المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٧

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره

- ‌ الأركان

- ‌الفصل الأول في أسباب الولاية

- ‌الفصل الرابع في تولي طرفي العقد

- ‌الفصل الخامس في التوكيل

- ‌الفصل السادس في ما يجب على الولي

- ‌الفصل السابع في الكفاءة

- ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

- ‌ الموانع

- ‌الجنس الأول: المحرمية

- ‌الجنس الثاني: ما لا يوجب حرمة مؤبدة

- ‌الجنس الثالث: من الموانع الرق

- ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

- ‌ موجبات الخيار

- ‌السبب الأول: العيب

- ‌السبب الثاني: الغرور

- ‌السبب الثالث: [العتق]

- ‌السبب الرابع: العنة

- ‌ فصول متفرقة

- ‌الفصل الأول فيما يحل للزوج

- ‌الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن

- ‌الفصل الرابع في تزويج الإماء

- ‌الفصل الخامس في تزويج العبد

- ‌الفصل السادس في النزاع

- ‌كتاب الصداق

- ‌الباب الأول في الصداق الصحيح

- ‌الباب الثاني في الصداق الفاسد

- ‌الباب الثالث في المفوضة

- ‌الباب الرابع في التشطير

- ‌الفصل الأول: في محله وحكمه

- ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

- ‌الفصل الثالث في التصرفات المانعة من الرجوع

- ‌الفصل الرابع في هبة الصداق من الزوج

- ‌الفصل الخامس في المتعة

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌باب الوليمة والنثر

- ‌كتاب القسم والنشوز

- ‌[كتاب الخلع

- ‌الباب الأول في حقيقة الخلع]

- ‌الباب الثاني في أركان الخلع

- ‌الباب الثالث في موجب الألفاظ

- ‌الباب الرابع في سؤال الطلاق

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الباب الأول في "السنة والبدعة

- ‌الركن الأول: المطلق

- ‌الركن الثاني: اللفظ وما يقوم مقامه

- ‌الركن الثالث: القصد إلى الطلاق

- ‌الركن الرابع: المحل

- ‌الركن الخامس: الولاية على المحل

- ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

- ‌الباب الرابع في الاستثناء

- ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

- ‌الشرط الثاني من الكتاب في التعليقات

- ‌الفصل الأول في التعليق بالأوقات

- ‌الفصل الثاني في التعليق بالتطليق

- ‌الفصل الثالث في التعليق بالولادة والحمل

- ‌[الفصل الرابع في التعليق بالحيض]

- ‌الفصل الخامس في التعليق بالمشيئة

- ‌الفصل السادس في مسائل الدور

- ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

- ‌فصل: قد بقى من كلام الرافعي ألفاظ لم يتقدم ضبطها

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في أحكامه

- ‌كتاب الظهار

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم الظهار

- ‌كتاب الكفارات

- ‌ العتق

- ‌ الصيام

- ‌ الإطعام

- ‌[كتاب اللعان

- ‌الباب الثاني: في قذف الأزواج

- ‌الباب الثالث: في ثمرة اللعان

الفصل: ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

قوله: الأول نقصان الصفة إذا حدث في يدها كالتعييب بالعمى والعور ونسيان الصنعة فالزوج بالخيار إن شاء رجع إلى نصف قيمة الصداق سليمًا، وإن شاء قنع بنصف الناقص ولا أرش له كما إذا تعيب المبيع في يد البائع يتخير المشتري بين أن يفسخ البيع ويسترد الثمن، وبين أن يقنع بالمعيب ولا أرش له هذا ما يوجد للأصحاب في المسألة، قال الإمام: ويحتمل أن يقال عليها الأرش لأنه لو تلف في يدها لرجع الزوج إلى نصف القيمة، ثم قال: وأقام صاحب الكتاب هاهنا وفي "الوسيط" هذا الاحتمال وجهًا. انتهى كلامه.

فيه أمران تابعه عليهما في "الروضة":

أحدهما: أن الرجوع إلى نصف قيمة السلم محله إذا كان الصداق متقومًا، فإن كان مثليًا رجع إلى نصف مثله كما ذكروه في تلف جميعه، وقد صرح به ابن الصباغ وغيره وجزم به ابن الرفعة في "المطلب".

