المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٧

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره

- ‌ الأركان

- ‌الفصل الأول في أسباب الولاية

- ‌الفصل الرابع في تولي طرفي العقد

- ‌الفصل الخامس في التوكيل

- ‌الفصل السادس في ما يجب على الولي

- ‌الفصل السابع في الكفاءة

- ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

- ‌ الموانع

- ‌الجنس الأول: المحرمية

- ‌الجنس الثاني: ما لا يوجب حرمة مؤبدة

- ‌الجنس الثالث: من الموانع الرق

- ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

- ‌ موجبات الخيار

- ‌السبب الأول: العيب

- ‌السبب الثاني: الغرور

- ‌السبب الثالث: [العتق]

- ‌السبب الرابع: العنة

- ‌ فصول متفرقة

- ‌الفصل الأول فيما يحل للزوج

- ‌الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن

- ‌الفصل الرابع في تزويج الإماء

- ‌الفصل الخامس في تزويج العبد

- ‌الفصل السادس في النزاع

- ‌كتاب الصداق

- ‌الباب الأول في الصداق الصحيح

- ‌الباب الثاني في الصداق الفاسد

- ‌الباب الثالث في المفوضة

- ‌الباب الرابع في التشطير

- ‌الفصل الأول: في محله وحكمه

- ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

- ‌الفصل الثالث في التصرفات المانعة من الرجوع

- ‌الفصل الرابع في هبة الصداق من الزوج

- ‌الفصل الخامس في المتعة

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌باب الوليمة والنثر

- ‌كتاب القسم والنشوز

- ‌[كتاب الخلع

- ‌الباب الأول في حقيقة الخلع]

- ‌الباب الثاني في أركان الخلع

- ‌الباب الثالث في موجب الألفاظ

- ‌الباب الرابع في سؤال الطلاق

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الباب الأول في "السنة والبدعة

- ‌الركن الأول: المطلق

- ‌الركن الثاني: اللفظ وما يقوم مقامه

- ‌الركن الثالث: القصد إلى الطلاق

- ‌الركن الرابع: المحل

- ‌الركن الخامس: الولاية على المحل

- ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

- ‌الباب الرابع في الاستثناء

- ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

- ‌الشرط الثاني من الكتاب في التعليقات

- ‌الفصل الأول في التعليق بالأوقات

- ‌الفصل الثاني في التعليق بالتطليق

- ‌الفصل الثالث في التعليق بالولادة والحمل

- ‌[الفصل الرابع في التعليق بالحيض]

- ‌الفصل الخامس في التعليق بالمشيئة

- ‌الفصل السادس في مسائل الدور

- ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

- ‌فصل: قد بقى من كلام الرافعي ألفاظ لم يتقدم ضبطها

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في أحكامه

- ‌كتاب الظهار

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم الظهار

- ‌كتاب الكفارات

- ‌ العتق

- ‌ الصيام

- ‌ الإطعام

- ‌[كتاب اللعان

- ‌الباب الثاني: في قذف الأزواج

- ‌الباب الثالث: في ثمرة اللعان

الفصل: ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

قال رحمه الله:

‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

قوله: والصنف الثاني الذين لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان والشمس والنجوم والصور التي يستحسنونها والمعطلة والزنادقة والباطنية فلا تحل مناكحتهم.

أما المعطلة: فهم الذين يقولون بأن الأشياء وجدت بنفسها وينفون الخالق المدبر، وقد صرح الرافعي بتفسيره في آخر الباب الثاني من أبواب اللعان.

وأما الزنادقة: فاختلف فيه كلام الرافعي وتبعه عليه في "الروضة" وقد أوضحت ذلك في باب الردة وغيره.

وأما الباطنية: فقوم ينطقون بالشهادتين إلا أنهم يستحلون المحرمات التي نص الله على تحريمها حتى يطئ المحارم، ولهذا يقال لهم: الإباحية.

قوله: والصنف الثالث من لا كتاب له لكن لهم شبهة كتاب وهم المجوس وهل كان لهم كتاب؟ فيه قولان: أشبههما نعم، وعلى القولين لا يحمل مناكحتهم، وقال أبو إسحاق وابن خربويه: يحل إن قلنا لهم كتاب وهو ضعيف. انتهى.

