الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس في التوكيل
قوله: وفي البيع يجوز أن يقول البائع لوكيل المشتري: بعت منك ويقول الوكيل: اشتريت وينوي موكله ويقع له العقد وإن لم يسمه. انتهى.
تابعه في "الروضة" على التعبير بقوله يجوز أن يقول بعت منك وهو يوهم أن إضافته إلى الوكيل لا تجب حتى لو قال بعت موكلك صح كالنكاح وليس كذلك بل الإضافة إليه واجبة، كما صرح به في باب الوكالة فاعلمه.
قوله: ولو قال وكيل الزوج أولًا قبلت نكاح فلانة منك لفلان، فقال وكيل الولي: زوجتها فلانًا جاز. انتهى كلامه.
وما ذكره من جواز تقديم القبول مع كونه بلفظ القبول قد تبعه عليه أيضًا في "الروضة" وينبغي استحضاره، وقد تقدم في أول البيع الإشارة إليه.
قوله: ولا يشترط في توكيل الولي ذكر المهر لكن لو سمى قدرًا لم يصح التزويج بما دونه كما لو قال زوجها في يوم كذا وفي مكان كذا فخالف الوكيل لا يصح. انتهى.
وصورة هذه المسألة أن لا ترضي المرأة بالأقل، فإن رضيت به صح، هكذا نقله في آخر الباب الثاني من أبواب الصداق فقال: ولو قال زوجها بألف فزوجها بخمسمائة برضاها، قال في "التتمة""المذهب" أنه يصح النكاح، لأن الصداق محض حق المرأة وفيه وجه أنه لا يصح مثله لأن
النكاح الذي وكله فيه غير الذي باشره هذا كلامه، وذكر مثله في "الروضة" أيضًا، ولم يذكره في "الشرح الصغير".
قوله: ولو وكل رجلًا بقبول نكاح امرأة وسمى مهرًا لم يصح القبول بما زاد عليه. انتهى.
تابعه في "الروضة" على التعبير المذكور ولا يؤخذ منه صحة النكاح ولا بطلانه وفي ذلك وجهان: أصحهما في "البيان" صحة النكاح، وصحح في "النهاية" بطلانه وهو مراد الرافعي، فإنه حكى عقب ذلك وجهين في البطلان في ما إذا لم يعين المهر فقبل بأكثر من مهر المثل، وقال قبل ذلك في توكيل الولى بالتزويج أنه لا يشترط ذكر المهر، لكن لو سمى قدرًا لم يصح التزويج بما دونه ولا شك أن زيادة وكيل الزوج على ما سماه له موكله هو في المعنى نظير ما إذا نقص وكيل الولي عما عينته المرأة أو الولي له، وقد وافق النووي هنا الرافعي على البطلان في ذلك ولم يوافقه عليه في آخر الباب الثاني من أبواب الصداق بل يشعر كلامه بمخالفته، وسيأتي ذكره هناك.
قوله: وإن لم يسم فليقبل له نكاح امرأة تكافئه بمهر المثل، أو أقل، فإن قبل له من لا تكافئه لا يصح العقد كذا قاله البغوي، ولك أن تتوقف في موضعين: أحدهما: تصحيح إطلاق التوكيل في قبول نكاح امرأة لأنه لو وكله في شراء عبد اشترط بيان تفصيله ونوعه فالاشتراط هنا أولى.
الثاني: حكمه ببطلان قبول من لا تكافئه لأنا سنذكر أن للولي أن يزوج الصغير بامرأة لا تكافئه، فإذا جاز للولي فكذا للوكيل عند إطلاق التوكيل. انتهى ملخصًا.
اعترض النووي فقال هذا الاعتراض الثاني: فاسد كما لو اشترى الوكيل معينًا بخلاف قوة ولاية الأب، وفي الاعتراض الأول أيضًا نظر،
والراجح المختار ما ذكره البغوي هذا لفظه.
فيه أمران:
أحدهما: وهو متعلق بالاعتراض الثاني أنه سيأتي في الكلام على الكفاءة أنه إذا زوج الأب ولده الصغير بمن لا تكافئه، فإن زوجه أمة لم يصح لأنه لا يخاف العنت، وإن زوجه معيبة بعيب يثبت الخيار لم يصح النكاح على المذهب، وإن زوجه بمن لا تكافئه بجهة أخرى صح على الأصح لأنه لا عار على الرجل في استفراش من دونه.
إذا علمت ذلك علمت أن إطلاق كلام الرافعي جواز تزويج الصغير بمن لا تكافئه خطأ وكذلك إطلاق النووي يمنعه، بل يصح في حالة دون حالة، ثم إن الحالة التي لا يصح فيها على وجهين مشهودين كما تقدم فغاية ذلك أن يكون البغوي قد اختار أحد الوجهين ولا شك أن الرافعي توهم هنا أن الكفاءة لا تدخل فيها فقدان العيب، والنووي توهم أن المراد بها -أي بالكفاءة- هو السلامة من العيب فوقع كل منهما في ما وقع، وأما إلحاق النووي ذلك بشراء الوكيل فنقول: إذا سلمنا أنه عيب وأنه يلحق بالشراء فيلزم أنه لا يطلق البطلان لأن شراء الوكيل للمعيب يصح مع الجهل بعيبه وكذا مع العلم على وجه ويثبت الخيار، وأما جوابه على الأب بقوة ولايته فقوتها لا تقتضي جواز عقده له على معيب بدليل البيع وغيره، فإذا ثبت جواز ذلك في الأب هنا مع أنه لا يتأتى الخيار للمعقود له بفساد صيغته فللموكل مع ثبوت الخيار بطريق الأولى، ثم إن تعبيره بقوله فاسد كما لو اشترى إلى آخره كلام عجيب سقط منه شيء وكأنه أراد أن يقول بل الصواب البطلان كما لو إلى آخره.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في التوكيل من أن الراجح المختار ما ذكره البغوي وهو صحة إطلاقه واقتضى كلامه عدم الوقوف على خلاف فيه
غريب جدًا فإنه قد حكى فيه وجهين في كتاب الوكالة من "زوائده" وزاد على ذلك فصحح عكسه، وزاد عليه أيضًا فتردد في أن عدم الاشتراط ضعيف أم لا، قال في آخر الباب الثاني: الرابعة: وكله في أن يتزوج امرأة ففي اشتراط تعينها وجهان في "البيان" وغيره والأصح أو الصحيح الاشتراط هذا لفظه بحروفه وهو صريح في عكس ما رجحه رادًا به على الإمام الرافعي وهو غريب.
قوله في المسألة: وإن قبل بأكثر من مهر المثل أو بغير نقد البلد أو يعين من أعيان مال الموكل أو من مال نفسه فقيل يصح النكاح بمهر المثل، وقيل يبطل. انتهى.
تابعه في "الروضة" على حكاية الوجهين هنا من غير ترجيح لكن كلام الرافعي في آخر الباب الثاني من أبواب الصداق يقتضي البطلان، وكلام النووي من "زوائده" يشعر بالصحة، وهو الأصوب كما ستعرفه هناك.