الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا الجمعة ثم كثرت فكان لا يشهد لا جمعة ولا جماعة وصار يتلقى الناس يسألهم عن الأخبار كل يوم فذكره رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذات يوم فقال ما فعل ثعلبة فقالوا اتخذ غنما لا يسعها واد فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة فلما نزلت آية الصدقة بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رجلين وكتب لهما أسنان الصدقة وكيف يأخذانها وقال لهما مرّا على ثعلبة بن حنطب وعلى رجل من بنى سليم فخذا صدقاتهما فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وقرآ عليه كتابه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلىّ فانطلقا وسمع بهما السليمى فنظر إلى خيار إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بها فلما رأياه قالا ما هذا عليك قال خذاه فإن نفسي بذلك طيبة ثم رجعا إلى ثعلبة فقال أروني كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية انطلقا حتى أرى رأيى فانطلقا فلما رآهما صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال قبل أن يكلماه يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة ثم دعا للسليمى بخير فأخبراه بالذى صنع ثعلبة فنزل قوله تعالى "فلما آتاهم من فضله بخلوا به" الآية "وقد وردت" أدعية بين الأذان والإقامة يأتى بعضها للمصنف (ومنها) ما ذكره الترمذى في حديث الباب لما قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يردّ الدعاء بين الأذان والإقامة قالوا فما نقول يا رسول الله قال سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة
(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في الدعاء بين الأذان والإقامة، وعلى أفضلية الدعاء في هذا الوقت
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى وابن خزيمة وابن حبان والضياء في المختارة والبيهقى والترمذى وحسنه
(باب ما يقول إذا سمع المؤذن)
أى في بيان ما يقوله الشخص إذا سمع المؤذن
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»
(ش)(قوله إذا سمعتم النداء) ظاهره اختصاص إجابة السامع المؤذن فلو رأى شخص
المؤذن في محلّ الأذان وعلم أنه يؤذن لكن لم يسمع أذانه لبعد أو صمم لا يطالب بالإجابة
(قوله فقولوا مثل ما يقول المؤذن) مثل منصوب صفة لمصدر محذوف وما مصدرية أى قولوا قولا مثل قول المؤذن. أو أنه مفعول مطلق لأن الصفة إذا قامت مقام الموصوف المحذوف تعرب مفعولا مطلقا. ويحتمل أن تكون ما موصولة والعائد محذوف. وعبر بالمضارع ولم يقل مثل ما قال ليشعر بأنه يجيبه بعد كلّ كلمة بمثلها. ويؤيد هذا ما رواه الطحاوى من حديث أم حبيبة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت. وادّعى ابن وضاح أن الحديث انتهى عند قوله مثل ما يقول وأن لفظ المؤذن مدرج فيه. لكن قد اتفقت الروايات في الصحيحين والموطأ على إثباته فلم يصعب ابن وضاح في دعواه ولا سيما وأن الإدراج لا يثبت بمجرّد الدعوى
(وظاهر) الحديث يدلّ على أن السامع يقول مثل قول المؤذن في جميع ألفاظ الأذان حتى في الحيعلتين لكن حديث عمر بن الخطاب الآتى يخصص الحيعلتين فإن فيه يقول السامع فيما لا حول ولا قوّة إلا بالله وهو مذهب الجمهور. ورواية عن مالك. والثانية يتابعه لمنتهى الشهادتين فقط (قال) ابن المنذر يحتمل أن يكون ذلك من الاختلاف المباح فيقول تارة مثل قول المؤذن حتى في الحيعلتين وتارة يبدلهما بالحوقلتين اهـ (وحكى) بعض المتأخرين عن بعض أهل الأصول أن الخاصّ والعامّ إذا أمكن الجمع بينهما وجب إعمالهما قال فلم لا يقال يستحب للسامع أن يجمع بين الحيعلة والحوقلة وهو وجه عند الحنابلة اهـ ولعل وجهه أنه لا مانع أن يدعو الإنسان نفسه ثم يتبرّأ من الحول والقوّة. ونقل عبد الرزاق عن ابن جريح أول قال حدّثت أن الناس كانوا ينصتون للمؤذن إنصاتهم للقراءة فلا يقول شيئا إلا قالوا مثله حتى إذا قال حيّ على الصلاة قالوا لا حول ولا قوّة إلا بالله وإذا قال حيّ على الفلاح قالوا ما شاء الله. وروى ابن أبى شيبة مثله عن عثمان. وروى عن سعيد بن جبير قال يقول في جواب الحيعلة سمعنا وأطعنا
(وظاهر الحديث) أيضا أن السامع يقول في حكايته الصلاة خير من النوم كالمؤذن. وقال بعضهم يقول صدقت وبررت. لكن لا دليل عليه. وقال الحطاب لم أقف على كلام أحد من أهل المذهب على ما يقوله الحاكي في قول المؤذن إذا أذن الصبح الصلاة خير من النوم. وحكى النووى في ذلك خلافا فقال يقول فيها صدقت وبررت. وقيل يقول صدق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصلاة خير من النوم. واقتصر على الأول في المنهاج. قال الدميرى وادعى ابن الرفعة أن خبرا ورد فيه. ولا يعرف ما قاله اهـ (وظاهر الحديث) التعبد بالقول وعدم كفاية إمرار الإجابة على القلب. وظاهر المماثلة في القول عدم اشتراط المساواة من جميع الوجوه لاتفاقهم على أنه لا يلزم المجيب أن يرفع صوته لأن المؤذن مقصوده الإعلام فاحتاج إلى رفع الصوت. والسامع مقصوده ذكر الله عز وجل فيكتفى بالسرّ (قال في الفتح) وأغرب ابن المنير فقال حقيقة الأذان
