المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٧

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره

- ‌ الأركان

- ‌الفصل الأول في أسباب الولاية

- ‌الفصل الرابع في تولي طرفي العقد

- ‌الفصل الخامس في التوكيل

- ‌الفصل السادس في ما يجب على الولي

- ‌الفصل السابع في الكفاءة

- ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

- ‌ الموانع

- ‌الجنس الأول: المحرمية

- ‌الجنس الثاني: ما لا يوجب حرمة مؤبدة

- ‌الجنس الثالث: من الموانع الرق

- ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

- ‌ موجبات الخيار

- ‌السبب الأول: العيب

- ‌السبب الثاني: الغرور

- ‌السبب الثالث: [العتق]

- ‌السبب الرابع: العنة

- ‌ فصول متفرقة

- ‌الفصل الأول فيما يحل للزوج

- ‌الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن

- ‌الفصل الرابع في تزويج الإماء

- ‌الفصل الخامس في تزويج العبد

- ‌الفصل السادس في النزاع

- ‌كتاب الصداق

- ‌الباب الأول في الصداق الصحيح

- ‌الباب الثاني في الصداق الفاسد

- ‌الباب الثالث في المفوضة

- ‌الباب الرابع في التشطير

- ‌الفصل الأول: في محله وحكمه

- ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

- ‌الفصل الثالث في التصرفات المانعة من الرجوع

- ‌الفصل الرابع في هبة الصداق من الزوج

- ‌الفصل الخامس في المتعة

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌باب الوليمة والنثر

- ‌كتاب القسم والنشوز

- ‌[كتاب الخلع

- ‌الباب الأول في حقيقة الخلع]

- ‌الباب الثاني في أركان الخلع

- ‌الباب الثالث في موجب الألفاظ

- ‌الباب الرابع في سؤال الطلاق

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الباب الأول في "السنة والبدعة

- ‌الركن الأول: المطلق

- ‌الركن الثاني: اللفظ وما يقوم مقامه

- ‌الركن الثالث: القصد إلى الطلاق

- ‌الركن الرابع: المحل

- ‌الركن الخامس: الولاية على المحل

- ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

- ‌الباب الرابع في الاستثناء

- ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

- ‌الشرط الثاني من الكتاب في التعليقات

- ‌الفصل الأول في التعليق بالأوقات

- ‌الفصل الثاني في التعليق بالتطليق

- ‌الفصل الثالث في التعليق بالولادة والحمل

- ‌[الفصل الرابع في التعليق بالحيض]

- ‌الفصل الخامس في التعليق بالمشيئة

- ‌الفصل السادس في مسائل الدور

- ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

- ‌فصل: قد بقى من كلام الرافعي ألفاظ لم يتقدم ضبطها

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في أحكامه

- ‌كتاب الظهار

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم الظهار

- ‌كتاب الكفارات

- ‌ العتق

- ‌ الصيام

- ‌ الإطعام

- ‌[كتاب اللعان

- ‌الباب الثاني: في قذف الأزواج

- ‌الباب الثالث: في ثمرة اللعان

الفصل: ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

قوله: ولو قالت [رضيت أن أزوج أو](1) رضيت بفلان زوجًا فوجهان: أحدهما: أنه ليس لأحد من الأولياء تزويجها لأنها لم تأذن لجميعهم بلفظ عام ولا خاطبت واحدًا منهم على التعيين.

وأظهرهما: أنه يكفي، ثم قال فلو عينت بعد ذلك واحدًا هل ينعزل الآخرون؟ فيه وجهان لأن في التخصيص إشعارًا برفع الإطلاق، والمذكور من الوجهين في "الرقم" انعزال الآخرين، وفي "التهذيب" مقابله. انتهى.

والأصح عدم الانعزال، كذا قاله في "الروضة" من زوائده.

