المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث في تعدد الطلاق - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٧

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره

- ‌ الأركان

- ‌الفصل الأول في أسباب الولاية

- ‌الفصل الرابع في تولي طرفي العقد

- ‌الفصل الخامس في التوكيل

- ‌الفصل السادس في ما يجب على الولي

- ‌الفصل السابع في الكفاءة

- ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

- ‌ الموانع

- ‌الجنس الأول: المحرمية

- ‌الجنس الثاني: ما لا يوجب حرمة مؤبدة

- ‌الجنس الثالث: من الموانع الرق

- ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

- ‌ موجبات الخيار

- ‌السبب الأول: العيب

- ‌السبب الثاني: الغرور

- ‌السبب الثالث: [العتق]

- ‌السبب الرابع: العنة

- ‌ فصول متفرقة

- ‌الفصل الأول فيما يحل للزوج

- ‌الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن

- ‌الفصل الرابع في تزويج الإماء

- ‌الفصل الخامس في تزويج العبد

- ‌الفصل السادس في النزاع

- ‌كتاب الصداق

- ‌الباب الأول في الصداق الصحيح

- ‌الباب الثاني في الصداق الفاسد

- ‌الباب الثالث في المفوضة

- ‌الباب الرابع في التشطير

- ‌الفصل الأول: في محله وحكمه

- ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

- ‌الفصل الثالث في التصرفات المانعة من الرجوع

- ‌الفصل الرابع في هبة الصداق من الزوج

- ‌الفصل الخامس في المتعة

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌باب الوليمة والنثر

- ‌كتاب القسم والنشوز

- ‌[كتاب الخلع

- ‌الباب الأول في حقيقة الخلع]

- ‌الباب الثاني في أركان الخلع

- ‌الباب الثالث في موجب الألفاظ

- ‌الباب الرابع في سؤال الطلاق

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الباب الأول في "السنة والبدعة

- ‌الركن الأول: المطلق

- ‌الركن الثاني: اللفظ وما يقوم مقامه

- ‌الركن الثالث: القصد إلى الطلاق

- ‌الركن الرابع: المحل

- ‌الركن الخامس: الولاية على المحل

- ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

- ‌الباب الرابع في الاستثناء

- ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

- ‌الشرط الثاني من الكتاب في التعليقات

- ‌الفصل الأول في التعليق بالأوقات

- ‌الفصل الثاني في التعليق بالتطليق

- ‌الفصل الثالث في التعليق بالولادة والحمل

- ‌[الفصل الرابع في التعليق بالحيض]

- ‌الفصل الخامس في التعليق بالمشيئة

- ‌الفصل السادس في مسائل الدور

- ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

- ‌فصل: قد بقى من كلام الرافعي ألفاظ لم يتقدم ضبطها

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في أحكامه

- ‌كتاب الظهار

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم الظهار

- ‌كتاب الكفارات

- ‌ العتق

- ‌ الصيام

- ‌ الإطعام

- ‌[كتاب اللعان

- ‌الباب الثاني: في قذف الأزواج

- ‌الباب الثالث: في ثمرة اللعان

الفصل: ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

قوله: روى أن ركانة بن عبد يزيد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني طلقت امرأتي سهيمة البتة والله ما أردت إلا واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "آلله ما أردت إلا واحدة؟ " [فقال: والله ما أردت إلا واحدة] (1) فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (2). انتهى.

ورُكانة براء مهملة مضمومة وبالنون بعد الألف وهو مأخوذ من الوقار بمعنى السكينة، يقال منه: ركن بالضم ركانة فهو ركين، وهذا الحديث رواه الشافعي وأبو داود والدارقطني، وقال أبو داوود: إنه حديث صحيح إلا أنهم إنما رووه بواو القسم مع لفظ الله في المرات الثلاث.

نعم رواه البيهقي بتكراره مرتين فقط بلا واو ولفظه: "فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "ما نويت بذلك؟ " فقال واحدة، قال: "آلله؟ " فقال: آلله، قال: "فهو ما أردت" (3).

وقد ذكر الرافعي الحديث في كتاب الأيمان عاريًا عن الواو.