الأمر الثاني: أن إنكاره لهذا الوجه الذي حكاه الغزالي في "الوجيز" و"الوسيط" ودعواه أنه احتمال للإمام أقامه وجهًا ليس كذلك، بل هو وجه نقله الغزالي في "البسيط" عن سماعه من الإمام فقال: سمعت الإمام في الدرس يقول: من أصحابنا من ذكر وجهًا في الصداق من مسألة الفسخ أنه يطالب بالأرش هذا لفظه.

قوله: ولو أصدقها عبدين وقبضهما فتلف أحدهما في يده، ثم طلقها قبل الدخول، قال في "التهذيب": فيه قولان أصحهما: أن الزوج يرجع إلى نصف الباقي، ونصف قيمة التالف.

ص: 200

والثاني: يأخذ الباقي بحقه إن استوت قيمتهما. انتهى.

والذي صححه في "التهذيب" هو الصحيح كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في أصل "الروضة"، وعبرا جميعًا بالأصح.

قوله: ثم في "الشامل" و"التتمة" أن قولنا يرجع بنصف الأصل ويبقي الولد مفروض في غير الجواري، وأما في الجواري فليس له الرجوع في نصف الأم لأنه لا يتضمن التفريق بين الأم والولد في بعض الزمان لكنه يرجع إلى القيمة. انتهى.

تابعه في "الروضة" على نقل الاستثناء عن هذين فقط وليس فيه تصريح بموافقتهما ولا مخالفتهما، وكلامه في "الشرح الصغير" و"المحرر" مقتضاه المخالفة، فإنه لم يستثن ذلك فيهما لكن الأمر كما قالاه فقد نص عليه الشافعي في "الأم" فقال في الصداق المذكور وعقب المسابقة ما نصه: إلا أن ولد الأمة إن كانوا معها صغارًا ترجع بنصف قيمتها لئلا يفرق بينها وبين ولدها هذا لفظه ومنها نقلت.

قوله: وقول الغزالي في "الكتاب": إن شاء رجع إلى قيمة النصف السليم لفظه في هذه اللفظة شئ والعبارة القويمة أن يقال: إلى نصف قيمة السليم، وفرق بين نصف قيمة الكل وبين قيمة نصف الكل فإنا إذا قومنا النصف نظرنا إلى جزء من الجملة وذلك مما يوجب النقصان فإن التشقيص عيب. انتهى كلامه.

ذكر نحوه في "الروضة" فقال: رجع بنصف قيمة الجملة بغير زيادة ولا نقص ولا يقال يرجع بقيمة النصف ووقع في كلام الغزالي بقيمة النصف، وهو تساهل في العبارة، والصواب ما ذكرناه لأن التشقيص عيب. هذا لفظه.

ص: 201

وفيه أمران:

أحدهما: أن ما صرح به في "الروضة" واقتضاه كلام الرافعي من الإنكار على الغزالي وحمله على التساهل في العبارة فغريب جدًا، بل قاله في "الوجيز" و"الوسيط" معًا عن قصد وروية تبعًا لإمامه فإنه في "النهاية" قد جزم بأنه يرجع بقيمة النصف لا بعكسه وعلله بأنه لم يقن إلا ذلك والذي قاله هو القياس الذي لا يتجه غيره لما ذكره من المعنى إلا أن الشافعي في "الأم" قد عبر بنصف القيمة كما قاله الرافعي ذكر ذلك في مواضع كثيرة من كتاب الصداق المذكور عقب المسابقة، ولولا خشية الإطالة لذكرت لفظه فيها، وعبر به الغزالي أيضًا في "البسيط".