قوله: الرابعة: إذا سبق واحد معين ثم التبس وأشكل الأمر فتوقف حتى يتبين الحال، ولا يجوز لواحد منهما غشيانها ولا لثالث نكاحها قبل أن يطلقاها أو يموتا أو يطلق أحدهما ويموت الثاني. انتهى.

ولابد من إنقضاء عدتها بعد موت أحدهما حتي تحل بيقين فينبغي أن تتفطن له وقد نبه عليه في "الروضة".

قوله: وإذا تقرر البطلان عند احتمال السبق والمعية، وفي ما إذا سبق أحدهما ولم يعلم السابق فهل يبطل ظاهرًا وباطنًا حتى لا يؤثر تعيين السابق يومًا من الدهر أم باطنًا فقط؟ ، ذكروا فيه وجهين، ثم قال: ويشبه أن يقال: هذا الخلاف والخلاف المذكور في أنهما يبطلان ويرتفعان بنفسهما أو يحتاج إلى الرفع والفسخ شيء واحد والاختلاف في العبارة. انتهى كلامه.

(1) سقط من أ.

ص: 79

ومقتضى ما قاله الرافعي من كون الخلافين شيئًا واحدًا أنا إن قلنا لابد من إنشاء فسخ انفسخ باطنًا، وإن قلنا ينفسخ بنفسه انفسخ ظاهرًا فقط، هذا هو الذي يقتضيه تعليل الرافعي في الكلام على المسألة وهو المناسب أيضًا في المعنى فافهمه، فإن الرافعي لم يصرح به، وهو في محل النظر، وحينئذ فيكون الصحيح عدم الانفساخ باطنًا لأن الصحيح أنه لا يحتاج إلى إنشاء فسخ وهذا الذي ذكره الرافعي من كون الخلاف إنما هو في اللفظ أسقطه في "الروضة"، وحكى وجهين من غير ترجيح، وكأنه استشكل عليه تعيين البناء فأسقطه، ثم ذكر من زوائده ترجيحًا آخر فقال: ينبغي أن يقال الأصح أنه إن جرى فسخ من الحاكم انفسخ باطنًا وإلا فلا.

قوله: الثانية: إذا قلنا بالتوقف فهل يطالبان بالنفقة؟ فيه وجهان أظهرهما: عند الإمام لا، والثاني: نعم وبه قطع ابن كج، ثم قال ما نصه: وعلى هذا -أى على الثاني- فيوزع عليهما، وإذا ظهر السبق لأحدهما وتعين رجع الآخر بما أنفق.

قال الشيخ أبو عاصم: ويحتمل أن يقال إنما يرجع إذا كان قد أنفق بغير إذن الحاكم، وبهذا جزم القاضي ابن كج. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخر كلامه من الرجوع إذا كان بغير إذنه، تابعه عليه في "الروضة" وهو سهو وصوابه العكس فيرجع إذا كان بالإذن، ولا يرجع إذا كان بغير إذنه.

قوله: فرع: لو كانت خرساء أو خرست بعد التزويج فأقرت بالإشارة بسبق أحد الزوجين لزمهما الإقرار وإلا فلا يمين عليها، والحال حال الإشكال حكي هذا عن نصه. انتهى كلامه.

وما ذكره من عدم اليمين عليها إذا لم يقر بالإشارة تابعه عليه في

ص: 80

"الروضة" وهو غير مستقيم، فإن قاعدتنا المذكورة في كتاب اللعان وفي غيره أن الأخرس يحلف بالإشارة فليكن هنا كذلك، ولا يستقيم أيضًا أن يكون المراد بلا يمين عليهما أى بزيادة ميم على أنه مثنى عائد على المسارعين لأن تحليفهما أيضًا مشروع على ما أوضحه الرافعي في هذا الفصل.

ص: 81

الباب الخامس في المولى عليه

قوله: فإن كان المجنون كبيرًا زوج بالحاجة وهي إما حاجته إلى النكاح، وإما توقع شفائه باستفراغ الماء، وإما احتياجه إلى من يخدمه. وتكون مؤنة النكاح أخف من ثمن جارية.

