الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله: القسم الثاني في
الأركان
قوله: وإذا قال الولي: زوجتكها، فليقل الزوج: قبلت نكاحها. . . . إلى آخره.
اعلم أن الزوج إذا اقتصر على هذا اللفظ فإنما يفيده ذلك صحة النكاح فقط، وأما المسمى فلا يلزمه إلا إذا صرح الزوج به في لفظه، فيقول: قبلت نكاحها على هذا الصداق. . . . أو نحوه، فإن لم يقل ذلك وجب مهر المثل سواء كان زائدًا على المسمى أو ناقصًا، كذا صرح به الماوردي في "الحاوي"، وكذلك الروياني في "البحر" في كتاب البيع قبل باب الربا بصفحة وفي كتاب النكاح، وفي الخلع أيضًا، وصاحب "التعجيز" في شرحه له، والمعنى في ذلك أن النكاح يصح قبوله بلا صداق، بل مع نفيه، فإذا سكت عنه ولم يصرح بقبوله لم يمكنا إيجابه عليه لأنا لا نعلم أرضي به أم لا بخلاف البيع فإنه لا يصح إلا بالعوض، لكن أعادها الماوردي في الخلع، وحكى فيها وجهًا: أنه يلزمه المسمى، وذكر وجهًا آخر: أنه لا يصح النكاح عند نفيه ما سماه الولي.
قوله: فإن اقتصر على قوله: قبلت، فطرق أصحها: قولان: أظهرهما: البطلان إلى آخره.
اعلم أن تصحيح البطلان مشكل، وقد سبق إيضاح إشكاله في البيع فراجعه.
قوله: ولو قال: قبلت النكاح، ولم يضف النكاح إليها أو قال: قبلتها، ففيه خلاف مرتب على ما سبق وأولى بالصحة. انتهى.
تبعه عليه في "الروضة"، والذي قاله لا يؤخذ منه تصحيح فإن
معناه أنا إن قلنا بالصحة عند اقتصاره على قبلت صح في مسألتنا، وإن قلنا هناك: لا يصح، فهاهنا خلاف، وقد نص الشافعي رحمه الله في "الأم" على المسألة فقال في باب كيف تثبت الرجعة؟ ما نصه: فإذا قال: راجعتها أو ارتجعتها، فهذا صريح الرجعة كما لا يكون النكاح إلا بصريح النكاح أن يقول قد تزوجتها أو نكحتها فهذا بصريح النكاح، ولا يكون نكاحًا بأن يقول قد قبلتها حتى يصرح بما وصفت، لأن النكاح تحليل بعد تحريم، وكذلك الرجعة تحليل بعد تحريم، والتحليل بالتحليل شبيه، انتهى لفظه بحروفه، ومن "الأم" نقلته.
قوله في أصل "الروضة": وكذا لو قال: بعتك كذا، فقال: قبلت، ينعقد على الصحيح. انتهى.
هذه المسألة سبق ذكرها في البيع وادعى في أصل "الروضة" هناك نفى الخلاف فيها، وقد سبق ذكر لفظه فراجعه.
قوله: قال في "التهذيب": ولو خاطب غائبًا بلسانه فقال: زوجتك ابنتي، ثم كتب فبلغه الكتاب أو لم يبلغه وبلغه الخبر فقال: قبلت نكاحها، فيلغو: لتراخي القبول عن الإيجاب، أو يصح ويجعل كأنه خاطبه حين أتاه الكتاب أو الخبر؟ فيه وجهان ولو قال زوجت ابنتي من فلان وجب أن يكون على هذا الخلاف، وقد حكينا في نظيره في البيع الصحة. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن الأصح من هذا الخلاف المحكي في الصورة الأولى هو البطلان كذا صححه النووي في "الروضة" ولم ينبه على أنه من "زياداته"، بل أدخله في كلام الرافعي فتفطن له.
