليمين سماها

ص: 90

كفارة ولذا جاز إخراجها قبل الحنث اهـ (قال) النووى "ما ذكر من" أنه ليس بخطيئة إلا في حق من لم يدفنه وأما من أراد دفنه فليس بخطيئة "قول باطل" لا يغترّ به بل البصاق في المسجد خطيئة بنصّ الحديث لكن كفرها الدفن فإن اضطرّ فليبصق في ثوبه اهـ (قال) الحافظ في الفتح حاصل النزاع أن هنا عمومين تعارضا وهما قوله البزاق في المسجد خطيئة وقوله وليبصق عن يساره أو تحت قدمه. فالنووى يجعل الأول عاما ويخصّ الثانى بما إذا لم يكن في المسجد والقاضى بخلافه يجعل الثانى عاما ويخصّ الأول بمن لم يرد دفنها. وقد وافق القاضى جماعة منهم ابن مكيّ في التنقيب والقرطبي في المفهم وغيرهما. ويشهد لهم ما رواه أحمد بإسناد حسن من حديث سعد بن أبى وقاص مرفوعا قال من تنخم في المسجد فليغيب نخامته أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه. وأوضح منه في المقصود ما رواه أحمد أيضا والطبرانى بإسناد حسن من حديث أبى أمامة مرفوعا قال من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة وإن دفنه فحسنة. فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن. ونحوه ما في حديث أبى ذرّ عند مسلم مرفوعا قال ووجدت في مساوى أعمال أمتي النخاعة تكون في المسجد لا تدفن (قال) القرطبى فلم يثبت لها حكم السيئة لمجرد إيقاعها في المسجد بل به وبتركها غير مدفونة اهـ ببعض تصرّف. وروى سعيد بن منصور عن أبى عبيدة في الجرّاح أنه تنخم في المسجد ليلة فنسى أن يدفنها حتى رجع إلى منزله فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها ثم قال الحمد لله الذى لم يكتب عليّ خطيئة الليلة. وتوسط بعضهم فحمل الجواز على ما إذا كان له عذر كأن لم يتمكن من الخروح من المسجد والمنع على ما إذا لم يكن له عذر (أقول) الحق ما قاله النووى "وما ذكره" غيره من الأدلة "لا يدفع" أن البصاق في المسجد خطيئة وكل ما فيها أن الدفن يمحوها "وأما قوله" في حديث أبى أمامة وإن دفنه فحسنة "فمعناه" أن الدفن حسنة كفرت سيئة البصاق. فالمعوّل عليه أن البصاق في المسجد خطيئة مطلقا سواء احتاج إلى البصاق أم لم يحتج بل يبزق في ثوبه فإن بزق في المسجد فقد ارتكب خطيئة وعليه تكفيرها بدفن البزاق

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن التفل في المسجد ذنب يطلب تكفيره بدفنه في الأرض، وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم الأمة أحكام دينها ولو صغرت في زعم الزاعمين

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم من طريق شعبة

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» .

ص: 91

(ش)(قوله أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله

(قوله البزاق في المسجد خطيئة) وفي نسخة إن البزاق. وهو ما يخرج من الريق المجتمع في الفم. ويقال فيه بصاق بالصاد المهملة وهي رواية النسائى. وفي لغة قليلة بساق بالسين المهملة وعدّها جماعة غلطا. والمعنى طرح البزاق في أرض المسجد وجدرانه إثم. وإنما أطلق عليه لفظ خطيئة لأن من شأن المسلم أن لا يصدر منه ذلك الفعل إلا خطأ حتى قال ابن العماد لا خلاف أن من بصق في المسجد استهانة به كفر والعياذ بالله تعالى

(قوله وكفارتها دفنها) أى سترها ولم يقل كفارتها تغطيتها لأن التغطية يستمر الضرر بها إذ لا يؤمن أن يجلس غيره عليها فتؤذيه بخلاف الدفن فإنه يفهم منه التعميق في باطن الأرض (واختلف) في المراد بالدفن فالجمهور على أنه الدفن في تراب المسجد ورمله وحصبائه إن كانت فيه هذه الأشياء فإن لم تكن المساجد تربة وكانت ذات حصير أو كان فرشها من الجصّ أو الحجر أخرجها. وقيل المراد بالدفن إخراجها مطلقا سواء أكانت تربة أم لا. لكن الأول أوفق بلفظ الحديث

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والنسائى والترمذى وقال حسن صحيح

(ص) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، ثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ» فَذَكَرَ مِثْلَهُ

(ش)(قوله أبو كامل) هو فضيل بن حسين الجحدرى

(قوله النخاعة) بضم النون هي النخامة وهي ما يخرج من الخيشوم عند التنخع ويقال نخاعة بالكسر والفتح أيضا (قال) النووى قال أهل اللغة المخاط من الأنف والبصاق والبزاق من الفم والنخاعة من الرأس أيضا ومن الصدر اهـ

(قوله فذكر مثله) أى ذكر سعيد بن أبى عروبة مثل الحديث المتقدم الذى رواه كلّ من أبى عوانة وهشام وشعبة وأبان عن قتادة

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، ثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «مَنْ دَخَلَ هَذَا الْمَسْجِدَ فَبَزَقَ فِيهِ، أَوْ تَنَخَّمَ فَلْيَحْفِرْ وَلْيَدْفِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَبْزُقْ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ لِيَخْرُجْ بِهِ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله أبو مودود) هو عبد العزيز بن أبى سليمان