الأمر الثاني: أن تعليل الرافعي بأن التشقيص عيب تعليل صحيح فإنه ذكره في تقرير الفرق بين نصف القيمة وقيمة النصف فتصرف النووي في ذلك وعبر بالعبارة المذكورة ومقتضاها غير مستقيم فإنه جعله علة لإيجاب نصف القيمة فتأمله مع أن القائل بقيمة النصف يعطيه قيمة ملكه بكمالها فأين التشقيص؟ واعلم أن للمسألة نظائر منها إذا أخذ الساعي الزكاة من أحد الخليطين فهل يرجع على شريكه بنصف قيمة المأخوذ أم بقيمة نصفه؟ فيه اضطراب وقع للرافعي سبق بيانه في موضعه، ومنها: إذا استولد جارية نصفها له قال الشافعي في "الأم": فلشريكه عليه نصف المهر ونصف قيمة الجارية هكذا ذكره في باب المكاتبة بين اثنين يطأها أحدهما، وفي باب المترجم بالأقضية أيضًا، وجزم به الرافعي في باب العتق، وهو يقوي ما قاله في الصداق، ومنها: إذا ملك نصف عبد فأعتقه وسرى إلى الباقي، فهل يغرم قيمة نصف أم نصف قيمته؟ حكمه حكم الصداق وفيه كلام أذكره في موضعه، ومنها إذا أوصى بنصف عبد، فإن الصواب وهو قياس ما قلنا في الزكاة أنه ألحق اعتبار نصف قيمته من الثلث مع شئ آخر وهو نقصان النصف الباقي للورثة عن نصف القيمة.

ص: 202

نعم يأتي في اعتبار هذا النقصان الأوجه الثلاثة في ما إذا أتلف إحدى فردتي خف وهو يساوي عشرة مثلًا وعادت قيمة الباقية إلى ثلاثة، وأصحها أنه يلزمه سبعة كما أشرنا إليه، ومنها إذا شهد شاهدان بأنه ملك زيدًا نصف عبده أو بأنه وقفه ثم رجعا بعد الحكم ففي مقدار ما يغرمانه ما ذكرته الآن.

واعلم أن الجزء إذا قل كانت الرغبة فيه أقل مما لو كثير فعلى هذا إذا أعتق النصف الذي يملكه وكان موسرًا بنصف قيمة الباقي فإنه يسري إلى نصف نصيب الشريك، ويقوم ذلك النصف ثم يوجب نصف قيمته وأرش ما نقص من الربع الباقي.

قوله: وإذا تغير الصداق بالزيادة والنقصان جميعًا ثبت لكل منهما الخيار وذلك قد يكون بسبب واحد كما إذا أصدقها شجرة فأرقلت وصارت قحامًا وذلك بأن تقل ثمرتها لطول المدة فهو نقصان في الثمرة وزيادة في الحطب، وإما يستثن كما إذا أصدقها عبدًا فتعلم القرآن وأعور. انتهى.

أما أرقلت: فإنه بالراء المهملة والقاف واللام أي طال.

والرقلة: هي الطويلة من النخل جمعها رقال: بكسر الراء.

وأما القحام فالبقاف والحاء المهملة من قولهم شيخ قحم -بقاف مفتوحة وحاء ساكنة- أي: شيخ هم.

قوله: أصدقها جارية فحبلت في يدها وطلقها قبل الدخول فهي زيادة من وجه لتوقع الولد، ونقصان من وجه للضعف في الحال وخطر الولادة فليس لأحدهما إجبار الآخر على نصف الجارية، ثم قال وحكى أبو عبد الله الحناطي وجهًا أنه يجبر الزوج إذا رضيت هي رجوعه إلى نصف الجارية وهي حامل بناء على أن الحمل لا يعلم، وقضية هذا أن يجبر أيضًا

ص: 203

إذا رغب الزوج في الرجوع إلى نصفها. انتهى.

واعلم أن هذا القائل لم يوجب على المرأة أن تعطي النصف، بل قال: إنها إذا رضيت بإعطائه أجبرنا الزوج على قبوله.

فإجباره مع اشتراط رضاها دليل على أنه عند هذا القائل زيادة محضة وإذا كان كذلك لم يلزم من إجباره إذا رضيت أن تجبر الزوجة إذا رضي، فلا يصح التخريج الذي ذكره الرافعي وتابعه عليه في "الروضة".