الأمر الثاني: أن النووي قد أسقط المسألة الثانية المخرجة على هذا
الخلاف فلم يذكرها في "الروضة".
الأمر الثالث: أن الذي أشار إليه الرافعي من حكاية الصحة في نظيره من البيع حكاه عن بعض المسودات وأقره، وإذا استحضرت ما قاله الرافعي من أن ذلك المحكي هو نظير ما إذا قال: زوجت ابنتي من فلان، وأن هذه -أعني: مسألة التزويج- يجب أن تكون على الخلاف السابق، وقد صحح النووي من ذلك الخلاف قول البطلان، استفدت من ذلك كله أن الراجح البطلان في المنقول عن بعض المسودات، وقد سبق منا في البيع الوعد بذكره هنا.
قوله: في التزويج من الغائب، ثم إذا قلنا بصحة النكاح إما بمجرد الكتابة أو عند اللفظ فالشرط أن يقبل في مجلس بلوغ الخبر. انتهى.
وهذه المسألة -أعني وقت جواز القبول في المكتوب- قد ذكرها الرافعي في مواضع: أحدها ما ذكرناه الآن، وقد جوز فيه أن يكون القبول في مجلس بلوغ الخبر.
والموضع الثاني: في كتاب الطلاق في الباب الثاني منه في الطرف الثاني، فقال: وحيث حكمنا بانعقاد النكاح فيكتب: زوجت بنتي إلى آخره.
ثم قال ما نصه: ويشترط أن يكون القبول لفظًا أو كتابة على الفور، وفيه وجه ضعيف كما تقدم. هذا لفظه.
واشتراطه للفور مناقض للمذكور هنا مناقضة عجيبة، والوجه الذي أشار إلى تقدمه قد ذكره قبله بأسطر لكن في البيع ونحوه.
فقال: وفي وجه لا يشترط، بل يراعى التواصل اللائق بين الكتابين، والموضع الثالث في كتاب البيع فصحح هناك ما يوافق المذكور في الطلاق، فقال: وإذا قلنا ينعقد البيع بالمكاتبة فالشرط أن يقبل المكتوب إليه كما اطلع على الكتاب على الأصح ليقترن القبول بالإيجاب بحسب الإمكان.
انتهى.
وإذا كان ذلك شرطًا عنده في البيع كان شرطًا في النكاح بطريق الأولى، وذكر المسألة في "الشرح الصغير" في كتاب الطلاق فقط كما ذكرها في "الكبير" هناك، فقد خالفه النووي في هذا الباب فذكر من "زياداته": أن الفور شرط، ولم يستحضر ما قاله في غيره حتى ينبه عليه.
قوله: ونختمه بصور: تعتبر الموالاة بين الإيجاب والقبول على ما مر في البيع. انتهي.
وقال في البيع: يشترط أن لا يطول الفصل بين الإيجاب والقبول ولا يتخللها كلام أجنبي عن العقد، فإن طال أو تخلل لم ينعقد. هذا لفظه، وذكر نحوه في أوائل الخلع وفيه أمران:
أحدهما: أنه يدل على أن تخلل اللفظ اليسير يقدح إذا كان أجنبيًا وبه صرح قبل هذا في الكلام على خطبة العقد فقال: إن أظهر الوجهين البطلان، وقد ذكر ما يخالف ذلك كله في كتاب الطلاق في أول الباب الرابع المعقود للاستثناء فإنه ذكر عن الإمام كلامًا، ثم قال عقبه ما نصه: وكذلك لا ينقطع الاتصال بين الإيجاب والقبول بالكلام اليسير على الأصح، وفي الاستثناء ينقطع. انتهى.
وذكر أيضًا مثله في آخر الباب الأول من أبواب الخلع نقلًا عن الإمام فقال: وقد مر في البيع وغيره أنه لا ينبغي أن يتخلل بين الإيجاب والقبول كلام لا يتعلق بهما، فإن تخلل بطل الارتباط بينهما، وذلك في الكلام الكثير، فأما الكلام اليسير فقد أطلق الإمام فيه حكاية وجهين، وقال: الصحيح أنه لا بأس به واحتج محتجون له بنص الشافعي. انتهى.