جميع ما يصدر عن المؤذن من قول وفعل وهيئة (وتعقب) بأن الأذان معناه الإعلام لغة وخصه الشرع بألفاظ مخصوصة في أوقات مخصوصة فإذا وجدت وجد الأذان وما زاد على ذلك من قول أو فعل أو هيئة يكون من مكملاته ووجد الأذان من دونها ولو كان على ما أطلق لكان ما أحدث من التسبيح قبل الصبح وقبل الجمعة ومن الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من جملة الأذان وليس كذلك لا لغة ولا شرعا اهـ (وظاهر الحديث) إجابة المؤذن في جميع الحالات من غير فرق بين طاهر ومحدث وجنب وحائض لأنه ذكر لله تعالى وكل هؤلاء من أهل الذكر. ويستثنى من ذلك المجامع وقاضى الحاجة. فإذا فرغا حكياه (واختلفوا في المصلى) فذهبت الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يحكي في الصلاة مطلقا فرضا كانت أو نفلا فإن حكى بطلت صلاته إذا قال حىّ على الصلاة حى على الفلاح أو الصلاة خير من النوم. لكن محله عند الشافعية إذا كان عالما بأنه في الصلاة وأن هذا خطاب آدمىّ (وعند المالكية) روايات فروى ابن القاسم عن مالك أنه يحكيه في النافلة دون الفريضة. وروى أبو مصعب عنه أنه يحكي في الفرض والنفل وقال سحنون لا يحكيه فيهما. وعلى القول بالحكاية فيهما أو في النفل فقط فلو قال حىّ على الصلاة حىّ على الفلاح قيل تبطل صلاته وقيل لا (وقالت الحنفية) لا يجيب في الصلاة فرضا كانت أو نفلا. ومن قال بعدم الحكاية في الصلاة مطلقا أو في الفرض دون النفل يقول بحكايته بعد الفراغ منها وكذا إذا سمعه خارج الصلاة ولم يحكه ما لم يطل الفصل فيهما. ودليل من قال بعدم الحكاية في الصلاة ما رواه الشيخان عن ابن مسعود مرفوعا "إن في الصلاة لشغلا" أى اشتغالا بأعمالها المطلوبة فيها دون سواها. ويؤيده امتناع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن إجابة السلام فيها وهو أهمّ من الإجابة للمؤذن (والحديث يدلّ) بظاهره على وجوب إجابة المؤذن وبه قالت الحنفية وابن وهب من أصحاب مالك والظاهرية محتجين بهذا الحديث وأشباهه (وقال مالك) والشافعى وأحمد وجمهور الفقهاء الأمر فيه محمول على الاستحباب وهو اختيار الطحاوى قالوا والصارف له عن الوجوب ما رواه مسلم والطحاوى من طريق علقمة عن عبد الله قال كنا مع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بعض أسفاره فسمع مناديا وهو يقول الله أكبر الله أكبر فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الفطرة فقال أشهد أن لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من النار قال فابتدرناه فإذا هو صاحب ماشية أدركته الصلاة فنادى بها (قال) الطحاوى فهذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد سمع المنادى ينادى فقال غير ما قال فدلّ ذلك على أن قوله إذا سمعتم المنادى فقولوا مثل الذى يقول ليس على الإيجاب وأنه على الاستحباب والندبة إلى الخير وإصابة الفضل كما علم الناس في الدعاء الذى أمرهم به أن يقولوه في دبر الصلوات وما أشبه ذلك اهـ (قال الحافظ) وتعقب بأنه ليس
في الحديث أنه لم يقل هل ما قال فيجوز أن يكون قاله ولم ينقله الراوى اكتفاء بالعادة ونقل القول الزائد. وبأنه يحتمل أن يكون ذلك وقع قبل صدور الأمر. أو أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما أمر لم يرد أن يدخل نفسه فيمن خوطب بذلك اهـ وأيضا كون الأذان الذى هو الأصل ليس بواجب كما عليه الأكثر فالإجابة لا تكون واجبة بالطريق الأولى (قال) ابن عبد السلام ظاهر الحديث الوجوب لكن قد تكون القرينة الصارفة عنه هى تبعية قول الحاكي للقول المحكي الذى هو الأذان اهـ (فائدة) أيحكي الترجيع أم لا. ظاهر قوله فقولوا مثل ما يقول أنه يحكيه لأن الترجيع مما يقوله (قال) النووى وهذا أظهر وأحوط اهـ وهل يختصّ استحباب الحكاية بالأول إذا تعدّد المؤذنون وسمعهم. فيه خلاف للسلف حكاه القاضى عياض (قال النووى) ولم أر شيئا لأصحابنا، والمسألة محتملة، والمختار أن يقال إن الحكاية سنة متأكدة يكره تركها لتصريح الأحاديث الصحيحة بالأمر بها. وهذا يختص بالأول لأن الأمر لا يقتضى التكرار وأما أصل الفضيلة والثواب في المتابعة فلا يختص اهـ
(من روى الحديث أيضا) رواه الجماعة والطحاوى في شرح معاني الآثار ومالك في الموطأ والبيهقى
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَحَيْوَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ:«إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ عز وجل لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله ابن وهب) هو عبد الله. و (ابن لهيعة) هو عبد الله و (حيوة) بن شريح. و (سعيد بن أبى أيوب) الخزاعي المصرى أبى يحيى. روى عن كعب بن علقمة وعقيل بن خالد وأبى الأسود وجعفر بن ربيعة وكثيرين. وعنه ابن جريج وابن المبارك ونافع بن يزيد وابن وهب وجماعة. قال أحمد وأبو حاتم لا بأس به ووثقه النسائي وابن معين وابن حبان ويحيى بن بكير وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث. قيل توفي سنة إحدى
