المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب القسم والنشوز - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٧

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره

- ‌ الأركان

- ‌الفصل الأول في أسباب الولاية

- ‌الفصل الرابع في تولي طرفي العقد

- ‌الفصل الخامس في التوكيل

- ‌الفصل السادس في ما يجب على الولي

- ‌الفصل السابع في الكفاءة

- ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

- ‌ الموانع

- ‌الجنس الأول: المحرمية

- ‌الجنس الثاني: ما لا يوجب حرمة مؤبدة

- ‌الجنس الثالث: من الموانع الرق

- ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

- ‌ موجبات الخيار

- ‌السبب الأول: العيب

- ‌السبب الثاني: الغرور

- ‌السبب الثالث: [العتق]

- ‌السبب الرابع: العنة

- ‌ فصول متفرقة

- ‌الفصل الأول فيما يحل للزوج

- ‌الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن

- ‌الفصل الرابع في تزويج الإماء

- ‌الفصل الخامس في تزويج العبد

- ‌الفصل السادس في النزاع

- ‌كتاب الصداق

- ‌الباب الأول في الصداق الصحيح

- ‌الباب الثاني في الصداق الفاسد

- ‌الباب الثالث في المفوضة

- ‌الباب الرابع في التشطير

- ‌الفصل الأول: في محله وحكمه

- ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

- ‌الفصل الثالث في التصرفات المانعة من الرجوع

- ‌الفصل الرابع في هبة الصداق من الزوج

- ‌الفصل الخامس في المتعة

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌باب الوليمة والنثر

- ‌كتاب القسم والنشوز

- ‌[كتاب الخلع

- ‌الباب الأول في حقيقة الخلع]

- ‌الباب الثاني في أركان الخلع

- ‌الباب الثالث في موجب الألفاظ

- ‌الباب الرابع في سؤال الطلاق

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الباب الأول في "السنة والبدعة

- ‌الركن الأول: المطلق

- ‌الركن الثاني: اللفظ وما يقوم مقامه

- ‌الركن الثالث: القصد إلى الطلاق

- ‌الركن الرابع: المحل

- ‌الركن الخامس: الولاية على المحل

- ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

- ‌الباب الرابع في الاستثناء

- ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

- ‌الشرط الثاني من الكتاب في التعليقات

- ‌الفصل الأول في التعليق بالأوقات

- ‌الفصل الثاني في التعليق بالتطليق

- ‌الفصل الثالث في التعليق بالولادة والحمل

- ‌[الفصل الرابع في التعليق بالحيض]

- ‌الفصل الخامس في التعليق بالمشيئة

- ‌الفصل السادس في مسائل الدور

- ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

- ‌فصل: قد بقى من كلام الرافعي ألفاظ لم يتقدم ضبطها

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في أحكامه

- ‌كتاب الظهار

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم الظهار

- ‌كتاب الكفارات

- ‌ العتق

- ‌ الصيام

- ‌ الإطعام

- ‌[كتاب اللعان

- ‌الباب الثاني: في قذف الأزواج

- ‌الباب الثالث: في ثمرة اللعان

الفصل: ‌كتاب القسم والنشوز

‌كتاب القسم والنشوز

قوله في أصل "الروضة": ويحرم عليه أن يجمع بين زوجتين أو زوجات في مسكن ولو ليلة واحدة إلا برضاهن. انتهى.

وهذا الكلام يوهم أنه لا يحرم عليه الجمع بين الزوجة والسرية أو السراري وليس كذلك، بل يحرم أيضًا كما في الزوجات، كذا ذكره الروياني في "البحر" ولم يحك فيه خلافًا والرافعي رحمه الله عبر بالضرة والضرتين، فعدل النووي عنه إلى الزوجتين والزوجات، ولقائل أن يلتزم إطلاق الضرة على الزوجة والسرية، وحينئذ يستقيم كلام الرافعي، لكن الجوهري فسر الضرة بالزوجة.

قوله: ومن يعمل ليلًا ويسكن نهارًا كالأتوني والحارس فعماد قسمة النهار والليل تابع. انتهى.

الأتوني منسوب إلى الأتون بهمزة مفتوحة ثم تاء بنقطتين من فوق مشددة وفي آخره نون، وهو الذي توقد به النار من حطب أو غيره، وأما المنسوب فإنه الشخص الموقد.