ونقل النووي هذا الكلام من الموضع الذي ذكره الرافعي فيه إلى الكلام
على أركان الخلع، ومع نقله أطلق التصحيح بأنه لا يضر، ولم ينقله عن الإمام، هذا مع موافقته على المواضع المتقدمة فصار أبلغ في الاختلاف لاسيما وقد بالغ في كتاب البيع من "شرح المهذب" فقال ما نصه: ولو تخللت كلمة أجنبية بطل العقد، ولم يذكرها الرافعي في "الشرح الصغير" إلا في البيع، ونقل ابن الرفعة في البيع والنكاح من "الكفاية" أن الرافعي صحح في أول الاستثناء من الطلاق أن الفصل اليسير لا يقدح، وهو وهم فإن التصحيح لإمام الحرمين كما تقدم.
الأمر الثاني: حيث قلنا: إن الكلام الأجنبي يضر فمحله إذا كان من المخاطب المطلوب منه الجواب، فإن كان من المتكلم فوجهان حكاهما في آخر الباب الأول من أبواب الخلع واقتضي إيراده أن المشهور أنه لا يضر فإنه قال: ومن لم يحتمل الفصل قال كذا وكذا يعني أنه لا يضر ثم نقل عن صاحب "التهذيب" وحده التسوية، وقد حذف النووي هذه المسألة.
قوله: ولو طلق امرأته على أن يزوجه صاحبه بنته ويكون بضع امرأته صداقًا لها وزوجه صاحبه على ذلك، فهل يبطل النكاح أم يصح ويفسد الصداق؟ وجهان حكاهما ابن كج عن ابن القطان. انتهى.
قال في "الروضة": أفقههما الثاني.
قوله: ولو قال: نكحتها متعة، ولم يزد على هذا حكى الحناطي في صحة النكاح وجهين. انتهى.
والأصح البطلان كذا قاله في "الروضة" من "زياداته".
قوله في "الروضة": وفي الانعقاد بحضور الأخرس وذي الحرفة الدنية والصباغ والصائغ وجهان. انتهى.
واعلم أن الرافعي بنى الخلاف في الأخرس على قبول شهادته، والأصح عدم قبولها فيكون الصحيح هنا عدم الانعقاد، فحذف النووي هذه الزيادة التي يؤخذ منها التصحيح، وشرط في "الحاوي الصغير" أن
يكون مقبول الشهادة فجمع هذا الشرط وغيره مما هو مذكور في الشهادات كالمروءة وسلامته من الحرف الدنية.
قوله: وهل ينعقد النكاح بشهادة المستورين؟
قال الإصطخري: لا بل لابد من معرفة العدالة باطنًا، والمذهب هو الإنعقاد بهما بخلاف حكم القاضي فإنه لابد فيه من ذلك لأنه يسهل على الحاكم مراجعة المزكين ومعرفة العدالة الباطنة، والنكاح يقع بين العامة وأوساط الناس فلو كلفوا بها لشق عليهم، ويعني بالمستور من يعرف بالعدالة ظاهرًا لا باطنًا، وذكر في "التهذيب" أنه لا ينعقد بشهادة من لا يعرف عدالته ظاهرًا، وهذا كأنه مصور لمن لا يعرف إسلامه وإلا فالظاهر من حال المسلم الإحتراز من أسباب الفسق. انتهى ملخصًا.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما حاوله الرافعي في آخر كلامه من الحكم بالصحة فيمن علم إسلامه لكون الغالب على المسلم الاحتراز، ومن حمل كلام البغوي عليه حكمه صحيح، وحمل مقالة "التهذيب" عليه غلط كما قال الله تعالى:{خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102].
