المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٧

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره

- ‌ الأركان

- ‌الفصل الأول في أسباب الولاية

- ‌الفصل الرابع في تولي طرفي العقد

- ‌الفصل الخامس في التوكيل

- ‌الفصل السادس في ما يجب على الولي

- ‌الفصل السابع في الكفاءة

- ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

- ‌ الموانع

- ‌الجنس الأول: المحرمية

- ‌الجنس الثاني: ما لا يوجب حرمة مؤبدة

- ‌الجنس الثالث: من الموانع الرق

- ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

- ‌ موجبات الخيار

- ‌السبب الأول: العيب

- ‌السبب الثاني: الغرور

- ‌السبب الثالث: [العتق]

- ‌السبب الرابع: العنة

- ‌ فصول متفرقة

- ‌الفصل الأول فيما يحل للزوج

- ‌الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن

- ‌الفصل الرابع في تزويج الإماء

- ‌الفصل الخامس في تزويج العبد

- ‌الفصل السادس في النزاع

- ‌كتاب الصداق

- ‌الباب الأول في الصداق الصحيح

- ‌الباب الثاني في الصداق الفاسد

- ‌الباب الثالث في المفوضة

- ‌الباب الرابع في التشطير

- ‌الفصل الأول: في محله وحكمه

- ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

- ‌الفصل الثالث في التصرفات المانعة من الرجوع

- ‌الفصل الرابع في هبة الصداق من الزوج

- ‌الفصل الخامس في المتعة

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌باب الوليمة والنثر

- ‌كتاب القسم والنشوز

- ‌[كتاب الخلع

- ‌الباب الأول في حقيقة الخلع]

- ‌الباب الثاني في أركان الخلع

- ‌الباب الثالث في موجب الألفاظ

- ‌الباب الرابع في سؤال الطلاق

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الباب الأول في "السنة والبدعة

- ‌الركن الأول: المطلق

- ‌الركن الثاني: اللفظ وما يقوم مقامه

- ‌الركن الثالث: القصد إلى الطلاق

- ‌الركن الرابع: المحل

- ‌الركن الخامس: الولاية على المحل

- ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

- ‌الباب الرابع في الاستثناء

- ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

- ‌الشرط الثاني من الكتاب في التعليقات

- ‌الفصل الأول في التعليق بالأوقات

- ‌الفصل الثاني في التعليق بالتطليق

- ‌الفصل الثالث في التعليق بالولادة والحمل

- ‌[الفصل الرابع في التعليق بالحيض]

- ‌الفصل الخامس في التعليق بالمشيئة

- ‌الفصل السادس في مسائل الدور

- ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

- ‌فصل: قد بقى من كلام الرافعي ألفاظ لم يتقدم ضبطها

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في أحكامه

- ‌كتاب الظهار

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم الظهار

- ‌كتاب الكفارات

- ‌ العتق

- ‌ الصيام

- ‌ الإطعام

- ‌[كتاب اللعان

- ‌الباب الثاني: في قذف الأزواج

- ‌الباب الثالث: في ثمرة اللعان

الفصل: ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

قوله: وأنه لو أشار إلى ذهب وحلف بالطلاق أنه الذي أخذه من فلان، وشهد شاهدان أنه ليس بذلك الذهب، فظاهر المذهب وقوع الطلاق، وإن كانت هذه الشهادة على النفي لأنه نفي يحيط العلم به، فإن الشاهد ربما رأى ذلك الذهب وعلم أنه غير ذلك المحلوف عليه، وفيه وجه أنه لا تقبل هذه الشهادة، انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما نقله من أن ظاهر المذهب قبول الشهادة على النفي المحصور وأقره عليه، قد ذكر ما يخالفه في أثناء باب القسامة، وفي أواخر الشهادات في الباب المعقود لمسائل منثورة، واختلف فيه كلام "الروضة" أيضًا، وسوف أذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

الأمر الثاني: إنما يتعذر تسليم قبول الشهادة على النفي المحصور وهو الحق فما ذكره تقريبًا عليه من الحنث غير صحيح على قاعدته، فإنه إذا حلف معتقدًا أنه ذلك الشيء وليس هو إياه يكون جاهلًا، والأصح أن الجاهل لا يحنث، وقد صرح الرافعي بهذه القاعدة في أول كتاب الأيمان فقال: ينعقد اليمين علي الماضي كما ينعقد على المستقبل، فإن كان كاذبًا وهو عالم بالحال فهي اليمين الغموس قال: وإن كان جاهلا ففي وجوب الكفارة قولان كما لو فعل المحلوف عليه ناسيًا هذه عبارته فتفطن لذلك واستحضره فإنه كثير الوقوع في الفتاوى، وقد ذهل عنه الرافعي والنووي في مسائل وإن كانا قد تفطنا لذلك في مسائل أخرى.

قوله: ولو حلف بالطلاق أن لا يفعل كذا وشهد شاهدان عنده أنه فعله وتيقن صدقهما أو غلب على ظنه صدقهما لزمه أن يأخذ بالطلاق، انتهى.

ص: 431

تابعه في "الروضة" وهو قريب مما تقدم، وقد بسطت المسألة في آخر الفصل فراجعها.