وستين ومائة. روى له الجماعة
(قوله كعب بن علقمة) بن كعب بن عدى أبى عبد الحميد التنوخى المصرى. روى عن مرثد بن عبد الله وبلال بن عبد الله وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن ابن جبير وجماعة. وعنه عمرو بن الحارث وسعيد بن أبى أيوب والليث بن سعد ويحيى بن أيوب وآخرون. وثقه ابن حبان. توفي سنة سبع وعشرين أو ثلاثين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى والبخارى في التاريخ
(معنى الحديث)
(قوله ثم صلوا عليّ) أى ادعوا الله لى بتعظيم شأنى في الدنيا بإعلاء ذكرى وإظهار سنتى وإبقاء العمل بشريعتى وفي الآخرة بتشفيعى في أمتى وبإكثار أجرى ومثوبتي وإظهار فضلى للأولين والآخرين بالمقام المحمود. وأمرهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك امتثالا لأمر الله تعالى وتشريعا ولقصور المؤمنين عن أداء حقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (وقد جاء) بيان كيفية الصلاة عليه في روايات صحيحة (منها) ما رواه الشيخان والنسائى والمصنف وغيرهم عن كعب بن عجرة لما نزل قوله تعالى "إن الله وملائكته" الآية قال رجل يا رسول الله أما السلام عليك فقد علمناه فكيف الصلاة عليك قال قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (ومنها) ما أخرجه البخارى والنسائى وأحمد وغيرهم عن أبي سعيد الخدرى قلنا هذا السلام يا رسول الله عليك قد علمناه فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم (ومنها) ما أخرجه النسائى وغيره عن أبى هريرة أنهم سألوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كيف نصلى عليك قال قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم (والأمر بالصلاة) على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث موجه لمن سمع الأذان. ومثله في ذلك المؤذن لفراغه من الأذان حينئذ ولعدم ما يشغله ولأنه داخل في قوله من صلى علىّ (قال النووى) يستحب للمؤذن أن يقول بعد فراغ أذانه الأذكار المذكورة من الصلاة على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وسؤال الوسيلة والدعاء بين الأذان والإقامة والدعاء عند أذان المغرب اهـ (والأمر بالصلاة) على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الحديث محمول على الندب عند الجمهور وقالوا صرفه عن الوجوب ما في الحديث من الترغيب في الثواب فإن مثله يستعمل في المستحب غالبا (وقال) العيني يستفاد من الحديث وجوب الحكاية ووجوب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الإجابة ولا سيما وقد ذكر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الأذان
فإنّ الطحاوى أوجب الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كلما سمع ذكره وهو المختار اهـ (وظاهر) الحديث جواز إفراد الصلاة على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من غير كراهة وإلى ذلك ذهب كثيرون. وقال بعضهم يكره إفراد الصلاة عن السلام. لكن لا وجه له. وذكر ابن حجر الهيتمى أن الحق أن المراد بالكراهة خلاف الأولى وقال لأنه لم يوجد مقتضيها من النهى المخصوص اهـ (والصلاة) على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الأذان من المؤذن والسامع تكون سرّا يسمع نفسه ومن يليه. أما رفع الصوت بها على الكيفية التي جرت بها عادة غالب مؤذني أهل زماننا فهو بدعة مخالف لهدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. والخير كله في الاتباع. وقد حدثت هذه البدعة في عهد صلاح الدين يوسف ابن أيوب سنة إحدى وثمانين وسبعمائة في ربيع الأول. وقيل زمن المنصور قلاوون سنة إحدى وتسعين وسبعمائة (وقال في الدرّ المختار) التسليم بعد الأذان حدث في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وسبعمائة في عشاء ليلة الإثنين ثم يوم الجمعة ثم بعد عشر سنين حدث في الكلّ إلا المغرب اهـ (قال) ابن الحاج في المدخل يطلب من إمام المسجد أن ينهى المؤنين عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عند الأذان. وإن كانت الصلاة والتسليم على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أكبر العبادات ولكن ينبغى أن يسلك بها مسلكها فلا توضع إلا في مواضعها التى جعلت لها ألا ترى أن قراءة القرآن من أعظم العبادات ومع ذلك لا يجوز للمكلف أن يقرأه في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس أعني الجلوس في الصلاة لأن ذلك لم يرد والخير كله في الاتباع. وهي بدعة قريبة الحدوث جدّا اهـ ملخصا