أما الأول وهو صحة الحكم الذي ذكره تفقهًا فقد نقله صاحب "البحر" عن نص الشافعي فقال ما نصه: ولو حضر رجلان مسلمان العقد ولا يعرف حالهما من الفسق والعدالة انعقد النكاح بهما في الظاهر، نص عليه في "الأم" لأن الظاهر في المسألتين العدالة. انتهى.
ثم نقل عن "الحاوي" نحوه.
وأما الثاني وهو فساد حمل كلام البغوي على هذا الحكم، فإن البغوي قد قال: وينعقد بشهادة المستورين والمستور من يكون عدلًا في الظاهر ولا يعرف عدالة باطنه، ثم قال بعد ذلك بأسطر: ولا ينعقد بشهادة من لا
يعرف عدالة ظاهره ولا من لا يعرف حاله في الإسلام والحرية ظاهرًا وباطنًا هذا لفظه فجمع بين من لا يعرف عدالة ظاهره ومن لا يعرف إسلامه، وحكم عليهما بعدم الصحة، وتلخص منه أنه يشترط عنده في العدالة معرفتها ظاهرًا فقط، وفي الإسلام المعرفة ظاهرًا وباطنًا، فاستحال تفسير أحدهما بالأخر فذهل الرافعي عن أخر كلام البغوي فوقع فيما وقع.
الأمر الثاني: أن النووي رحمه الله قد استدرك في "الروضة" على الرافعي فقال: قلت الحق: هو قول البغوي، وأن مراده من لا يعرف ظاهره بالعدالة وقد صرح البغوي بهذا، هذا كلامه، وقد ظهر لك خطأوه في ما قال: إنه الحق وسببه عدم اطلاعه على هذا النص الذي خفي على الرافعي أيضًا، وأيضًا فقوله إن مراد البغوي من لا يعرف ظاهره بالعدالة وإنه قد صرح بهذا عجيب أيضًا فإن هذا بعينه قد حكاه عنه الرافعي، وإنما توقف في فهم المراد منه، وقد تلخص من كلام البغوي أن المسلم الذي لم يعلم فسقه بالنسبة إلى العدالة أقسام:
أحدها: أن تعرف عدالته ظاهرًا وباطنًا وذلك بأن يحكم الحاكم بها، وهذا القسم واضح.
الثاني: أن تعرف ظاهرًا فقط -أي بالمخالطة- من غير حكم حاكم فينعقد معها النكاح على المعروف.
الثالث: أن لا يعرف ظاهرًا ولا باطنًا كمن علمنا إسلامه، ولم نخالطه فنعلم حاله ولم يحكم الحاكم بعدالته فينعقد به على الصواب المنصوص الذي ذهب إليه الرافعي تفقها ولا ينعقد على ما قاله النووي ذهولًا عن المنقول.
واعلم أن في المسألة أمورًا أخرى مهمة يأتي الكلام عليها في أثناء
موانع الولاية في ضمن فصل طويل فراجع ذلك، وما جزم به الرافعي من عدم الانعقاد بمن لا يعرف إسلامه، وتبعه عليه في "الروضة" واقتضى كلامهما عدم الخلاف فيه، قد جزم القاضي أبو الطيب في أوائل كتاب القضاء من تعليقه بما يخالفه، فإنه نقل عن أبي حنيفة جواز الحكم في الأموال بشهادة مجهول العدالة، واستدلوا علينا بأنكم قلتم: إن النكاح ينعقد بشهادة شاهدين مجهولي الحال، ثم أجاب عنه بجواب ذكر في أثنائه ما نصه: ألا ترى أن النكاح ينعقد بشاهدين لا يعرف إيمانهما ولا يجب البحث عنه، ولا يجوز للحاكم أن يحكم بشهادة شاهدين بهذه الصفة، هذه عبارته ذكر ذلك قبل باب كتاب القاضي بنحو سبع أوراق، وقد سلك الشيخ في "التنبيه" مسلك شيخه في ذلك فقال: ولو عقد بشهادة مجهولين جاز على المنصوص فتفطن لذلك، ولم يقف ابن الرفعة على مستند كلام الشيخ فظن أن أحدًا لم يقل به فحمله على غير ما يقتضيه كلامه.
