المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب من أحق بالإمامة) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٤

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب في المحافظة على وقت الصلوات)

- ‌(باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت)

- ‌(باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها)

- ‌(باب في بناء المساجد)

- ‌(باب اتخاذ المساجد في الدور)

- ‌(باب في السرج في المساجد)

- ‌(باب في كنس المساجد)

- ‌(باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال)

- ‌(باب في فضل القعود في المسجد)

- ‌(باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد)

- ‌(باب في المشرك يدخل المسجد)

- ‌(باب المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة)

- ‌(باب النهى عن الصلاة في مبارك الإبل)

- ‌(باب متى يؤمر الغلام بالصلاة)

- ‌(باب بدء الأذان)

- ‌(باب ما جاء في الإقامة)

- ‌(باب الرجل يؤذن ويقيم آخر)

- ‌(باب من أذن فهو يقيم)

- ‌(باب رفع الصوت بالأذان)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت)

- ‌(باب الأذان فوق المنارة)

- ‌(باب في المؤذن يستدير في أذانه)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع المؤذن)

- ‌(باب ما يقول إذا سمع الإقامة)

- ‌(باب في الدعاء عند الأذان)

- ‌(باب ما يقول عند أذان المغرب)

- ‌(باب أخذ الأجر على التأذين)

- ‌(باب في الأذان قبل دخول الوقت)

- ‌(باب الأذان للأعمى)

- ‌(باب الخروج من المسجد بعد الأذان)

- ‌(باب في المؤذن ينتظر الإمام)

- ‌(باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا)

- ‌(باب في فضل صلاة الجماعة)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب ما جاء في المشى إلى الصلاة في الظلم)

- ‌(باب ما جاء في الهدى في المشى إلى الصلاة)

- ‌(باب من خرج يريد الصلاة فسبق بها)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد)

- ‌(باب ما جاء في الجمع في المسجد مرّتين)

- ‌(باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أيعيد)

- ‌(باب في جماع الإمامة وفضلها)

- ‌(باب في كراهية التدافع عن الإمامة)

- ‌(باب من أحق بالإمامة)

- ‌(باب إمامة النساء)

- ‌(باب الرجل يؤمّ القوم وهم له كارهون)

- ‌(باب إمامة البرّ والفاجر)

- ‌(باب إمامة الأعمى)

- ‌(باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة)

- ‌(باب الإمام يصلى من قعود)

- ‌ مشروعية التبليغ عند الحاجة إليه

- ‌(باب الرجلين يؤمّ أحدهما صاحبه كيف يقومان)

- ‌(باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون)

- ‌(باب الإمام ينحرف بعد التسليم)

الفصل: ‌(باب من أحق بالإمامة)

(باب من أحق بالإمامة)

وفي بعض النسخ باب ما جاء فيمن هو أحق بالإمامة

(ص) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، قال سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» ، قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِإِسْمَاعِيلَ: مَا تَكْرِمَتُهُ؟ قَالَ: فِرَاشُهُ.

(ش)(رجال الحديث)(أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك (الطيالسى). و (إسماعيل ابن رجاء) بن ربيعة الزبيدى أبو إسحاق الكوفى. روى عن أبيه وأوس بن ضمعج وعبد الله ابن أبى الهذيل. وعنه الأعمش وشعبة وفطر بن خليفة وإدريس بن يزيد وجماعة. وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائى وقال الأزدى منكر الحديث. روى له أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه و (أوس بن ضمعج) بوزن جعفر الكوفي الحضرمى. روى عن عائشة وأبى مسعود وسلمان الفارسى. وعنه ابنه عمران وأبو إسحاق السبيعى وإسماعيل بن رجاء. قال العجلى تابعى ثقة وقال ابن سعد كان ثقة معروفا قليل الحديث وذكره ابن حبان في الثقات. روى له مسلم وأبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه. و (أبو مسعود) هو عقبة بن عمرو الأنصارى (البدرى) نسبة إلى بدر موضع بين مكة والمدينة

(معنى الحديث)

(قوله يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله) خبر بمعنى الأمر أى ليؤمهم أكثرهم للقرآن حفظا كما يدلّ عليه ما سيأتى للمصنف عن عمرو بن سلمة وفيه يؤمكم أقرؤكم وقيل أحسنهم قراءة وأعلمهم بأحكامها وإن كان أقلهم حفظا. وقيل المراد به الأفقه لأنه إذا اعتبرت أحوال الصحابة وجدت أن أفقههم أقرؤهم فيكون المراد من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الحديث أقرؤهم لكتاب الله أى أعلمهم به ولذا قال ابن مسعود كان أحدنا إذا حفظ سورة من القرآن لم يخرج عنها إلى غيرها حتى يحكم علمها ويعرف حلالها وحرامها

ص: 296

وقال ابن عمر ما كانت تنزل السورة على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا ونعلم أمرها ونهيها وزجرها وحلالها وحرامها اهـ

(قوله وأقدمهم قراءة) أى فإذا كانوا. في القراءة سواء تقدّم أسبقهم حفظا للقرآن فالواو فيه بمعنى الفاء. وفى بعض الروايات إسقاط هذه الجملة كما سيذكره المصنف (قال في حجة الله البالغة) سبب تقديم الأقرإ أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حدّ للعلم حدّا معلوما وكان أول ما هنالك معرفة كتاب الله تعالى لأنه أصل العلم. وأيضا فإنه من شعائر الله فوجب أن يقدم صاحبه وينوّه بشأنه ليكون ذلك داعيا إلى التنافس فيه اهـ