(وقال ابن حجر الهيتمى) قد أحدث المؤذنون رفع الصوت بالصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وآله وسلم عقب الأذان في الفرائض الخمس "إلى أن قال" وقد استفتى مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الأذان على الكيفية التي يفعلها المؤذنون فأفتوا بأن الأصل سنة والكيفية بدعة اهـ ملخصا (وقال الشعرانى) نقلا عن شيخه لم يكن التسليم الذى يفعله المؤذنون في أيام حياته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا الخلفاء الراشدين بل كان في أيام الروافض بمصر اهـ ولا يخفى عليك قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ رواه الشيخان والنسائي والمصنف. وفى رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ. وما رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته واشتدّ غضبه حتى كأنه منذر جيش "الحديث" وفيه أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن أفضل الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة
زاد الإمام أحمد رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ في روايته من حديث عمرو بن تغلب وكلّ ضلالة في النار (وقال) الإمام مالك رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ من أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خان الدين لأن الله تعالى يقول "اليوم أكملت لكم دينكم" فما لم يكن حينئذ دينا لا يكون اليوم دينا (وقال) الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه من حسن فقد شرّع (إلى غير ذلك) مما يطول ذكره. وبما تقدم لك تعلم أن الصلاة والتسليم على النبى صلى الله عليه وآله وسلم من المؤذن بعد الأذان بالكيفية المتعارفة في زماننا هذا لم تكن في زمانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا في زمان أصحابه رضوان الله تعالى عليهم ولا في زمان السلف الصالح (وما قال) باستحسانها أحد من الأئمة المجتهدين. ومن قال باستحسانها من متأخرى المقلدين فقوله مردود عليه بهذه الأحاديث الصحيحة لأن شرط الاستحسان أن لا يكون مصادرا لما كان عليه الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه فضلا عن كون المقلد لا يصح منه التحسين. فإذا علمت هذا فاعلم أنه ينبغي ترك ذلك ولا سيما وأن العامة اعتقدوا أنها من جملة الأذان المشروع وأن الأذان بدونها باطل وقد علم بعض المؤذنين الحكم الشرعى في ذلك وعملوا عليه فقال غالب الناس قد أبطل الأذان بتركه رفع الصوت بالصلاة والسلام بعده. وإنهم بهذا قد أدخلوا في الدين ما ليس منه وخلطوا على الناس أمر دينهم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم. وقد بسطنا الكلام على ذلك في كتبنا الأخر
(قوله صلى الله عليه بها عشرا) أى أعطاه الله تعالى في مقابلة صلاته على النبى صلى الله عليه وآله وسلم أجر عشر صلوات فالباء للمقابلة. وهذا الحديث نظير قوله تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" والصلاة من الله تعالى على عباده ثناؤه عليهم عند الملائكة كما رواه البخارى عن أبى العالية وغيره عن الربيع بن أنس وجرى عليه الحليمى في شعب الإيمان. وقيل رحمة الله لهم كما نقله الترمذى عن الثورى وغير واحد من أهل العلم وجرى عليه المبرّد والماوردى وقال إن ذلك أظهر الوجوه
(قوله ثم سلوا الله لي الوسيلة) هي في الأصل ما يتوصل به إلى الشئ ويتقرّب به إليه. وقيل هي الشفاعة العظمى يوم القيامة. وقيل منزلة في الجنة كما في الحديث وهى المرادة هنا وقيل قبتان في أعلى عليين إحداهما يسكنها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وآله والأخرى من ياقوتة صفراء يسكنها إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وآله
(قوله فإنها منزلة في الجنة) وهى أعلاها وأغلاها وسميت تلك المنزلة بالوسيلة لأن الواصل إليها يكون فائزا بلقائه تعالى مخصوصا من بين سائر الخلق بأنواع الكرامات
(قوله لا تنبغى الخ) بالمثناة الفوقية وفى بعض النسخ بالمثناة التحتية أى لا تتيسر ولا تكون إلا لعبد واحد من سائر عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو. وقال ذلك صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يوحى إليه أنه صاحبها. ويحتمل أنه قاله بعد أن أوحى إليه بها
فيكون ذلك تواضعا منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وأمره للأمة بسؤال الوسيلة بعد لزيادة الرفعة والمقام كبقية الدعاء له ولنيل الأمة الأجر على الدعاء له "وقوله أنا هو" قيل هو خبر أكون وضع موضع إياه. ويحتمل أن يكون من باب وضع الضمير موضع اسم الإشارة أى أكون ذلك العبد. وعليهما فأنا تأكيد للضمير في أكون
(قوله حلت عليه الشفاعة) أى وجبت له كما صرّح به في رواية الطحاوى عن ابن مسعود فعلى بمعنى اللام. أو نزلت عليه فهى من الحلول ولا يصح أن تكون حلت من الحلّ لأنها لم تكن قبل ذلك محرّمة "ولا يقال" إن الشفاعة للمذنبين فكيف تكون لقائل هذا القول إذا لم يكن من المذنبين "لأن له" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شفاعات أخر كإدخال الجنة بغير حساب ورفع الدرجات فيعطى كل أحد ما يناسبه