(1) سقط من أ.

(2)

أخرجه أبو داود (2206) والترمذي (1177) وابن ماجه (2051) والدارمي (2272) وابن حبان (4274) والحاكم (2807) والشافعي (740) والدارقطني (4/ 33) والطبراني في "الكبير"(4613) وأبو يعلى (1537) وسعيد بن منصور (1671).

قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: فيه اضطراب.

وقال ابن عبد البر: ضعفوه.

وقال الألباني: ضعيف.

(3)

السنن الكبرى للبيهقي (10/ 181) حديث (20515).

ص: 332

قوله: ولو قال: أنت طالق واحدة بالنصب ونوى طلقتين أو ثلاثًا ففيه وجوه: أصحها عند الغزالي: وقوع واحدة؛ لأن الملفوظ مناقض للمنوى والنية وحدها لا تعمل.

وأصحها عند صاحب "التهذيب" وغيره: وقوع المنوي ويكون المراد بقوله واحدة أنك تتوحدين مني بالعدد الذي أوقعته.

والثالث: ويحكى عن اختيار القفال أنه إن بسط نية الثلاث على جميع اللفظ لم تقع الثلاث، وإن نوى الثلاث بقوله: أنت طالق وقع الثلاث ولغى ذكر الواحدة. انتهى ملخصًا.

ذكر في "الشرح الصغير" نحوه أيضًا وحاصله رجحان وقوع المنوى، وصرح بتصحيحه في "الروضة" وكلامه في "المحرر" يشعر برجحان وقوع الواحدة، فإنه قال: فيه وجهان رجح منهما الثاني يعني الواحدة وصرح النووي في "المنهاج" بتصحيحه فوقع في صريح التناقض.

قوله: ولو قال أنت طالق واحدة بالرفع فهذا إتباع الصفة للصفة وهو على ما ذكر في "النهاية" مبني على ما إذا قال: أنت واحدة بخلاف الطلاق ونوى الثلاث وفيه وجهان:

أصحهما: وقوع ما نواه حملًا للتوحيد على التوحيد والتفرد عن الزوج.

والثاني: المنع لأن السابق إلى الفهم من قوله: أنت واحدة أنك طالق بواحدة ولفظ الواحدة ينافي الثلاث. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن مقتضى التعليل المذكور للوجهين أنه لا فرق في واحدة بين الرفع والنصب والجر والسكون، ويكون التقدير في الجر أنت ذات واحدة أو متصفة بواحدة أو يكون المتكلم لاحنًا واللحن لا يمنع الحكم

ص: 333

عندنا.

الأمر الثاني: أنه ليس المراد من الصفة والإيقاع في كلام الرافعي هو المعنى المعروف عند النحاة، وإنما المراد ذكر الخبر بعد الخبر؛ لأن الخبر في المعنى صفة وكل شيء أتى عقب شيء كان تابعًا له.

واعلم أن ما نقله الرافعي عن الإمام فقط، قد جزم به في "الشرح الصغير" وكذلك النووي في "الروضة".

قوله: ولو قال أنت طالق عدد التراب قال الإمام: تقع واحدة، وقال البغوي: عندي تقع الثلاث كما لو قال عدد أنواع التراب. انتهى.

تابعه في "الروضة" على حكاية الخلاف من غير ترجيح ولا شك أن المسألة متوفقة على أن التراب جمع أم لا؟ وفيها خلاف مشهور قد حكاه النووي في "تهذيب الأسماء" وفي غيره، ونقل عن المبرد أنه جمع واحده ترابة ومنه قول الشاعر (1):

ثم قالوا تحبها قلت بهرًا

عدد الرمل والحصا والتراب

وبهرًا بباء موحدة مفتوحة ثم هاء ساكنة أي عجبًا قاله الجوهري.

فعلى هذا يقع الثلاث، ونقل عن الجمهور أنه اسم جنس فعلى هذا يتجه وقوع واحدة وهو قريب مما إذا قال: أنت طالق بعدد شعر إبليس والمرجح كما قاله النووي في باب الشك في الطلاق وقوع واحدة.