(قوله فإن كانوا في القراءة الخ) أى فإن كانوا مستوين في مقدار القراءة ومنها وحسنها والعلم بها فليؤمهم أسبقهم انتقالا من مكة إلى المدينة قبل الفتح فمن هاجر أوّلا فهو أزيد شرفا ممن هاجر بعده لأن من تقدمت هجرته لا يخلو في الغالب من زيادة علم عمن تأخر قال الله تعالى {لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} الآية. ويدخل فيه الذين يهاجرون من دار الكفر إلى دار الإسلام فإن الهجرة باقية إلى يوم القيامة عند جمهور العلماء. وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا هجرة بعد الفتح أى لا هجرة من مكة لأنها صارت دار إسلام أو لا هجرة فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح (قال ابن الملك) المعتبر اليوم الهجرة المعنوية وهي الهجرة من المعاصى فيكون الأورع أولى اهـ ووقع في حديث الباب اختصار من شعبة فإن في الرواية الآتية عن الأعمش عن إسماعيل فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة. وقد ذكر مسلم الحديث في صحيحه مثل ما ذكره المصنف وخالفهما النسائي في سياق هذا الحديث عن الأعمش عن إسماعيل فقال فيه يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم في الهجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأعلمهم بالسنة. والظاهر أن الراجح ما اتفق عليه مسلم وأبو داود

(قوله فليؤمهم أكبرهم سنا) يعنى في الإسلام أى أن من سبق إسلامه يتقدم على من تأخر فيه فمن شاخ في الكفر ثم أسلم لم يقدّم على شابّ نشأ في الإسلام أو أسلم قبل. ويؤيده ما في بعض روايات هذا الحديث عند مسلم فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما أو إسلاما

(قوله ولا يؤمّ الرجل في بيته) بالبناء للمجهول وهو نفى بمعنى النهى. وفى رواية مسلم ولا يؤمنّ الرجل. وفى رواية له ولا يؤمن الرجل في أهله. والمعنى أن صاحب المنزل أولى من غيره بالإمامة فيه وإن كان الغير أعلم منه فإن أذن صاحب البيت لغيره جاز وإن كان الذى أذن له مفضولا بالنسبة إلى باقى الحاضرين لكن يستحب له أن يأذن للأفضل منهم

(قوله ولا في سلطانه) أى ولا يؤمّ الرجل في مظهر سلطنته وسيطرته ومحلّ ولايته وتصرّفه. ونهى عن ذلك لأن الجماعة شرعت لاجتماع المؤمنين على الطاعة وتآلفهم وتوادّهم فإذا أمّ الرجل الرجل في بيته أو سلطانه من غير إذنه أدّى ذلك إلى توهين أمر السلطنة وخلع ربقة الطاعة من السلطان وإلى التباغض والتقاطع وظهور الخلاف

ص: 297

الذى شرع لدفعه الاجتماع فلا يتقدم رجل على ذى السلطنة ولا سيما في الأعياد والجمعات ولا على إمام الحىّ وربّ البيت إلا بإذنه

(قوله ولا يجلس على تكرمته) وفي رواية مسلم ولا يقعد في بيته على تكرمته. وهي بفتح المثناة الفوقية وكسر الراء بوزن تفعلة من الكرامة موضعه الخاصّ لجلوسه من فراش أو سرير مما يعدّ لإكرامه. ومثل التكرمة غيرها مما يختصّ بفراشه وخصّ التكرمة بالذكر لحصول زيادة التقاطع والتباغض فيها

(قوله إلا بإذنه) راجع إلى إمامة الرجل في بيته وسلطانه والجلوس على تكرمته فإذا أذن صاحب البيت والسلطان لغيره جاز وإن كان الذى أذن له مفضولا والأكمل أن يأذن اللأفضل وإذا أذن في الجلوس على فراشه جاز

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن إقامة الصلاة من مهمات الأمور الدينية ولذا بين النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه يقدّم لها الأكمل فالأكمل، وعلى أن غير صاحب البيت أو السلطان منهىّ عن التقدم على صاحبهما في الإمامة إلا بإذنه، وعلى أنه لا يجوز للشخص أن يجلس على فراش غيره إلا بإذنه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم وابن ماجه وأحمد وابن حبان

(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، ثَنَا أَبِي، عن شُعْبَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ:«وَلَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: عَنْ شُعْبَةَ «أَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً» .

(ش) أشار به إلى أنه قد اختلف على شعبة بن الحجاج في رواية الحديث فرواه عنه أبو الوليد الطيالسي وقال فيه ولا يؤمّ الرجل في بيته بإقامة المفعول مقام الفاعل. ورواه عنه معاذ العنبرى وقال فيه ولا يؤم الرجل الرجل ببناء الفعل للفاعل. ورواه يحيى القطان عن شعبة مثل رواية أبى الوليد بزيادة قوله وأقدمهم قراءة. ولعل الغرض من ذكر رواية يحيى القطان تقوية رواية أبى الوليد عن شعبة. ورواية معاذ هذه لم نقف على من أخرجها. ورواية يحيى أخرجها أحمد في مسنده

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ:«فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً» وَلَمْ يَقُلْ: «فَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً» .