قوله: وأما النهار فلا يجب فيه التسوية بين النسوة في قدر إقامته في البيت، ولكن ينبغي أن تكون إقامته في بيت صاحبة النوبة إن أقام ولا يدخل على غيرها إلا لحاجة العيادة. انتهى.

ذكر في "الروضة" نحوه وليس فيه تصريح بتحريم ذلك، بل تعبيره بقول:"ينبغي" يشعر بالجواز، ولكن قد جزم صاحب "التنبيه" بالتحريم، وأقره عليه النووي في "تصحيحه" وحكى صاحب "الذخائر" في التحريم وجهين.

قوله: فرع: نقل صاحب "التهذيب" وغيره أنه إذا مرضت واحدة من

ص: 238

النسوة أو ضربها الطَّلق، فإن كان لها متعهد لم يبت عندها إلا في نوبتها، وإن لم يكن فله أن يبيت عندها ويمرضها بحسب الحاجة وقد خطر في الفرع شيئان:

أحدهما: أن التعهد إن فرض من الخادمة في التي تستحق الخادمة فبين وإن تبرع بذلك محرم أو امرأة فليس على الزوج إسكانه وإدخاله عليها فينبغي أن يكون الحكم كما لو لم يكن متعهد حتى يجوز له أن يبيت عندها. انتهى كلامه.

والذي ذكره رحمه الله هنا ذهول عما قرره هو وغيره في كتاب النفقات فإنهم قد نصوا على أن من لا تخدم لمنصبها يجب إخدامها إذا احتاجت إلى الخدمة لمرض ونحوه، والتصوير الآن في المحتاجة فتكون كالتي تخدم لنصبها والقاعدة أن المرأة لا يلزمها الرضى بخدمة الزوج عوضًا عن الخادم وأنها إذا ألفت خادمًا، ولم يحصل فيه ريبة لم يجز إبداله إلا برضى المرأة، وقد حذف من "الروضة" البحث المذكور فسلم من الاعتراض، وتعبير الرافعي في أول كلامه بقوله:"أو ضربها الطَّلْق" هو كذلك في "الروضة" و"التهذيب" وكأنه مأخوذ من قولهم: ضرب الجرح، إذا لَمَّ.

قوله: والثاني: لو مرضت اثنتان ولا متعهد، فقد يقال: يقسم الليالي عليهما ويسوي بينهما في التمريض ويمكن أن يقال يقرع بينهما، ويخص التي خرجت قرعتها كما يسافر بواحدة بالقرعة. انتهى كلامه.

قال في "الروضة" من "زوائده": القسم أرجح.

قوله: فرع: لو كان الرجل يعمل تارة بالليل ويستريح بالنهار وتارة عكسه فهل يجوز أن يبدل الليل بالنهار بأن يكون لواحدة ليلة تابعة ونهار متبوع ولأخرى ليلة متبوعة ونهار تابع؟ وجهان حكاهما

ص: 239

الحناطي. انتهى.

والأصح المنع لتفاوت الغرض، كذا قاله في "الروضة" من "زوائده".

قوله: والأولى أن لا يزيد على ليلة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولو قسم ثلاثًا ثلاثًا فيجوز ولا تجوز الزيادة على الثلاث إلا برضاهن، وقيل يجوز، ثم قال ما نصه: وإذا قلنا بالجواز فإلى كم يجوز؟ قال الإمام: إنه لا يجوز أن يبني القسم على خمس سنين مثلًا، ولكن عن صاحب "التقريب" أنه يجوز أن يقسم سبعًا سبعًا لأن هذه المدة قد تستحق في القسم لتجدد النكاح، وعن الشيخ أبي محمد وغيره أنه يجوز أن يزيد ما لم يبلغ مدة التربص في الإيلاء.

ثم قال: وإذا وقفت على ما ذكرنا لم نجر قبوله في "الكتاب" في حكاية الوجه الثالث على إطلاق. انتهى كلامه.

