الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله في موضع آخر تبع فيه الغزالي: وليس هو شرطًا فلو نبتت في موضعها كان كذلك، ثم إن مسألة الشعرة قل أن توجد في غير "الوسيط" بخلاف مسألة الأذن فإنها مشهورة بالوجهين، لكن أنكر إمام الحرمين تصورها في العادة ولا امتناع في ذلك، وقد نبه عليه في "الروضة".
قوله: ولو قال لزوجته: أنا منك طالق ونوى إيقاع الطلاق عليها طلقت، وإن لم ينو إيقاعه عليها فالصحيح وبه أجاب الجمهور: أنها لا تطلق، وقيل: تطلق، فعلى هذا لابد من نية أصل الطلاق؛ لأن اللفظ كناية لكونه أضيف إلى غير محله، وعلى الأول فمتى نوى إيقاعه عليها كان ناويًا أصل الطلاق، ولو جرد اللفظ إلى تطليق نفسه، ولم يقتصر على نية أصل الطلاق لم يقع طلاقه، وقيل: على الوجهين. انتهى كلامه.
واعلم أن هذا العمل جميعه ينتظم بدون تقييد المسألة بقوله منك، وحينئذ فلا يكون ذلك شرطًا في المسألة على خلاف ما يوهمه كلام الرافعي و"الروضة" ولأجل ما ذكرناه حذف الدارمي في "الاستذكار" هذا القيد وحينئذ فإذا كانت له زوجة واحدة وقصد طلاقه منها فلا كلام، وإن كانت له زوجات وقصد طلاق واحدة منهن وقع على واحدة وتعين.
الركن الخامس: الولاية على المحل
قوله: وإن علق بفعلها فإن لم يكن لها منه بد كالنوم والقيام والقعود والأكل والشرب والطهارة ففار. انتهى.
قال في "الروضة": وهذا في الأكل الذي تحتاج إليه فإن أكلت متلذذة أكلًا يضرها فليس بفار قاله الإمام. انتهى كلامه.
وقد ذكر الإمام أقسامًا أخرى أهمل النووي التصريح ببعضها فقال: أما الضرورة فلا يرعاها، وإذا أكلت أكلًا عدمه يضرها فليست مختارة، وإن تلذذت بالطعام وهو يضرها فيجعلها كالمختارة، وإن تلذذت والأكل ينفعها فيجوز أن يلحق بجنس الطعام فإن الفصل بين هذه المراتب عسر
ويجوز أن تجعل كالمختارة، والذي أراه التعويل في هذا على ظنها وإن كان في نفس الأمر خلاف ذلك فإن ظنت أن ذلك لا يضر فليست مختارة وإن ظنت أنه يضر فهى مختارة.
قوله: ولو فسخ النكاح بعينها أولًا عنها، وكان القذف في المرض فليس بفار على الصحيح. انتهى.
وما ذكره من تخصيص الخلاف فيما إذا كان القذف في المرض ليس كذلك، بل نقل ابن الرفعة فيما إذا كان القذف في الصحة أيضًا وجهين وفيما إذا كان في المرض ثلاثة أوجه، ثالثها: إن كان هناك ولد أو لم يكن، ولكن طلبت فلا إرث، وإن لم تطلب ولا نسب فترث، وحكى الماوردي في اللعان أوجهًا، ثالثها: إن كان القذف في الصحة لم ترث وإلا ورثت.
قوله في "الروضة": قلت: المبتوتة إنما ترث المبتوتة زوجها على القديم ثم إذا أنشأ بتحرير طلاق لزوجته الوارثة بغير رضاها في مرض مخوف واتصل به الموت ومات بسببه في ذلك المرض. انتهى.
وتقييده بالإنشاء يرد عليه ما ذكره قبل ذلك أنه إذا علق طلاقها بشئ لابد لها منه كالأكل والشرب ففعلت فإنه يكون فارًا. مع أنه ليس بتنجيز.
وقوله: زوجته الوارثة بغير رضاها لابد فيه من زيادة قيد العلم وإلا يخرج عنه من طلق زوجته الأمة بعد عتقها وقبل علمه فإنه لا يكون فارًا مع صدق الحد عليه، وكذلك طلاق الذمية قبل العلم بإسلامها بعد إسلامها كطلاق الأمة بعد عتقها.
قوله: ولو أبان المسلمة في المرض فارتدت وعادت إلى الإسلام في العدة ورثت؛ لأنها بصفة الوارثين يوم الطلاق ويوم الموت وكذا لو عادت بعد انقضاء العدة إن قلنا: إن المبتوتة ترث بعد انقضاء العدة. انتهى كلامه.
وهذا الذي جزم به من كونها ترث تابعه عليه في "الروضة" أيضًا وهو خلاف ما نص عليه الشافعي في "الأم" فإنه قال في باب طلاق المريض تفريعًا على أن الفار يورث منه ما نصه: ولو طلقها ثلاثًا وهو مريض ثم ارتدت عن الإسلام ثم عادت إليه، ثم مات ولم يصح لم [ترثه](1) لأنها أخرجت نفسها من الميراث. هذا لفظه، فجزم بأنها لا ترث وإن عادت قبل الموت وبينه وبين كلام الرافعي تباين فاحش.
قوله: ولو طلق الأمة في المرض وعتقت واختلفا فقالت: طلقني بعد العتق فأرث وقال الوارث: بل قبله فلا إرث فالقول قول الوارث بيمينه لأن الأصل بقاء الرق. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأصل بقاء الزوجية كما أن الأصل بقاء الرق، وحينئذ فيتعارض أصلان، وقد نقله الدارمي في "الاستذكار" عن ابن المرزبان بأن المرأة تحلف وعلى الورثة البينة.
الثاني: أنه لم يتعرض لهما إذا اختلفا في تقدم الإسلام وتأخره عن الطلاق، وقد ذكرها الدارمي أيضًا وقال: إن المرأه تحلف، وحكى عن الربيع قولًا آخر أن القول قول الورثة.
قوله: ولو أقر في المرض بأنه أبانها في الصحة فلا يجعل فارًا ويصدق في ما يقوله [وتحسب](2) العدة يومئذ، وفيه وجه للتهمة. انتهى.
وتعبيره بيومئذ تبعه عليه في "الروضة" والمراد به يوم الحكم بالوقوع لا يوم الإقرار كذا صرح به الرافعي في [أوائل](3) باب تعليق الطلاق في الكلام على ما إذا قال: أنت طالق أمس فتفطن له فإن المسألة قل من نقلها في بابها.
(1) في جـ: ترث منه.
(2)
في جـ: وتجب.
(3)
سقط من جـ.