قوله: ولو قال: أنت طالق إن لم أو أنت طالق إن، قال إسماعيل البوشنجي: ينظر إن قصد الاستثناء أو التعليق فلم يتمه فلا أرى أن يقع طلاقه ويصدق إذا فسر به للقرينة الظاهرة، وإن لم يقصد الاستثناء ولا التعليق وقع، لأنه لو أتى بالاستثناء بلا نية لم ينفع فهاهنا أولى. انتهى.

(1) هو أبو الخطاب، عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، المخزومي، القرشي، أرق شعراء عصره، من طبقة جرير والفرزدق، ولم يكن في قريش أشعر منه ولد في الليلة التي توفي فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسمى باسمه، وتوفي سنة 93 هـ.

ص: 334

فيه أمران:

أحدهما: ما ذكره نقلًا عن البوشنجي وأقره من عدم وقوع الطلاق عند قصد الاستثناء أو التعليق قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" لكنهما ذكرا في أوائل الشرط في الطلاق ما حاصله وقوع الطلاق إلا إذا كان معه قرينة أخرى بأن قام إلى شخص وسد ومنعه من الكلام، وستعرف لفظه هناك إن شاء الله تعالى.

الأمر الثاني: أنه سكت عما إذا تعذر مراجعته بموت أو غيره والقياس فيه عدم وقوع الطلاق؛ لأن الصيغة بوضعها للتعليق وكانت مرجحة لإرادته بل لو استوى الأمران لترجح أيضًا عدم الوقوع مراعاة للأصل.

واعلم أن الرافعي قد ذكر هذه المسألة أيضًا في أوائل القضاء في الكلام على المفتي والمستفتي في ضمن حكاية ولم يذكر لها جوابًا وسأشير إليها في موضعها إن شاء الله تعالى.

قوله: ولو قال لمدخول بها [أنت طالق](1) أنت طالق أي بالتكرار فإن قصد التأكيد قبل ولم يقع إلا واحدة وإن قصد الاستئناف وقع طلقتان، وكذا إن أطلق في أظهر القولين، ولو كرر طالقًا فقط فقال: أنت طالق طالق فقال القاضي حسين: يقع عند الإطلاق طلقة قطعًا، وقال الجمهور: لا فرق بين اللفظين. انتهى كلامه.

وما نقله عن الجمهور من أنه لا فرق بين الأمرين حتى يقع عليه طلقتان عند الإطلاق قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وفيه أمران:

أحدهما: أنه قد خالف ذلك في باب تعديد الطلاق في آخر النوع الثاني من الطرف الثالث فجزم بأنه لا يقع عند تكرار طالق فقط إلا واحدة.

(1) سقط من جـ.

ص: 335

الثاني: أن محله ما إذا أتى باللفظ المكرر وهو طالق مرفوعًا سواء ذكر بعده شيئًا آخر كقوله مثلًا: أنت طالق طالق فاخرجي أم لم يذكره، وإن كان لحنًا، لكونه وقفًا على متحرك، وإنما قلنا ذلك؛ لأنه قد ذكر في باب تعليق الطلاق قبيل الفصل الثالث المعقود للحمل والولادة فرعًا حاصله ما ذكرناه فقال: إذا قال: أنت طالق طالقًا أى بالنصب قال أبو عاصم العبادي: لا يقع في الحال شيء لكنه إذا طلقها وقع طلقتان والتقدير إذا صرت مطلقة فأنت طالق وهذا في المدخول بها هذا كلامه، وهو واضح وإن كان فيه شيء آخر يأتي ذكره في موضعه، فإذا تقرر أن المنصوب لا يقع به إلا واحدة وجب حمل الساكن عليه لاحتمال أن يكون عن نصب وأن يكون على رفع فنأخذ بالمتيقن.

واعلم أنه لا فرق في ما ذكره الرافعي هناك بين أن يكون المنصوب هو الأول أو الثاني.

نعم إن نصبهما معًا أو جرهما أو جر أحدهما مع نصب الأخر أو رفعه فالقياس في الجميع إلحاقه بالساكن أيضًا فتأمله.