قوله أيضًا عنه: وأنه لو قال: امرأتي طالق إن دخلت دارها ولا دار لها وقت الحلف ثم ملكت دارًا فدخلتها طلقت، وأنه لو قال: إن لم تكوني الليلة في داري فأنت طالق ولا دار له، ففي وقوع الطلاق وجهان مبنيان تارة على التعليق بالمستحيل، وأخرى أن الحنث هل يحصل بفعل المكره؟ انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره أولًا من الجزم بالحنث وأنه لا يشترط وجود الدار حملًا للكلام على أن يكون التقدير دارًا لها لا يتصور معه أن تكون اليمين الثانية من باب التعليق على المحال بل يكون التقدير أيضًا إن لم تكوني الليلة في دارٍ لي -أي: بالتنوين وعدم الإضافة- ولو صرح بهذا لكان تعليقًا صحيحًا بلا شك، ثم إن ملك دارًا ودخلتها لم يحنث وإلا حنث، والمذكور أولًا هو الموافق للقواعد ولاسيما أن اللفظ قد تعذر حمله على الحقيقة فحملناه على المجاز.

الأمر الثاني: أن مقتضى ما ذكره الروياني المذكور من كون البناء على الأصل الأول أن يكون الراجح هو الحنث عقب الغروب لأن الراجح في التعليق على عدم الإتيان بالمستحيل وقوع الحنث وأنه يتعجل لأن الزوج في التعليق على عدم الإتيان بالمستحيل وقوع الحنث وأنه يتعجل، فإن علقه على وقت معين تعجل في أول ذلك الوقت، كذا ذكره الرافعي في أوائل الباب الثالث من كتاب الأيمان فتفطن له، وإنما لا يقع الطلاق المعلق على المستحيل إذا كان التعليق على فعله.

وأما الأصل الثاني: فمقتضى البناء عليه ترجيح عدم الحنث لأنه الراجح في فعل المكره الذي يراعي مرض الحالف وقد اختصر في "الروضة"

ص: 432

هذا الكلام على غير وجهه، فإنه اقتصر فيه على البناء الأول.

قوله: وأنه لو قال لمن يسمى زيدًا يا زيد فقال امرأة زيد طالق طلقت امرأته، وقيل: لا تطلق إلا أن يريد نفسه. انتهى كلامه.

تابعه عليه "الروضة" والراجح هو الوجه الثاني، كذا رجحه الرافعي في باب أركان الطلاق بعد نقله هذا عن أبي العباس المذكور فقال نقلًا عن القاضي سريج الروياني: وأنه لو قيل لرجل اسمه زيد يا زيد فقال امرأة زيد طالق.

قال جدي أبو العباس الروياني: تطلق امرأته، وقيل: لا تطلق حتى يريد نفسه لجواز إرادة زيد آخر هذا الوجه فيما إذا قال فاطمة طالق واسم زوجته فاطمة ويشبه أن يكون هذا هو الأظهر ليكون قاصدًا إلى تطليق زوجته هذا كلامه.

وذكر هناك أيضًا قبل الموضع المذكور بقليل نقلًا عن "فتاوى القفال": أنه إذا ادعى أنه نوى فاطمة أخرى قبل قوله، وذكر أيضًا في آخر الباب الذي نحن فيه الآن عن "فتاوى القفال" أيضًا أنه لو قال لأم امرأته: بنتك طالق، ثم قال: أردت البنت التي ليست زوجتي صدق، وذكر الرافعي هنا عقب المسألة الأولى أنه لو عزل عن القضاء فقال: امرأة القاضي طالق ففي وقوع طلاقه وجهان وقد ظهر لك مما نقلناه عنه ترجيح عدم الوقوع وإن كان باقيًا على ولايته فتفطن له.

قوله: وأنه لو قال إن خرجت من الدار بغير إذني فأنت طالق، فأخرجها هو فهل يكون إذنًا؟ فيه وجهان، القياس المنع.

ذكر مثله في "الروضة" والحكم على الإخراج بأنه لا يكون إذنًا يشعر بالحنث، ولكن يتعين أن يقال إن أكرهها حتى خرجت فالأمر كذلك لأنها خرجت باختياره وإن لم يكن بإذنه وإن لم يكرهها عليه، بل حملها إلى

ص: 433

خارج لم يحنث فقد قال الرافعي في كتاب الأيمان في مثل هذه الصورة بما ذكرناه وعلله بأنها لم تخرج بل أخرجت.

قوله: وأنه لو قيل أطلقت امرأتك فقال: اعلم أن الأمر على ما يقوله لم يكن إقرارًا بالطلاق على الأصح، انتهى.

واعلم أنه قد ذكر في أبواب العتق قبل كتاب التدبير تصويرًا قريبًا من هذا نقلًا من الروياني أيضًا وأجاب عنه بما يخالف جوابه هنا إلا أنه فرض المسألة هنا في المضارع من علم وهنا في الأمر منه، وقد يفرق بينهما.

قوله: وأنه لو جلس مع جماعة فقام ولبس خف غيره فقالت له زوجته: استبدلت بخفك ولبست خف غيرك فحلف بالطلاق أنه لم يفعل ذلك، فإن كان خرج بعد خروج الجماعة ولم يبق هناك إلا ما لبسه لم تطلق؛ لأنه لم يستبدل بل استبدل الخارجون قبله، وإن بقي غيره طلقت.