ثم قال: فإن كان المجنون صغيرًا لم يصح تزويجه على الصحيح، وقيل يزوجه الأب أو الجد. انتهى.

والمنع في الصغير تابعه عليه في "الروضة" وهو ذهول عن العلة الأخيرة على أن الشافعي قد نص على المنع أيضًا.

قوله: ومتى جاز تزويج المجنون فلا يجوز إلا امرأة واحدة لأن الحاجة تندفع بها. انتهى.

وقد تقدم في أوائل كتاب النكاح في الكلام على المقدمة أن الشخص قد لا تعفه المرأة الواحدة ومثله يستحب له الزيادة على الواحدة إلى أن ينتهي إلى المقدار الذي يحصل به الإعفاف، ويتجه مثله في المجنون أيضًا وتعليل الرافعي يشير إليه، وقد أشار إليه الرافعي أيضًا في الكلام على السفيه وقد تكون الواحدة كافية للمجنون في الاستمتاع لكنها لا تكفيه في الخدمة، وقد تخرج الواحدة من أهلية الاستمتاع لمرض أو كبر ونحو ذلك، ولا يتأتى فراقها منه، وذكر النووي في "الروضة" هذا الحكم بدون التعليل فصار الاعتراض عليه أبلغ.

قوله: ويجوز أن يتزوج الصغير أربعًا على الأصح، وقيل: لا يجوز أن يزيد على واحدة، زاد في "الروضة" على هذا فقال ما نصه: وفي

ص: 82

"الإبانة" وجه أنه لا يجوز تزويجه أصلًا ورغم أنه الأصح وهو غلط. انتهى لفظه بحروفه.

وما ذكره من حكاية وجه في "الإبانة" للفوراني رغم أن الأصح أن تزويجه للصغير ممتنع ومن تغليطه له فيه هو الغلط العجيب، فإن الوجه المذكور ليس له ذكر في "الإبانة" بالكلية فضلًا عن تصحيحه بل فيها كما في الرافعي وغيره وهو الجزم بالجواز، وحكاية وجهين في الزيادة على المرأة الواحدة فقد قال فيها بعد أن ذكر قبول الواحدة للسفيه ما نصه: وهل يتزوج السفيه أكثر من امرأة؟ فعلى وجهين الأصح: أنه لا يجوز، وكذا لو أراد أب الصغير والمجنون قبول نكاح أكثر من واحدة؟ فيه وجهان هذه عبارته ذكر ذلك في الفصل الثاني المعقود للمحجور عليه في الكلام على السفيه، كذا رأيته في نسختين صحيحتين من "الإبانة"، ولم يذكر المسألة في غير هذا الموضع، ثم رأيت أيضًا نسختين من "العمد" له أى الفورانى فرأيته قد نص على المسألة في موضعين وهما الوصايا والنكاح فقال في النكاح: فأما الصبي العاقل فيجوز للأب أن يقبل عليه النكاح، وهل يقبل له نكاح أكثر من امرأة واحدة؟ وجهان: الأصح أنه لا يجوز هذه عبارته وذكر في الوصايا يجوز ذلك، ونقله عن نص الشافعي [فقال نص الشافعي](1) على نحو الأربع للصغير، ونص في السفيه على أنه لا يجوز فجعلها بعضهم على قولين، والذي أوقع النووي في هذا الغلط هو صاحب "البيان" فإنه نقل ذلك عن الفورانى فقال في باب ما يصح به النكاح: يجوز للأب والجد أن يزوج ابنه الصغير، ثم قال ما نصه: وقال المسعودي. هل يزوج الصغير؟ فيه وجهان: الأصح لا يزوجه لأنه لا حاجة به إليه انتهى لفظه، ومراد صاحب "البيان" بالمسعودي هو الفورانى كما تقدم إيضاحه وذكر سبب الغلط فيه في مقدمة كتابنا هذا فحصل له في هذه المسألة بخصوصها غلط من وجهين فقلده

(1) سقط من جـ.