قوله: ولو أخبر عدل عن فسق المستور فهل يزيل إخباره الستر حتى لا ينعقد النكاح بحضوره؟ وإن زال فينحى بإخباره نحو الروايات، أو يقال هو شهادة فلا تعتبر فيه الأقوال من يخرج عند القاضي، تردد فيهما جميعًا الإمام. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على حكاية التردد عن الإمام من غير ترجيح مع أن الإمام لما ذكر ذلك رجح الأول، والعجب من ترك الرافعي للترجيح الذي هو موضع الحاجة.
قوله: ولو اعترف الزوج بشيء من موانع الصحة كفسق الشاهدين فرق بينهما، وفي سبيل هذا التفريق وجهان:
أحدهما: أنه طلاق بائن والثاني: فرقة فسخ إلى آخره.
ذكر مثله في "الشرح الصغير" والراجح: أنها فسخ ففي "زيادات الروضة" أنه الأصح أو الصحيح.
قوله: من "زوائده" ولو قالت عقدنا بفاسقين، فقال: بل بعدلين فأيهما يقبل؟ وجهان الأصح قوله فإن مات لم يرثه، وإن ماتت أو طلقها قبل الدخول فلا مهر لإنكارها وبعد الدخول لها أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل. انتهى كلامه.
وما ذكره من أنه لا مهر لها قبل الدخول لإنكارها ليس على إطلاقه، بل ينبغي تقييده بما إذا لم يعطها الزوج ذلك فإن أعطاها فليس له استرداده، فقد ذكر الرافعي هذا التفصيل في آخر الرجعة في نظير المسألة، وتبعه عليه في "الروضة" فقال فيما إذا قال الزوج طلقتها بعد الدخول فقالت بل قبله ما نصه: ثم هو مقر لها بكمال المهر، وهي لا تدعي إلا نصفه، فإن كانت قبضت الجميع فليس له مطالبتها بشيء، وإن لم يقبضه فليس له إلا أخذ النصف هذا لفظه، والنصف الذي ينكره هناك هو نظير الجميع هنا.
قوله: ولو وكل بنته بأن توكل رجلًا بتزويجها فوكلت، نظر إن قال: وكلى عن نفسك لم يصح، وإن قال: وكلى عني أو أطلق فوجهان. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" والراجح الجواز كذا رجحه ابن الصباغ والمتولي.
قوله: واعلم أن ما روي عن يونس بن عبد الأعلى أن الشافعي رضي الله عنه قال: إذا جمعت الرفقة امرأة لا ولى لها فولت أمرها رجلًا حتى زوجها يجوز، ليس قولًا في تجويز النكاح بلا ولى لأن أبا عاصم العبادي لما حكي هذا النص في "طبقات الفقهاء" ذكر أن من أصحابنا من أنكر هذه الرواية
ومنهم من قبلها، وقال: إنه تحكيم، فإن لم يثبت فذاك، وإن ثبت فهذا نكاح بولى، وهو المحكم القائم مقام الحاكم. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأصح جواز هذه المسألة لأن الأصح المذكور في كتاب القضاء جواز التحكيم في عقد النكاح مع وجود الحاكم ودونه، وقد صححه أيضًا هنا النووي من زياداته فقال: وهذا صحيح بناء على الأظهر في جوازه في النكاح، ولكن شرط المحكم أن يكون صالحًا للقضاء وهذا يعسر في مثل هذا الحال، فالذي نختاره صحة النكاح إذا ولت أمرها عدلًا وإن لم يكن مجتهدًا وهو ظاهر النص الذي نقله يونس وهو ثقة، هذا كلامه.