وأنه لو رأى امرأته تنحت خشبة فقال: إن عدت إلى مثل هذا الفعل فأنت طالق فنحتت خشبة من شجرة أخرى ففي وقوع الطلاق وجهان؛ لأن النحت كالنحت لكن المنحوت غيره.

ولو حلف لا يخرج من الدار إلا مع امرأته فخرجا لكن تقدم عليها بخطوات ففي وجه لا يحنث للعرف وفي آخر يحنث، وإنما يحصل البر بأن يخرجا من غير تقدم.

وأنه لو حلف أن لا يضربها إلا بالواجب، فشتمته فضربها بالخشب طلقت لأن الشتم لا يوجب الضرب بالخشب وإنما تستحق به التعزير، وقيل: خلافه.

وأنها لو سرقت منه دينارًا فحلف بالطلاق لتردنه وكانت قد أنفقته لا تطلق حتى يحصل اليأس من رده بالموت، فإن تلف الدينار وهما حيان فوقوع الطلاق على الخلاف في الحنث بفعل المكره.

وأنه لو قال: إن دخلت هذه الدار فأنت طالق وأشار إلى موضع من الدار فدخلت غير ذلك الموضع من الدار ففي وقوع الطلاق وجهان.

ص: 434

ولو قال: إن ولدت ذكرًا فأنت طالق واحدة، وإن ولدت أنثى فأنت طالق ثلاثًا فولدت ولدًا ميتًا ودفن ولم يعلم حاله فهل ينبش ليعرف؟ يحتمل أن يخرج على وجهين.

وأنه لو قال: إن كان هذا ملكي فأنت طالق، ثم وكل من يبيعه، هل يكون إقرارًا بأنه ملكه؟ وجهان، وكذا لو تقدم التوكيل على التعليق. انتهى.

وقد تكلم النووي على هذه المسائل فقال: أما الأولى فالصواب فيها أنه إن خرج بعد خروج الجميع فينظر إن قصد أني لم آخذ بدله كان كاذبًا فإن كان عالمًا بأنه أخذ بدله طلقت، وإن كان ناسيًا فعلى قولي الناسي، وإن لم يكن له قصد خرج على الخلاف السابق في أن اللفظ الذي تختلف دلالته بالوضع والعرف على أيهما يحمل؟ وأما إن خرج وقد بقي بعض الجماعة فإن علم أن خفه مع الخارجين قبله فحكمه ما ذكرناه وأن علم أنه كان باقيًا أو شك ففيه الخلاف في تعارض الوضع والعرف.

وأما الثانية: وهي مسألة النحت فالأصح فيه الوقوع.

وأما الثالثة والرابعة: فالأصح فيهما عدم الوقوع.

وأما الخامسة: وهي مسألة الدينار فالأصح وقوع الطلاق إذا تلف بعد التمكين من الرد.

وأما السادسة: فالأصح فيها الوقوع ظاهرًا لكنه إن أراد الموضع المعين دين.

وأما السابعة: فنقلها النووي من هنا إلى الفصل المعقود للتعليق بالجمل والولادة، وقال: الراجح: النبش وللمسألة نظائر تأتي إن شاء الله تعالى في الباب الثاني من الشهادات يتعين مراجعتها.

وأما الثامنة: فالمختار في الحالين أنه لا طلاق إذ يحتمل أن يكون وكيلًا في التوكيل ببيعه أو كان لغيره وله عليه بينة، وقد تعذر إستيفاؤه أو باعه غصبًا أو بولاية.

واعلم أن ما نقله الرافعي في التوكيل يجري في البيع بنفسه بلا شك،

ص: 435

وكأنه إنما فرض المسألة في الوكيل لكون الروياني سئل عنها بخصوصها، وحينئذ فيكون الراجح عدم الطلاق فيه، بل أولى.

إذا علمت ذلك فقد صحح هو والرافعي في كتاب الصلح أن قول المدعي عليه للمدعى بعنيه أو هبه لي إقرار بالملك له مع الاحتمالات المذكورة هاهنا تأتي جمعيها فيجوز أن يكون له مالك غيره فوض إليه هذه التصرفات ولم يعينه.

قوله: وأنه لو كان بين يديه تفاحتان فقال لزوجته: إن لم تأكلي هذه التفاحة اليوم فأنت طالق، وقال لأمته: إن لم تأكلي الأخرى اليوم فأنت حرة واشتبهت تفاحة الطلاق بتفاحة العتق فعن بعض الأصحاب أن الوجه أن تأكل كل واحدة [منهما تفاحة فلا يقع الطلاق ولا العتق؛ لأن الأصل بقاء النكاح والملك والزوال غير معلوم، وعن آخرين أن الوجه أن تأكل كل واحدة](1) منهما ما يغلب على ظنها أن يمينها معقودة عليها ويجتهد الزوج معهما، ولو خالع زوجته ذلك اليوم وباع الأمة، ثم جدد النكاح واشترى يخلص وقيل: يبيع الأمة من المرأة في ذلك اليوم وتأكل المرأة التفاحتين، انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره ليس اختلافًا للأصحاب بل لكل مما ذكره طريق سائغ موافق لقواعدنا أجاب به بعضهم عند السؤال، وكان الصواب أن يقول: له طريقان، وكلامه يوهم من لا حاصل عنده أن ذلك خلاف حتى وقع فيه النووي في اختصاره "للروضة" فإنه قال: فيه وجهان:

أحدهما: كذا وسرد الكلام إلى آخره فاجتنبه فإنه وهم فاحش وسيأتي من كلام النووي في نظير المسألة ما يوافق الطريق الأول.