ص: 92

المدني الهذلى مولاهم. روى عن السائب بن يزيد وعبد الرحمن بن أبى حدرد ومحمد بن كعب وآخرين. وعنه عبد الرحمن بن مهدى وابن أبى فديك ووكيع والقعنبى. وثقه أحمد وابن معين وأبو داود وابن المدينى وابن نمير وابن حبان وضعفه البرقى وقال يكتب حديثه روى له أبو داود

(قوله عبد الرحمن بن أبى حدرد) بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين (الأسلمى) المدنى. روى عن أبى هريرة. وعنه أبو مودود. قال الدارقطنى لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات

(معنى الحديث)

(قوله أو تنخم) من النخامة وهى البزقة التي تخرج من أقصى الحلق ومن مخرج الخاء المعجمة يقال تنخم إذا رمى نخامته

(قوله فليحفر الخ) بكسر الفاء من باب ضرب أى فليحفر موضعا في المسجد إن أمكن الحفر كأن كان ترابيا وليدفنه وإن لم يتمكن من ذلك بزق في ثوبه وأبقاه في الثوب حتى يخرج به من المسجد ولا يقذّره به

(فقه الحديث) والحديث يدلّ على أن من بزق وهو في المسجد يطلب منه أن يدفن بزاقه في تراب المسجد إن كان تربيا وإلا بزق في ثوبه ويبقيه فيه ولا يلطخ به المسجد، وعلى أن البزاق طاهر. وليس في طهارته خلاف إلا ما حكى عن إبراهيم النخعى من أن البزاق نجس كما تقدم، وعلى طلب احترام المساجد

(ص) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ، أَوْ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَمَامَهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ تِلْقَاءِ يَسَارِهِ، إِنْ كَانَ فَارِغًا أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ لِيَقُلْ بِهِ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله عن أبى الأحوص) هو سلام بن سليم. و (منصور) ابن المعتمر

(قوله عن ربعىّ) بكسر الراء وسكون الموحدة ابن خراش بن جحش بن عمرو الغطفانى العبسى أبى مريم الكوفي. روى عن عمر وعلى وأبى موسى وحذيفة وابن مسعود وطارق بن عبد الله وغيرهم. وعنه الشعبى ومنصور وعبد الملك بن عمير وأبو مالك الأشجعى وطائفة. قال العجلى تابعى ثقة من خيار الناس لم يكذب كذبة قط ووثقه ابن حبان وابن سعد وقال اللالكائى مجمع على توثيقه. مات سنة مائة أو إحدى أو أربع ومائة. روى له الجماعة

(قوله طارق بن عبد الله المحاربى) الكوفي حديثه في أهل الكوفة. روى عنه ربعىّ وكامل بن شدّاد وأبو الشعثاء. روى له أبو داود

ص: 93

والنسائى والترمذى وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله إذا قام الرجل إلى الصلاة أو إذا صلى أحدكم الخ) بالشك من الراوى أى إذا دخل أحدكم في الصلاة فلا يبزقنّ أمامه تعظيما للقبلة. وفى نسخة فلا يبزق (وظاهر) النهى التحريم ويؤيده تعليله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأن الله تعالى بينه وبين القبلة كما في رواية البخارى من حديث أنس. وبأن الله قبل وجهه كما سيأتي للمصنف من حديث ابن عمر وجابر (قال) الحافظ هذا التعليل يدلّ على أن البزاق في القبلة حرام سواء أكان في المسجد أم لا ولا سيما من المصلى فلا يجرى فيه الخلاف في أن كراهية البزاق في المسجد هل هى للتنزيه أو للتحريم. وفى صحيحى ابن خزيمة وابن حبان من حديث حذيفة مرفوعا من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه. وفى رواية لابن خزيمة من حديث ابن عمر مرفوعا يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهى في وجهه. ولأبي داود وابن حبان من حديث السائب بن خلاد أن رجلا أمّ قوما فبصق في القبلة فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يصلى لكم "الحديث" وفيه أنه قال له إنك آذيت الله ورسوله اهـ

(قوله ولا عن يمينه) أى ولا يبزق جهة اليمين تشريفا لها عن الأقذار أو لأن بها ملكا يكتب الحسنات (وظاهر الحديث) أن النهى عن ذلك مقيد بحالة الصلاة فقط وإلى ذلك ذهب مالك وقال لا بأس بالتفل جهة اليمين خارج الصلاة. وجزم النووى بالمنع مطلقا داخل الصلاة وخارجها. ويدلّ له ما رواه الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى نخامة في جدار المسجد فتناول حصاة فحتها وقال إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمنّ قبل وجهه ولا عن يمينه وليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى. فهو يدلّ على المنع مطلقا. ويدلّ له أيضا ما سيأتى للمصنف عن أبى سعيد وجابر (قال) الحافظ ويشهد للمنع "يعني مطلقا" ما رواه عبد الرازق وغيره عن ابن مسعود أنه كره أن يبصق عن يمينه وليس في صلاة "وعن" معاذ بن جبل قال ما بصقت عن يمينى منذ أسلمت "وعن" عمر بن عبد العزيز أنه نهى ابنه عنه مطلقا. وكأن الذى خصه بحالة الصلاة أخذه من علة النهى المذكورة في رواية همام عن أبى هريرة حيث قال فإن عن يمينه ملكا. هذا إذا قلنا إن المراد بالملك غير الكاتب والحافظ فيظهر حينئذ اختصاصه بحالة الصلاة اهـ (وقال) القاضى عياض النهى عن البصاق جهة اليمين في الصلاة إنما هو مع إمكان غيره فإن تعذّر فله ذلك اهـ (قال) الحافظ لا يظهر وجود التعذر مع وجود الثوب الذى هو لابسه وقد أرشده الشارع إلى التفل فيه اهـ