قد عبر الرافعي في كتاب الحرية بالأظهر عوضًا عن الأشبه، وقول "المحرر" و"المنهاج" أنهم لا كتاب لهم يريد به الآن، وما نقله عن أبي إسحاق وابن خربويه قد نقله القاضي الحسين عن القديم، ونقله أبو

ص: 117

إسحاق المروزي [في كتاب "التوسط" عن المزني قال الإمام: وحكاه من أثق به](1) عن الشيخ أبي بكر الطوسى.

قوله: وإذا طهرت الكتابية عن الحيض أو النفاس ألزمها الزوج الاغتسال فإن امتنعت أجبرها عليه واستباحها، وإن لم ينو للضرورة كما تجبر المسلمة المجنونة. انتهى.

ذكر مثله في "الروضة" وحكى في باب الوضوء من "شرح المهذب" خلافًا في وجوب النية من الذمية وزوج المجنونة فقال: قال المتولي: ولا يحل لزوج الذمية إلا إذا اغتسلت بنية استباحة الاستمتاع كما لو ظاهر كافر وأراد التكفير بالإعتاق فإنه لا يحل له الاستمتاع حتي يعتق بنية الكفارة، وحكى الروياني فيه وجهين أحدهما: هذا، والثاني وهو الأقيس عنده: أنها لا تحل بلا نية منها للضرورة، وأما المجنونة فلا يحل لزوجها وطؤها حتي يغسلها، وهل يشترط نية الزوج؟ فيه وجهان، ولو امتنعت زوجة المسلم من الغسل فأوصل الماء إلى بدنها قهرًا حلت، وهل تفتقر إلى نية الزوج أم لا؟ الظاهر أنه على الوجهين في المجنونة انتهي كلام شرح "المهذب" ملخصًا، وصحح في التحقيق أنه لابد من نية الكافرة وزوج المجنونة فقال: ولو انقطع حيض كتابية أو مجنونة لم يحل الموطء حتي تغتسل الكتابية وتغسل المجنونة بنية، وقيل: لا يشترط النية فيها، ولو امتنعت منه مسلمة فغسلها قهرًا حلت هذا لفظ "التحقيق" بحروفه وهو مصحح في الكافرة والمجنونة بخلاف ما جزم به في "الروضة"، وحكى ابن الرفعة في باب الحيض من "الكفاية" عن القاضي الحسين أن الذمية لابد فيها من تغسيل الزوج ونيته فتحصلنا على ثلاثة أوجه، وفي المسألة إشكال ذكرته في كتاب الحيض من "المطالع" فليطلب منه.

قوله: واختلف كلام الشافعي رضي الله عنه في أنه هل يجبر زوجته الكتابية

(1) سقط من جـ.

ص: 118

على الغسل من الجنابة؟ ، فقال أكثر الأصحاب: هما قولان، ومنهم من يحمل الإجبار على ما إذا طالت المدة، وكان الزوج يعافها والمنع على غير هذه الحالة، وأما المسلمة فهي مجبرة على الغسل من الجنابة، هكذا أطلقه في "التهذيب". انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن الأصح من القولين في الكتابية هو الإجبار فقد قال الرافعي في "المحرر": إنه أظهر القولين وتبعه النووي في "الروضة" و"المنهاج".

الأمر الثاني: أن ما نقله عن "التهذيب" وسكت عليه من كون الخلاف خاصًا بالكتابية فجزم به أيضًا في "المحرر" وهو مردود، فإن القولين جاريان في المسلمة أيضًا، قال في "الروضة" وإنما تجبر المسلمة جزمًا إذا حضر وقت الصلاة فإن لم تحضر صلاة ففي إجبارها القولان وهما مشهوران حتى في "التنبيه".

قوله: ومهما ينجس فمها أو عضو آخر فلا خلاف أنه يجبرها على غسله ليمكنه الاستمتاع. انتهى كلامه.

وما ادعاه من نفي الخلاف ذكر مثله في "الشرح الصغير"، وتبعه النووي في "الروضة" وهو غريب فإن المسألة فيها قولان حكاهما الشيخ في "التنبيه".

