الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الخامس في
فصول متفرقة
الفصل الأول فيما يحل للزوج
قوله: إحداها: لا يمتنع شيء من الاستمتاعات إلا النظر إلى الفرج ففيه خلاف مذكور في كتاب النكاح، والإتيان في الدبر فإنه حرام لما روى أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"في أي الخربتين من دبرها في قبلها فنعم أو من دبرها في دبرها فلا؟ إن الله تعالى لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن"(1).
والخربة: الثقبة. انتهى كلامه.
الخربة بخاء معجمة مضمومة وراء ساكنة وباء موحدة كل ثقب مستدير قاله الجوهري، قال: والخربة أيضًا ثقب الورك والخرب مثله وكذلك الخرابة بالتخفيف وقد تشدد.
قوله: وهل يثبت النسب بالإتيان في الدبر فيه وجهان: أصحهما: نعم لأنه قد يسبق الماء. انتهى.
وهذه المسألة قد ذكرها الرافعى في أربعة مواضع من هذا الكتاب أحدها: هذا.
وثانيها: في كتاب الطلاق في الكلام على السنة والبدعة.
وثالثها: في كتاب اللعان في أوائل الباب الثاني المعقود لقذف الزوج.
(1) أخرجه الشافعي (1322) والبيهقي في "الكبرى"(13890) والخطيب في "تاريخ دمشق"(3/ 197).
قال الألباني: صحيح.
ورابعها: في آخر باب الاستبراء واختلف تصحيحه فيها اختلافًا عجيبًا جدًا، وكذلك تصحيح النووي أيضًا، وقد أوضحت المسألة وما يفتى به فيها في الاستبراء فراجعه.
قوله في أصل "الروضة": وإذا وطيء أمته أو زوجته في دبرها فلا حد على الصحيح. انتهى.
وما ذكره من الجزم بثبوت الخلاف قد خالفه في باب حد الزنا، فإنه حكى فيه هناك طريقين أصحهما: القطع بعدم الوجوب، والثانية على قولين، وستعرف لفظه في موضعه فراجعه.
قوله من زياداته: قال أصحابنا: حكم الوطء في الدبر كالقبل إلا في سبعة أحكام التحليل والتحصين والخروج من العنة والتعنين وتغيير إذن البكر، والسادس أن الدبر لا يحل بحال، والقبل يحل في الزوجة والأمة المملوكة، والسابعة إذا جومعت الكبيرة في دبرها فاغتسلت ثم خرج منى الرجل من دبرها لم يجب غسل ثان بخلاف القبل، والله أعلم.
وهذا الحصر الذى ذكره يرد عليه مسائل:
إحداها: النظر إلى دبر المرأة فإنه لا يجوز كما رأيته مجزومًا في كتاب "الاستذكار" للدارمي، نعم يجوز الاستمتاع بما بين إليتها.
الثانية: المفعول به إذا كان صائمًا في رمضان فلا يجب عليه الكفارة بلا خلاف رجلًا كان أو امرأة كما حكاه ابن الرفعة في كتاب الصيام عن القاضي أبي الطيب. والبندنيجى، ولم يحك غيره بخلاف إتيان القبل فإن فيه قولين مشهورين.
نعم جزم الماوردى في كتاب النكاح من "الحاوي" بأن حكمه في ذلك حكم القبل.
الثالثة: أنه لا يجب الرجم على المفعول به بل يجلد وإن كان محصنًا
كما قاله في "الروضة" في حد الزنا.
الرابعة: إذا خرج الدم لا يكون حيضًا.
الخامسة: عدم لحاق النسب بالإتيان فيه على اضطراب فيه.
قوله: ولا يحرم العزل في السرية بلا خلاف صيانة للملك. انتهى.
وما ادعاه من عدم الخلاف قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وليس كذلك ففيه وجه أنه لا يجوز لحق الولد، كذا حكاه الرويانى في "البحر" قبيل باب نكاح الشغار.
قوله: وأما العزل عن الحرة المنكوحة ففيه طريقان:
إحداهما: إن لم تأذن لم يجز وإن أذنت فوجهان: وجه المنع ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنه الوأد الخفى"(1).
والطريقة الثانية: وهى الأظهر أنه يجوز إن رضيت لا محالة، وإلا فوجهان: أصحهما: عند الغزالي أنه يجوز. انتهى ملخصًا.