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب إجابة المؤذن ممن سمعه، وعلى مشروعية الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الإجابة وقد علمت بيانه، وعلى مضاعفة الأجر للأمة، وعلى أن الأمة مأمورة بطلب الوسيلة له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الأذان وعلى ثبوت الشفاعة لمن سأل ذلك له، وعلى اختصاص الوسيلة المذكورة بالنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وعلى تواضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيث رغب الأمة في الدعاء له
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والنسائى والبيهقى والترمذى وأحمد والطحاوى في شرح معاني الآثار
(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَا: ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حُيَيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الْحُبُلِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله ابن السرح) هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو ابن السرح فهو منسوب إلى جدّه الأعلى
(قوله عن حييّ) بضم الحاء المهملة وفتح الياء الأولى وتشديد الثانية هو عبد الله بن شريح المعافرى أبو عبد الله المصرى. روى عن أبى عبد الرحمن الحبلى. وعنه الليث بن سعد وابن لهيعة وابن وهب وآخرون. قال أحمد أحاديثه مناكير وقال ابن معين ليس به بأس وقال النسائى ليس بالقوى وقال البخارى فيه نظر وقال ابن عدى أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة. توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة. روى له أبو داود والترمذى
والنسائى وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله إن المؤذنين يفضلوننا) يعنى يغلبوننا في الفضل ويزيدون علينا بسبب الأذان فهو من فضلته إذا غلبته بالفضل
(قوله قل كما يقولون الخ) أى إلا الحيعلتين. وهو جواب لاستفهام مقدّر تقديره فأىّ عمل تأمرنا به كي نلحقهم بسببه فقال صلى الله عليه وآله وسلم جوابا له قل كما يقولون فإذا انتهيت أى من الإجابة فاطلب من الله تعالى ما تريده يقبل دعاءك ويعطك ما سألته فإن هذا وقت إجابة فالهاء مفعول ثان لتعط عائد على معلوم من السياق (وظاهره) يدلّ على أن السامع إذا أجاب المؤذن يحصل له من الفضل مثل ما للمؤذن. لكن هذا من باب الترضية لمجيب المؤذن وإلا فالمؤذن يثاب ثوابا أزيد كما تدلّ عليه الأحاديث "فقد" روى مسلم وابن حبان في صحيحه عن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة، وروى "الطبرانى في الأوسط عن أنس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لو أقسمت لبررت أن أحب عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر يعنى المؤذنين وإنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم "وروى" الطبرانى في الكبير عن ابن عمر قال لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مرّة ومرّة ومرّة حتى عدّ سبع مرّات لما حدّثت به سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم الفزع ولا يفزعون حين يفزع الناس رجل علم القرآن فقام يطلب به وجه الله وما عنده ورجل نادى في كل يوم وليلة خمس صلوات يطلب وجه الله وما عنده ومملوك لم يمنعه رقّ الدنيا من طاعة ربه "وروى" البخارى في التاريخ والطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبى على الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال علمني أو دلنى على عمل يدخلني الجنة قال كن مؤذنا قال لا أستطيع قال كن إماما قال لا أستطيع فقال قم بإزاء الإمام. إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه ينبغى للإنسان أن يحثّ نفسه على تحصيل الخير ولا سيما إذا رأى أن غيره قد سبقه به، وعلى أن المؤذنين لهم ثواب كبير، وعلى أن الدعاء عقب الأذان مشروع ومجاب، وعلى أن من يجيب المؤذن يحرز ثوابا مثله
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى والنسائى في عمل اليوم والليلة وابن حبان في صحيحه ورواه ابن خزيمة والحاكم عن أم حبيبة بلفظ إن المؤذنين يفضلوننا فقال قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه وفي سنده عبد الله بن لهيعة وفيه مقال
(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ الْحُكَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَامِرِ
بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"مَنْ قَالَ: حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ "
(ش)(رجال الحديث)
(قوله عن الحكيم) بضم الحاء المهملة وفتح الكاف (ابن عبد الله ابن قيس) بن مخرمة بن المطلب المصرى. روى عن ابن عمر وعامر بن سعد ونافع بن جبير وعنه الليث بن سعد ويزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث وعبيد الله بن المغيرة. وثقه ابن حبان وقال النسائى ليس به بأس. توفى بمصر سنة ثماني عشرة ومائة. روى له الجماعة إلا البخارى