ص: 298

(ش) غرض المصنف من سياق هذه الرواية بيان أن شعبة ذكر في روايته عن إسماعيل أوّلا القراءة ثم الهجرة ثم السنّ ولم يذكر علم السنة. وأما سليمان بن مهران الأعمش عن إسماعيل فخالف شعبة لأنه ذكر أولا القراءة ثم العلم بالسنة ثم تقدم الهجرة ولم يذكر أقدمهم قراءة. ورواية الأعمش رواها مسلم بلفظ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما ولا يؤمنّ الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه وكذا رواها الترمذى والنسائى والبيهقى وابن حبان في صحيحة والحاكم في مستدركه إلا أن الحاكم قال بدل فأعلمهم بالسنة فأفقههم فقها فإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سنا (وهذا الحديث) يدلّ بظاهره على أنه يقدّم الأقرأ في الإمامة على الأفقه. وإلى ذلك ذهب الأحنف بن قيس وابن سيرين والثورى وأبو يوسف وأحمد (وقال مالك) والشافعى والأوزاعى وعطاء وأكثر الحنفية والجمهور يقدّم الأفقه على الأقرإ لأن الذى يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط والذى يحتاج إليه من القراءة مضبوط وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه (وأجابوا) عن الحديث بأن الأقرإ من الصحابة كان الأفقه ولهذا قدّم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أبا بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ في الصلاة على الباقين مع أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نصّ على أن غيره أقرأ منه (وقال) الشافعى المخاطب بذلك الذين كانوا في عصره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأن أقرأهم كان أفقههم فإنهم كانوا يسلمون كبارا ويتفقهون قبل أن يقرءوا فلا يوجد قارئ فيهم إلا وهو فقيه وقد يوجد الفقيه وهو ليس بقارئ اهـ (وقال مالك) يتقدّم القوم أعلمهم فقيل له أقرؤهم فقال قد يقرأ من لا يرضى اهـ (وقال) الأوزاعي يؤمّ القوم أفقههم (وقال) الشافعى إذا لم تجتمع القراءة والفقه والسنّ في واحد فقدّموا أفقههم إذا كان عنده من القرآن ما يتقن به الصلاة وإن قدّموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن اهـ (وقال) أبو ثور يؤمهم أفقههم إن كان يقرأ القرآن وإن لم يقرأه كله اهـ (وقال) الخطابى جعل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ملاك الأمر في الإمامة القراءة وجعلها مقدّمة على سائر الخصال المذكورة. والمعنى في ذلك أنهم كانوا قوما أميين لا يقرءون فمن تعلم منهم شيئا من القرآن كان أحق بالإمامة ممن لم يتعلمه لأنه لا صلاة إلا بقراءة وإذا كانت القراءة من ضرورة الصلاة وكانت ركنا من أركانها صارت مقدّمة في الترتيب على الأشياء الخارجة عنها ثم تلا القراءة بالسنة وهى الفقه ومعرفة أحكام الصلاة وما سنه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيها وبينه من أمرها فإن الإمام إذا كان جاهلا بأحكام الصلاة ربما يعرض فيها من سهو ويقع من زيادة ونقصان أفسدها أو أخدجها فكان العالم بها والفقيه فيها مقدّما على

ص: 299

من لم يجمع علمها ولم يعرف أحكامها. ومعرفة السنة وإن كانت مؤخرة في الذكر وكانت القراءة مبدوءا بذكرها فإن الفقيه العالم بالسنة إذا كان يقرأ من القرآن ما تجوز به الصلاة أحق بالإمامة من الماهر بالقراءة إذا كان مختلفا عن درجته في علم الفقه ومعرفة السنة. وإنما قدّم القارئ في الذكر لأن عامة الصحابة إذا اعتبرت أحوالهم وجدت أفقههم أقرأهم اهـ وفي بعض النسخ بعد هذا الحديث زيادة "قال أبو داود رواه حجاج بن أرطاة عن إسماعيل قال ولا يقعد على تكرمته أحد إلا بإذنه" ولعل الغرض من هذه الزيادة تقوية رواية الأعمش بأنه كما روى عن إسماعيل قوله ولا يقعد على تكرمته الخ رواه حجاح عنه أيضا. ورواية حجاج أخرجها الحاكم والدارقطني عن أبى مسعود قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يؤمّ القوم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأفقههم في الدين فإن كانوا في الدين سواء فأقرؤهم للقرآن ولا يؤمّ الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادٌ، أَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنَّا بِحَاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا مَرُّوا بِنَا، فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ: كَذَا وَكَذَا وَكُنْتُ غُلَامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا فَانْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ:«يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ» وَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَحْفَظُ فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ صَفْرَاءُ، فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي، فَقَالَتْ: امْرَأَةٌ مِنَ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحِي بِهِ، فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ.