ص: 83

النووي في هذا الموضع ظنًا صحة ما نقله فيه إلا أنه احترز عن أحد الموضعين، وصرح بالفورانى على الصواب فوقع في الخطأ بالنسبة إلى الموضع الآخر لاسيما وقد استظهرت أيضًا بمراجعة تصنيفه الأخر وهو "العمد" وإلا فالنووي لم يقف على "الإبانة" بالكلية، وأما "العمد" فإنه أعزب منه وأعز وجودًا، ثم تأملت فوجدت الغلط قد وقع لصاحب "البيان" من مسألة أخرى ذكرها في "الإبانة" فإنه قال فيها في الكلام على المجنون ما نصه: وإن كان صغيرًا فالأصح أنه لا يزوجه هذه عبارته، فتوهم أن المراد الصغير من حيث الجملة، وغفل عن كون الكلام في المجنون، فوقع في الغلط وأوقع فيه غيره، ووجه وقوع مثل هذا الموضع في "البيان" أن مصنفه رحمه الله جمع عليه حالة نحو أربعين شخصًا من طلبته واستعان بهم في إخراج المسائل وإملائها عليه ليضعها وهذا وإن أفاد في تيسير التصنيف فإنه يضر من جهة تقليد من ليس أهلًا للتصنيف.

قوله: وفي المجنونة أوجه الصحيح: أن الأب والجد عند عدمه يزوجانها، وقيل لا يستقلان بتزويج الكبيرة الثيب بل يشترط إذن السلطان بدلًا عن إذنها والثالث: لا يزوج الثيب الصغيرة كما لو كانت عاقلة، ثم قال: ولا فرق بين من بلغت مجنونة ومن بلغت عاقلة ثم جنت بناه على أن من بلغ عاقلًا ثم جن فولاية ماله لأبيه وهو الأصح، وإن قلنا أنها للسلطان فكذا التزويج. انتهى.

وما ذكره من بناء التزويج على ولاية المال في طرآن الجنون يقتضي أن يكون كذلك أيضًا في طرآن السفه، وحينئذ فيكون الأصح أنه لا يزوجها إلا السلطان لأن الأصح أنه الذي يلي ماله -أى مال من طرأ سفهه-، وهذا الذي صرح به الرافعي وابتنى عليه ما نبهنا عليه خلاف المعروف في المذهب، فقد قال إمام الحرمين في "النهاية" في فصل أوله قال: ويزوج

ص: 84

الأب أو الجد بعد ذكر وجهين في ولاية المال ما نصه: ثم إن قلنا ولاية المال للسلطان فيظهر عندنا أن تقول الأب ينفرد بالتزويج لما نبهنا عليه من انفراده بتزويج البكر البالغة وإن كانت ولاية المال إليها، هذه عبارته ولم يذكر غير ذلك، وذكر في "البسيط" نحوه، وعبر بالظاهر، وقال في "الوسيط" إن قلنا بعودة ولاية المال للأب والجد زوج، وإن قلنا لا فوجهان: أحدهما لا تعود ولاية النكاح كولاية المال.

وأظهرهما: أنها تعود لأنهما كاملا الشفقة.

فكانا أولى من غيرهما، وذكر صاحب "الذخائر" مثله، وكذلك الغزالي شارح "المهذب"، وقال في "التتمة": إن تزويجها إلى الأب بلا خلاف، ولكن إذا قلنا بأن ولاية المال لا تعود إليه فيزوج بإذن السلطان هذا حاصل كلامه، وذكر ابن الرفعة في "الكفاية" بعض ما ذكرناه، ولم ينقل ما جزم به الرافعي بالكلية إلا أنه أعني ابن الرفعة قد وهم في حكاية كلام "التتمة" كما نبهت عليه في كتابنا المسمي "بالهداية" وفي إثبات الوجهين في كلام الغزالي ومن بعده نظر، والظاهر أنه نظر أول كلام الإمام فقط فرأى الوجهين فتوهم أن حكايتهما كمجيء مثلهما في التزويج.