(قوله ولكن عن تلقاء يساره الخ) أى حذاءه وجهته إن لم يكن جهة يساره أحد وإن كان جهة يساره أحد بزق تحت قدمه اليسرى فأوفى قوله أو تحت قدمه اليسرى للتفصيل (قال) النووى الأمر بالبصاق عن يساره وتحت قدمه فيما إذا كان في غير المسجد وأما في المسجد فلا يبصق إلا في ثوبه لحديث البصاق في المسجد خطيئة اهـ يعنى

ص: 94

فيبعد أن يأذن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في البزاق في المسجد بعد بيان أنه خطيئة (وقال) ابن حجر في شرح مشكاة المصابيح هذا إذا كان المصلى في غير المسجد أو فيه ولم يصل البزاق إلى شيء من أجزائه. ويلحق بالصلاة في ذلك خارجها ولو في غير المسجد اهـ

(قوله ثم ليقل به) يعنى ثم ليمسح البصاق وليدلكه

(فقه الحديث) والحديث يدل على أن البزاق حال الصلاة لا يبطلها ومثله التنخع إذا اضطر إليه وعلى تعظيم جهتى القبلة واليمين، وعلى جواز البزاق جهة اليسار أو تحت القدم عند الضرورة وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم الأمة الآداب الشرعية حتى كيف يبزقون

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الترمذى وقال حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم اهـ وأخرجه النسائى عن طارق قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا كنت تصلى فلا تبزقنّ بين يديك ولا عن يمينك وابصق خلفك أو تلقاء شمالك إن كان فارغا وإلا فهكذا وبزق تحت رجله ودلكه

(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا حَمَّادٌ، ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمًا إِذْ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَكَّهَا، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فَدَعَا بِزَعْفَرَانٍ فَلَطَّخَهُ بِهِ، وَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِ أَحَدِكُمْ إِذَا صَلَّى، فَلَا يَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْهِ» .

(ش)(قوله حماد) بن زيد. و (أيوب) السختيانى

(قوله إذ رأى نخامة في قبلة المسجد) إذ للمفاجأة أى ففاجأه رؤية النخامة في الحائط الذى جهة القبلة. وفي رواية البخارى رأى بصاقا في جدار القبلة. وفى رواية المستملى في جدار المسجد. وليس المراد بها المحراب الذى يسميه الناس قبلة لأن المحاريب من المحدثات بعده صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "ومن ثمّ" كره جمع من السلف اتخاذها والصلاة فيها (قال) القضاعى أوّل من أحدث ذلك عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ عامل للوليد بن عبد الملك على المدينة حينما جدّد المسجد وزاد فيه اهـ (وقال) في روح المعانى إن الصلاة في المحاريب المشهورة الموجودة في مساجد المسلمين قد كرهها جماعة من الأئمة وهي من البدع التى لم تكن في العصر الأول اهـ ملخصا (وقال) السمهودى في تاريخ المدينة أسند يحيى عن عبد المهيمن بن عباس عن أبيه قال مات عثمان وليس في المسجد شرفات ولا محراب فأوّل من أحدث المحراب والشرفات عمر بن عبد العزيز اهـ (وقال) النووى في شرح

ص: 95

المهذب قال أصحابنا إذا صلى في مدينة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فمحراب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حقه كالكعبة فمن يعاينه يعتمده ولا يجوز العدول عنه بالاجتهاد بحال "ويعنى بمحراب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مصلاه وموقفه" لأنه لم يكن هذا المحراب المعروف "موجودا" في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما أحدثت المحاريب بعده اهـ (وللإمام السيوطى) في ذلك رسالة مستقلة، وهاك نصها: -

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، هذا جزء سميته "إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب" لأن قوما خفى عليهم كون المحراب في المساجد بدعة، وظنوا أنه كان في مسجد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في زمنه. ولم يكن في زمانه قطّ محراب ولا في زمان الخلفاء الأربعة فمن بعدهم إلى آخر المائة الأولى وإنما حدث في آخر المائة الثانية (1) مع ورود الحديث بالنهى عن اتخاذه وأنه من شأن الكنائس وأن اتخاذه في المساجد من أشراط الساعة "قال" البيهقى في السنن الكبرى "باب في كيفية بناء المساجد" أخبرنا أبو مضر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن البرّاج ثنا مطين ثنا سهل بن زنجلة الرازى ثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء عن ابن أبجر عن نعيم بن هند عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اتقوا هذه المذابح يعنى المحاريب هذا حديث ثابت فإن سالم بن أبى الجعد من رجال الصحيحين بل الأئمة الستة. ونعيم بن هند من رجال مسلم وابن أبجر اسمه عبد الملك بن سعيد من رجال مسلم أيضا. وأبو زهير عبد الرحمن بن مغراء من رجال الأربعة قال الذهبي في الكاشف وثقه أبو زرعة الرّازى وغيره ولينه ابن عدى وقال في الميزان ما به بأس وقال في المغنى صدوق. فالحديث على رأى أبى زرعة ومتابعيه صحيح وعلى رأى ابن عدى حسن والحسن إذا ورد من طريق ثان ارتقى إلى درجة الصحة وهذا له طرق أخرى تأتى فيصير المتن صحيحا من قسم الصحيح لغيره وهو أحد قسمى الصحيح ولهذا احتج به البيهقى في الباب مشيرا إلى كراهة اتخاذ المحاريب والبيهقى مع كونه من كبار الحفاظ فهو أيضا من كبار أئمة الشافعية الحاملين للفقه والأصول والحديث كما ذكره النووى في شرح المهذب. فهو أهل أن يستنبط ويخرّج ويحتجّ. وأما سهل ابن زنجلة ومطين فإمامان حافظان ثقتان فوق الثقة "وقال" البزّار في مسنده ثنا محمد بن مرداس