(ش)(رجال الحديث)(حماد) بن سلمة. و (عمرو بن سلمة) بفتح السين المهملة وكسر اللام ابن قيس وقيل ابن نفيع الجرمى أبى بريد أو أبى يزيد. روى عن أبيه. وعنه أبو قلابة الجرمي وأيوب السختيانى وعاصم الأحول ومسعر بن حبيب وأبو الزبير قيل وفد مع

ص: 300

أبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال ابن حبان له صحبة. روى له البخارى ومسلم وأبو داود

(معنى الحديث)

(قوله كنا بحاضر) الحاضر في الأصل القوم النزول على ماء يقيمون به ولا يرحلون عنه والمراد به المكان المحضور الذى يقيمون به

(قوله كذا وكذا) كناية عما يعلمهم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أمور الدين

(قوله فحفظت من ذلك الخ) أى مما علمهم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كثيرا من القرآن فانطلق والدى سلمة بن قيس حال كونه قاصدا النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في جماعة من قومه ليعلمهم أمر الدين. والنفر بفتح الفاء جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة

(قوله لما كنت أحفظ) أى لكوني أكثر منهم حفظا فما مصدرية وأحفظ بالنصب أفعل تفضيل. ويحتمل أن تكون ما موصولة وأحفظ فعل مضارع أى للذى كنت أحفظه من القرآن الذى كانوا يحفظونه منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأسمعه منهم وهو الأقرب لما في رواية البخارى من قوله لما كنت أتلقي من الركبان

(قوله وعلىّ بردة لى صغيرة) الجملة حالية والبردة كساء صغير مربع

(قوله كشفت عني) وفى بعض النسخ انكشفت أى ارتفعت عنى لقصرها فيظهر شيء من عورتي. وفى رواية البخارى تقلصت عنى أى اجتمعت وانضمت وارتفعت إلى أعالى البدن

(قوله واروا عنا الخ) أى استروا عن نظرنا عورة إمامكم. والعورة كل شيء يستره الإنسان أنفة وحياء وسميت عورة لقبح النظر إليها

(قوله عمانيا) نسبة إلى عمان بالضمّ والتخفيف موضع عند البحرين

(قوله فما فرحت بشئ الخ) أى ما سررت بشئ من الأشياء بعد الإسلام مثل سرورى بذلك القميص وذلك لستر عورته به وكما هو عادة الصغير من فرحه بالثوب الجديد

(قوله وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين) وفي رواية البخارى وأنا ابن ست أو سبع أى قال عمرو بن سلمة كنت أؤمّ القوم والحال أني كنت ابن سبع أو ثمان سنين (وفى الحديث) دليل على صحة إمامة الصبي للبالغين في الفريضة وفي النافلة بالأولى. وبه قال الحسن وأبو ثور وإسحاق والشافعى. مستدلين بحديث الباب (وذهب) إلى عدم صحة إمامته مطلقا الهادى والناصر والمؤيد بالله والشعبى ومجاهد وابن حزم وعمر بن عبد العزيز وعطاء. وقالوا لا حجة في قصة عمرو هذه لأنه لم يرو أن ذلك كان عن أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا عن تقريره (قال ابن حزم) لا تجوز إمامة من لم يبلغ الحلم لا في فريضة ولا نافلة ولا أذان "ثم ساق" الخلاف بين أقوال مالك والشافعى وذكر حديث الباب. ثمّ ردّ على الشافعى ومالك فقال أما نحن فلا حجة عندنا في غير ما جاء به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من إقرار أو قول أو عمل ولو علمنا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عرف هذا وأقرّه لقلنا به. فأما إذا لم يأت بذلك أثر فالواجب عند التنازع أن يردّ ما اختلفنا فيه إلى ما افترض الله علينا الردّ إليه من القرآن والسنة فوجدنا رسول الله

ص: 301

صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد قال إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أقرؤكم فكان المؤذن مأمورا بالأذان والإمام مأمورا بالإمامة ونصّ هذا الخبر ووجدناه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد قال رفع القلم عن ثلاثة عن الصبىّ حتى يبلغ "الحديث" فصحّ أنه غير مأمور ولا مكلف فإذا هو كذلك فليس هو المأمور بالأذان ولا بالإمامة. وإذ ليس مأمورا بهما فلا يجزئان إلا من مأمور بهما لا ممن لم يؤمر بهما. ومن ائتمّ بمن لم يؤمر أن يأتمّ به وهو عالم بحاله فصلاته باطلة. فإن لم يعلم بأنه لم يبلغ وظنه رجلا بالغا فصلاة المؤتمّ به تامة كمن صلى خلف جنب أو كافر لا يعلم بهما ولا فرق وبالله التوفيق. وأما كلام من فرق بين إمامة من لم يبلغ في الفريضة وبين إمامته في النافلة فكلام لا وجه له أصلا لأنه دعوى بلا برهان اهـ ملخصا (وقال أبو حنيفة) ومالك وأحمد لا تصح إمامته في المكتوبة وعنهما في النافله روايتان. وقال الزهري إذا اضطروا إليه أمهم (واستدلّ) القائلون بالمنع بما رواه النسائى والمصنف عن عليّ عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ "الحديث" فإنه يفيد أن الصبى غير مكلف وصلاته نافلة فلا يجوز الاقتداء به. وبما رواه الأثرم عن ابن مسعود لا يؤمّ الغلام حتى تجب عليه الحدود. وبما رواه أيضا عن ابن عباس قال لا يؤمّ الغلام حتى يحتلم قالوا وإن الإمام ضامن وليس هو من أهل الضمان لأنه غير مكلف فأشبه المجنون. ولأنها حال كمال وليس هو من أهل الكمال فأشبه المرأة (وأجابوا) عن الحديث بأن ذلك كان في ابتداء الإسلام حين لم تكن صلاة المقتدين متعلقة بصلاة الإمام (وقال الخطابي) إن الإمام أحمد كان يضعف حديث عمرو بن سلمة وقال مرّة دعه ليس بشئ بين اهـ (قال في النيل) وردّ بأن عمرو بن سلمة صحابيّ مشهور وقال في التقريب صحابىّ صغير نزل بالبصرة. وقد ورد ما يدلّ على أنه وفد على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وأما القدح في الحديث بأن فيه كشف العورة وهو لا يجوز كما في ضوء النهار فهو من الغرائب وقد ثبت أن الرجال كانوا يصلون عاقدى أزرهم ويقال للنساء لا ترفعن رءوسكن حتى يستوى الرجال جلوسا. وقال في الفتح عمرو بن سلمة مختلف في محبته ففى هذا الحديث أن أباه وفد وفيه إشعار بأنه لم يفد معه. وأخرج ابن منده من طريق حماد ابن سلمة عن أيوب بهذا الإسناد ما يدلّ على أنه وفد أيضا. وكذلك أخرجه الطبراني اهـ ويؤخذ من هذا أن عمرا المذكور يعتمد على حديثه لأنه إما صحابى أو تابعى وقد صلى بالصحابة إماما (قال في سبل السلام) إن دليل جواز إمامة الصبي وقوع ذلك في زمن الوحى. ولا يقرّ فيه على فعل ما لا يجوز سيما في الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام. وقد نبه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالوحى على الأذى الذى كان في نعله فلو كانت إمامة الصبي لا تصح لنزل الوحى بذلك على أن الوفد الذى قدّموا عمرا كانوا جماعة من الصحابة. واحتمال أنه أمهم في نافلة يبعده