الأمر الثاني: أن مسألة الخلع قد ذكرها الرافعي مبسوطة قبل ذلك في الفصل المعقود للتعليق بالتطليق ونفيه، وقد ذكرت لفظه هناك إلا أنه هناك

(1) سقط من ب.

ص: 436

فرضها في العمر وهاهنا في اليوم فيكون اليوم كالعمر، وقياس ما ذكره هناك أنه إذا خالع وباع الأمة، ثم عقد عليها أنه لا يتخلص بل ينتظر الحال، فإن أكلتا في اليوم فلا كلام وإلا وقع الطلاق قبل الخلع والعتق قبل البيع وبان بطلانهما.

قوله: وأنه لو قال لامرأتيه: كلما كلمت رجلًا فأنتما طالقتان، ثم قال: لرجلين اخرجا طلقتا.

ولو قال: كلما كلمت رجلًا فأنت طالق فكلم رجلين بكلمة طلقت طلقتين على الصحيح، وقيل: طلقة، انتهى كلامه.

وفي الصورة الأولى منه خلل تبعه عليه في "الروضة" فإن وقوع الطلاق لا يتوقف على القولين لرجلين، فإنه لو خاطب واحدًا وقع الطلاق بلا نزاع وإنما جواب هذا التصوير الحكم بالتعدد أو عدمه، والقياس: إلحاقه في ذلك بالصورة الثانية، وحينئذ فصوابه أن يعبر بقوله: طلقتا طلقتين وقيل: طلقة، والظاهر أنه كان هكذا ولكن سقط إما من كلام الروياني أو من كلام الرافعي.

قوله: وأنه لو قال: إن تزوجت النساء أو اشتريت العبيد فأنت طالق لم تطلق إلا إذا تزوج ثلاث نسوة أو اشترى ثلاثة أعبد، انتهى.

وما نقله من اشتراط الثلاثة وأقره ذكر بعده بنحو ورقة في المسائل المنقولة عن البوشنجي نحوه وأقره أيضًا فقال: ولو قال: إن كلمت بني آدم فأنت طالق فالقياس أنها لا تطلق بكلام واحد ولا اثنين وهذان الفرعان قد ذكر في آخر الباب الثالث من كتاب الإيمان في الفصل الأول من الفصلين الزائدين ما يخالفهما مخالفة عجيبة وسوف أذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى فراجعه.

ووقع هذا الاختلاف أيضًا في "الروضة" وذكر الرافعي أيضًا في أوائل القذف أن الناس تتناول الكل ومقتضى هذا أنه لا يحنث بتكليم البعض وهو القياس، لأنه جمع محكي وهو للعموم فلا يحنث بالبعض وإن كان يستحيل

ص: 437

تكليم الكل، كما لو حلف لا يشرب ماء النهر فإنه لا يحنث بشرب بعضه وإن كنا نعلم استحالة شرب الجميع.

قوله: وأنه لو قال: أنت طالق إن لم أطأك الليلة فوجدها حائضًا أو محرمة فعن المزني أنه حكى عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة رضي الله عنهم أنه لا طلاق فاعترض، وقال: يقع لأن المعصية لا تعلق لها باليمين، ولهذا لو حلف أن يعصي الله تعالى فلم يعص حنث، وقيل: ما قاله المزني هو المذهب واختيار القفال، وقيل: على قولين لفوات البر بالإكراه، انتهى كلامه.

واعلم أن الرافعي قد ذكر نظير هذه المسألة في الباب الثالث من أبواب الأيمان في النوع السابع منه في الكلام على الحلف على استيفاء الحقوق، وجزم فيها بما قاله المزني حكمًا وتعليلًا، وسوف أذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

قوله: وأن الوكيل إذا طلق لا يحتاج إلى نية إيقاع الطلاق عن موكله في الأصح، انتهى.

تابعه عليه في "الروضة" وللوكيل في الفعل ثلاثة أحوال:

أحدهما: أن يقصد إيقاعه عن موكله وهو واضح.

والثاني: أن لا يقصد شيئًا فيقع عنه أيضًا على الراجح كما تقدم في هذا اللفظ.

والثالث: أن يقول: أتيت به لغرض نفسي ووقوعه عني لا عن الموكل، فمقتضى ما نقله الرافعي هنا وقوعه أيضًا لكنه نقل قبيل كتاب الديات عن "فتاوى البغوي"، ولم يخالفه أن الوكيل في استيفاء القصاص إذا قال: قتلته بشهوة نفسي لا عن جهة الموكل لزمه القصاص، وينتقل حق الموكل إلى التركة هذا كلامه ومقتضاه من هنا أن الطلاق لا يقع، وأنه لابد من عدم

ص: 438

الصارف عن [الموكل](1)، ويؤيده أيضًا ما نقله الرافعي في الكلام على الإكراه عن أبي العباس المذكور أن الوكيل في الطلاق إذا أكره على الطلاق فيحتمل أن يقال يقع اختيار المالك ويحتمل أن لا يقع لأنه المباشر قال أبو العباس: وهذا أصح.