(1) لعلها آخر المائة الأولى لما تقدّم عن القضاعي والسمهودى من أن أول من أحدثها عمر بن عبد العزيز

ص: 96

ثنا محبوب بن الحسن ثنا أبو حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أنه كره الصلاة في المحراب وقال إنما كانت للكنائس فلا تشبهوا بأهل الكتاب "يعنى أنه كره الصلاة في الطاق" قال شيخ شيوخنا الحافظ أبو الحسن الهيتمى في مجمع الزوائد رجاله موثقون "وقال" ابن أبى شيبة في المصنف ثنا وكيع ثنا إسرائيل عن موسى الجهنى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لا تزال هذه الأمة أو قال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى" هذا مرسل صحيح الإسناد فإن وكيعا أحد الأئمة الأعلام من رجال الأئمة الستة وكذا شيخه. وموسى من رجال مسلم قال في الكاشف حجة، والمرسل عند الأئمة الثلاثة صحيح مطلقا. وعند الإمام الشافعى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ صحيح إذا اعتضد بواحد من عدّة أمور "منها" مرسل آخر ومسند ضعيف أو قول صحابىّ أو فتوى أكثر أهل العلم بمقتضاه أو مسند صحيح "وأورد" على هذا الأخير أنه إذا وجد المسند الصحيح استغنى عن المرسل فإن الحجة تقوم به وحده "وأجيب" بأن وجود المسند الصحيح يصير المرسل حديثا صحيحا ويصير في المسألة حديثان صحيحان. قال العراقى في ألفيته مشيرا إلى ذلك:

فإن يعلّ فالمسند المعتمد

فقل دليلان به يعتضد

وهذا المرسل قد عضده المسند المبدوء بذكره. وقد تقدم أنه صحيح على رأى من وثق راويه وحسن على رأى من لينه. ولهذا اقتصر البيهقي على الاحتجاج به. وعضده قول ابن مسعود وعضده أحاديث أخر مرفوعة وموقوفة وفتوى جماعة من الصحابة والتابعين بمقتضاه. أخرج ابن أبى شيبة عن أبى ذرّ قال إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد. هذا له حكم الرفع فإن الإخبار عن أشراط الساعة والأمور الآتية لا مدخل للرأى فيه وإنما يدرك بالتوقيف من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وأخرج ابن أبى شيبة عن عبيد بن أبى الجعد قال كان أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقولون إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد يعنى الطاقات. هذا بمنزلة عدّة أحاديث مرفوعة فإن كل واحد من الصحابة المذكورين سمع ذلك من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأخبر به وأخرج ابن أبى شيبة عن علىّ بن أبى طالب أنه كره الصلاة في الطاق. وأخرج ابن أبى شيبة عن ابن مسعود قال اتقوا هذه المحاريب. وأخرج ابن أبى شيبة عن إبراهيم النخعى أنه كان يكره الصلاة في الطاق. وأخرج ابن أبى شيبة عن سالم بن أبى الجعد قال لا تتخذوا المذابح في المساجد. وأخرج ابن أبى شيبة عن كعب أنه كره المذبح في المسجد. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن كعب قال يكون في آخر الزمان قوم يزينون مساجدهم ويتخذون بها مذابح كمذابح النصارى فإذا فعلوا ذلك صبّ عليهم البلاء. وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك بن مزاحم

ص: 97

قال أوّل شرك في هذه الصلاة هذه المحاريب (وقال) عبد الرزاق عن الثورى عن منصور والأعمش عن إبراهيم أنه كان يكره أن يصلي في طاق الإمام "قال" الثورى ونحن نكره ذلك وأخرج عبد الرزاق عن الحسن أنه صلى واعتزل الطاق أن يصلي فيه (فائدة) روى الطبراني في الأوسط عن جابر ابن أسامة الجهني قال لقيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في أصحابه بالسوق فقلت أين تريد يا رسول الله صلى الله تعالى عليك وعلى آلك وسلم قال نريد أن نخطّ لقومك مسجدا فأتيت وقد خطّ لهم مسجدا وغرز في قبلته خشبة فأقامها قبلة ثم والحمد لله وحده اهـ كلام الإمام السيوطى رحمه الله تعالى (وبهذا) تعلم سقوط ما قاله بعضهم من أن المحاريب موجودة من عهده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مستدلا بما رواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق سعيد بن عبد الجبار بن وائل عن أبيه عن أمه عن وائل بن حجر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قال حضرت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهض إلى المسجد فدخل المحراب ثم رفع يديه بالتكبير "الحديث" لأنه يحتمل أن يكون المراد به صدر المسجد وأشرف مكان فيه وهى البقعة التى يصلي فيها الإمام لا المكان المجوّف المعروف الآن بالمحراب. وتعلم أيضا سقوط قوله ومن ادّعى الكراهة فعليه البينة فإن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تركه هو وأصحابه مع قيام المقتضى وتركه للشئ مع قيام المقتضى سنة فإذاً يكون فعله بدعة

(قوله فتغيظ على الناس) أى غضب صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الحاضرين في المسجد. ولعل غضبه عليهم لغفلتهم عن تطهير المسجد عن القاذورات