وعبارة الغزالي: "وقيل: لا تقدير"، بل هو إلى اختياره، وكلام الرافعي يقتضي أن أحدًا لم يقل بمدة الإيلاء فصاعدًا، فإن مراد الغزالي، إما مقالة صاحب "التقريب" وهي السبع، وإما مقالة الشيخ أبي محمد وهي نقصانها عن مدة الإيلاء، وقد تابعه أيضًا في "الروضة" على هذا الإنكار وبالغ فحذف مقالة الغزالي بالكلية واقتصر على المقالتين السابقتين، وما قالاه غريب، فإن القول به بلا تقييد وجه ثابت صرح به الغزالي في "البسيط" وعبر بعبارة صريحة في التعميم ودافعة لهذا التأويل، فقال: ومنهم من قال: لا تقدير بزمان ولا توقيت أصلًا وإنما التقدير إلى الزوج، ولم ينظر أحد إلى مدة الإيلاء، وإن كان محتملًا. هذا لفظه، ولو اطلعا عليه لم يذكرا ما ذكراه.

قوله: السبب الثاني: تجدد النكاح وهو يقتضي تخصيص الجديدة

ص: 240

بزيادة مبيت عند الزفاف وهي سبع ليال للبكر وثلاث للثيب، وسواء كانت ثيوبة الجديدة بنكاح أو زنا أو وطء شبهة، ولو حصلت بمرض أو وثبة فعلى الوجهين في استئذانها نطقًا في النكاح. انتهى.

وما ذكره من حكاية وجهين في المريضة قد تابعه عليه في "الروضة" [مع أنه لم يتقدم لها هناك ذكر بالكلية.

قوله في أصل "الروضة": ] (1): ولو كانت الجديدة أمة ولا يتصور ذلك إلا في العبد فإن له نكاح أمة على حرة فوجهان: أصحهما: أنها كالحرة في استحقاق السبع والثلاث لأن المراد زوال الحشمة والأمة كالحرة فيه والثاني: لها نصف ما للحرة كالقسم. انتهى كلامه.

وهذا الذي قاله من كونه لا يتصور إلا في العبد. ذكره أيضًا قبل ذلك بنحو ورقة، وهو غير صحيح، بل يتصور أيضًا في الحر، وذلك أن يكون تحته حرة لا تصلح للاستمتاع كما إذا كانت صغيرة أو هرمة أو غائبة أو مجنونة أو مجذومة أو برصاء أو رتقاء أو مفضاة لا تحتمل الجماع فإن الأصح في هذه الصور كلها عنده جواز نكاح الأمة عليها، كذا صححه في "المنهاج"، وهو الذي يشعر به كلام "الروضة" لكن الرافعي يميل إلى المنع كما تقدم الكلام عليه في موضعه فكذلك ذكر هنا أنه لا يتصور إلا في العبد، ثم إن النووي في "الروضة" وافقه عليه غير مستحضر لما قرره هناك فوقع في الخلل.

قوله: وإذا ابتدأ بالحرة ثم عتقت الأمة في نوبتها -أى نوبة الحرة- فينظر إن عتقت في القدر المشترك بين الحرة والأمة بأن عتقت في الليلة الأولى من ليلتي الحرة قسم الليلة ويبيت الليلة الأخرى عند العتيقة، وسَوَّى بينهما، وإن عتقت في الليلة الثانية لم يلزمة الخروج، ثم إن كملها

(1) سقط من الأصل.

ص: 241

عند الحرة بات بعد ذلك عند العتيقة ليلتين وإن خرج نظر إن كملها في مسجد أو بيت صديق لم يلزمه أن يقضي ما مضى من تلك الليلة وإن كملها عند العتيقة فقد أحسن. انتهى ملخصًا.

فيه أمران تابعه عليهما في "الروضة":

أحدهما: أن ما ذكره في ما إذا عتقت في الليلة الأولى من اقتصاره في الحرة على تلك الليلة، ويبيت الثانية عند العتيقة مقتضاه، أن ذلك واجب وليس كذلك، بل محله ما إذا أراد الاقتصار في حق العتيقة على ليلة فإن أراد توفية الحرة ليلتين، وإقامة مثلهما عند العتيقة جاز، صرح به إمام الحرمين، فقال: إذا عتقت في الليلة الأولى أتمهما، ثم هو مخير إن شاء بات عند الحرة الليلة الثانية ثم يبيت عند العتيقة ليلتين، وإن اقتصر عليها وبات عند العتيقة ليلة، فإن المقدار الذي يضربه الزوج لا يتحتم عليه الوفاء به فلو بدا له تقلل أو تكثر بعد الوفاء بالتسوية فلا معترض عليه هذا كلامه.