قوله في "الروضة": والذي ذكره الأصحاب في طرقهم جواز نكاح الإسرائيلية على الإطلاق من غير نظر إلى آبائها أدخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أو بعده وليس كذلك لأن كل إسرائيلية يلزم دخول آبائها قبل التحريف، وإن أشعر به كلام جماعة من الأئمة، وذلك لأن إسرائيل هو يعقوب صلى الله عليه وسلم وبينه وبين نزول التوراة زمان طويل ولسنا نعلم أدخل كل بني

ص: 119

إسرائيل على كثرتهم في زمان موسى عليه السلام أم بعده قبل التحريف، بل في القصص ما يدل على استمرار بعضهم على عبادة الأوثان والأديان الفاسدة وبتقدير استمرار هذا في اليهود فلا يستمر في النصاري لأن بني إسرائيل بعد بعثة عيسي صلى الله عليه وسلم منهم من آمن به ومنهم من صد عنه فأصر على دين موسى، ثم من المتنصرين من تنصر على تعاقب الزمان قبل التحريف وبعده، ولكن كأن الأصحاب اكتفوا بشرف النسب وجعلوه جائز النقض دخول الآباء في الدين بعد التحريف حتي فارق حكمهن حكم غير الإسرائيليات إذا دخل آباؤهن بعد التحريف. انتهى كلامه.

وتعبيره في أول كلامه بقوله: "وليس كذلك" تحريف وصوابه حذف الكاف فنقول: "وليس ذلك" أي: ولم يقل ذلك لكذا بل لكذا فافهم ما ذكرته فإن المعنى يفسد بذكرها فتأمله معها ودونها، وهو في الرافعي على الصواب.

قوله: المسألة الثانية الصابئون طائفة تعد من النصارى، والسامرة طائفة تعد من اليهود، والمنصوص أنهم إن خالفوا اليهود والنصارى في أصل دينهم ولا يبالون بنص كتابهم فلا يناكحون، وإن خالفوهم في الفروع، وأولوا نصوص كتابهم جاز وأطلق بعضهم قولين، ثم قال بعده قال الإمام: ولا مجال للتردد في الذين يكفرهم النصاري واليهود ويخرجونهم من جملتهم، نعم يمكن التردد في الذين ينزلونهم منزلة المبتدع فينا، قال: وليس هذا تعريضًا بتحريم نكاح المبتدعة فينا. انتهى كلامه.

وما ذكره الإمام من عدم الخلاف في هذه الصورة، ولم يصرح بموافقته ولا بمخالفته فالأمر فيه كما قاله -أعني الإمام- فقد صرح به الرافعي في كتاب عقد الذمة، ولم ينقله عن أحد وتابعه عليه في "الروضة".

ص: 120

قوله: ولو انتقل المشرك من دين نقر أهله عليه إلى مثله فقولان: أصحهما عند القاضي أبى حامد وصاحب "التهذيب": أنه يقر عليه، فإن قلنا: لا يقر عليه فقولان: أظهرهما عند الإمام أنه لا يقبل منه إلا الإسلام. انتهى.

أما المسألة الأولى فقد اختلف فيها كلام الرافعي فصحح في "المحرر" أنه يقر عليه، وعبر بالأصح، وصحح في "الشرح الصغير" أنه لا يقر وعبر أيضًا بالأصح.

وأما الثانية فالأصح فيها في "الشرح الصغير" أنه لا يقبل منه غير الإسلام.

وقال في "المحرر": إنه المرجح من القولين وصحح النووي في كتبه أنه لا يقر وأنه يتعين الإسلام.

قوله: من أحد أبويه كتابي والآخر وثني نقر بالحرية على المذهب، وأما مناكحته ومناكحة من أحد أبويه مجوسي والآخر يهودي أو نصراني وذبيحته فإن كانت الأم هي الكتابية لم يحل، وكذا إن كان هو الأب على الأظهر هذا في حال صغر المتولد منهما، فأما إذا بلغ وتدين بدين الكتابي منهما فقال الشافعي: تحل مناكحته وذبيحته فمن الأصحاب من أثبت هذا قولًا، ومنهم من قال: لا أثر لبلوغه، وحمل النص على ما إذا كان أحد أبويه يهوديًا والآخر نصرانيًا. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا الخلاف الأخير الذي حكاه هنا من غير ترجيح قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" والأصح منه عدم الحل، فقد صححه الرافعي في أول كتاب الصيد والذبائح وعبر بالأصح، وحذف النووي المسألة من "الروضة" هناك ظنًا منه أنه استوفاها في هذا الموضع فلزم خلو "الروضة" عن هذا الترجيح المهم.