ص: 302

سياق القصة فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علمهم الأوقات للفرائض ثم قال لهم إنه يؤمكم أكثركم قرآنا. وقد أخرج أبو داود في سننه قال عمرو فما شهدت مجمعا من جرم "اسم قبيلة" إلا كنت إمامهم. وهذا يعمّ الفرائض والنوافل. ويحتاج من ادّعي التفرقة بين الفرض والنفل وأنه تصح إمامة الصبي في هذا دون ذلك إلى دليل اهـ (قال في الفتح) لم ينصف من قال إنهم فعلوا ذلك باجتهادهم ولم يطلع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ذلك لأنها شهادة نفى ولأن زمن الوحى لا يقع التقرير فيه على ما لا يجوز اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه يطلب تحصيل الخير، وعلى أنه يطلب من العالم أن يعلم الجاهل، وعلى أنه يقوم بالإمامة الأقرأ، وعلى صحة إمامة الصبي

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى وأحمد والبخارى في غزوة الفتح والبيهقي مطوّلا عن عمرو بن سلمة قال كنا بحضرة ماء ممرّ الناس وكان يمرّ بنا الركبان فنسألهم ما هذا الأمر ما للناس فيقولون نبينا يزعم أن الله أرسله وأوحى إليه كذا وكذا فجعلت أحفظ ذلك الكلام فكأنما يغرى في صدرى بغراء وكانت العرب تلوّم بإسلامها الفتح ويقولون انظروه في قومه فإن ظهر عليهم فهو نبيّ وهو صادق فلما جاءت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وانطلق أبى بإسلام حوائنا ذلك "بكسر الحاء المهملة مكان الحى للنزول" فلما قدم من عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تلقيناه فلما رآنا قال جئتكم والله من عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حقا وإنه يأمركم بكذا وينهاكم عن كذا وقال صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا صلاة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا في أهل حوائنا ذلك فما وجدوا أحدا أكثر منى قرآنا لما كنت ألقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن سبع سنين أو ست وكانت عليّ بردة فيها صغر فإذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحيّ ألا تغطون عنا است قارئكم فكسوني قميصا من معقد البحرين فما فرحت بشئ فرحى بذلك القميص اهـ

(ص) حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، ثنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتْ اسْتِي

(ش) ساق المصنف هذه الرواية لبيان الاختلاف بين رواية عاصم ورواية أيوب عن عمرو بن سلمة فإن رواية أيوب تدلّ على أن عمرو بن سلمة كانت عليه بردة صغيرة إذا سجد تكشفت عنه لصغرها فظهرت عورته. ورواية عاصم تدلّ على أن البردة التي عليه كان فيها فتق فإذا سجد خرجت إسته من الفتق. ويمكن الجمع بينهما بأنه كان له بردتان في وقتين مختلفين ففي

ص: 303

وقت كانت بردة صغيرة تتكشف عن عورته وفي وقت تكون مشقوقة تخرج استه من الخرق ويحتمل أن يكون الأمران في وقت واحد بأن تكون صغيرة مشقوقة فتقلص عن بعض عورته ويخرج بعض عجزه من الخرق

(قوله موصلة فيها فتق) أى موصول بعضها ببعض وفيها شق يقال فتقت الثوب فتقا من باب قتل نقضت خياطته حتى فصل بعضه من بعض فانفتق أى تشقق