قوله: وأما المجنونة التي لا أب لها ولا جد قال: فإن كانت صغيرة لم تزوج لعدم من يخيرها ولا حاجة لها في الحال وإن كانت بالغة فقيل يزوجها القريب ولكن بشرط إذن السلطان ليقوم مقام إذنها، والأصح أن السلطان هو الذي يزوجها كما يلي مالها لكن تراجع أقاربها لأنهم أعرف بمصالحها وتطييبًا لقلوبهم، وهذه المراجعة واجبة أو مستحبة؟ وجهان، صحح البغوي الوجوب وضعفه الإمام. انتهى.

تابعه في "الروضة" على حكاية الوجهين هنا من غير ترجيح، والصحيح الاستحباب فقد جزم الماوردي بما يقتضيه وصرح بتصحيحه

ص: 85

الروياني في "البحر"، وقال في موضع آخر منه: إنه ظاهر النص، وجزم في الرافعي في الكلام على تحريم الخطبة بما حاصله ذلك، فإنه قال: والمعتبر رد الولى وإجابته إن كانت مجبرة، وإلا فردها وإجابتها، وفي الأمة [رد](1) السيد وفي المجنونة رد السلطان وإجابته [إن كانت مجبرة وإلا فردها وإجابتها هذا كلامه فلو كان إذن الأقارب واجبًا لكان ردهم وإجابتهم](2) معتبرة ولهذا جزم بذلك في "الحاوي الصغير".

واعلم أن الخلاف المذكور يجدي أيضًا في وجوب المراجعة إذا كان المجنون ذكرًا وزوجه السلطان، قاله البغوي في "التهذيب" ولم يتعرض له الرافعي.

قوله: فإن عين الولى للسفيه امرأة لم يجز له نكاح غيرها ولينكحها بمهر المثل أو بما دونه، ثم قال: فإن زاد فتسقط الزيادة التي لا يملك التصرف فيها ويجب مهر المثل، قال ابن الصباغ: القياس بطلان المسمى والرجوع إلى مهر المثل، والفرق أن على التقدير الأول تستحق الزوجة قدر مهر المثل من العين، وعلى الثاني يجب مهر المثل في الذمة، انتهى كلامه.

وما ذكره هاهنا من ترجيح بطلان الزائد فقط قد خالفه في الباب الثاني من كتاب الصداق في السبب الخامس منه فذكر في ما إذا قبل لابنه الصغير أو المجنون ما قاله ابن الصباغ هنا في السفيه وسوف أبسط المسألة هناك إن شاء الله تعالي فراجعها.

قوله: وهل يشترط في صحة إذن الولى للسفيه تعيين امرأة أو نساء قبيلة أو تقدير المهر؟ ففيه وجهان:

أحدهما وبه قطع بعضهم: أنه يشترط لأنا لا نأمن أن ينكح شريفة يستغرق مهرها ماله.

(1) سقط من جـ.

(2)

سقط من جـ.

ص: 86

وأصحهما: لا بل يكفي الإطلاق. انتهى.

أهمل في "الروضة" الطريقة القاطعة بالبطلان.

قوله في أصل "الروضة" في المسألة: نعم لو نكح الشريفة المذكورة فوجهان: اختيار الإمام وبه قطع الغزالي أنه لا يصح النكاح، بل يتقيد بموافقة المصلحة. انتهى.