(قوله ثم حكها) أي ثم نزل فأزالها بعرجون في يده كما سيأتى للمصنف أو بحصاة كما في رواية للبخارى (وظاهر) رواية الباب وغيرها من الروايات الصحيحة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم باشر إزالتها بيده. ورواية النسائى عن أنس رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نخامة في قبلة المسجد فغضب حتى احمرّ وجهه فقامت امرأة من الأنصار فحكتها وجعلت مكانها خلوقا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما أحسن هذا. وهى صريحة في أن الذى باشر إزالة النخامة المرأة. ولا تنافي بينهما لاحتمال تعدد القصة. وظاهر الرواية أيضا أن النخامة كانت يابسة إذ لو كانت رطبة لقال مسحها بدل حكها. فهى تفيد أن الاستقذار يكون باليابس كما يكون بالرطب

(قوله قال وأحسبه الخ) أى قال نافع وأظن أن ابن عمر قال طلب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زعفران فلطخ به موضع النخامة أى لوّث موضعها بالزعفران وطيبه وحسنه به

(قوله وقال إن الله تعالى قبل الخ) أى قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن قبلة الله تعالى أو عظمته أو ثوابه فهو على حذف مضاف. وفي نسخة قال. وقال الخ أى قال ابن عمر وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن الله تعالى الخ (قال) الخطابى

ص: 98

تأويله أن القبلة التي أمر الله عز وجل بالتوجه إليها في الصلاة قبل وجهه فليصلها عن النخامة وفيه إضمار وحذف واختصار كقوله تعالى "وأشربوا في قلوبهم العجل" أى حبّ العجل. وإنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالى على سبيل التكرمة كما قيل بيت الله وكعبة الله تعالى اهـ (وقال) المازرى لما كانت القبلة دليلا على أن قاصدها موحد كانت علامة على التوحيد. والمصلى يتقرّب إلى الله تعالى بالتوجه إليها فهو محل معظم. فالمعنى فإن الجهة المعظمة قبل وجهه فلا يقابلها بالبصاق الذى جرت به العادة أن لا يقابل به إلا الحقير المهان ولذا قال أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخم في وجهه اهـ

(قوله إذا صلى) أى إذا دخل في الصلاة. ونصّ في الحديث على النهى عن البصاق قيل وجهه حال الصلاة لفضيلة تلك الحال على سائر الأحوال، وإلا فالبصاق إلى جهة القبلة ممتنع مطلقا في الصلاة وغيرها وفى المسجد وغيره كما تقدم عن ابن حجر خلافا لمن خصه بقبلة المسجد أو حال الصلاة كما تقدم بيانه (وقال الباجى) يحتمل أن يكون خصّ بذلك حال الصلاة لأنه حينئذ يكون مستقبل القبلة وفى سائر الأحوال قد تكون عن يساره وهي الجهة التى أمر بالبصاق إليها اهـ

(قوله فلا يبزق بين يديه) أى أمامه. وفى نسخة فلا يبزقن. وفى أخرى زيادة "قال أبو داود رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب عن نافع ومالك وعبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع نحو حماد إلا أنهم لم يذكروا الزعفران. ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع الخلوق"

(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب إزالة ما يستقذر من المسجد، وعلى أنه ينبغى للإمام أن يتفقد أحوال المساجد لتعظيمها وصيانتها عن الأقذار، وعلى الحثّ على الاستكثار من الحسنات وإن كان المستكثر رفيع المقام كثير الحسنات، وعلى تعظيم تواضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وعلى أنه يطلب ممن رأى منكرا أن يغيره، وعلى مشروعية الغضب عند رؤية المنكر، وعلى مشروعية جعل الزعفران ونحوه في المساجد إن دعت الحاجة إليه، وعلى طلب احترام جهة القبلة فلا يستخفّ بها ببزاق أو نحوه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والنسائى ومالك في الموطأ

(ص) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، ثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ الْعَرَاجِينَ وَلَا يَزَالُ فِي يَدِهِ مِنْهَا، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ مُغْضَبًا، فَقَالَ: «أَيَسُرُّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُبْصَقَ فِي وَجْهِهِ؟ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا اسْتَقْبَلَ

ص: 99

الْقِبْلَةَ فَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ عز وجل، وَالْمَلَكُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَا يَتْفُلْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا فِي قِبْلَتِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ عَجِلَ بِهِ أَمْرٌ فَلْيَقُلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ لَنَا ابْنُ عَجْلَانَ ذَلِكَ أَنْ يَتْفُلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ يَرُدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ

(ش)(رجال الحديث)

(قوله يحيى بن حبيب بن عربى) الحارثى أبو زكرياء البصرى روى عن حماد بن زيد ويزيد بن زريع وخالد بن الحارث ومعتمر بن سليمان وغيرهم. وعنه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وأبو حاتم وقال صدوق وقال النسائى ثقة مأمون ووثقه مسلمة بن قاسم وابن حبان. قيل مات بالبصرة سنة ثمان وأربعين ومائتين

(قوله خالد يعني ابن الحارث) بن عبيد بن سليمان أبو عثمان البصرى. روى عن هشام بن عروة وأيوب السختياني وابن عون وابن عجلان وغيرهم. وعنه أحمد وإسحاق بن راهويه ومحمد بن المثنى وعمرو بن على ومحمد بن الفضل وآخرون. قال أحمد إليه المنتهى في التثبت بالبصرة وقال أبو حاتم إمام ثقة وقال ابن معين من أثبت شيوخ البصريين وقال الترمذى ثقة مأمون سمعت ابن المثني يقول. ما رأيت بالبصرة مثله وقال الدارقطنى أحد الأثبات ووثقه ابن حبان وابن شاهين والنسائى وابن سعد توفى بالبصرة سنه ست وثمانين ومائة. روى له الجماعة