قوله: وأنه لو قال: إن لم أصطد ذلك الطائر اليوم فأنت طالق فاصطاد طائرًا وادعى أنه ذلك الطائر قبل للاحتمال فإن قال الحالف: لا أعرف الحال واحتمل الأمرين فيحتمل وقوع الطلاق وعدمه، انتهى.

وهذه المسألة قد اختلف فيها تصحيح النووي وسبق أيضًا إيضاح ذلك في آخر الباب الرابع المعقود للاستثناء.

(1) في جـ: التوكيل.

ص: 439

فصل: في مسائل [منقولة عن](1) إسماعيل البوشنجي

قوله في "الروضة": لو حلف بالطلاق لا تساكنه في شهر رمضان تعلق الحنث بمساكنة جميع الشهر ولا يحنث ببعضه، وبهذا قال إمام العراقيين يعني أبا بكر الشاشي وعن محمد بن يحيى يحنث بمساكنة ساعة منه كما لو حلف لا تكلمه شهر رمضان يحنث بتكليمه مرة، انتهى كلامه.

هذا النقل عن محمد بن يحيى غلط مخالف لما في الرافعي فإن فيه محمد بن الحسن أي صاحب أبي حنيفة فتحرف على النووي ومراده بأبي بكر الشاشي صاحب "الحلية"، وتوضيحه أن الرافعي صرح بأن البوشنجي سأله وقد كان في طبقة تلامذته.

قوله نقلًا عن إسماعيل البوشنجي أيضًا: أنه لو قال: أنت طالق في الدار، فمطلق هذا يقتضي وقوع الطلاق إذا دخلت هي الدار، انتهى كلامه.

وما نقله عن البوشنجي المذكور من توقف الطلاق على دخول الموضع وأقره قد نقل بعده بنحو ورقة عن البويطي خلافه فقال: ما نصه عن البويطي أنه لو قال: أنت طالق في مكة أو بمكة أو في البحر طلقت في الحال إلا أن يريد إذا حصلت هناك، وكذا لو قال: في الظل وهما في الشمس بخلاف ما إذا كان الشيء منتظرًا غير حاصل كما إذا قال في الشتاء وهما في الصيف لا يقع حتى يجيء الشتاء. هذا لفظه وحكى العبادي في "الطبقات" أن الصعلوكي حكى عن الربيع أنه إذا قال: أنت طالق في مكة لا تطلق حتى تدخل مكة، قال: وقال ابن سريج: في الحال، انتهى.

فتعارض كلام البويطي مع كلام الربيع.

قوله: وأنه لو قال: أنت طالق إن دخلت الدار ثنتين أو ثلاثًا أو عشرًا

(1) في ب: ذكرها.

ص: 440

فهو مجمل، فإن قال: أردت أنها تطلق واحدة إن دخلت الدار مرتين أو ثلاثًا يصدق فإن اتهم حلف وإن أراد وقوع الطلاق بالعدد المذكور تقع الثلاث وتلغو الزيادة. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخر كلامه من وقوع الثلاث مع كونه قد عبر بأو وتبعه عليه في "الروضة" أيضًا وهو غير صحيح ففي الرافعي والروضة الجزم بأنه إذا قال لزوجته: أنت طالق طلقة أو ثلاثًا أنه يختبر ويقع ما أراده منهما، والحمل على أنه قد يريد ثنتين وقد يريد ثلاثًا فاسد أيضًا؛ لأنه جزم بوقوع الثلاث.

قوله: وللدار بستان بابه لافظ فيها انتهى.

واعلم أن صيغة لفظ بالفاء والظاء المعجمة المشالة معناها رمى، تقول: لفظته من فمي أن رميته، والمعنى هاهنا أن باب البستان يرمي في الدار ولهذا عبر في "الروضة" بقوله: بابه مفتوح إليها.

قوله: وأنه لو حلف لا يطعنه بنصل هذا الرمح أو نصل هذا السهم فنزع الزج وأدخل فيه رمحًا آخر فطعنه به يحنث. انتهى.

الزج بزاي معجمة مضمومة ثم جيم مشددة هو: الحديدة التي في أسفل الرمح، والجمع زجاج بكسر الزاي، وزجة بالكسر أيضًا علي وزن عنبة.

قوله: وأنه لو قال: إن شتمتيني أو لعنتيني فأنت طالق فلعنته لا يقع الطلاق لتعلقه بهما. انتهى.

تابعه في "الروضة" علي هذا الحكم مع تعبيره بقوله: وإن -ومن خط النووي نقلت- وهو غير مستقيم فإن الرافعي قد ذكر قبيل الكلام على اعتراض الشرط على الشرط أن الشرطين المعطوفين بالواو يمينان سواء تقدما أو تأخرا وتابعه عليه في "الروضة" أيضًا، وحينئذ فيقع الطلاق في مسألتنا باللعن وبالشتم وحده وإنما يستقيم ما ذكره مع حذف واو العطف.