قوله: وأما الحمل في البهيمة ففيه وجهان: أحدهما: أنها زيادة محضة لأنه لا يخاف عليها من الولادة غالبًا، وأظهرهما: أنه كما في الجواري زيادة من وجه ونقصان من وجه، أما إذا كانت مأكولة فلأن لحمها لا يطيب لأن الحمل ضرب مرض، وأما إذا لم تكن مأكولة فلأنه لا يحمل عليها مع الحمل كما تحمل ولا حمل. انتهى كلامه.

وهذه المسألة أعني أن الحمل في الحيوان هل هو عيب أم لا؟ ذكره الرافعي في ثلاثة مواضع من هذا الكتاب، واختلف كلامه فيها، وكذلك "الروضة" وقد أوضحت ذلك في البيوع في خيار النقص فراجعه.

قوله: أصدقها جارية حاملًا فولدت ثم طلقها فإن قلنا الحمل لا يقابله قسط من الثمن لم يأخذ الزوج نصف الولد، وإن قلنا يقابله فوجهان. انتهى ملخصًا.

لم يصحح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا والأصح أنه يأخذه، كذا قاله في "الروضة" من زوائده.

قوله: وإذا أصدقها حليًا فكسرته أو انكسر فأعادته إلى ما كان عليه فوجهان: أظهرهما: أنه لا يرجع إلا برضاها فلو امتنعت فوجهان: أحدهما أنه يرجع إلى نصف قيمة الحلي على الهبة التي كانت، والثاني: إلى مثل نصفه بالوزن وإلى نصف أجرة الصنعة، ونظم الكتاب يشعر

ص: 204

بترجيح الوجه الأول، وبترجيحه قال الشيخ أبو علي وهو جواب ابن الحداد لكن الموافق لما مر في الغصب في ما إذا أتلف حليًا على إنسان ترجيح الوجه الثاني. انتهى.

أطلق في أصل "الروضة" تصحيح الأول، وكلام "الشرح الصغير" ظاهر في رجحان الثاني، وكلام "الكبير" ربما يشعر به ويلزم النووي أن يفرق بين البابين.

قوله: ويلحق به ما إذا غصب جارية مغنية فنسيت عنده الألحان، هل يرد معها ما نقص من قيمتها بنسيان الألحان؟ ، فيه وجهان: وجه المنع أنه محرم. انتهى.

وهذه المسألة أعني القول بتحريم هذا الغناء ذكره الرافعي في مواضع من هذا الكتاب: أحدها: في البيع، والثاني: في الغصب، والثالث: ما ذكرناه الآن، والرابع في أوائل الشهادات واختلف فيها كلام، وكذلك كلامه في "الروضة" وقد بسطت القول فيه في أوائل البيع فراجعه.

قوله: فلو اشترى جارية مغنية بألفين، ولو لم تكن مغنية لكانت تشترى بألف ففيه ثلاثة أوجه إلى آخره.

هذه المسألة ذكرها الرافعي في أوائل البيع وسبق الكلام عليها من وجوه فراجعه.

قوله: ولو أصدق الذمي زوجته خمرًا فتخلل ثم تلف أو أتلفه، ثم طلقها قبل الدخول فوجهان: أحدهما: ويحكى عن الخضري وصححه الشيخ أبو علي أنه يرجع بمثل نصف الخل، لأنه لو بقي لرجع في نصفه.

والثاني: وبه قال ابن الحداد: إنه لا يرجع بشيء. انتهى.

وهذا الذي صححه الشيخ أبو علي هو الأصح كذا صححه الرافعي في

ص: 205

"الشرح الصغير" فقال: إنه أظهر الوجهين، والنووي في أصل "الروضة"، وعبر بالأصح.

قوله: ولو أصدقها عصيرًا فتخمر في يده ثم عاد خلًا ثم أسلما وترافعا إلينا لزمه قيمة العصير ولا عبرة بتخلل الخمر. انتهى.