(قوله عياض بن عبد الله) بن سعد بن أبى سرح بن الحارث القرشي العامرى. روى عن أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى وجابر بن عبد الله وعنه زيد بن أسلم وسعيد المقبرى ومحمد بن عجلان وبكير بن الأشجّ وغيرهم. وثقه النسائى وابن حبان وابن معين. مات بمكة على رأس المائة. روى له الجماعة

(معنى الحديث)

(قوله كان يحب العراجين) هى جمع عرجون بضم العين المهملة وهو العود الأصفر الذي فيه الشماريخ إذا يبس واعوجّ من الانعراج وهو الانعطاف والواو والنون فيه زائدتان. ولعله صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب حملها لما فيها من المنافع

(قوله أيسرّ أحدكم الخ) استفهام إنكارى بمعنى النفى أى لا يسرّ أحدكم البصاق في وجهه. والغرض منه التوبيخ والتحذير من مثل ذلك. وبيان شرف القبلة وأن البصاق جهتها كالبصاق في وجه أحدهم في الأذى وإثارة الغضب فالله عز وجل يغضب من البصاق جهة القبلة لأنها جهة المناجاة

(قوله فإنما يستقبل ربه) أى قبلة ربه كما تقدم

(قوله والملك عن يمينه) الظاهر أن هذا الملك كاتب الحسنات، وخصّ بهذا تكرمة له على صاحب الشمال. وقيل إنه ملك خاصّ يحضر الصلاة للتأمين على الدعاء

(قوله فلا يتفل عن يمينه) تنزيها لليمين عن الأقذار أو تشريفا للملك. وعند ابن أبى شيبة بسند صحيح لا يبزق عن يمينه ففى يمينه كاتب الحسنات ولكن يبزق عن شماله أو خلف ظهره

(قوله وليبصق

ص: 100

عن يساره أو تحت قدمه) قال الحافظ كذا للأكثر. وفي رواية أبى الوقت وتحت قدمه بالواو. ووقع عند مسلم من طريق أبى رافع عن أبى هريرة ولكن عن يساره تحت قدمه بحذف أو، وكذا للمصنف من حديث أنس في أواخر الصلاة، والرواية التي فيها أو أعمّ لكونها تشمل ما تحت القدم وغيره. وفى الرواية الآتية وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى بحذف أو (وظاهر الحديث) أن المصلى لا يكون عن يساره ملك. وبه قال القاضى عياض وقال لأنه لا يجد ما يكتب لأن المصلى في طاعة اهـ "لكن ما ذكره" من أنه لا يجد ما يكتب "مردود" يحديث إدبار الشيطان عند سماع الأذان ورجوعه في الصلاة بعد انتهائه ووسوسته للمصلى حال الصلاة فقد يترتب عليها الوقوع في المخالفة. وأحسن ما يجاب به أن يقال إن لكل واحد قرينا وموقفه في يساره كما ورد في حديث الطبرانى عن أبى أمامة وفيه أنه يقوم بين يدى الله وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره فالمصلى إذا تفل عن يساره يقع على الشيطان ولا يصيب الملك منه شيء أو أنه يتحوّل في الصلاة إلى اليمين

(قوله فإن عجل به أمر الخ) أى إن غلب عليه البزاق أو النخامة ولم يتمكن من إلقائها جهة يساره أو تحت قدمه فليتفل في ثوبه. وفي رواية لمسلم فإن لم يجد فليقل به هكذا

(قوله ووصف لنا الخ) أى قال خالد بن الحارث بين لنا محمد بن عجلان كيفية فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأن تفل في ثوبه ومسح بعضه ببعض. وفى رواية لمسلم فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض. وفي رواية للبخارى ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم ردّ بعضه على بعض فقال أو يفعل هكذا

(فقه الحديث) والحديث يدلّ زيادة على ما تقدم على مشروعية استصحاب الشخص شيئا في يده كالعرجون والعصا لقضاء المصالح، وعلى طلب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعلى مشروعية الجمع في التعليم بين القول والفعل، وعلى جواز البصق جهة اليسار أو تحت القدم عند الحاجة فإن لم يمكن بصق في ثوبه ثم مسح بعضه ببعض، وعلى أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حريص على مصالح الأمة

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الحاكم بلفظ إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يعجبه العراجين أن يمسكها بيده فدخل المسجد ذات يوم وفى يده واحد منها فرأى نخامات في قبلة المسجد فحتهنّ حتى أنقاهنّ ثم أقبل على الناس "الحديث" وقال حديث صحيح على شرط مسلم

(ص) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ يَعْنِي بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ

ص: 101

بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَتَيْنَا جَابِرًا يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ فِي مَسْجِدِهِ، فَقَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ فَنَظَرَ فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا، فَحَتَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ بِوَجْهِهِ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا» وَوَضَعَهُ عَلَى فِيهِ ثُمَّ دَلَكَهُ، ثُمَّ قَالَ:«أَرُونِي عَبِيرًا» فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ، قَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ

(ش)(رجال الحديث)

(قوله السجستانى) نسبة إلى سجستان بكسر أوله وثانيه وسين مهملة ساكنة ومثناة فوقية ناحية كبيرة بخراسان