(قوله عامر بن سعد بن أبى وقاص) الزهرى المدنى. روى عن أبيه وابن عمر وعائشة وعثمان وجابر ابن سمرة وجماعة. وعنه ابنه داود وعطاء بن يسار وعمرو بن دينار وسعيد بن المسيب ومجاهد والزهرى وكثيرون. قال العجلى تابعى ثقة وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث ووثقه ابن حبان توفى سنة أربع ومائة. روى له أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه
(قوله سعد بن أبى وقاص) بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤَيّ بن غالب القرشى الزهرى. أحد العشرة المبشرين بالجنة وآخرهم موتا أسلم قديما "فقد" روى البخارى عنه أنه قال لقد مكثت سبعة أيام وإنى لثالث الإسلام. وهاجر إلى المدينة قبله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وشهد بدرا والمشاهد كلها وكان مجاب الدعوة "فقد" روى الترمذى من حديث قيس بن أبى حازم عن سعد أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال اللهم استجب لسعد إذا دعاك فكان لا يدعو إلا استجيب له. وهو أوّل من رمى بسهم في سبيل الله وكان يقال له فارس الإسلام وكان رأس من فتح العراق وولى الكوفة لعمر ثم وليها لعثمان وفتح مدائن كسرى وجاءه ابن أخيه هاشم بن عتبة فقال هاهنا مائة ألف سيف يرونك أنك أحقّ بهذا الأمر فقال أريد منها سيفا واحدا إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا وإذا ضربت به الكافر قطع قال ابن إسحاق كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يستخفون بصلاتهم فبينا سعد في شعب من شعب مكة في نفر من الصحابة إذ ظهر عليهم المشركون فنافروهم وعابوا عليهم دينهم حتى قاتلوهم فضرب سعد رجلا من المشركين بلحى جمل فشجه فكان أول دم أريق في الإسلام روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحاديث كثيرة اتفق الشيخان على خمسة عشر وانفرد البخارى بخمسة ومسلم بثمانية عشر. روى عنه عائشة وابن عمر وابن عباس وجابر بن سمرة وسعيد بن المسيب وبنوه محمد وإبراهيم وعامر ومصعب وكثيرون من الصحابة
والتابعين. مات رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بالعتيق على عشرة أميال من المدينة فحمل إليها ودفن بالبقيع وصلى عليه مروان بن الحكم سنة خمس وخمسين على الأصح. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله من قال حين يسمع المؤذن الخ) ظاهره يدّل على أنه يقول هذا الذكر حال الأذان عقب سماعه الشهادتين. ويحتمل أنه يقوله بعد تمام الأذان إذ لو قال ذلك حال الأذان لفاته إجابة المؤذن في بعض كلمات الأذان
(قوله رضيت بالله ربا الخ) أى اخترته واكتفيت به ولم أطلب غيره ورضيت بجميع قضائه وقدره وبرسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إليّ وإلى سائر المكلفين ورضيت بدين الإسلام الذى جاء به صلى الله عليه وآله وسلم من أصول وفروع وامتثلت أوامره واجتنبت نواهيه. فربّا تمييز محّول عن المضاف أى رضيت بربوبيته. ويحتمل أن يكون حالا أى رضيت بالله مربيا ومالكا وكذا قوله رسولا ودينا في الجملتين بعده (وجاء بيان أصول) الدين في رواية النسائى عن عمر قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب الخ وفيه فقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرّه قال صدقت قال فأخبرنى عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "الحديث" فقد أطلق صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الدين على الإسلام والإيمان والإحسان التى هي الأصول والفروع "فإن قيل" لم ذكر الإسلام ولم يقل وبالإيمان "قيل أل" في الإسلام للكمال وهو الإسلام المنجى وهو يستلزم الإيمان
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والحاكم والنسائى وابن ماجه والطحاوى في شرح معانى الآثار والبيهقى والترمذى وقال حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد عن حكيم بن عبد الله بن قيس
(ص) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَتَشَهَّدُ، قَالَ:«وَأَنَا، وَأَنَا»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله إبراهيم بن مهدى) المصيصى بغدادى الأصل. روى عن
حفص بن غياث وابن إدريس وابن عيينة وأبى عوانة وآخرين. وعنه أحمد وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وجماعة. وثقه أبو حاتم وابن قانع وابن حبان وقال ابن معين ما أراه يكذب. وقال الأزدى له عن عليّ بن مسهر أحاديث لا يتابع عليها. توفى سنة أربع أو خمس وعشرين ومائتين
(قوله عن أبيه) هو عروة بن الزبير
(معنى الحديث)