الأمر الثاني: أن ما ذكره في القسم الثاني وهو ما إذا عتقت في أثناء الليلة الثانية مشكل لأن النصف الأول إن كان حقًا للحرة فيجب إذا كمل الليلة أن لا يقضي جميعها، وإن لم يكن حقًا خاصًا بها فيجب أن يقضيه إذا خرج على الفور، وقد استضعف الإمام قول الصيدلاني أنه إذا خرج عندما عتقت فلا يبيت عند الأمة إلا ليلة واحدة فقال بعد نقله عنه خاصة ينبغي أن يقيم عندها ليلة ونصفًا وإلا فهو ظلم.

قوله: ويستحب أن يخير الثيب بين أن يقيم عندها ثلاثًا بلا قضاء وبين أن يقيم عندها سبعًا، ويقضي، ثم قال: وإذا قام عندها سبعًا قضى الكل إن كان بسؤالها وإلا قضى الأربعة، وذكر صاحب "المهذب" وجهين في أنه ما الذي يقضي إذا أقام سبعًا؟

أحدهما: أنه يقضي الجميع.

ص: 242

والثاني: لا يقضي إلا ما زاد على الثلاث هكذا أطلقه، ثم قال: فإن أراد ما إذا التمست حصل وجه أنه لا يجب القضاء على خلاف المشهور، وإن أراد ما إذا لم تلتمس، أو كلتا الحالتين حصل وجه أنه يجب القضاء، وإن لم تطلب ولم تلتمس على خلاف المشهور هذا لفظه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ادعاه من حصول وجه بأنه لا يجب القضاء عند التماسها ليس كذلك بل الذي دل عليه كلام "المهذب" على هذا التقدير أن القضاء واجب، ولكن هل يقضي السبع أم الأربع فقط؟ وجهان فالصواب في التعبير أن يقول حصل وجه أنه لا يجب قضاء الثلاث، وكلام "الروضة" أشد إيهامًا من كلام الرافعي فإنه قال عقب التفصيل المذكور ما نصه: هذا هو المذهب، وبه قطع الأصحاب وحكى في "المهذب" في ما إذا أقام سبعًا وجهين في أنه يقضي السبع أم أربعًا هكذا أطلقها، فإن أراد إذا التمسته حصل وجه أنه لا قضاء على خلاف المذهب هذه عبارته.

الأمر الثاني: أن ما ذكره من قطع الأصحاب وأشعر به عبارة الرافعي أيضًا ليس كذلك فقد حكى صاحب "البيان" وجهين في ما إذا كان بسؤالها وزاد فقال: إن المشهور أنه يقضي الثلاث فقط فإنه عبر بقوله: وإن كانت ثيبًا كانت بالخيار بين أن يقيم عندها [ثلاثًا ولا يقضي، وبين أن يقيم عندها](1) سبعًا ويقضي ما زاد على الثلاث، ومن أصحابنا من قال: يقضي السبع كلها، والأول هو المشهور هذه عبارته؛ وحكى الخلاف أيضًا الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر".

قوله: ولو وفى حق جديدة ثم أبانها ثم تجدد نكاحها تجدد الحق في

(1) سقط من ب.

ص: 243

أصح القولين أو الوجهين، ولو طلقها طلاقًا رجعيًا ثم راجعها فليس لها حق الزفاف لأنها باقية على النكاح الأول. انتهى.

تابعه في "الروضة" على الجزم بعدم الوجوب في الرجعية، وينبغي بناؤها على الخلاف المشهور في أن الرجعية زوجة أم لا؟ .

قوله في أصل "الروضة": فرع في "فتاوي البغوي" أن حق الزفاف إنما يثبت إذا كان في نكاحه أخرى فإن لم تكن أو كانت، وكان لا يبيت عندها [لم يثبت حق الزفاف للجديدة كما لا يلزمه أن يثبت عند](1) زوجته أو زوجاته إبتداءً. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا الفرع ذكره الرافعي في آخر الفصل فنقله في "الروضة" إلى هذا الموضع وتابعه عليه، ثم خالف في "شرح مسلم" فقال: الأقوى والمختار أنه يجب مطلقًا للحديث الصحيح في "مسلم" إذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا، وإذا تزوج البكر أقام عندها سبعًا.