قوله: قال لها قبل الدخول: أنت طالق وطالق أو فطالق، أو أنت طالق أنت طالق وقعت واحدة؛ لأنها تبين بالأولى، وحكى وجه وقول قديم أنه كما لو قال ذلك لمدخول بها لأنه كلام واحد فأشبه قوله لها: أنت طالق ثلاثًا، والمذهب الأول؛ لأن قوله ثلاثًا بيان للأول بخلاف هذه الألفاظ. انتهى.

وما جزم به هاهنا من وقوع الثلاث باللفظ الأول والثلاث مبينة له قد تقدم في أول الباب ما يوافقه فقال: لو أراد أن يقول لها: أنت طالق ثلاثًا فماتت بعد تمام قوله: أنت طالق وقبل قوله ثلاثًا فهل تقع الثلاث أم واحدة أم لا يقع شيء؟ ثلاثة أوجه قال البغوي أصحها: الأول: وهو اختيار المزني.

ص: 336

وقال البوشنجي: الذي تقتضيه الفتوى أنه إن نوى الثلاث بقوله: أنت طالق فكان قصده أن تحققه باللفظ وقع الثلاث وإلا فواحدة، وهكذا ذكر المتولى في تعبيره عن الوجه الأول. انتهى.

ثم صحح بعد ذلك ما يخالف الموضعين معًا فقال بعد الموضع الأول بنحو ورقة: ولو قال: أنت طالق ثلاثًا، فالصحيح وقوع ثلاث عند فراغه من قوله ثلاثًا وقيل: نتبين بالفراغ وقوع الثلاث بقوله: أنت طالق هذا كلامه.

قوله في المسألة: قال الإمام: وقياس من قال: تقع طلقة إذا أراد أن يقول: أنت طالق ثلاثًا فماتت المرأة قبل قوله ثلاثًا أن تقع هنا طلقة بقوله أنت طالق وتتم الثلاث بقوله ثلاثًا لكنه ضعيف، لأنه لا خلاف أنه لو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثًا وقع الثلاث، وذلك يدل على أنها لا تقع مرتبة. انتهى كلامه.

وهذا الاستدلال تبعه عليه في "الروضة" وهو ذهول فقد سبق في ما إذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق وطالق أنه تقع طلقتان في وجه للأصحاب وقول الشافعي وعللوه بأنه كلام واحد وهذا بعينه موجود في مسألتنا بل أولى.

قوله: قال لمدخول بها إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق أو قال: أنت طالق فطالق فطالق إن دخلت فدخلت وقع الثلاث. انتهى.

وما ذكره في القسم الثاني وهو تأخير الشرط قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو يقتضي عود الشرط إلى الجمل المتقدمة عليه وصرح به أيضًا في باب تعليق الطلاق قبيل الفصل الثالث المعقود للتعليق بالحمل والولادة.

إذا علمت ذلك فقد ذكر في بابنا هذا، وهو تعدد الطلاق بعد الوضع الأول بنحو ورقة ما يخالفه فقال: ولو قال للمدخول بها: أنت طالق

ص: 337

واحدة بل ثلاثًا إن دخلت، فوجهان أصحهما وبه قال ابن الحداد: تقع واحدة بقوله: أنت طالق، وتتعلق طلقتان بدخول الدار.

والثاني: تتعلق الثلاث بالدخول، هذا كلامه، والأصحاب لم يفصلوا في حروف العطف بين بل وبين غيرها.

نعم للإمام طريقة في ثم وحدها سبق إيضاحها في الوقف.

قوله في غير المدخول بها: ولو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق فوجهان: أحدهما: لا تقع إلا واحدة كما لو قال في التخيير: أنت طالق وطالق وطالق لا تقع إلا واحدة.

وأقر بهما: وقوع الطلاق وإن قدم الجزاء فقال: أنت طالق وطالق وطالق إن دخلت الدار فطريقان أحدهما أنه على الوجهين المذكورين فيما لو أخر الجزاء.