وإيجاب قيمة العصير تبعه عليه في "الروضة" وهو غير مستقيم فقد سبق في الباب الثاني من أبواب الرهن أنه إذا باع عصيرًا فانقلب في يده خمرًا ثم تخلل فإن البيع لا يبطل على الصحيح ولكن يتخير المشتري، وإذا تقرر هذا فإن جعلنا الصداق في يد الزوج مضمونًا ضمان يد أوجبنا مثل العصير، فإن قلنا ينفسخ في البيع فينفسخ العقد هنا، ويجب مهر المثل كما لو لم يسم شيئًا، وإن قلنا لا ينفسخ وهو الصحيح فتتخير الزوجة، فأما إيجاب قيمة العصير فلا يستقيم على شيء مما ذكرناه، بل القول ببقاء العقد في مسألتنا أولى من البيع لأن المعاملة هنا مع كافر، وانقلابه إلى الخمر وقع في حال الكفر أيضًا فلم يخرج عن المالية عندهم واعلم أن الرافعي قد ذكر في الرهن أنه إذا رهن عصيرًا فتخمر ثم تخلل فإن [الرهن](1) يكون باقيًا على حاله على الصحيح سواء كان تخمره قبل القبض أو بعده.

قوله: وإذا أصدقها جلد ميتة فدبغته ثم طلقها قبل الدخول ففي رجوعه إلى النصف وجهان، وقد ذكرنا في الغصب أن الأصح كون الجلد للمغصوب منه لا للغاصب فيشبه أن يكون الرجوع أظهر هنا أيضًا، وبه أجاب ابن الحداد. انتهى.

ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا وأطلق النووي في أصل "الروضة" تصحيح الرجوع لكن الرافعي إنما قاله بحثًا، وهو بحث

(1) في حـ: الخمر.

ص: 206

ضعيف، فإن فعله لما كان محرمًا ناسب أن يقال: إنه لا يؤثر في إخراج ما اختص به المغصوب منه بخلاف ما نحن فيه وذكر الرافعي في كتاب الرهن أنه إذا رهن شاة فماتت في يد الرتهن فدبغ جلدها، لم يعد رهنًا لأن ماليته حدثت بالمعالجة بخلاف الخمر إذا تخلل فاعلم ذلك.

قوله: ويشترط في تعليم القرآن ليصح صداقًا العلم بالمشروط تعليمه فإن لم يكن لهما، أو لأحدهما معرفة بالقرآن وسوره، وأجزائه.

قال أبو الفرج الزاز: الطريق التوكيل وإلا فيرى المصحف، ويقال تعلم من هذا الموضع إلى هذا الموضع، ولك أن تقول لا ينبغي أن يكون هذا طريقًا لأنه لا يفيد معرفة بحال ذلك المشار إليه صعوبة وسهولة. انتهى كلامه.

وهذا الطريق الذي توقف فيه هنا لم يعتبره في "الشرح الصغير" فإنه حصر الطريق في التوكيل، ولم يذكر هذا وصرح بإسقاطه النووي، فقال من زوائده: الصواب أنه لا يكتفي به، والذي قالاه هنا يشكل عليه ما تقدم في البيع في الكلام على شرط الرهن والكفيل فإن الرافعي قال هناك: والمعتبر في الكفيل المشاهدة أو المعرفة بالاسم والنسب ولا يكفي الوصف كقوله رجل موسر ثقة، هذا هو المنقول للأصحاب، ولو قال قائل الاكتفاء بالوصف أولى من الاكتفاء بمشاهدة من لا يعرف حاله لم يكن مبعدًا هذا كلامه، فيقال لهما قد وافقتهما على المنقول من الاكتفاء بمشاهدة الكفيل، وإن جهلت حقيقته من الإعسار واليسار والمطل والأداء، ولم يكتفيا بمشاهدة المقروء للجهل بحاله من الصعوبة والسهولة وقد يفرق بأن القرآن هو نفس المعقود عليه فاحتطنا له والكفيل يوثقه للمعقود عليه فخف أمره.

قوله: الثالثة: أصدقها تعلم سورة ثم طلقها قبل الدخول وقبل التعليم فوجهان: أحدهما: أنه يعلمها النصف من وراء حجاب من غير خلوة كما

ص: 207

يجوز سماع الحديث كذلك، وأظهرهما وهو المنصوص عليه في المختصر: تعذر التعليم لأنها صارت محرمة عليه ولا يؤمن من الوقوع في التهمة والخلوة المحرمة وليس كسماع الحديث، فإذا لو لم نجوزه لضاع وللتعليم بدل. انتهى.