قوله: وأنه لو قال نصف الليل: إن بت مع فلان فأنت طالق فبات معه

ص: 441

بقية الليل طلقت على مقتضى القياس ولا يشترط أن يبيت جميع الليل ولا أكثره، انتهى.

والمختار كما قاله في "الروضة" أن المبيت يحمل مطلقه على أكثر الليل إذا لم تكن قرينة كما سبق في المبيت بمنى قال لكن الظاهر الحنث هنا لوجود القرينة.

قوله: وأنه لو حلف لا يأكل من مال فلان فنثر مأكولًا فالتقطه وأكله حنث، وكذا لو تناهدا فأكل من طعامه، انتهى.

قال في "الروضة" الصورتان مشكلتان والمختار في مسألة النثار بناؤه على الخلاف السابق في الضيف ونحوه أنه هل يملك الطعام المقدم إليه ومتى يملكه؟ وأما بالنسبة للمناهدة وهي خلط المسافرين نفقتهم وإشتراكهم في الأكل من المخلتط ففيها نظر لأنها في معنى المعاوضة، وإلا فتخرج على مسألة الضيف، هذا كلامه.

وقد ذكر الرافعي المناهدة في آخر الأيمان وفسرها بتفسير هو أعم من هذا التفسير الذي ذكره النووي وذكر أيضًا ما ذكره النووي من التخريج على مسألة الضيف بعد أن نقل عن بعض الحنفية أنه لا يحنث وسوف أذكره هناك والمناهدة بالنون والدال المهملة.

قوله: وأنه لو حلف لا يكلم أحدًا أبدًا إلا فلانًا وفلانًا فكلمهما جميعًا يحنث كما لو قال: لا أكلم إلا هذا وهذا فكلمهما جميعًا، انتهى.

هذه المسألة لم يذكرها في "الروضة" وهذا الحكم إنما يتجه إذا كانت الصورتان بأو لا بالواو.

قوله: وأنه لو حلف لا يصوم زمانًا فالقياس أنه يحنث بصوم ساعة من يوم إذا قلنا في من حلف أن لا يصوم يحنث بالشروع فيه، ولو حلف ليصومن أزمنة، بَرَّ بصوم يوم لاشتماله على أزمنة. انتهى.

ص: 442

أما المسألة الأولى فقد تحرفت في "الروضة" فوقع فيها التعبير بقوله: ليصومن أي: على الإثبات.

وأما الثانية: فلا يشترط في البر أن يصوم يومًا، بل يكفي ثلاث لحظات.

قوله: وأنه لو قال: إن كان الله يعذب الموحدين فأنت طالق طلقت. انتهى.

قال في "الروضة" هذا إذا قصد الحلف على عذاب أحد منهم، فإن قصد المجموع أو لم يقصد شيئًا لم تطلق لأن التعذيب يختص ببعضهم.

قوله: وأنه لو قال: اكررسيه مرين مران فأنت طالق فظاهر اللفظ يقتضي وقوع الطلاق إذا لبسه أو ألقاه على نفسه، انتهى.

هذه المسألة ذكرها الرافعي بالفارسية فأسقطها من "الروضة".

قوله: وأنه لو اتهمته امرأته بالغلمان فحلف أن لا يأتي حرامًا ثم قبل غلامًا أو لمسه يحنث لعموم اللفظ بخلاف ما لو قالت له: فعلت كذا حرامًا؟ فقال: إن فعلت حرامًا فأنت طالق لأن هاهنا ترتب كلامه على كلامها وهناك اختلف اللفظ فحمل كلامه على الإبتداء لأنها اتهمته بنوع من الحرام فنفى عن نفسه جنس الحرام، انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما نقله عن البوشنجي في اللمس من إطلاق الحكم عليه بالتحريم، وإيقاع الطلاق به، وتابعه هو والنووي عليه مستقيم على ما صححه النووي من تحريم النظر إلى الأمرد بغير الشهوة فإن ذلك إذا حرم كان تحريم القبلة والمس بطريق الأولى، وأما على ما قال الرافعي والجمهور من جواز النظر فالمتجه جواز المس وهذه المسألة الثانية وهي التي أجاب فيها بعدم الحنث قد أسقطها النووي من "الروضة"، وحكمها مشكل بل الصواب وقياس نظائره أنه يحنث ولا أثر لترتيب كلامه على كلام غيره ولهذا لو قال له قائل كلم زيدًا اليوم، فقال: والله لا كلمته، إنعقدت

ص: 443

اليمين على الأبد إلا أن ينوي اليوم كذا قاله الرافعي في أواخر كتاب الأيمان.

قوله: وأنه لو حلف لا يأكل من مال ختنه فدفع إليه الدقيق ليخبره فخبزه بخمير من عنده لم يحنث لأنه مستهلك، انتهى.

وما نقله عن العبادي من عدم الحنث وأقره تبعه عليه في "الروضة" أيضًا وهو غير مستقيم لأن هذا المال مشترك بلا شك فيأتي فيه ما قالوه فيه في الأيمان وهو أنه إن أكل الكل أو شيئًا يزيد على حصته حنث وإلا فلا.

والختن بالخاء المعجمة والتاء بنقطتين من فوق هو: زوج البنت.