وما ادعاه من قطع الغزالي ليس كذلك، فقد توقف فيه في "البسيط" ثم مال إلى تفصيل فقال ما نصه: فبعد التصحيح فالوجه أن ينظر إلى المصلحة، فإن لم يوافقها حكم بالبطلان هذا لفظه ولا شك أن الاستغراق لا ينافي كونه مصلحة، فإنه قد يكون كسوبًا أو المهر مؤجلًا وفي اتصاله بأهل المرأة رفق، وعبارة الرافعي لا يرد عليها شيء، فإنه عبر بقوله اختيار الإمام منهما وهو المذكور في الكتاب المنع.

قوله: ولو قال له أي للسفيه انكح من شئت بما شئت ذكر بعضهم أن الإذن يبطل لأنه رفع الحجر بالكلية. انتهى.

ذكر نحوه في "الروضة" أيضًا، وهذا الذي نقله عن بعضهم قد جزم به الروياني في "البحر" حكمًا وتعليلًا، وعبر بقوله لا يجوز ولا شك أن اللفظ الصادر من الولى عام في الزوجات وفي المهور، وحينئذ فيدخل فيه المرأة اللائقة به بمهر مثلها والإذن فيه جائز لأنه لا يشترط تعيين المرأة، وحينئذ فقد جمع بين ما يجوز وما لا يجوز، وحينئذ فيصح ما يجوز على الصحيح هذا قياس المسألة فاعلمه، وعبارة الرافعي والروياني لا تنافيه فلتحمل عليه.

قوله: إحداها: إذا نكح السفيه بغير إذن الولى بطل النكاح ويفرق بينهما فإن كان قد دخل بها فلا حد للشبهة، وفي المهر أوجه: أصحها: أنه لا يجب كما لو بيع منه شيء فأتلفه وهذا لأن معاقدته والتسليم إليه تسليط

ص: 87

على التصرف والإتلاف، وفي هذا إشكال من جهة أن المهر حق الزوجة وقد يزوج ولا شعور لها بحال الزوج فكيف يبطل حقها؟ ، ثم قال: والثاني يجب مهر المثل، والثالث: يجب أقل ما يتمول. انتهى.

تابعه في "الروضة" على تصحيح عدم الوجوب وليس على إطلاقه، بل صورته إذا كانت المرأة رشيدة، فإن كانت سفيهة وجب لها مهر المثل، كذا ذكره النووي في "فتاويه" وذكر الرافعي في ما إذا صدر منه شراء عين مثله أيضًا، وقد سبق إيضاحه في باب الحجر من هذا الكتاب.

قوله في المسألة من زوائده: وإذا لم نوجب شيئًا بعد الحجر فلا شيء عليه على المذهب كالصبي إذا وطيء ثم بلغ، وحكى الشاشي فيه وجهين. انتهى كلامه.

وهذه المسألة تؤخذ من كلام الرافعي في باب الحجر فإنه حكم على البيع بهذا الحكم بعينه، والنكاح مثله وهذا الحكم في ما لو كانت رشيدة لكن وطئها نائمة أو مجنونة أو مكرهة، وقد نبه عليه في "الكفاية" في نظير المسألة، وهو ما إذا تزوج العبد بغير إذن سيده ووطيء وحكى خلافًا في ما إذا كانت أمة لأن الحق لغيرها ويتجه جريانه هنا.

قوله: فإذا التمس السفيه النكاح مع ظهور أمارة الحاجة إن اعتبرناه أو دونه إن لم يعتبره فعلى الولي الإجابة فإن امتنع فتزوج السفيه بنفسه أطلق الأصحاب فيه وجهين: أصحهما عند المتولي: أنه لا يصح النكاح كما لو تزوج العبد بنفسه إذا لم يأذن السيد. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا الذي صححه المتولي قد صححه في "الشرح الصغير" وعبر بالأصح، ولم يصرح في "الروضة" أيضًا بتصحيحه بل نقله عن المتولي كما نقله الرافعي.