والثاني: وهو الذي أورده في "التهذيب" القطع بوقوع الثلاث، لأنها جميعًا تعلقت بالدخول وفيما إذا تقدم الشرط أمكن أن يقال: إن المعلق بالدخول الطلقة الأولى وحدها والأخريان معطوفتان. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أنه مخالف لما ذكره في الاستثناء فإنه [قال: ](1) لو قال: أنت طالق واحدة وثلاثًا إن شاء الله رجع الاستثناء إلى الأخيرة وتقع الواحدة، وقياسه هنا أن تقع واحدة منجزة فيما إذا قدم أنت طالق ولم يقولوا به هاهنا.

الأمر الثاني: أن ما ذكره من التعليل المذكور أن يمشي في هذه الصورة فلا يمشي في قوله: أنت طالق وأنت طالق إن دخلت الدار.

قوله: ولو كرر فقال: إن دخلت الدار فأنت طالق إن دخلت الدار فأنت

(1) سقط من جـ.

ص: 338

طالق إن دخلت الدار فأنت طالق، إن قصد التأكيد لم يقع بالدخول إلا طلقة وإن قصد الاستئناف وقع الثلاث، وإن أطلق ففي "التتمة" أنه يحمل على التأكيد إذا لم يقع فصل أو وقع ولكن اتحد المجلس، وإن اختلف فيحمل على التأكيد أو الاستئناف؟ فيه وجهان وإذا حمل على التأكيد فتقع عند الدخول طلقة أو طلقتان؟ فيه وجهان بناء على ما إذا حنث بفعل واحد في يمينين تلزمه الكفارة أو كفارتان؟ انتهى كلامه.

وفيه غلط من وجهين تابعه عليهما في "الروضة": أحدهما: ما ذكره آخرًا من أن الوجهين في ما يقع عند الدخول هل هو طلقة أو طلقتان مفرعان على قولنا بالتأكيد، بل الصواب تفريعهما على قولنا بالاستئناف، فإن المجزوم به في المذهب، وقد ذكره هو -أعني الرافعي- في باب الإيلاء أن الإيمان إذا تكررت فإن حكمنا باتحادها وجبت كفارة واحدة، وإن حكمنا بالتعدد كما إذا قصد الاستئناف فقولان: أظهرهما عند الجمهور: كفارة واحدة أيضًا فتفطن له واستحضره، وقد ذكره أيضًا في "التتمة" هنا على الصواب، فقال: إذا قال: إن دخلت الدار فأنت طالق طالق، إن دخلت الدار فأنت طالق، موصولًا بالكلمة فإن أراد بالثانية يمينًا أخرى لزمه أو التأكيد قبل، وإن أطلق حمل على التوكيد وكذا لو فصل بين الكلمتين واتحد المجلس فإن للمجلس تأثيرًا في ضم الكلام بعضه إلى بعض وتكرير اليمين معتاد، وإن اختلف المجلس فوجهان أحدهما: يحمل إطلاقه على التأكيد والثاني: يجعل يمينًا أخرى وكل موضع قلنا بتعدد اليمين، فهل يقع بالدخول طلقة أو طلقتان؟ فيه وجهان مبنيان على ما لو حنث بفعل واحد في يمينين هذا كلام المتولى، وقد حكى الرافعي في باب الإيلاء وجهًا أنه لا تقبل إرادة التأكيد إذا طال الفصل، قال: ويجئ مثله في تكرير تعليق الطلاق وقد وقع هذا الموضع في بعض نسخ الرافعي على الصواب.

ص: 339

الأمر الثاني: في تعبيره بقوله طلقة أو طلقتان، وصوابه أن يقول أو ثلاث لأنه فرض الكلام مع التعليق ثلاث مرات، وسبب غلطه في هذا أن المتولى فرضه في التعليق مرتين فلما صور هو المسألة في الثلاثة ثم انتهى إلى ما حكاه عن "التتمة" حكاه عنه على ما وجده فيها وهو التعليق مرتين، وغفل عن ما فرضه هو من التصوير فلزم الخطأ في التعبير.