(قوله خرجت استي) أى ظهرت والاست العجز ويراد به حلقة الدبر وأصله سته بالتحريك ولهذا يجمع على أستاه مثل سبب وأسباب ويصغر على ستيه وقد يقال سه بالهاء وست بالتاء فيعرب إعراب يد ودم. ورواية عاصم هذه أخرجها البيهقي من طريق إسماعيل بن محمد قال ثنا محمد بن عبد الملك ثنا يزيد بن هارون أنبأ عاصم عن عمرو بن سلمة قال لما رجع قومى من عند رسول الله صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إنه قال لنا ليؤمكم أكثركم قرّاءة للقرآن قال فدعونى فعلمونى الركوع والسجود فكنت أصلى بهم وأنا غلام وعلى بردة مفتوقة فكانوا يقولون لأبى ألا تغطي عنا است ابنك اهـ

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ حَبِيبٍ الْجَرْمِيِّ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُمْ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَنْصَرِفُوا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَؤُمُّنَا، قَالَ:«أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ» أَوْ «أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ جَمَعَ مَا جَمَعْتُ، قَالَ: فَقَدَّمُونِي وَأَنَا غُلَامٌ وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ لِي، قال فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ، وَكُنْتُ أُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا.

(ش)(رجال الحديث)(مسعر بن حبيب) أبى الحارث البصرى. روى عن عمرو بن سلمة. وعنه حماد بن زيد ووكيع بن الجراح وعبد الصمد بن عبد الوارث ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون. وثقه ابن معين وابن حبان وأحمد. روى له أبو داود. و (الجرمى) بكسر الجيم نسبة إلى جرم مدينة بنواحى بذخشان كما تقدم

(معنى الحديث)

(قوله أنهم وفدوا الخ) أى قصدوا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليتعلموا أمر دينهم

(قوله أكثركم جمعا للقرآن أو أخذا للقرآن) أى حفظا ومعرفة وهو شك من الراوى

(قوله وعليّ شملة) هي كساء صغير يؤتزر به يجمع على شملات كسجدة وسجدات وشمال أيضا كظبية وظباء. والمراد بها هنا البردة كما في الرواية المتقدمة

(قوله فما شهدت مجمعا الخ) أى فما حضرت جمعا من القوم يريدون الصلاة إلا كنت إماما لهم. وقوله وكنت أصلى

ص: 304

على جنائزهم الخ ذكره دفعا لما يتوهم من أنه إمام لهم في المكتوبة دون غيرها. والجنائز جمع جنازة بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح وهى بالكسر الميت وبالفتح السرير وعكس ثعلب قال بالكسر السرير وبالفتح الميت. ورواية مسعر أخرجها البيهقى من طريق محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن سنان ثنا أبو عاصم ثنا مسعر بن حبيب الجرمى وكان شيخا كيسا حيّ الفؤاد حدثناه عن عمرو ابن سلمة قال قدم قومى إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد ما قرءوا القرآن فلما قضوا حوائجهم سألوه من يؤمهم فقال أكثركم جمعا للقرآن أو أخذا للقرآن قال فرجعوا إلى قومهم فسألوهم فلم يجدوا أحدا أجمع أو أخذا للقرآن منى قال فقدّمونى وأنا غلام وكنت أصلى لهم أو أصلى بهم قال فما شهدت مجمعا إلا كنت إمامهم اهـ

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ حَبِيبٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا وَفَدَ قَوْمِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ

(ش) غرضه بذلك التنبيه على تعدد الرواة لهذا الحديث عن مسعر واختلافهم في بعض الألفاظ ففى رواية وكيع عن مسعر قال عن عمرو بن سلمة عن أبيه أنهم وفدوا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وفي رواية يزيد بن هارون قال فيها عن عمرو بن سلمة قال لما وفد قومى ولم يقل فيها عن أبيه. فمفاد رواية وكيع أن عمرو بن سلمة لم يكن في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بل سمع من أبيه ما دار بينهم وبين النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الكلام في الإمامة. ومفاد رواية يزيد بن هارون أن عمرو بن سلمة يحتمل أن يكون وفد معهم وسمع من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما سمعوا. ويحتمل أنه لم يكن معهم في الوفد فسمع من أبيه أو ممن معه في الوفد

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، ثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ، ح وَحَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ نَزَلُوا الْعُصْبَةَ، قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ «وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» ، زَادَ الْهَيْثَمُ: وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ

(ش)(رجال الحديث)(القعنبي) هو عبد الله بن مسلمة. و (الهيثم بن خالد) ويقال

ص: 305

ابن جنادة أبو الحسن (الجهني) الكوفي. روى عن يزيد بن الحباب ووكيع وعبد الله بن نمير وحسين بن على. وعنه أبو داود وقال ثقة كتبت عنه سنة خمس وثلاثين وقال في التقريب ثقة من الحادية عشرة. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين

(قوله المعنى) أى أن معنى حديثهما واحد وإن اختلفا لفظا. و (ابن نمير) هو عبد الله. و (عبيد الله) بن عمر بن حفص

(قوله لما قدم المهاجرون الأولون الخ) أى من مكة إلى المدينة كما صرّح به في رواية الطبراني. وفي رواية البخارى لما قدم المهاجرون الأولون. والعصبة بفتح العين وسكون الصاد المهملتين وبالموحدة موضع بقباء كما صرّح به في رواية البخارى أيضا. ويقال بضم العين وسكون الصاد أو بفتح العين والصاد. وروى المعصب بوزن محمد