الأمر الثاني: أن هذا القياس الذي ذكره الرافعي وهو القياس على العبد

ص: 88

ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" وهو قياس فاسد لأنه إن لم يكن تفريعًا على إيجاب التزويج فبطلان القياس واضح لأن العبد تعاطى التزويج حيث لا يجب تزويجه والسفيه تعاطاه حيث يجب، وإن كان تفريعًا على الإيجاب كان حكمه حكم السفيه والحالة هذه كذا ذكره الرافعي بعد هذا بنحو ورقة، فقال نقلًا عن الإمام: ولو نكح بنفسه قال الإمام: هو كما لو طلب السفيه فامتنع الولي فنكح. هذا لفظه، ولم يذكر ما يخالفه، وتابعه عليه في "الروضة" ولم يذكر أعني النووي القياس المذكور فسلم من هذا الاعتراض.

قوله في "الروضة": ويصح طلاق المحجور عليه فإن كان مطلاقًا سرى بجارية. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا الكلام يقتضي أنه لا يسري في الابتداء، وينبغي جواز الأمرين كما في إعفاف الأب ويتعين هنا ما فيه المصلحة، وقد يقال إذا طلب السفيه التزويج بخصوصه تعين.

الأمر الثاني: أن تعبيره بقوله بجارية -أعني بباء الجر- قد ذكره أيضًا في باب الحجر لكنه قد نبه في "تحرير التنبيه"، على أنه خطأ فقال قول الشيخ: وإن كان يكثر الطلاق سرى جارية هكذا ضبطناه عن نسخة المصنف -أي بغير باء- وتقع في كثير من النسخ بالباء والصواب حذفها، هذا كلامه.

قوله في أوائل الكلام على السفيه والمحجور عليه بسفه: لا يستقل بالتزويج بل يراجع الولي ليأذن أو يزوجه، ثم قال هاهنا: والكلام في من يلى أمر السفيه سبق في الحجر، وذكر أبو الفرج الزاز إلى آخر ما قال.

ومجموعه يدل على أن نكاح السفيه يتعلق بالأب ثم الجد ثم الوصي

ص: 89

ثم الحاكم، وقد صرح -أعني الرافعي- في باب الوصايا بأن الوصي يلي التزويج، ولكن حذفه من "الروضة" هناك، ثم إن النووي ذكر هنا شيئًا من "زوائده"، وكأنه غير مستحضر لمجموع ما سبق فقال: قلت. الأصح أنه إن كان له أب أو جد فإن التزويج إليه، وإلا فلا يجوز أن يزوجه إلا القاضي أو من فوض القاضي إليه تزويجه، وممن جزم بذلك الشيخ أبو حامد والله أعلم.

قوله: فرعان: أحدهما: قال في "التهذيب": إقرار السفيه على نفسه بالنكاح لا يصح لأنه ليس ممن يباشر بنفسه وهذا يشكل بإقرار المرأة. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن هذا الحكم الذي نقله عن "التهذيب" فقط ثم استشكله قد سبق منه الجزم به في أول كتاب الإقرار وعلله بقوله اعتبارًا للإقرار بالإنشاء، ثم ذكر بعد ذلك عن الإمام ما يقتضي أن العلة في ذلك ما فيه من إتلاف المال، وهذا التعليل صحيح فحينئذ يكون الحكم في نفسه صحيحًا، والإشكال في التعليل فقط.

الأمر الثاني: أن البغوي قد جزم في أول الإقرار بالصحة على عكس ما جزم به هاهنا، ولو اطلع عليه الرافعي لأعجبه لكونه أبلغ فيما يحاوله الرافعي في الرد على البغوي.

الأمر الثالث: أن هذا إنما يأتي إذا لم يأذن الولى للسفيه في النكاح فإن أذن له فيه لزم القول بصحته.

قوله: وهل للسيد إجبار العبد البالغ على النكاح؟ قولان: القديم: نعم، والجديد: لا وإن كان صغيرًا فالأصح أنه كالكبير وقيل: يخير قطعًا، واختاره ابن كج. انتهى.