قوله: ولو قال: إن لم تكوني أحسن من القمر، أو إن لم يكن وجهك أحسن من القمر فأنت طالق.

قال القاضي أبو علي الزجاجي والقفال وغيرهما: لا تطلق، واستدلوا بقول الله تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} انتهى.

زاد في "الروضة" على هذا فقال: هذا الحكم والاستشهاد متفق عليه وقد نص عليه الشافعي رحمه الله وقد ذكرت النص في ترجمة الشافعي من كتاب "الطبقات" هذا كلامه.

وما ذكره رحمه الله عن الطبقات سهو فإن "الطبقات" المذكورة لم يترجم فيها للشافعي فضلا عن كونه ذكر هذا النص فيها، وقد وقع له أيضًا نظير هذا الموضع في كتاب الوليمة.

قوله نقلًا عن أبي العباس الروياني: أن امرأة قالت لزوجها: اصنع لي ثوبًا ليكن لك فيه أجر، فقال: إن كان لي فيه أجر فأنت طالق فقالت: استفتيت فيه إبراهيم بن يوسف العالم، فقال: إن كان إبراهيم بن يوسف [عالمًا فأنت طالق، فاستفتي إبراهيم بن يوسف](1) في ذلك فقال: لا يحنث في اليمين الأولى لأنه مباح والمباح لا أجر فيه، ويحنث في الثانية لأن الناس يسمونني عالمًا، وقيل: يحنث في الأولى أيضًا لأن الإنسان يؤجر في ذلك أيضًا إذا

(1) سقط من أ.

ص: 444

قصد البر، وحكى الوجهين معًا القاضي الروياني في كتاب "التجربة" وقال: الصحيح الثاني، انتهى.

قال في "الروضة": لا معنى للخلاف في مثل هذا لأنه إن قصد الطاعة كان فيه أجر ويحنث وإلا فلا، ومقتضى الصورة المذكورة أن لا يحنث لأنه لم يقع فعل بنية الطاعة، انتهى كلامهما.

وما ذكراه معًا كلام غير محرر، والصواب ما ذكره الرافعي في أوائل كتاب النذر نقلًا عن الأئمة وهو أن المباح إذا قصد به الطاعة فإنه يثاب على القصد الجميل لا على نفس المباح فلابد من مراعاة ذلك هنا، وأما قول النووي أن مقتضى التصوير أنه لا يحنث أنه لم يقع منه فعل بنية الطاعة، وهذا كلام عجيب موهم فإن الثواب لا يتوقف علي الفعل بل إذا قصد أن يفعل بنية الطاعة حصل له الثواب سواء فعله أم لم يفعله، وأيضًا فإن الفعل هنا لم يقع بالكلية حتى يعدل بنفي الفعل المقيد.

واعلم أن ما ذكره الرافعي في أوائل النذر قد ذكر ما يخالفه في آخر باب القسم والنشوز فقال: إن هجران المرأة بترك الكلام حرام، وقيل مكروه.

قال الإمام: وعندي أنه لا يحرم ترك الكلام أبدًا لكن إذا كلم فعليه أن يحنث وهو كابتداء السلام وجوابه.

ثم قال -أعني: الرافعي- ولمن ذهب إلى التحريم أن يقول: لا منع من ترك الكلام بلا قصد، فأما بقصد الهجران فحرام كما أن الطيب ونحوه إذا تركه الإنسان لا يحرم ولو قصد بتركه الإحداد أثم هذا كلامه.

وتبعه عليه في "الروضة" وذكر ما يوافق هذا أيضًا في أوائل الشهادات في الكلام على الغناء المحرم.

قوله نقلًا عن الشيخ إبراهيم المروروزي: وأنه لو قال: أفرغي هذا البيت من قماشك فإن دخلت ووجدت فيه شيئًا من قماشك ولم أكسره على

ص: 445

رأسك فأنت طالق، فدخل البيت ووجد فيه منحازًا لها، فقيل: لا يقع للإستحالة، وقيل يقع عند اليأس. انتهى.

المنحاز بميم مكسورة ثم نون ساكنة ثم حاء مهملة وفي آخره زاي معجمة هو الهاون، ومن كلام العرب له دق دقك بالمنحاز حب الفلفل.

إذا علمت ذلك فالصحيح في هذه المسألة وسائر التعاليق المستحيلة وجه ثالث وهو الحنث الأن، كذا ذكره الرافعي في الأيمان في أول النوع الثالث المعقود للأكل والشرب فقال: إنه الأشبه، وفي "الروضة" إنه الأصح، وعللاه بأن العجز متحقق في الحال، وإنما يحسن الانتظار في ما يتوقع حصوله، نعم: إن قال إن طرت أو أحييت ميتًا ونحوه مما جعل فيه الطلاق معلقًا على وجود ما يستحيل وجوده فلا يقع على الصحيح وليس كلامنا فيه.

قوله نقلًا عنه: وأنه لو تخاصم الزوجان إلى آخره.