ص: 121

الأمر الثاني: أن النووي قد ذكر في باب الصيد والذبائح من "الروضة" تبعًا للرافعي ما نصه. والمناكحة والذبيحة لا يفترقان إلا أن الأمة الكتابية تحل ذبيحتها دون مناكحتها ثم ذكر في أصل "الروضة" هاهنا أن الأم إذا كانت هى الكتابية فلا تحل مناكحتها قطعًا، وما ادعاه من القطع ليس كذلك، ولم يذكره الرافعي أيضًا فقد رأيت في "الكامل" للمعافى الموصلي خلافًا في ذلك فقال في باب الصيد والذبائح ما نصه: وعند أبي حنيفة أي الأبوين كان كتابيًا تحل ذبيحته وحكاه بعض الأصحاب قولًا لنا هذا لفظه، وقد تقرر أن الملتين سواء حتى يجيء في كل منهما ما يجيء في الآخر فيكون هذا القول جاريًا في النكاح أيضًا.

قوله: وحكي الإمام أن من الأصحاب من جعل الطلاق على قولي وقف العقود وأجراهما في ما إذا أعتق عبد أبيه على ظن أنه حي فبان ميتًا والمذهب الأول فإن الطلاق والعتاق يقبلان صريح التعليق فأولى أن يقبلا تقدير التعليق. انتهى.

وهذه المسألة مذكورة في الرافعي و"الروضة" في مواضع واختلف كلامهما في الأصح من الطريقين، وقد أوضحت ذلك في البيع.

قوله: في الأنكحة الحادثة في الشرك ثلاثة أوجه وسماها الغزالي أقوالًا الصحيح أنها محكوم بصحتها، قال الله تعالى:{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} (1) ولأنهم لو ترافعوا إلينا أو أسلموا أقررناهم.

والثاني: أنها فاسدة لعدم مراعاتهم الشروط.

والثالث: لا نحكم بصحة ولا فساد بل يتوقف إلى الإسلام فما قرر عليه بانت صحته وما لا بان فساده. إذا تقرر هذا، فمقتضى كلام المتولي

(1) سورة المسد (4).

ص: 122

وغيره أن الخلاف مخصوص بالعقود التي نحكم بفساد مثلها.

وقال الإمام: من يحكم بفسادها يلزمه أن لا يفرق بين ما عقدوه بشروطنا وغيره، والمصير إلى بطلان نكاح يعقد على وفق الشرائع مذهب لا يعتقده ذو حاصل. انتهى.

زاد في "الروضة" فقال: الصواب التخصيص بل لم يصرح أحد بطرده في الجميع وليس في كلام الإمام إثبات نقل طرده. انتهى.

وما ذكره النووي من عدم القول بذلك مردود فإن الماوردي في "الحاوي" قد حكى في المسألة طريقين:

إحداهما: حاكية لثلاثة أقوال.

قال: والثانية: وهي طريقة الأكثرين إنكار الخلاف، وحمل قول الصحة على ما اجتمعت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع، وقول الفساد على حالة وجود الموانع وانتفاء الشروط، وقول الوقف على انتفاء الموانع، ولكن مع الإخلال بالشروط كفقد الولي أو الشهود أو اللفظ الخاص، ومعنى هذا القول أنهم إذا أسلموا عفونا عن الخلل وأقررناهم عليه. انتهى ملخصًا.

وذكر الروياني في "البحر" مثله، ومقتضاه إثبات الخلاف مطلقًا عند القائل بالطريقة الأولى.

قوله: وإذا أصدق الكافر امرأة صداقًا فاسدًا كخمر وخنزير ثم أسلما بعد قبضه فلا شيء لها، وإن كان قبل القبض وجب لها مهر المثل، ولو أصدقها حرًا مسلمًا استرقوه ثم أسلما إما قبل القبض أو بعده فلا يقر في يده ويجب مهر المثل هكذا ذكروه، وقياس ما سبق أن يخرج من يدها، ولا ترجع بشيء كما تراق الخمر المقبوضة ولا تأخذ شيئًا. انتهى ملخصًا.