(قوله قبل مقدم رسول الله) أى قبل قدومه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المدينة. فمقدم مصدر ميمىّ مراد به الحدث. و (سالم مولى أبي حذيفة) بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس يقال له سالم بن معقل وكان من أهل فارس من اصطخر وقيل من العجم من كبار البدرين مشهور كبير القدر أحد السابقين الأولين مولى امرأة من الأنصار وليس مولى لأبي حذيفة حقيقة وإنما قيل مولى لأبي حذيفة لأنه لازمه فتبناه فلما نهوا عن التبني قيل له مولاه. وكان من فضلاء الموالى ومن خيار الصحابة وكبارهم وكان يعدّ في قريش لتبني أبي حذيفة له ويعدّ في العجم لأصله ويعدّ في المهاجرين لهجرته ويعدّ من الأنصار لأن معتقته أنصارية ويعدّ في القرّاء "فقد روى" الشيخان من طريق مسروق عن عبد الله بن عمرو بن العاصى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خذوا القرآن من أربعة من ابن مسعود وسالم مولى أبى حذيفة وأبيّ ابن كعب ومعاذ بن جبل. وروى ابن ماجه من طريق الوليد بن مسلم قال حدثني حنظلة بن أبي سفيان أنه سمع عبد الرحمن بن سابط الجمحى يحدث عن عائشة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قالت أبطأت على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليلة بعد العشاء ثم جئته فقال أين كنت قلت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع قراءه مثل قراءته وصوته من أحد فقام وقمت معه حتى استمع له ثم التفت إليّ فقال هذا سالم مولى أبى حذيفة الحمد لله الذى جعل في أمتي مثل هذا. استشهد رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ باليمامة في خلافة أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

(معنى الحديث)

(قوله وكان أكثرهم قرآنا) إشارة إلى سبب تقديمهم له مع كونهم أشرف منه. وفي رواية الطبراني لأنه كان أكثرهم قرآنا

(قوله زاد الهيثم وفيهم عمر الخ) أى زاد الهيثم بن خالد في روايته بعد قوله وكان أكثرهم قرآنا وفيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة. وفي إمامة سالم مع وجود عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ دلالة لمن يقدّم الأقرأ على الأفقه. ووجه الدلالة إجماع

ص: 306

كبار الصحابة القرشيين على تقدم سالم عليهم. و (أبو سلمة) هو عبد الله (بن عبد الأسد) بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم المحزومى من السابقين الأولين إلى الإسلام كان من الصادقين شهد بدرا قال ابن إسحاق أسلم بعد عشرة أنفس وكان أخا للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الرضاع وتزوج بأمّ سلمة ثم تزوجت بعده النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقد روى ابن ماجه من طريق عبد الملك الجمحى عن ابنه عن عمر بن أبى سلمة عن أم سلمة أن أبا سلمة حدثها أنه سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول ما من مسلم يصاب بمصيبة فيفزع إلى ما أمر الله به من قوله {إنا لله وإنا إليه راجعون} اللهم عندك احتسبت مصيبتي فأجرني فيها وعوّضني منها إلا آجره الله عليها وعارضه خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة ذكرت الذى حدثني عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلت {إنا لله وإنا إليه راجعون} اللهمّ عندك احتسبت مصيبتى هذه فأجرني عليها فإذا أردت أن أقول وعضنى خيرا منها قلت في نفسي أعاض خيرا من أبى سلمة ثم قلتها فعاضنى الله محمدا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وآجرنى في مصيبتي مات رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ في حياة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سنة أربع بعد أحد

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى وليس فيه زيادة الهيثم

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وَثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أَوْ لِصَاحِبٍ لَهُ: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» وقال فِي حَدِيثِ مَسْلَمَةَ، وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْعِلْمِ، وَقَالَ: فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ: قَالَ خَالِدٌ: قُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ: فَأَيْنَ الْقُرْآنُ؟ ، قَالَ: إِنَّهُمَا كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ

(ش)(رجال الحديث)(إسماعيل) بن علية. و (مسلمة بن محمد) الثقفى البصرى روى عن داود بن أبى هند وخالد الحذاء ويونس بن عبيد ونعيم العنبرى. وعنه أحمد بن عمرو الضبي ومسدد. قال ابن معين ليس حديثه بشئ وقال أبو حاتم شيخ ليس بالمشهور يكتب حديثه وقال في التقريب لين الحديث من التاسعة. روى له أبو داود والنسائى. و (خالد) بن مهران الحذاء. (وأبو قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمى. و (مالك بن الحويرث) بن أشيم ابن زياد بن خشيش الليثي أبى سليمان. قدم على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأقام عنده أياما ثم أذن له في الرجوع إلى أهله. فقد روى البخارى من طريق أبى قلابة عن مالك بن

ص: 307

الحويرث قال قدمنا على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ونحن شببة فلبثنا عنده نحوا من عشرين ليلة وكان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رحيما فقال لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم مروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم. روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خمسة عشر حديثا اتفق الشيخان على اثنين. روى له الجماعة. توفي سنة أربع وسبعين

(معنى الحديث)