(قوله كان إذا سمع المؤذن يتشهد) أى يقول أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخر الشهادتين. ويحتمل أن يراد بالتشهد الأذان كله فيكون من إطلاق الجزء وإرادة الكلّ ويؤيده رواية الحاكم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا سمع المؤذن قال وأنا وأنا. على هذا يكون قد وقع الاكتفاء منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بما قاله ولم يقل مثل ما قال المؤذن إما لأن إجابة المؤذن غير واجبة وإما لأنه كان قبل الأمر بالقول مثل ما يقول المؤذن أو أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال مثل ما قال المؤذن ولم ينقله الراوى. لكن هذا بعيد
(قوله قال وأنا وأنا) يحتمل أن يكون التكرير للتأكيد وأن يكون الضمير الأول راجعا إلى الشهادة الأولى أى أنت تشهد أن لا إله إلا الله وأنا أشهد أن لا إله إلا الله. والضمير الثانى راجع إلى الشهادة الثانية أى وأنا أشهد أن محمدا رسول الله فأنا مبتدأ خبره محذوف والجملة عطف على مقدّر. ويحتمل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول وأنا وأنا عند الشهادتين لله تعالى وكذلك مثلهما عند الشهادتين للرّسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيكون قالها أربع مرّات. وعلى الاحتمالين الأخيرين يكون للتأسيس. واختلف في أنه هل كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتشهد مثلنا أو يقول إنى رسول الله. الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يتشهد كتشهدنا فيقول أشهد أن محمدا رسول الله
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يشهد لنفسه بالرسالة كبقية الأمة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يسَافٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ: أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ "
(ش)(رجال الحديث)
(قوله محمد بن جهضم) بن عبد الله الثقفى أبو جعفر البصرى روى عن إسماعيل بن جعفر ومحمد بن طلحة وابن عيينة وأزهر بن سنان. وعنه إسحاق بن منصور وعباس بن عبد العظيم ويحيى بن محمد ويعقوب بن سفيان وجماعة. وثقه ابن حبان وقال أبو زرعة صدوق لا بأس به. روى له البخارى ومسلم وأبو داود والنسائى
(قوله عمارة بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاى وتشديد المثناة التحتية ابن الحارث بن عمرو بن غزية الأنصارى المازنى. روى عن أنس وعباد بن تميم ويحيى بن عمارة وعباس بن سهل وأبى الزبير وآخرين. وعنه سليمان بن بلال ويحيى بن أيوب ويونس بن يزيد والثورى وجماعة. وثقه أبو زرعة وأحمد والعجلى وابن سعد وقال كان كثير الحديث وقال ابن معين صالح وقال النسائى وأبو حاتم ما به بأس وكان صدوقا. توفي سنة أربعين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه والترمذي والبخارى في التاريخ
(قوله عن خبيب) بالتصغير (ابن عبد الرحمن) بن خبيب (بن يساف) بفتح المثناة التحتية والسين المهملة المخففة ويقال فيه إساف بالهمزة المكسورة الأنصاري الخزرجى أبى الحارث. روى عن أبيه عن جدّه وعن عمته أنيسة وحفص بن عاصم. وعن يحيى الأنصارى وابن إسحاق وعمارة بن غزية ومالك وشعبة وآخرون. وثقه ابن معين وابن حبان وقال أبو حاتم صالح وقال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث. روى له الجماعة
(قوله حفص بن عاصم) بن عمر بن الخطاب المدني. روى عن أبيه وعمه عبد الله بن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدرى وغيرهم. وعنه القاسم بن محمد وسعد بن إبراهيم وسالم بن عبد الله وخبيب بن عبد الرحمن. ذكره مسلم في الطبقة الأولى من أهل المدينة ووثقه أبو زرعة وابن حبان والنسائي وقال الطبرى ثقة مجمع عليه
(قوله عن أبيه) هو عاصم بن عمر بن الخطاب العدوى أبو عمر ويقال أبو عمرو المدني. ولد في حياة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يرو عنه شيئا. روى عن أبيه. وعنه ابناه حفص وعبد الله وعروة بن الزبير. قال الزبير كان من أحسن الناس خلقا وذكره جماعة ممن ألف في الصحابة. مات بالربذة سنة سبعين أو ثلاث
وسبعين. روى له الشيخان وأبو داود والترمذى والنسائى
(معنى الحديث)
(قوله إذا قال المؤذن) جملة شرطية جزاؤها قوله الآتى "دخل الجنة"
(قوله الله أكبر الله أكبر) يحتمل أن يكون وصل جملة الله أكبر الأولى بالثانية وحرّك الراء من أكبر الأولى، أو يكون وقف عليها بسكتة لطيفة من غير تنفس وهو الأقرب ويؤيده حديث "إذا أذنت فترسل" أى تمهل وافصل جمله بعضها عن بعض فإنه ظاهر في أنه يقف على آخر كلّ جملة لا فرق بين جمل التكبير وغيرها، ويؤيده أيضا كون الأصل في الجمل الوقف ولهذا قالت المالكية إن الأذان مجزوم الجمل لامتداد الصوت. ونقل البنانى منهم عن أبى الحسن وعياض ويونس وابن راشد والفاكهانى أن جزمه ليس الصفات الواجبة التى تتوقف صحته عليها. وما ذكره عبد الباقى تبعا للحطاب من أن جزمه ليس من الصفات الواجبة فقد ردّه البناني نقلا عن أبى الحسن (قال) ابن راشد الخلاف إنما هو في التكبيرتين الأوليين وأما غيرهما من ألفاظ الأذان فلم ينقل عن أحد من السلف والخلف أنه نطق به إلا موقوفا اهـ لكن لا وجه للخلاف فإنه لا فرق بين جمله كلها كما