تابعه عليه في "الروضة" وهو يوهم أن وجوب مهر المثل فيما إذا وقع

ص: 123

الإسلام بعد القبض خاص بما إذا أصدقها الحر المسلم لأنه ذكر أولًا قاعدة عامة، ومثل لها بالخمر والخنزير، ثم أخرج منها الحر المسلم فبقي ما عداه على الأصل لكنه ليس خاصًا به، فقد نص الشافعي في "الأم" على أن عبد المسلم ومكاتبه وأم ولده كالحر فاعلمه فإنه موضع مهم ذكر ذلك في كتاب "سير الواقدي" في باب الحربى يصدق امرأته، وأما إلحاق الرافعي الحر بالخمر فبينهما فرق وهو أنا نقرهم في حال الكفر على الخمر دون الأسير.

قوله: فرع: لو نكح الكافر على صورة التفويض وهم يعتقدون أن لا مهر للمفوضة بحال ثم أسلموا فلا مهر، وإن كان الإسلام قبل المسيس لأنه قد سبق استحقاق وطء بلا مهر. انتهى كلامه.

وهذا الفرع قد ذكر ما يشكل عليه في الباب الثالث من أبواب الصداق وسأذكره هناك إن شاء الله تعالى مبسوطًا فراجعه.

قوله: الصورة الثانية أسلم وتحته أم وبنت، ثم قال في آخره وإن دخل بالبنت فقط ثبت نكاحها، وحرمت الأم أبدًا ولا مهر لها عند ابن الحداد ولها نصفه عند القفال إن صححنا أنكحتهم، وإن دخل بالأم فقط حرمت البنت أبدًا، وهل له إمساك الأم؟ يبنى على القولين إذا لم يدخل بواحدة إن أجبرناه أمسكها وإلا فلا ولها مهر المثل بالدخول. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخر كلإمه من وجوب مهر المثل لها إنما يستقيم على القول الضعيف وهو بطلان أنكحة الكفار، فإن قلنا بالصحة وهو الصحيح وجب المسمى فافهم ذلك.

قوله: ولو أسلم العبد وتحته أربع حرائر فأسلمت منهن بنتان ثم عتق ثم أسلمت الباقيات فليس له إلا اختيار اثنتين، وإن أسلمت معه واحدة ثم عتق ثم أسلمت الباقيات فله اختيار أربع، وذكر الأصحاب عبارة جامعة

ص: 124

لهذه المسائل، فقالوا: الرق والحرية إذا تبدل أحدهما بالآخر فإن بقي من العدد المعلق بكل واحد من الزائل فالطارئ شيء أثر الطارئ وكان الثابت العدد المعلق به زائدًا كان أو ناقصًا، وإن لم يبق منهما جميعًا شيء لم يؤثر الطارئ، ولم يغير حكمًا، وإذا أسلم معه حرتان ثم عتق لم يبق من العدد المعلق بالزائل شيء، وبقي من العدد المعلق بالطارئ اثنتان فلم يثبت العدد المعلق بالطارئ وإذا أسلمت معه واحدة وبقي من العدد المعلق بالزائل شيء، ومن العدد المعلق بالطارئ شيء فأثر العتق وثبت حكمه، ثم قال بعد ذلك في أثناء التفاريع، ولو أسلمت معه واحدة من الإماء الأربع ثم عتق ثم أسلمت البواقي: فقال في "التتمة": لا يختار إلا واحدة على ظاهر المذهب، وهذا هو الجواب في "التهذيب" لكن قياس الأصل الذي سبق أن يجوز له اختيار اثنتين لأنه لم يستوف عدد العبيد قبل العتق. انتهى كلامه.