وما ذكره في تعليل التعذر من امتناع التعليم لأجل الخلوة، وذكر ابن الرفعة في باب الإجارة من "الكفاية" قريبًا منه فقال: لا يجوز أن تستأجر المرأة رجلًا أجنبيًا للخدمة ولا بالعكس، قال: فإن كانت التى استأجرها لذلك أمة فوجهان، لكن ذكر النووي في أوائل النكاح من زوائد "المنهاج" أنه يجوز للأجنبي النظر لأجل التعليم فإذا جاز له التعليم خصوصًا مع النظر؟ فكيف يعقد مع ذلك امتناع الاستئجار للتعليم الخالي عن النظر والذي ذكره النووي هو الصواب، نعم ما ذكره الرافعي في مسألتنا من تعذر التعليم صحيح لا لما ذكره، بل لعلة صحيحة واضحة، وهي أن القيام بتعليم نصف مشاع لا يمكن، والقول باستحقاق نصف معين دون النصف الآخر بحكم لا دليل عليه ومؤدى إلى النزاع لاسيما أن السورة الواحدة مختلفة الآيات في الطول والقصر والصعوبة والسهولة فتعين المصير إلى البدل.

قوله: فرع في "التتمة": لو كان له عليها أو على عبدها قصاص فنكحها وجعل النزول عن القصاص صداقًا لها يجوز. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن النووي قد أسقط من "الروضة" مسألة العبد.

الأمر الثاني: أن هذه المسألة المنقولة عن "التتمة" قد جزم بها الرافعي قبل كتاب الديات بدون ورقتين، وفرع عليها ما إذا طلق قبل الدخول هل يرجع بنصف أرش الجناية، أو نصف مهر المثل وسوف أذكره هناك إن شاء الله تعالى.

ص: 208

قوله: إحداهما إذا أثبتنا الخيار للمرأة فامتنعت وأصرت على الامتناع فإن كان نصف القيمة الواجب دون نصف العين للزيادة الحادثة فيبيع ما بقي بالواجب من القيمة [وإن لم يرغب في شراء البعض باع الكل وصرف الفاضل عن القيمة](1) الواجبة إليها، وإن كان نصف العين مثل نصف القيمة الواجبة، ولم تؤثر الزيادة في القيمة ففيه احتمالان للإمام: أظهرهما وهو المذكور في الكتاب: أنه يسلم نصف العين إليه؛ إذ لا فائدة في البيع ظاهرًا فإذا سَلَّم إليه أفاد قضاؤه ثبوت الملك له.

والثاني: أنه لا يسلم العين إليه بل يبيعه فلعله يجد من يشتريه بزيادة.

وقوله في "الكتاب": وإن كان لا يشتري النصف إلا بنصف القيمة الواجبة لا ينبغي أن يخصص بما إذا باع النصف وحده، بل الحكم في ما إذا باع النصف وحده وما إذا باع الكل واحد، والنظر إلى عدم زيادة ثمن النصف على نصف القيمة الواجبة. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخره فصوابه أن يقول نصف الثمن على نصف القيمة وإلا فقد لا يزيد ثمن النصف على نصف القيمة ويزيد كل الثمن على كل القيمة فتكون الزيادة قد أثرت.

وفرض المسألة في ما إذا لم تؤثر الزيادة في القيمة والنظر إنما يتعلق بنصف الثمن ونصف قيمتها، فقد يكون ثمن النصف مساويًا لنصف القيمة ويكون كل الثمن أكثر من كل القيمة وقد تكون أقل من نصف القيمة والكُلَّان مستويان.

قوله: الثالثة: إذا وقع الرجوع إلى القيمة إما لهلاك الصداق أو لخروجه عن ملكه أو لزيادة أو نقصان فالمعتبر الأقل من قيمة يوم الإصداق وقيمة يوم القبض. انتهى كلامه.