(قوله سليمان بن عبد الرحمن) بن عيسي بن ميمون أبو أيوب التميمي الدمشقى. روى عن يحيى بن حمزة وابن عيينة ومروان بن معاوية وعيسى بن يونس وكثيرين. وعنه أبو حاتم والبخارى والترمذى والنسائي. قال ابن معين وابن حبان ليس به بأس ثقة إذا روى عن المعروفين وقال صالح بن محمد لا بأس به ولكنه يحدّث عن الضعفاه وقال الدارقطنى ثقة وقال أبو داود ثقة يخطئُ وقال أبو حاتم والنسائى صدوق وزاد أبو حاتم مستقيم الحديث ولكنه روى عن الضعفاء والمجهولين. توفى سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين ومائتين

(قوله حاتم يعنى ابن إسماعيل) الكوفى الأصل أبو إسماعيل نزيل المدينة. روى عن هشام ابن عروة وجعفر بن محمد ويحيى بن سعيد الأنصارى ويزيد بن أبي عبيد. وعنه قتيبة بن سعيد وابن مهدى وإسحاق بن راهويه والقعنبى وغيرهم. قال الخطيب كان ثقة وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا كثير الحديث وقال النسائى لا بأس به ليس بالقوى ووثقه العجلى وابن معين وابن حبان قيل مات بالمدينة سنة ست أو سبع وثمانين ومائة

(قوله عبادة بن الوليد الخ) أبى الصامت الأنصارى. روى عن أبيه وجدّه وكعب بن عمرو وجابر في عبد الله وأبى سعيد الخدرى

ص: 102

وآخرين. وعنه يحيى بن سعيد ويزيد بن الهاد ويعقوب بن مجاهد ومحمد بن عجلان وغيرهم. وثقه أبو زرعة والنسائي وابن حبان. روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه. وقوله (يعني ابن عبد الله) العناية من يعقوب بن مجاهد

(معنى الحديث)

(قوله وفى يده عرجون ابن طاب) هو رجل من أهل المدينة ينسب إليه نوع من تمر المدينة

(قوله أيكم يحب أن يعرض الله عنه) من الإعراض وهو التولية والمراد منه لازمه وهو الغضب. والاستفهام فيه للتوبيخ والتهديد

(قوله فليقل بثوبه هكذا الخ) أى فليفعل بثوبه هكذا ووضع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثوبه على فمه ثم دلكه حتى تلاشي البزاق فيه

(قوله أرونى عبيرا) يعنى أحضروا لى عبيرا بفتح العين المهملة وكسر الموحدة وهو نوع من الطيب ذو لون مركب من زعفران وغيره

(قوله فقام فتى من الحيّ الخ) أى فقام شابّ من القبيلة يعدو ويسرع في مشيه فجاء بخلوق في كفه فأخذه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فجعله على رأس العود ثم لوّث به أثر النخامة لإزالة المستقذر من المسجد. والخلوق بفتح الخاء المعجمة وضم اللام وفى آخره قاف طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة وهو من طيب النساء اهـ نهاية

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ الْجُذَامِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيْوَانَ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ -قَالَ أَحْمَدُ: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ- أَنَّ رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا، فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَنْظُرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ:«لَا يُصَلِّي لَكُمْ» ، فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ فَمَنَعُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:«نَعَمْ» ، وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ -»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله عمرو) بن الحارث

(قوله الجذامى) نسبة إلى جذام بوزن غراب قبيلة من معدّ

(قوله صالح بن حيوان) بالحاء المهملة السبائى المصرى كما قاله البخارى

ص: 103

وابن يونس. ويقال بالخاء المعجمة "وقال" ابن الأعرابى عن أبى داود ليس أحد يقوله خيوان بالخاء المعجمة إلا أخطأ. وقد فهم الدارقطني أنه الخولاني فقال هو بالخاء المعجمة لكن قد علمت أنه السبائى فالحقّ أنه بالمهملة "ففى" تهذيب التهذيب قال سعيد بن كثير من نسبه خولانيا فهو بالمعجمة ومن نسبه سبائيا فهو بالمهملة. روى عن عقبة بن عامر وابن عمر وأبى سهلة. وعنه بكر بن سوادة وثقه العجلى وابن حبان وصحح حديثه ابن القطان وعاب على عبد الحق في قوله لا يحتجّ به. روى له أبو داود

(قوله السائب بن خلاد) بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس الخزرجى المدني. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه صالح بن حيوان وعطاء بن يسار وعبد الرحمن بن أبى صعصعة وغيرهم. شهد بدرا وهو صحابى عمل لعمر على اليمن. مات سنة إحدى وسبعين. روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه

(قوله قال أحمد الخ) أى قال أحمد بن صالح السائب بن خلاد من أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وإنما قال ذلك لأنه لم يكن من مشاهير الصحابة. ولردّ قول بعضهم إنه ليس بصحابى

(معنى الحديث)

(قوله أن رجلا أم قوما) أى صلى بهم إماما. ولعلهم كانوا وفدا أتوا بعد فراغه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الصلاة

(قوله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) أى قال لقومه وقت انتهاء الرجل من الصلاة لا يصلى لكم بإثبات المثناة التحتية أى لا يؤمكم هذا الرجل بعد لما فعل من الإخلال بالأدب وعدم احترام القبلة (وهو نفى) بمعنى النهى. ووجه الخطاب إليهم دونه زجرا وتحذيرا له عن مثل هذا الصنع. هذا على أنه كان موجودا معهم وقت الخطاب. ويحتمل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وجه الخطاب إليهم بعد ذهاب الرجل وهو الأقرب. ويؤيده ما في الحديث نفسه من أنهم منعوه وأخبروه بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ولأنه لو كان موجودا وقت الخطاب ونهيه عن إمامته بهم ما احتاج إلى إخبارهم له ولما تقدّم للإمامة ثانيا ولما احتاج إلى الاستفسار بعد (قال) في شرح السنة في الإعراض عنه غضب شديد حيث لم يجعله محلا للخطاب أو أن هذا النهى في غيبته اهـ