تقدّم. وفى الرهونى على شرح عبد الباقى نصّ ابن يونس قال النخعى الأذان والتكبير كل ذلك جزم قال وعوامّ الناس يضمون الراء من الله أكبر والصواب جزمها لأن الأذان سمع موقوفا ومن أعرب الله أكبر لزمه أن يعرب الصلاة والفلاح بالخفض اهـ (وقال) ابن حجر الهيتمى الشافعى يسنّ الوقف على أواخر الكلمات من الأذان لأنه روى موقوفا اهـ (قال) محشيه موهبة ذى فضل "قوله يسنّ الوقف على أواخر الكلمات" أى مطلقا سواء التكبير وغيره "وقوله روى موقوفا" أى ورد موقوفا على أواخر الكلمات ومبنى العبادات على الاتباع اهـ (وقال) الكردى وعبارة الإمداد تسكين راء التكبيرة التانية وكذا الأولى اهـ (وقال) في البداية للحنفية ويترسل في الأذان (قال) ابن الهمام هو "أى الترسل" أن يفصل بين كل كلمتين من كلمتى الأذان بسكتة اهـ (وقال) في البحر الرائق ويترسل فيه ويحدر فيها أى يتمهل في الأذان ويسرع في الإقامة. وحدّه أن يفصل بين كل كلمتي الأذان بسكتة بخلاف الإقامة للتوارث ولحديث الترمذى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لبلال إذا أذنت فترسل في أذانك وإذا أقمت فاحدر فكان سنة فيكره تركه اهـ (وقال) ابن عابدين رأيت لسيدى عبد الغنى رسالة في هذه المسألة سماها تصديق من أخبر بفتح راء الله أكبر أكثر فيها النقل وحاصلها أن السنة أن يسكن الراء من الله أكبر الأولى أو يصلها بالله أكبر الثانية فإن سكنها كفى وإن وصلها نوى السكون فحرّك الراء بالفتحة فإن ضمها خالف السنة لأن طلب الوقف على أكبر الأول صيره كالساكن أصالة فحرّك بالفتح اهـ (وقال) في الإقناع وشرحه للحنابلة ولا يعربهما "أى الأذان والإقامة" بل يقف على كل جملة منهما اهـ فقد علمت من هذا كله أن المذاهب الأربعة
على اختيار الوقف في جمل الأذان كلها من غير فرق بين التكبير الأول وغيره "فما يفعله" غالب المؤذنين من جمع التكبيرتين في نفس من غير سكتة بينهما المرتب عليه تحريك راء التكبيرة الأولى "في غير محله"
(قوله لا حول ولا قوّة إلا بالله) أى لا حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله. وقيل لا حول في دفع الشرّ ولا قوّة على تحصيل الخير إلا بالله. وقيل لا تحوّل عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوّة على طاعة الله. إلا بمعونة الله (والحديث صريح) في أن من سمع المؤذن يقول مثل ما يقول إلا في الحيعلتين فيبدلهما بلا حول ولا قوة إلا بالله فهو مخصص للروايات التي ذكر فيها الحيعلتين كما تقدم. وما رواه الحاكم عن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُعن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا نادى المنادى فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء فمن نزل به كرب أو شدّة فليتحين المنادى فإذا كبر كبر وإذا تشهد تشهد وإذا قال حيّ على الصلاة قال حيّ على الصلاة وإذا قال حيّ على الفلاح قال حيّ على الفلاح "الحديث" قال المنذرى هو من رواية عفير بن معدان وهو واه اهـ أى فيكون ضعيفا فلا يعارض حديث الباب. وعلى تقدير صحته فلا يعارض أيضا لما تقدم من أنه يصح الإتيان بالحيعلتين تارة وبالحوقلتين أخرى ويصح الجمع بينهما (والحكمة) في إبدال الحعلتين بالحوقلتين أن الأذكار الزائدة على الحيعلة يشترك السامع والمؤذن قى ثوابها. أما الحيعلة فالمقصود منها الدعاء إلى الصلاة وذلك يكون من المؤذن فقط فعوّض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة بثواب الحوقلة
(قوله من قلبه) أى من قال عقب قول المؤذن ما ذكر خالصا من قلبه فهو راجع إلى الجميع على الظاهر ويحتمل أنه راجع إلى كلمة التوحيد
(قوله دخل الجنة) أى يدخل ووضع الماضى موضع المستقبل لتحقق حصول الموعود به. والمراد أنه يدخل مع السابقين وإلا فكل مؤمن لا بدّ له من دخولها حيث مات على الإيمان وإن سبقه عذاب. واستحق دخول الجنة بما ذكر لأنه توحيد وثناء على الله وانقياد لطاعته وتفويض إليه في الحول والقوّة فمن حصل هذا فقد حاز حقيقة الإيمان وكمال الإسلام فإن هذه العبادة من أعظم شعائر الإسلام وأشهر معالمه. ووقعت المواظبة عليها منذ شرعها الله تعالى إلى أن توفي النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ليل ونهار وحضر وسفر ولم يسمع بأنه وقع الإخلال بها أو الترخيص في تركها وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يأمر أمراء الجند في الغزو أنهم أذا سمعوا الأذان من قوم كفوا عن قتالهم وإن لم يسمعوه قاتلوهم. وناهيك بهذا حيث جعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علامة للإسلام ودلالة للتمسك به والدخول فيه
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه يطلب من السامع أن يجيب المؤذن في الأذان، وعلى أنه يقول كل كلمة عقب فراغ المؤذن منها، وعلى أن السامع يبدل الحيعلتين بالحوقلتين، وعلى أن حكاية الأذان فيها فضل عظيم حيث رتب عليها دخول الجنة، وعلى أن الأعمال لا بدّ فيها من الإخلاص