(1) سقط من أ.

ص: 209

وهذا الحكم الذي ذكره هنا وهو اعتبار الأقل قد ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" و"المحرر" وتابعه عليه النووي في "الروضة" و"المنهاج"، وليس هو المفتي به فاعلمه فقد جزم في كتاب الزكاة في الكلام على التعجيل بأن العبرة بقيمة يوم القبض، وقد نص عليه الشافعي أيضًا في مواضع من "الأم" ولنذكر عبارتهما، فأما الرافعي فقال: ومتى ثبت الإسترداد أو كان المعجل تالفًا ضمنه القابض بقيمته إن كان متقومًا، وفي القيمة المعتبرة وجهان أحدهما: قيمة يوم التلف كالعارية ثم قال ما نصه: والثاني ويحكي عن أحمد أنه تعتبر قيمة يوم القبض لأن ما زاد عليها زاد في ملك القابض فلم يضمنه كما لو تلف الصداق من المرأة في يدها، ثم إن تلف قبل الدخول أو طلقها فإن الزوج يرجع بقيمة يوم القبض قال المحاملي: وهذا أشبه هذا كلامه، وحذفه النووي من "الروضة" والرافعي من "الشرح الصغير" لكونه دليلًا، وأما الشافعى فقال في الصداق المذكور عقب المسابقة في باب من دفع الصداق ثم طلق قبل الدخول ما نصه:"فإن تغير شيء من ذلك في يدها إما بأن [تقبض] (1) الورق فيبلى أو تدخل الذهب والورق [النار] (2) فتزيد قيمته أو تنقص في النار فكل هذا سواء ويرجع عليها بمثل نصفه يوم دفعه إليها؛ لأنها ملكته بالعقد وضمنه بالدفع فلها زيادته وعليها نقصانه". انتهى.

وبعده أيضًا بأسطر في إصداق الشيء ينكسر ما نصه: "وعليها أن ترد عليه نصف قيمته يوم دفعه"، ثم ذكر أيضًا بعده في إصداق الخشب فتعمل منه أبوابًا مثله فقال:"كانت لها ورجع عليها بنصف قيمتها يوم دفعها" وبعده أيضًا ما نصه: "وهكذا لو أصدقها غزلًا فنسجته رجع عليها بمثل نصف الغزل إن كان له مثل، فإن لم يكن له مثل رجع عليها

(1) في "الأم"، جـ: تدفن.

(2)

سقط من الأصول، والمثبت من الأم.

ص: 210

بمثل نصف قيمته يوم دفعه، وكلما قَلَّت يرجع بمثل نصف قيمته فإنما هو يوم دفعه لا ينظر إلى نقصانه بعد ولا زيادته، وقال أيضًا بعده في ما إذا أصدقها عبدين فتغيرا ما نصه:"كانا لها وكان عليها أن تعطيه أنصاف قيمتهما يوم قبضهما وبعده أيضًا بأسطر في إصداق الأمة أو الماشية فتتغيران ما نصه: "ويرجع عليها بنصف قيمة الأمة والماشية يوم دفعها إليها"، وقال أيضًا بعده: "فإن طلقها قبل أن يدخل بها والنخل زائد فيرجع بنصف قيمة النخل يوم دفعها إليها". انتهى.

وبعده أيضًا في باب المهر والبيع ما نصه: "ولو أصدقها أباها عتق ساعة عقد عليها النكاح، ثم قال: ولو طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف قيمته يوم قبضه منه. انتهى.

وهذه المسألة مشكلة فإنه إذا صار حرًا فكيف يقبض؟ .

وبعده أيضًا قبل باب التفويض مثله فقال: وإذا أصدقت المرأة الأمة أو العبد فكاتبتهما أو أعتقتهما أو دبرتهما، ثم طلقت قبل أن يدخل بها لم يرد من ذلك شيئًا ويرجع عليها بنصف قيمة -أي: ذلك- أصدقها يوم دفعه إليها. انتهى.

وهذا لفظه بحروفه، ومن "الأم" نقلت هذه النصوص كلها.

ص: 211