ولقائل أن يقول هذه الصورة لم يتناولها الضابط السابق وذلك لأنهم قيدوه بما إذا تعلق بكل من الحرية والرق عدد، ونكاح الإماء لا يتعلق بالحرية منه عدد بل الرق فقط، وإنما يدخل تحت الضابط الحرائر دون الإماء، وكأنهم نظروا إلى أنه لما صار حرًا قبل إسلام البواقي ثم أسلم كان حكمه حكم الحر إذا أراد أن يعقد على الأمة ابتداء، والفرض أن في نكاحه التي أسلمت معه قبل عتقه فلم يوجد شرط نكاح الأمة.

قوله الثانية: أسلم الزوج الرقيق ففي ثبوت الخيار لزوجته الكافرة وجهان: أظهرهما على ما ذكره الإمام والمتولي: المنع لأنها رضيت قبل ذلك برقه.

والثاني: يثبت وهو ظاهر النص لأن الرق نقض في الإسلام لكونه فيه لا يساوي الحر في الأحكام، وفي الشرك لا يتميز الحر عن الرقيق.

ص: 125

قال الداركي: وهذا الخلاف في حق أهل الحرب فأما الذمية مع الذمي فلا خيار لها لأنها رضيت بأحكامنا، ثم قال: وقيد الغزالي في "الوجيز" و"الوسيط" المسألة بما إذا أسلم على حرة وليست مختصة بها ولا بما إذا أسلمت أيضًا، بل الوجهان جاريان في الحرة والأمة إن سلمت أم لا إذا كانت كتابية كذلك ذكره صاحب "التهذيب" وغيره. انتهى ملخصًا.

فيه أمور:

أحدها: أن ما ذكره من إنكار التقييد بالحرة وكون الحكم في الأمة كذلك غلط عجيب فاحش لأنها إذا كانت أمة كانت مساوية له في الرق فلا فسخ لها، وإن امتاز بالإسلام فكيف يجيء الخيار؟ ، وحينئذ فلابد من تقييد المسألة بالحرة كما ذكره الغزالي، وقد صرح به هكذا حكمًا وتعليلًا جماعة منهم الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر" ناقلًا له عن الأصحاب فقال: قال أصحابنا: أما الأمة فلا خيار لها لأنها مساوية له هذه عبارته، وقيد المسألة بذلك أيضًا خلائق منهم الفوراني في "الإبانة"، والمتولي في "التتمة".

الأمر الثاني: أن ما ذكره من كونه لا فرق بين أن تسلم التي أسلم عليها أم لا غلط أيضًا فإنه يقتضي جواز نكاح الأمة الكتابية وهو ممتنع قطعًا كما أوضحوه في هذا الباب وغيره، وقد تابعه في "الروضة" على الأمرين وأكد ذلك بقوله:"فاعلم ذلك" فتأمل ذلك وتعجب له، وأسأل الله التوفيق والعصمة عن مثله، وكلام البغوي لا يقتضي ما ذكره بل فيه إيهام يوضحه اسحتضار القواعد المقررة.

الأمر الثالث: أن الراجح عند الأصحاب خلاف ظاهر النص فقد قال في "البحر": إن الأصح عدم الخيار، وجزم به أيضًا الغزالي في "الوجيز"، وقال في "البسيط"، والفوراني في "الإبانة": إنه القياس ولذلك عبر به المتولي، إلا أن الرافعي أبدله بالأظهر.

ص: 126

الأمر الرابع: أن تعليل الرافعي المنصوص تعليل ناقص تبعه عليه في "الروضة" وزاده خللًا، وقد أوضحه في "التتمة" فقال: لأن حكم حرمتها إنما يثبت بإسلام الزوج لأن زوجة المسلم لا تسترق فتكون حريتها بعد إسلامه كالحرية الطارئة، وكذا علل به الغزالي أيضًا إلا أنه لم يستدل على ذلك بمنع الاسترقاق فبقي ذلك دعوى بلا دليل، وعلله البغوي في "التهذيب" بأن الرق له نقائض في الإسلام ليست في الكفر وهو لم يرض بها.

قوله في الكلام على الاختيار: ثم فيه صور: إحداها: إذا طلق واحدة أو أربعًا منهن كان ذلك تعيينًا للنكاح، ثم قال: وفي "التتمة" وجه آخر أن الطلاق ليس تعيينًا لأنه روى في قصة فيروز الديلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "طلق أيتهما شئت"(1) ولو كان الطلاق تعيينًا للنكاح لكان ذلك تفويتًا لنكاحهما عليه. انتهى كلامه.