هذه المسألة وقعت في نسخ الرافعي مغيرة كما قاله في "الروضة" قال وقد حققتها من كتاب إبراهيم المذكور فلنذكر عبارة النووي فيها لمعرفة صورة المسألة، فنقول: قال في أصل "الروضة": وأنه لو تخاصم الزوجان فخرجت مكشوفة الوجه فعدى خلفها وقال كل امرأة خرجت من الدار مكشوفة ليقع بصر الأجانب عليها فهي طالق فسمعت قوله ورجعت ولم يبصرها أجنبي طلقت، ولو قال: كل امرأة لي خرجت مكشوفة ويقع بصر الأجانب عليها فهي طالق فخرجت ولم يبصرها أجنبي لا تطلق، والفرق أن الطلاق في الصورة الثانية معلق على صفتين ولم توجد إلا إحداهما، وفي الأولى على صفة فقط، وقد وجدت هذا كلامه.

قوله نقلًا عن أبي العباس الروياني: وأنه لو حلف أنه لا يفعل كذا فشهد عنده عدلان أنه فعله وظن صدقهما لزمه الأخذ بالطلاق، انتهى.

ص: 446

فظاهره اشتراط العدلين في الإخبار وينبغي الاكتفاء بالواحد عند غلبة الظن وهذه المسألة تشكل على مسألة الإخبار بنقضان الصلاة وزيادتها حيث صححوا هناك عدم الرجوع إلى المخبر، ويجوز أن يكون الروياني هذا ممن يقول في الصلاة بالرجوع إلى قول المخبرين فإن صح عنه لزم القول بعدم الرجوع هنا إلى قولهم، وقوله: يشهد عدلان أنه فعله لابد أن يريد فيه أنك فعلته عمدًا وإلا فلا يستقيم إطلاق القول بالحنث، إلا أن يكون الروياني هذا ممن يرى بحنث الناسي.

وقوله: لزمه الأخذ بقولهم، يحتمل اللزوم باطنًا ويحتمل ظاهرًا أيضًا حتى أنها تقضي العدة وتنكح غيره من غير إنشاء طلاق، وهو مشكل، لإنا لو فتحنا هذا الباب لاتخذه الشهود ذريعة إلى التفريق بين المرء وزوجه عند التعليق على أي فعل كان ولو علق على فعل غيره من غير إستفصال الحاكم لهم فشهد الشهود أنه فعله كان ممن لا يبالي به أو يبالي، والقياس إلحاقه بفعله ولو شهد عنده عدلان فشك في إخبارهما لم يلزمه الأخذ ويلزم الشهود في جميع الصور أن يشهدوا أنه فعله وطريق الزوج في رفعهم عنه وبقاء الزوجية أن يحلف أنه فعله ناسيًا.

وقوله: فيشهد عنده عدلان يقتضي أنه لو شهد عنده صبيان أو عبيد أو فسقة لم يلزمه الأخذ عند غلبة الظن، وفيه نظر، ولو شهد عنده نسوة أو عبيد عدول لزمه الأخذ، ويحتمل خلافه لأنهم ليسوا مقبولين الشهادة في الطلاق، ولو أخبرته المرأة بأنه فعله وغلب على ظنه لم يلزمه الأخذ لأنها قد تريد قطع نكاحه وكثيرًا ما يقع هذا، لكن إذا كان المدار على غلبة الظن فينبغي طرحه في الجميع ولا ينبغي تقييده بالشهادة، بل إذا غلب على ظنه أنه فعله لزمه الأخذ بالترك، وقد ذكروا في مسألة التحليل فيما إذا أخبر به المرأة فإنها حلت وغلب على ظنه الكذب أنه يجوز النكاح على الأصح، فإذا كان ابتداء النكاح مع غلبة الظن يكذب المخبر فجواز استدامته مع غلبة

ص: 447

ظن صدق المخبر أولى لأنه يفتقر في الدوام ما لا يفتقر في الابتداء، ويلزم أبا العباس أن الشهود لو شهدوا عنده أنها حلت وغلب على ظنه الكذب أن لا يجوزه ويجوز أن يكون قائلا به.

ولو علق عتقًا أو نذرًا على فعله أو فعل غيره أو عبده أو أمته فأخبره عدلان فالعتق نظير الطلاق.

ولو حلف يمينًا بالله على عدم الفعل فشهدوا عنده لزمته الكفارة على هذا.

ولو كانت عليه ديون وكفارات فشهدوا عنده بأدائها أو بأداء زكاة أو صلاة أو حج أو صوم أو رد لقطته أو وديعة أو عارية أو مغصوبة وغلب الصدق فينبغي القبول فيما عدا الصلاة.

ولو شهدوا بإبراء أو استيفاء أو قرض أو رهن أو إجارة أو تزويج بنته أو أمته أو غيرهما من غيره أو باستيلاده أمته أو تدبيرها أو وقفها أو بجميع ما يتعاطاه المكلف فهذه مسائل ينبغي الإعتناء بتحريرها.

وإيضاح قول أبي العباس في أصل المسألة وإيضاح محله هل هو عند الفعل عمدًا أو سهوًا؟ وأن ما قاله هل يطرد في جميع هذه الصور، وتبين مذهبه في حنث الناسي والجاهل وفي مسألة الصلاة أعني من قول المخبر وقول المرأة للزوج إنك فعلته هل يلزمه مع غلبة الظن؟ وهذه المسائل لم يتعرض لها أحد.

ص: 448