الأمر الثاني: أن الرافعي قد ذكر هنا قبل المسألة التي نقلها النووي لما بعدها أنه لو نكح جديدتين ولم يكن في نكاحه غيرهما وجب لهما حق الزفاف على الصحيح سواء زفتا معًا أو على الترتيب، وقيل: إن كانتا بكرين أو ثيبين، ولم يكن في نكاحها غيرهما فليس لهما حق الزفاف، وهذه المسألة التى صححا فيها وجوب الزفاف هي المسألة السابقة بعينها إلا أنه صور تلك في إمرأة واحدة وهذه في امرأتين ولا أثر لذلك بلا شك، والغريب أن البغوي في "فتاويه" ذكر المسألتين كذلك في موضع واحد إلا أنه لم يصحح في الثانية شيئًا فأخذه منه الرافعي وفرق حكمه.

(1) سقط من أ.

ص: 244

قوله: وكذلك لو كان يقسم بين نسائه فخرج في نوبة واحدة للضرورة بأن أخرجه السلطان فيقضي لها من الليلة التي بعدها -مثل ما خرج، والأولى أن يراعى الوقت فيقضي لأول الليل من الأول والأخر من الآخر. انتهى كلامه.

وهذه الصورة التى تكلم الرافعي فيها وإن كان حكمها صحيحًا إلا أن الغزالي في "الوجيز" لم يفرضها كذلك، بل فرضها في ما إذا بات ابتداء عند واحدة نصف ليلة فترك الرافعي تلك الصورة وصورها بما رأيت.

قوله: ثم إن كانت نوبة الواهبة متصلة بنوبة الموهوبة بات عندها الليلتين على الولاء وإن كانت منفصلة عنها فوجهان: أحدهما أنه إذا انتهت النوبة إلى الموهوبة يبيت عندها ليلتين لأنه أسهل عليه، والمقدار لا يختلف وقياس هذا أنه إذا كانت ليلتا الواهبة أسبق وبات فيها عند الموهوبة يجوز أن يقدم ليلتها ويبيت عندها الليلة الثانية أيضًا.

وأصحهما: أنه لا يجوز الموالاة. انتهى.

وما ذكره من القياس تابعه عليه في "الروضة" وهو قياس مردود لأن الفرق ظاهر لأنه لا يلزم من استتباع ليلتها لليلة الواهبة؟ لأصالتها في حقها استتباع ليلة الواهبة لليلتها لقرعتها إذ الأصل متبوع والفرع تابع.

قوله: وإن وهبت حقها من الزوج، فهل له أن يخصص واحدة بنوبة الواهبة؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم وهو الذي أورده العراقيون وتابعهم الروياني وغيره.

والثاني: لا، وبه أجاب العبادي والغزالي في "الوجيز". انتهى ملخصًا.

وحاصله رجحان الأول، وقد صرح به في "المحرر" فقال: إنه أقرب الوجهين ورجح في "الشرح الصغير" الثاني.

ص: 245

فقال ما نصه: فيه وجهان: أحدهما: نعم لأنها جعلت الحق له فيضعه حيث شاء، وأشبههما: المنع وهو المذكور في الكتاب يعني "الوجيز" إذ التخصيص يظهر الميل ويورث الوحشة.

قوله: للواهبة أن ترجع في الهبة متى شاءت ويعود حقها في المستقبل، وأما ما مضى فلا يؤثر فيه الرجوع، وكذا ما فات قبل علم الزوج وخرج في قضائه وجه من تصرف الوكيل بعد العزل قبل العلم، والمذهب الأول ثم قال: وشبهه الغزالي بما إذا أباح ثمرة بستانه لإنسان ثم رجع وتناول المباح له بعضها قبل العلم بالرجوع، وفي هذه الصورة طريقان محكيان في ما علق عن الإمام فعن الشيخ أبي محمد أن في وجوب الغرم لما يتناوله بعد الرجوع قولين كما في مسألة عزل الوكيل، وعن أبي بكر الصيدلاني أنه لا يغرم لأن الغرامات لا فرق فيها بين الجهل والعلم، وإلى التغريم مال الإمام. انتهى كلامه.