الأمر الثالث: أنه إذا حصل الفصل كيف يستقيم حمله على التأكيد؟ سيما إذا تعدد المجلس وقد تقرر أن الفصل اليسير لا يفتقر في ألفاظ التأكيد واعلم أن في كلام الرافعي أيضًا إشكالًا من وجهين آخرين:

أحدهما: في تفرقته بين تعدد يمين الطلاق ويمين الكفارة فيقال له: لم جزمت في يمين الطلاق بتعدده عند إرادة الاستئناف وصححت في الأيمان والحالة هذه اتحاد الكفارة مع أن التعليق المذكور أيضًا يمين؟ ولهذا قالوا اليمين إما حنث أو منع أو تصديق.

ثانيهما: إذا حملنا الإطلاق على الاستئناف فقد سوى بينهما في الأيمان ولم يسو بينهما هاهنا، فإنه جزم بالتعدد عند الاستئناف، وحكى خلافًا في التعدد عند حمل الإطلاق عليه، هذا مع أن المتولى قد سوى بينهما في الكلام الذي نقله عنه فراجعه، ومن العجب إهمال الرافعي له مع نقله لبعض كلامه.

قوله: ولو قال لغير المدخول بها: أنت طالق خمسًا، أو قال: إحدى عشر وقع الثلاث، ولو قال لها: واحدة ومائة لم تقع إلا واحدة، ولو قال: إحدى وعشرين فهل تقع الثلاث أم واحدة؟ وجهان لترددهما بين الصورتين. انتهى.

والأصح كما قاله في "الروضة" أنه تقع واحدة لأنه معطوف كقوله: واحدة ومائة.

ص: 340

قال: وبخلاف إحدى عشرة فإنه مركب فهو بمعني المفرد، والمسألة مشبهة بالإقرار والأصح فيه أن إحدى وعشرين درهمًا ونحوها كخمسة وعشرين تلحق بإحدى عشر حتي يكون الكل دراهم لا بألف وثوب ونحو ذلك كثوب وألف، وذلك لأن المعلوم أن الطلاق جنس واحد فلا حاجة إلى الجمع في الإيقاع بخلاف الإقرار فإنا محتاجون فيه إلى التفسير فجعلنا تفسير المعطوف تفسيرًا للمعطوف عليه.

قوله: ولو قال: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث فقيل ثلاث، وصححه صاحب "التهذيب"، وقيل طلقتان، وقيل طلقة. انتهى.

هذه المسائل لها نظائر اختلف فيها كلامهم، وقد سبق الكلام عليها واضحًا في باب الضمان فراجعه.

قوله: ثم فيه صور أخرى إحداها: لو زاد في الأجزاء فقال أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة أو أربعة أثلاث طلقة وقع طلقتان على الأصح، وقيل طلقة وقيل ثلاث طلقات حكاه الحناطي -وعلى هذا القياس قوله خمسة أرباع طلقة أو نصف وثلثي طلقة. انتهى.

وهذا الخلاف في ما إذا زادت الأجزاء على طلقة ولم تجاوز طلقتين فإن جاوزت كقوله خمسة أنصاف وأشباهه كان الخلاف في أنه تقع طلقة أو ثلاث؟ كذا ذكره الإمام وغيره وذكره أيضًا النووي من زوائده وهو واضح.

قوله: ولو قال أنت طالق نصفي طلقة أو ربعي طلقة [أو ثلثي طلقة](1) لم تقع إلا واحدة إلا أن يزيد نصفًا من طلقة ونصفًا من أخرى، وأشار في "الوسيط" إلى خلاف فقال: الصحيح أنه تقع طلقة والكتب ساكتة عن حكاية الخلاف، لكنه جار على قياس ما نقله الحناطي في المسألة السابقة. انتهى.

فيه أمران:

(1) سقط من ب.

ص: 341

أحدهما: أن هذه المسألة ليست نظير تلك فإن الطلقة الواحدة يستحيل أن تكون لها ثلاثة أنصاف فكان ذلك قرينة على إرادة نصف من كل طلقة بخلاف ما يجيء فيه.

الأمر الثاني: أن النووي قد ذكر في "الروضة" أن هذا الوجه منقول عن شرح "المفتاح".

قوله: ولو قال أنت طالق نصف طلقة [في نصف طلقة](1) فطلقة واحدة سواء أراد الطرف أو الحساب أو المعية، أو لم يقصد شيئًا. انتهى.