والذي صححه الغزالي من الجواز عند عدم الرضى صححه الرافعي في "الشرح الصغير" وعبر بالأصح، وصححه أيضًا النووي في أصل "الروضة" وعبر بالمذهب لكنه لا يعرف منه التصحيح من الطريقين كما تعرف من الرافعي، وإنما يؤخذ منه تصحيح المسألة من حيث الجملة، والوأد دفن البنات وهن أحياء كما كانت كندة تفعله ومنه قوله تعالى:{وَإِذَا الْمَوْءُودَة سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (2) وقد ذكره النبى صلى الله عليه وسلم عقب ذكره للفظ السابق، والحديث رواه مسلم.
قوله: ونقل ابن كج عن أبي عبيد بن حربويه أنه تجتنب الحائض في جميع بدنها.
(1) أخرجه مسلم (1442) من حديث عائشة عن جذامة بنت وهب.
(2)
التكوير: 9.
اعترض عليه في "الروضة" فقال في أثناء زيادة له ما نصه: وقد خالف قائله إجماع المسلمين هذا لفظه.
وما ادعاه من الإجماع على الجواز ليس كذلك، فقد خالفه فيه ابن عباس من الصحابة ومن التابعين عبيدة السلماني الإمام الجليل كذا نقله عنهما ابن عطية في "تفسيره"، ونقله الماوردي في "الحاوي" عن عبيدة فقط.
قوله: لا بأس أن يطوف على إمائه بغسل واحد، لكن يستحب أن يخلل بين كل وطأين وضوءًا وغسل الفرج، ولا يتصور ذلك في الزوجات إلا بإذنهن. انتهى كلامه.
وما ذكره من عدم تصوره في الزوجات بغير الإذن تابعه عليه أيضًا في "الروضة". وليس كذلك، بل يتصور في مسائل:
إحداها: أن يطأ واحدة في آخر نوبتها، ثم يطأ التي تليها في أول النوبة، ثم يطأ الثالثة بعد موت الثانية أو انفساخ نكاحها بسبب.
الصورة الثانية: أن يطأ واحدة في وسط نوبة الأخرى معتقدًا أنها صاحبة النوبة، ثم يطأ صاحبتها.
الثالثة: أن لا يوجد من الزوجات إذن ولا منع، بل يقمن عنده على العادة.
الرابعة: أن يتعدى فيطأ واحدة في نوبة كل ضرة من ضراتها فجاءت النوبة إليها فيلزمه أن يوفي الباقيات حقهن من نوبتها ويقيم عند كل واحدة منهن بقدر ما أقام عند تلك من نوبتها ولكن لا يكلف الوطء على الصحيح لأنه قد لا يقدر عليه وحينئذ فقد يطأ الجميع متواليات بأن يطأ صاحبة النوبة أولا ثم يدور على المظلومات فيطأهن أو بعكس بل يقول لا حاجة إلى هذا كله، بل لو خرج من المظلوم بها إلى المظلومة [في اليوم
الذي حصل الظلم فيه وأراد جماع المظلومة] (1) فلا إشكال في استحباب الغسل لأنه أنشط إلى القيام بحق الثانية وخبرها، بل لو أراد أن يطأ الزوجة عقب وطء حرام لا شبهة له فيه فالمتجه الجزم باستحبابه أيضًا لما ذكرناه ولوجوبه على الفور على الصحيح لكون سببه معصية ولأنه كالتبرى من الفعل الأول.
قوله: ويكره أن يتحدث بما جرى بينه وبين زوجته أو أمته. انتهى.
وما ذكره من إطلاق الكراهة ذكر مثله في كتاب الشهادات أيضًا، وتابعه عليه في "الروضة" فيهما لكن جزم في "شرح مسلم" بأنه يحرم على الرجل أن يظهر ما جرى بينه وبينها من أمور الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك وما جرى من المرأة من قول أو فعل، قال: وأما مجرد الجماع فيكره ذكره إلا لفائدة، وقد ذكرت هناك أيضًا كلامه ودليله.
قوله من زياداته: ويستحب أن لا يعطلها وأن لا يطيل عهدها بالجماع من غير عذر. انتهى.
وما ذكر هاهنا من "زوائده" ذكره الرافعى في أول باب القسم، وبين ما أجمله هاهنا من المدة فقال: فمن له زوجة واحدة ينبغى أن لا يعطلها فيستحب أن يثبت عندها ويحضنها وأدنى الدرجات أن لا يخلى أربع ليال عن ليلة. هذا كلامه.
واستأنسوا للأربع بأن نهاية الزوجات أربع وأقل القسم يوم.
(1) سقط من جـ.