وما ذكره عن الإمام من ميله إلى الغرم تابعه في "الروضة" عليه وليس كذلك بل جزم في "النهاية" بعدم الغرم فقال ما نصه: فلو مضت نوب والزوج لم يشعر برجوعها فتلك النوب لا يستدرك لها، وكذلك لو أباح رجل لإنسان ثمار بستان أو غيرها مما يقبل الإباحة وكان المستبيح يتمادى على تعاطي ما أبيح له فلو رجع المبيح ولم يبلغ خبر رجوعه من أبيح له فالإباحة دائمة قائمة في حقه، وقال شيخى: إذا رجعت المرأة ولم يشعر الزوج فالمسألة تخرج على القولين المعروفين في أن الموكل إذا عزل الوكيل فهل ينعزل؟ فعلى قولين، وهذا الذي ذكره جار على ظاهر القياس ولكن اشتراط ظهور الخبر أغوص وأفقه هذا كلامه وهو يقتضي أن مسألة الثمار لا خلاف فيها، ولهذا استدل بها على رجوع الزوجة وكأن الرافعي ظن أن ما ذكره الإمام في تقوية كلام شيخه عائد إلى إباحة الثمار فصرح به.

ص: 246

قوله: إذا ظلم واحدة فقد سبق أنه يجب القضاء وإنما يمكن إذا كانت المظلومة والمظلوم بسببها في نكاحه، ثم قال: ولو لم يفارق المظلومة وفارق التي ظلم بسببها ثم عادت إلى نكاحه [أو فارقهما ثم عادتا](1) وجب القضاء ولا يحسب من القضاء ما بات عندها في مفارقة الظالمة. انتهى.

وهذا الذي ذكره من كون القضاء إنما يمكن إذا كانت المظلومة بسببها في نكاحه جزم به أيضًا النووي وغيره وهو باطل بلا شك فيه، فإن القاعدة أن البيت عند الزوجة لا يجب، وحينئذ فنقول: إذا ظلم امرأة ووجب عليه القضاء ففارق المظلوم بسببها فيقال له: ليس لك ترك المبيت مطلقًا في هذه الحالة كما كنت تتركه عند عدم الظلم، بل اقض ما عليك لأنه يمكنك الإتيان به، وإذا أمكنك وجب عليك فعله، ثم بعد ذلك أنت بالخيار في البيت، وهذا واضح بين، وكأن الذي أوقعهم في ما وقعوا فيه اطراد العادة بالبيت عند الزوجة مع عدم استحضار أنه غير واجب ثم بعد ذلك رأيت الغزالي في "البسيط" قد تعرض لما ذكرته واستدركته، فقال: لو بانت منه اللواتي ظلم لهن وبقيت المظلومة وحدها عندي أنه يقضي لها وإن كنا لا نوجب الإقامة عند الفردة لأنه حق لها استقر لها فلا يسقط ببينونة غيرها، ولم أر المسألة مسطورة. هذا كلامه.

قوله: قال المتولي: لو قسم لواحدة فلما جاءت نوبة الأخرى طلقها قبل توفية حقها عصى لأنه منعها حقها بعد ثبوته، وهذا سبب آخر لكون الطلاق بدعيًا. انتهى.

وهذا النقل ليس مختصًا بالمتولي بل هو مشهور حتى في "التنبيه".

قوله: ولو نقل بعضهن بنفسه وبعضهن بوكيله بلا قرعة قضي لمن

(1) سقط من الأصول، والمثبت من الروضة.

ص: 247

بعثها مع وكيله، ويجوز أن يفعل ذلك بالقرعة، قاله في "التهذيب". انتهى كلامه.

وهو ساكت عن القضاء في القسم الثاني وهو ما إذا فعل بالقرعة، وربما يشعر بعدم القضاء، والمسألة فيها وجهان في "التنبيه": والأصح منهما في "الروضة" وتصحيح "التنبيه" وجوب القضاء.

قوله في الكلام على الشقاق: وأما الهجران في الكلام فممنوع وفي ما علق عن الإمام حكاية وجهين في أنه محرم أو مكروه، وحكي عن نص الشافعي أنه لو هجرها بالكلام لم يزد على ثلاثة أيام فإن زاد أثم. انتهى ملخصًا.