(قوله فمنعوه) أى منع القوم الرجل عن الإمامة بهم

(قوله فذكر ذلك الخ) أى ذكر الرجل للنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منع قومه له عن الإمامة وإخبارهم له بأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن إمامته فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نعم نهيت عن إمامتك

(قوله وحسبت الخ) أى قال السائب بن خلاد ظننت أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال بعد قوله نعم تعليلا إنك آذيت الله ورسوله أى فعلت فعلا يكرهه الله ورسوله -أما كراهة النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لإمامته فظاهرة- وأما كراهة الله تعالى فهى كناية عن انتقامه. ويحتمل أن المراد أذية الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقط وذكر

ص: 104

الله للتبرّك. أو أن إيذاء الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمخالفة نهيه ولا سيما بحضرته منزّل منزلة إيذائه تعالى. وقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا القول زجرا وتهديدا له فلا يدخل تحت قوله تعالى "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة" لأن هذا الفعل صدر من الرجل جهلا أو خطأ فلا يكون كفرا

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه لا يؤم الناس في الصلاة إلا من كان متأدبا بالآداب الشرعية، وعلى أن الإمام إذا ارتكب شيئا من المخالفات يبعد عن الإمامة، وعلى أنه يطلب من كبير القوم أن يتفقد أحوال رعيته، وعلى التنفير من مخالفة الشريعة لما يترتب على ذلك من غضب الله عز وجل وغضب رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن حبان في صحيحه وأخرج الطبراني عن ابن عمر نحوه بلفظ أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رجلا يصلى بالناس الظهر فتفل بالقبلة وهو يصلى للناس فلما كان صلاة العصر أرسل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى آخر فأشفق الرجل الأول فجاء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله أنزل فيّ شئ قال لا ولكنك تفلت بين يديك وأنت تؤم الناس فآذيت الله والملائكة

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادٌ، أَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَبَزَقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى» .

(ش)(رجال الحديث)

(قوله حماد) بن سلمة. و (سعيد) بن إياس (الجريرى) نسبة إلى جرير بالتصغير موضع قرب مكة

(قوله عن أبى العلاء) هو يزيد بن عبد الله بن الشخير العامرى البصرى. روى عن أبيه ومطرّف وأبى هريرة وسمرة بن جندب. وعنه قتادة وسليمان وخالد الحذاء وآخرون. وثقه النسائى وابن حبان وابن سعد والعجلى. قيل توفى سنة ثمان ومائة. روى له الجماعة

(قوله عن أبيه) هو عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب العامرى الصحابي. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه بنوه مطرّف ويزيد وهانئ. روى له مسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه والنسائى

(معنى الحديث)

(قوله فبزق تحت قدمه اليسرى) قال العينى هذا كان في غير المسجد لأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن البزاق في المسجد مطلقا اهـ لكن ما قاله ليس بمتعين لاحتمال أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك في المسجد ودفنها

ص: 105

أو دلكها بنعله كما في الرواية الآتية

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، بِمَعْنَاهُ زَادَ ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ

(ش) ساق المصنف هذه الرواية لبيان أنه قد اختلف على سعيد الجريرى في الحديث فرواه عنه حماد بن سلمة عن أبي العلاء عن أبيه مطرّف عن أبيه بواسطة مطرّف بينه وبين أبيه ورواه عنه يزيد بن زريع عن أبى العلاء عن أبيه بلا واسطة أخيه مطرّف وبزيادة ثم دلكه بنعله وهكذا رواية مسلم من طريق يزيد بن زريع ورواه أيضا من طريق كهمس عن يزيد بن عبد الله عن أبيه بدون واسطة مطرّف ورواه الحاكم من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن الجريرى عن أبى العلاء عن أبيه بلا واسطة مطرّف أيضا

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، "فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ بَصَقَ عَلَى الْبُورِيِّ، ثُمَّ مَسَحَهُ بِرِجْلِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لِأَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُهُ "

(ش)(رجال الحديث)

(قوله الفرج بن فضالة) بن النعمان بن نعيم الحمصى أبو فضالة القضاعي. روى عن يحيى بن سعيد وهشام بن عروة وعبد الله بن عامر. وعنه شعبة ووكيع وبقية بن الوليد وقتيبة بن سعيد وكثيرون. ضعفه النسائى وابن المدينى وابن معين والدارقطنى والساجى وابن سعد وقال يحيى بن سعيد والشيخان منكر الحديث وقال الحاكم ليس بالقائم وقال أبو حاتم صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به. روى له أبو داود والترمذى وابن ماجه

(قوله عن أبي سعيد) الحميرى الحمصى. وفي نسخة عن أبي سعد. روى عن واثلة وأبى هريرة. وعنه الفرج بن فضالة. قال ابن القطان لا يعرف. روى له أبو داود

(قوله رأيت واثلة بن الأسقع) ابن كعب بن عامر. أسلم قبل تبوك وشهدها معه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وكان من أهل الصفة. روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ستة وخمسون حديثا انفرد البخارى بواحد ومسلم بآخر. روى عن أبى هريرة وأبى مرثد الغنوى وأم سلمة وعنه عبد الواحد بن عبد الله وشداد بن عبد الله ومكحول وكثيرون. توفى بدمشق سنة ثلاث وثمانين وهو ابن ثمان وسبعين سنة. روى له الجماعة

(معنى الحديث)

(قوله بصق على البورىّ) بضم الموحدة وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف

ص: 106