وإذا علمت جميع ما تقدم علمت أن الصحيح جواز هذه المسألة سفرًا وحضرًا مع وجود القاضي ودونه، لأنه الصحيح في التحكيم وسواء كان السفر طويلًا أم قصيرًا على ما اقتضاه الخلاف.
الأمر الثاني: أن كلامه يقتضي إنكار الخلاف في مباشرة المرأة ذلك بنفسها وليس كذلك، بل فيه وجهان مذكوران في "البحر" قال: سواء كان فقد الولى والحاكم في السفر أو في الحضر وحكاهما أيضًا في "زوائد الروضة" عن "الحاوي".
قوله: ولو رفع النكاح بلا ولي إلى قاض يصححه فحكم بصحته، ثم رفع إلينا لم ننقض قضاؤه.
وقال الإصطخري: ينقض ولو طلق في النكاح بلا ولى لم يقع طلاقه، فلو طلق ثلاثًا لم يفتقر إلى محلل.
وقال أبو إسحاق: يقع ويفتقر إلى المحلل احتياطًا للأبضاع. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما صححه هاهنا من عدم النقض قد ذكر في كتاب القضاء ما يخالفه وسلم النووي من ذلك، فإن تعبيره يدل على خلاف تعبير الرافعي، وسوف نقف على ذلك هناك إن شاء الله تعالى.
الأمر الثاني: أن تعبير "الروضة" يوهم أن عدم وقوع الطلاق من تفاريع الحكم بالصحة وليس كذلك فتفطن له واجتنبه.
قوله: والجديد قبول إقرار المرأة بالنكاح ثم قال ما نصه: فإن قلنا بالجديد فيكفي إطلاق الإقرار أم لابد وأن تفصل فتقول زوجني وليي منه بحضور شاهدين عدلين ورضائي إن كان ممن يعتبر رضاها؟ فيه وجهان بناء على الخلاف في أن دعوى النكاح تسمع مطلقة أو -يجب التفصيل والأصح الثاني. انتهي كلامه.
وحاصله تصحيح وجوب التفصيل في الإقرار بالنكاح أيضًا، وقد خالف ذلك في أوائل كتاب الدعاوى في المسألة الخامسة فقال: أظهر الوجهين: أنه لا يجب وسوف أذكر لفظه في موضعه إن شاء الله تعالى، ووقع الموضعان كذلك في "الشرح الصغير" وقعا أيضًا في "الروضة" على كيفية هي أفحش في الاختلاف مما وقع في الرافعي، فإنه قال هنا: الأصح أنه لا يكفي إطلاق الإقرار ولم يتعرض للبناء، وقال في الدعاوى: المذهب أنه يكفي الإطلاق، وقيل في اشتراط التفصيل الخلاف في الدعوى والشهادة وهو ضعيف، هذا لفظه في الموضعين.
قوله: ولو قال الأب وهي بنت: كنت زوجتها في بكارتها لم يقبل، واعتبر وقت الإقرار كذا أطلقه الإمام وهو الظاهر، ويمكن جعله على الخلاف في ما لو أقر مريض لوارثه بهبة في الصحة. انتهى.
تبعه أيضًا في "الروضة" على هذا التخريج والفرق ظاهر، فإن النكاح يشتهر أمره والإشهاد شرط فيه فلا يعسر على الأب إقامة البينة عليه
بخلاف الأموال خصوصًا اليسير منها.
قوله: أقرت لزوج وأقر وليها إقراره لآخر فهل المقبول إقراره أم إقرارها؟ وجهان. انتهى.
أعاد هذه المسألة في باب اختلاف الزوجين وهو قبيل الصداق، وحكى مع هذين الوجهين احتمالين آخرين للإمام:
أحدهما: يقدم السابق.
والثاني: يبطلان جميعًا، قال: فحصل في المسألة أربع احتمالات، ولم يرجح شيئًا منها، وتابعه في "الروضة" عليه.