فيه أمران:

أحدهما: أن الإمام في "النهاية" قد نقل عن شيخه المنع في ما زاد على الثلاثة ثم اختار خلافه فقال: وفي هذا نظر عندي ولو رأى استصلاحها في مهاجرتها في النطق فلست أرى ذلك ممنوعًا وهو أهون من الضرب، هذه عبارته وقد بان لك أن الخلاف ثابت في "النهاية" وأنه على غير الكيفية التي حكاها عنه الرافعي فإن الكراهة لا ذكر لها بالكلية، بل يحرم ذلك على وجه ويباح أو يستحب على رأي الإمام.

الأمر الثاني: أن مقتضى كلام الرافعي إثبات الحلاف في ما زاد على ثلاثة أيام وإثباته في هذه الحالة [أوضح](1) فإن ذلك بقصد الإصلاح فجوزناه على وجه كما في الأجنبي فإنه يجوز فيه في هذه الحالة جزمًا كما ستعرفه هنا وفي كتاب الأيمان، وحرمناه على وجه آخر لأن تأديب المرأة يحصل بطريق آخر لعله أبلغ من الضرب، وهو الهجر في الفراش بخلاف الأجنبي، وإذا علمت ذلك فقد استدرك عليه في "الروضة" استدراكًا

(1) في جـ: واضح.

ص: 248

مردودًا، فقال: الصواب الجزم بتحريم الهجران في ما زاد على ثلاثة أيام وعدم التحريم في الثلاثة للحديث الصحيح: "لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"(1)، قال أصحابنا وغيرهم: هذا في الهجران لغير عذر شرعي فإن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما أو كان فيه صلاح لدين المهاجر أو المهجور، فلا يحرم وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه (2). هذا كلام "الروضة" وفيه كلام آخر يأتي في كتاب الأيمان إن شاء الله تعالى، وأشار النووي لصاحبى كعب إلى هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وهم الذين أشار إليهم الباري تعالى بقوله:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] أى خلفهم النبي صلى الله عليه وسلم عن قبول توبتهم ظاهرًا إلى نزول الوحي قال ابن معن في "التنقيب" وإذا أردت ضبط الثلاثة فاستحضر أن أول أسمائهم مكة وآخر أسماء آبائهم عكة.

قوله: الثانية: أن يتحقق نشوزها لكن لا يتكرر ولا يظهر إصرارها عليه فيعظها ويهجرها، وفي جواز الضرب قولان ميل ابن الصباغ إلى الجواز وساعده الشيخ أبو إسحاق، ورجح الشيخ أبو حامد والمحاملي المنع. انتهى ملخصًا.

رجح الرافعي في "المحرر" أنه لا يجوز فقال: وفي جواز الضرب قولان: أولهما المنع، وكلام "الشرح الصغير" يشعر برجحان الجواز، وصرح بتصحيحه النووي فقال في "المنهاج": إنه الأظهر، وفي "الروضة" من زوائده: إنه المختار، واعلم أن شرط جواز الضرب أن يحصل به الإقلاع وإلا فلا يجوز، كذا ذكره الرافعي في باب التعزير.

(1) أخرجه البخاري (5718) ومسلم (2559) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري (4156) ومسلم (2769).

ص: 249

قوله: وتصير المرأة ناشزة بأمور منها الخروج من المسكن. انتهى.

يستثنى من ذلك خروجها إلى القاضي لطلب حقها منه، وكذلك خروجها إذا أعسر بالنفقة سواء رضيت بإعساره أم لم ترض، وقد ذكره واضحًا في كتاب النفقات.

قوله: وهل يؤدبها الزوج على شتمه أو يرفع الأمر إلى الحاكم ليؤدبها؟ فيه وجهان ولو مكنت من الجماع ومنعت سائر الاستمتاعات فهل هو نشوز يسقط النفقة؟ فيه وجهان. انتهى.

والأصح في الأولى أنه يؤدب كذا جزم به الرافعي في باب التعزير وصححه في "الروضة" هنا من زوائده وعلله بأن في رفعها إلى القاضي مشقة وعارًا، والأصح في الثانية أنه نشوز كذا صححه أيضًا من زوائده.

قوله: الحال الثاني: أن يتعدى الرجل عليها بضرب ونحوه أو يتعدى كل منهما على الآخر فيسكنها الحاكم بجنب ثقة ينظر في أمرها، ويمنع الظالم منهما من التعدي، ثم قال: ولم يتعرضوا للحيلولة، وقال الغزالي: يحال بينهما حتى يعود إلى العدل.