تابعه في "الروضة" على نقل هذا الوجه عن "التتمة" لكنه عبر في "التتمة" بقوله: قيل فيه مذهب آخر أنه لا يكون تعيينًا واعلم أن فيروز بفاء مفتوحة، ثم ياء ساكنة بنقطتين من تحت بعدها راء مهملة وفي آخره زاي معجمة كان جده من الفرس الذين بعثهم كسرى مع سيف بن ذى يزن إلى اليمن فأخرجوا عنها الحبشة واستولوا عليها نزل في حمير فلذلك يقال لفيروز الديلمي والحميرى، وفد فيروز على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم وهو قاتل الأسود العنسي الكذاب مدعي النبوة باليمن فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قتله

(1) أخرجه أبو داود (2243) والترمذي (1129) وابن ماجه (1950) وأحمد (1806) وابن حبان (4155) والشافعي (1317) والدارقطني (3/ 273) والطبراني في "الكبير"(18/ 328) حديث (843) وعبد الرزاق (12627) وابن أبي شيبة (3/ 563) والبيهقي في "الكبرى"(13836) والطحاوي في "شرح المعاني"(4862) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2847).

قال الترمذي: هذا حديث حسن.

وقال الألباني: حسن.

ص: 127

الرجل الصالح فيروز" (1) وفي رواية: "قتله رجل مبارك" (2)، وقيل: إنما كان قتله في خلافة أبي بكر، توفي فيروز في خلافة عثمان رضي الله عنه، ذكره النووي في تهذيبه وحديثه هذا أخرجه أبو داود في سننه بإسناد صحيح.

قوله: ولو قال لواحدة: فارقتك، فعن القاضي أبي الطيب أنه كقوله: طلقتك، لأن الفراق صريح في الطلاق، وقال الشيخ أبو حامد: يكون فسخًا، وهذا أظهر عند صاحب "الشامل" والمتولي وغيرهما، واحتجوا له بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لغيلان:"اختر أربعًا منهن وفارق سائرهن"(3). انتهى.

وهذا الذي استدلوا به لا دلالة فيه بالكلية لأنه قد قال له: "اختر أربعًا" فإذا اختارهن استغنى في المفارقات عن لفظ فتعين أن يكون المراد الفراق بالفعل لا بالقول، والكلام إنما هو في ما إذا لم يتقدم اختيار المنكوحات، وإنما ابتداء بهذا اللفظ.

قوله: ونص في ما إذا قال راجعتك في العدة فقالت: بل بعدها أن القول قولها إلى آخرها.

واعلم أن كلامه هنا يوهم أن الأصح تصديق السابق إلى الدعوى مطلقًا أي سواء إتفقا على تعيين وقت أحدهما أم لا وليس كذلك فتفطن

(1) انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (5/ 533) و"تهذيب الكمال"(23/ 323) و"تاريخ دمشق"(49/ 7 - 16).

(2)

انظر: "الاستيعاب"(1/ 391) و"تهذيب الكمال"(23/ 323).

(3)

أخرجه مالك (1218) بلاغًا.

وأخرجه أبو داود والترمذي (1128) وابن ماجه (1953) وأحمد (4609) وابن حبان (4156) والحاكم (2780) والشافعي (1315) والدارقطني (3/ 269) والطبراني في "الاوسط"(1680) وأبو يعلى (5437) وعبد الرزاق (12621) وابن أبي شيبة (4/ 3) والبيهقي في "الكبرى"(13623) والطحاوي في "شرح المعاني"(4854) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

قال الألباني: صحيح.

ص: 128

له، واعتمد ما قالاه في باب الرجعة وسوف أذكر ذلك هناك للتنبيه على شيء وقع فيه.

قوله: فرع آخر: نكحت في الكفر زوجين ثم أسلموا، فإن ترتب النكاحان فهي زوجة الأول، فإن مات الأول، ثم أسلمت مع الثاني، وهم يعتقدون جواز التزويج بزوجين ففي جواز التقرير وجهان. انتهى.

قال في "الروضة": ينبغي أن يكون أصحهما التقرير.

ص: 129