والقياس وقوع طلقتين فيما إذا قصد المعية لأن التقدير أن طالق نصف طلقة مع نصف طلقة، وهو لو صرح بهذا كان كما لو قال نصف طلقة ونصف طلقة.

قوله: ولو لم يدخل الواو فيها فقال أنت طالق ثلث طلقة ربع طلقة سدس طلقة لم تقع إلا واحدة، لأنه إذا لم يدخل الواو تصير كالجملة الواحدة، ثم قال ما نصه: ولهذا لو قال أنت طالق طالق لم تقع إلا واحدة، ولو قال أنت طالق وطالق وقعت طلقتان. انتهى كلامه.

وهذا الاستشهاد الذي ذكره وهو وقوع الطلقة الواحدة عند التكرار بدون الواو هو وجه ضعيف والصحيح التعدد كذا صرح به قبل ذلك في أوائل الفصل الثاني فقال ولو قال أنت طالق أنت طالق وقصد التأكيد فواحدة، وإن قصد الاستئناف فطلقتان، وكذا إن أطلق في أصح القولين، ثم قال وإن قال أنت طالق طالق فعن القاضي الحسين القطع بأنه لا تقع عند الإطلاق إلا طلقة بخلاف قوله أنت طالق، أنت طالق والجمهور أنه لا فرق بين اللفظين. هذا كلامه.

قوله: وفي "فتاوي القفال" أنه لو قال: طلقتك واحدة أو اثنتين على سبيل الإنشاء فيختار ما شاء من واحدة أو اثنتين كما لو قال أعتقت هذا أو هذين. انتهى.

(1) سقط من أ.

ص: 342

وما ذكره من التخيير ذكر نحوه أيضًا في أوائل تعليق الطلاق قبيل الكلام على التعليق بالتطليق ونفيه فقال لو قال: أنت طالق غدًا أو عبدي حر بعد غد، قال البوشنجي: يؤمر بالتعيين فإذا عين الطلاق أو العتق تعين في اليوم الذي ذكره، وذكر قريبًا منه في آخر تعليق الطلاق عن البوشنجي أيضًا فقال: لو قال: إن دخلت الدار فعبدي حر أو كلمت فلانًا فأنت طالق سألناه لنتبين أي اليمينين أراد. انتهى.

والحاصل أنه يجوز أن يأتي بصيغة تقتضي التخيير في المنجز والمعلق سواء كان المعلق من نوع واحدًا أو من نوعين وإن أتى أيضًا بما يقتضي التخيير بين تعليقين مستقلين مختلفي الشرط.

إذا علمت ذلك فقد ذكر في أوائل تعليق الطلاق في الكلام على التعليق على الأوقات أنه إذا قال: أنت طالق اليوم أو غدًا، فقيل يقع في الحال تغليبًا للإيقاع والصحيح أنه لا يقع إلا في الغد لأنه اليقين، قال ومثله إذا قال: غدًا أو بعد غد أو قال: إذا جاء الغد أو بعد الغد. انتهى.

والصواب وهو قياس ما سبق أن يتخير أيضًا في هذه المسألة، وذكر أيضًا ما يوافق هذا الموضع في آخر الباب الأول من أبواب الطلاق وهو المعقود للأركان فقال: ولو قال أنت طالق للسنة أو للبدعة لا تطلق حتى ينتقل من الحالة التي هي فيها إلى الحالة الأخرى، لأن اليقين حينئذ كما لو قال: أنت طالق اليوم أو غدًا لا تطلق حتي يجيء الغد هذا كلامه.

قوله: فرع: قال: أنت طالق عشرًا فقالت: يكفيني ثلاث فقال: البواقي لضرتك فلا يقع على الضرة شيء، لأن الزيادة على الثلاث لغو ولو قالت: يكفيني واحدة فقال: البواقي لضرتك وقع عليها ثلاث وعلى الضرة طلقتان إذا نوى ذكره البغوي. انتهى.

وهذا الذي ذكره هنا عن البغوي وأقره قد نقل عن صاحبه وهو المتولى في الباب الذي قبله قبيل الفصل الثاني ما يخالفه وأقره عليه أيضًا وقد سبق ذكر لفظه هناك.

ص: 343