قال: ولا يعتمد في العدل على قوله وإنما يعتمد قولها وشهادة القرائن. انتهى كلامه.

وما ذكره من أن غير الغزالي لم يتعرض للحيلولة قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو غريب فقد جزم به الإمام في موضع من هذا الباب، فقال: وإذا كان حسورًا لا يأمن أن يضربها ضربًا مبرحًا، وقد يفضى ذلك إلى هلاكها فيحيل بينه وبينها، ثم قال: ولا يضرب القاضي حيلولة بينهما بمجرد الظن إذا لم تبدر منه بادرة، فإن بدرت فقد نديم الحيلولة إلى ظهور الظن، وإذا تحقق الإضرار بها فليس إلا الحيلولة. هذا كلامه.

وذكر أيضًا ما ذكره الغزالي من اعتماد قولها دون كلامه.

ص: 250

قوله: ولو جن أحد الزوجين أو أغمي عليه لم يجز بعثهما، وقيل الإغماء لا يؤثر إن قلنا وكيلان كالنوم حكاه الحناطي، وهذا ينبغي أن يجيء في كل وكالة. انتهى.

وما ذكره بحثًا واقتضى كلامه عدم الوقوف عليه، قد تابعه عليه في "الروضة" وهو غريب فقد سبق ذلك في الوكالة من كلامهما وأن جماعة اختاروه منهم الإمام والغزالي، بل في الجنون الذي لا يمتد وجه تقدم أيضًا.

قوله: وإذا اشتد الشقاق بينهما وداما على التضارب فيبعث القاضي حكمًا من أهل الزوج وحكمًا من أهلها لينظر في حالهما، وهل بعث الحكمين واجب؟ لفظ صاحب "التهذيب" أن على الحاكم أن يبعث حكمين وهو يشعر بالوجوب وقد يحتج له بظاهر الآية، وقال الروياني في "الحلية": المستحب للحاكم أن يبعث الحكمين. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن الصحيح هو الاستحباب فقد نص عليه الشافعي، ونقله عنه صاحب "البحر"، فقال: قال الشافعي: المستحب للحاكم أن يبعث عدلين، والأولى أن يكون واحد من أهله وواحد من أهلها هذه عبارته.

الأمر الثاني: أن ما نقله الرافعي عن "حلية الروياني" ليس مطابقًا لما فيها، فإن عبارته ليست صريحة في ما قاله، ولا ظاهرة فإنه قد عبر بقوله المستحب للحاكم أن يبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها هذا لفظه، وهو كما يحتمل أصل البعث يحتمل البعث من أهلها، فيكون الموصوف بالاستحباب هو البعث المقيد.

الثالث: أن النووي في "زوائد الروضة" قد صحح الوجوب فقال: إنه

ص: 251

الأصح أو الصحيح.

والذي قاله مردود فإنه مخالف لنص إمامه ومذكور من غير اطلاع على النص المذكور، فالعجب من كتاب موضوع للفتوى ويتمسك مثل هذين الإمامين فيه بعبارة محتملة صادرة عن متأخر وكلام إمام المذهب موجود في المسألة ماض على خلافه.

قوله: ولا يشترط كون الحكمين من أهل الزوجين، وفي ما علق عن الإمام اشتراطه. انتهى كلامه.

وهذا النقل عن الإمام قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو عجيب مردود، فقد جزم الإمام في "النهاية" بعدم الوجوب وادعى الإجماع عليه فقال: وهذا مستحب غير مستحق إجماعًا هذه عبارته، ذكر ذلك قبل كتاب الخلع بنحو ورقة.

قوله: ولو قال خذ مالي وطلقها فهل: يشترط تقديم أخذ المال، وجهان: أصحهما عند البغوي: نعم. انتهى.

وما صححه البغوي وأقره عليه، قد نقل عنه في باب التدبير ما يوافقه، وسوف أذكر لفظه في موضعه فراجعه، غير أن القاعدة والمصرح به أيضًا في باب تعليق الطلاق من الرافعي في الطرف المعقود لأنواع من التعليقات أن الواو لا يشترط معها ترتيب، قال: وأشار في "التتمة" إلى وجه تفريعًا على أنها تقتضي الترتيب.

ص: 252