(قوله قال له أو لصاحب له) أى رفيق له في سفره ولم نقف على اسم ذلك الصاحب

(قوله فأذنا) المراد فليؤذن لكما أحدكما. ويؤيده رواية الشيخين السابقة وليس المراد أنهما يؤذنان معا. ويؤيده رواية الطبراني من طريق حماد بن سلمة عن خالد إذا كنت مع صاحبك فأذن وأقم وليؤمكما أكبركما. وقد اختلفت الروايات في ذلك فروى البيهقي الحديث عن أيوب عن أبى قلابة وفيه ارجعوا فكونوا فيهم وعلموا وصلوا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم. وفى رواية له من طريق خالد الحذاء عن أبى قلابة وفيها إذا أنتما خرجتما فأذنا ثم أقيما. فوقع الاختلاف في أمرين (الأول) أن ظاهر الحديث الأول أن الأمر بالأذان بعد وصولهم إلى أهليهم وتعليمهم وفى الحديث الثاني بعد خروجهما من المدينة قبل وصولهما إلى أهلهما (والثانى) أن في الحديث الأول أمر بالأذان لأحدهما وفي الحديث الثاني لكليهما. وفى الحقيقة لا اختلاف بين الحديثين فإن الحديث الأول الذى فيه الأمر بالأذان في الحضر لا ينافى الأمر بالأذان في السفر كما أن الحديث الثاني الذى فيه الأمر بالأذان في السفر لا ينافى الأمر بالأذان في الحضر وكذلك المراد بقوله أذنا أى من أحب منكما أن يؤذن فليؤذن وذلك لاستوائهما. ولا يعتبر في الأذان السنّ وغيره بخلاف الإمامة وهو واضح من سياق حديث أيوب حيث قال فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم. ويمكن أن يوجه قوله فأذنا بأن أحدهما يؤذن والآخر يجيب (وقال) الحرماني قد يطلق الأمر بالتثنية وبالجمع والمراد واحد كقوله يا حرسى اضربا عنقه وقوله قتله بنو تميم مع أن القاتل والضارب واحد اهـ

(قوله ثم أقيما) أى ليقم أحدكما وهو المؤذن وليس المراد أنهما يقيمان معا لأن المؤذن هو الذى يقيم لحديث من أذن فهو يقيم كما تقدم

(قوله ثم ليؤمكما أكبركما الخ) أى سنا كما صرّح به في بعض النسخ وليس المراد أكبرهما قدرا ومنزلة لما ذكره المصنف من قوله وكنا يومئذ متقاربين في العلم بالموحدة أى يوم قال لنا النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليؤمكما أكبركما وفي رواية ابن حزم متقارنين بالنون من المقارنة يقال فلان قرين فلان إذا كان مثله في علم أو غيره. وهذه الزيادة من قول مالك بن الحويرث أتى بها اعتذارا عن أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اعتبر الرجحان في السنّ ولم يعتبر الرجحان بالعلم كما في الأحاديث

ص: 308

الآخر

(قوله قال خالد قلت لأبى قلابة فأين القرآن الخ) وفي نسخة فأين القراءة أى أين القرآن الذى أمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يتقدم صاحبه للإمامة على غيره. وسأل خالد شيخه لأن ظاهر حديث الباب يعارض حديث يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإنه صريح في تقديم الأقرإ وهذا صريح في أنه يقدم الأكبر سنا فلذا أجابه بأنهما كانا متقاربين في القرآن وكذا في العلم كما تقدم. ومقصود المصنف بما ذكر بيان الاختلاف الواقع في حديث مسلمة وفي حديث إسماعيل بأن في حديث مسلمة قول مالك بن الحويرث في ذكر التقارب بينه وبين رفيقه في العلم. وأما في حديث إسماعيل ففيه سؤال خالد والجواب عنه من أبى قلابة بأنهما كانا متقاربين وليس فيه ذكر كونهما متقاربين في العلم

(فقه الحديث) دلّ الحديث على تفضيل الإمامة على الأذان لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ليؤمكما أكبركما ولم يقل ليؤذن لكما أكبركما، وعلى أن الجماعة مأمور بها وتنعقد بواحد مع الإمام، وعلى مشروعية الأذان والإقامة للصلوات المكتوبة عند دخول وقتها

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه بنحوه مختصرا ومطولا. وأخرجه البيهقى من طريق المصنف ومن طريق أيوب السختياني بلفظ تقدم بعضه

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْحَنَفِيُّ، ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ»

(ش)(رجال الحديث)(حسين بن عيسى) بن مسلم أبو عبد الرحمن الكوفي. روى عن معمر والحكم بن أبان. وعنه أبو سعيد الأشج وأبو كريب وإسحاق بن موسى. قال البخارى مجهول وحديثه منكر وقال ابن عدىّ له من الحديث شيء قليل وعامة حديثه غرائب وفي بعض حديثه مناكير وقال أبو حاتم ليس بالقوى روى عن الحكم أحاديث مناكير. روى له أبو داود وابن ماجه. و (الحنفى) نسبة إلى حنيف اسم واد. و (الحكم بن أبان) أبو عيسى العدنى. روى عن عكرمة وطاوس وشهر بن حوشب وإدريس بن سنان. وعنه ابن عيينة وابن جريج وابن علية ومعتمر بن سليمان وآخرون. قال أبو زرعة صالح وقال العجلى صاحب سنة ثقة كان اذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله حتى يصبح وقال ابن عيينة أتيت عدن فلم أر مثل الحكم بن أبان ووثقه ابن معين والنسائى وابن نمير وابن المديني وأحمد

ص: 309