ص: 90

وما ذكره في الصغير من ترجيح عدم تزويجه مخالف لنص الشافعي والأصحاب والقياس الجلى، ولما جزم هو به في موضع آخر.

أما مخالفته لنص الشافعي والأصحاب فقد قال هو -أعني الرافعي- في كتاب الرضاع في الأصل الثاني من الباب الثالث: ولو زوج مستولدته من عبده الصغير فأرضعته بلبن السيد حرمت على السيد والصغير معًا وانفسخ نكاح الصغير.

أما حرمتها على السيد فلأنها زوجة أبيه، وأما على الصغير فلأنها موطوءة أبيه وحكي ابن الحداد أن المزني روي عن الشافعي رضي الله عنه في مسائله أنها لا تحرم على السيد، وأنه أنكر ذلك على الشافعي، وعلى ذلك جرى ابن الحداد والأصحاب وجعلوا الرواية غلطًا.

قال الشيخ أبو علي: لكن يمكن تخريج ما نقل على قول في أن العبد الصغير لا يجوز إجباره على النكاح، أو على قول في أن أم الولد لا يجوز تزويجها بحال، أو على وجه ذكر في أنه لا يجوز للسيد أن يزوج ابنته من عبده بحال إذا لم يصحح النكاح على أحد هذه الأوجه لم تكن هي زوجة الابن فلا تحرم على السيد، ومهما أمكن تخريج المنقول على تنزيلات صحيحة لم يجز الحمل على الغلط المطلق، هذا كلام الرافعي ومقتضاه بلا شك أن الراجح عنده وعند الأصحاب صحة تزويج العبد الصغير لأنه جزم به ثم نقل أن الأصحاب جروا عليه وأنهم جعلوا الرواية غلطًا، ثم نقل عن الشيخ أبي على أنه خرج له محامل ضعيفة يصح بها عدم الإجبار وأن ذلك أولى من الغلط المطلق وممن اختار تزويج العبد الصغير الماوردي في "الحاوي" والشيخ في "التنبيه" وجزما به وقال ابن يونس: إنه الصحيح.

وأما مخالفته للقياس الجلي فلأنه يجوز عندنا للأب والجد أن يزوج

ص: 91

ولده الصغير لأنه يلي أمره فإذا أجاز ذلك لكونه يتصرف جاز للسيد بطريق الأولى لأنه يملك التصرف والرقبة، وقد نقل الرافعي في الكلام على التحليل عن الأئمة ما يوافق الإجبار أيضًا فقال: قال الأئمة: أسلم طريق في الباب وأدفعه للعار والغيرة أن تُزوج بعبد طفلٍ للزوج أو غيره، وتستدخل حشفته ثم تملكه ببيع أو هبة فينفسخ النكاح ويحصل التحليل إذا اكتفينا بوطء الصغير هذه عبارته، فانظر كيف أسند صحته إلى الأئمة غير أنه قال عقبه ويتعلق بأصل آخر وهو إجبار العبد الصغير والذي قاله تصرف منه مناف لكلامهم ولا يسلم له ذلك، وحكى الدرمازى في "رفع التمويه عن مشكل التنبيه" طريقة ثالثة وهي القطع بالمنع لأن في تزويج الكبير غرضًا ظاهرا، وهو صيانة ملكه بخلاف الصغير.

قوله: وإذا فرعنا على جواز إجبار العبد فيجوز أن يزوج أمته من عبده الصغير أو البالغ، وحينئذ فلا مهر: وفي استحباب ذكره قولان: الجديد: استحبابه. انتهى.

تابعه في "الروضة" على نسبة الاستحباب إلى الجديد وهو غلط، بل الصواب الذي ذكره أئمة المذهب هو العكس وهو استحبابه في القديم وعدمه في الجديد بل إن شاء سمى وإن شاء فلا، كذا صرح به ابن الصباغ في "الشامل" والمتولي في "التتمة" في الباب الرابع من أبواب النكاح، والروياني في كتابيه "البحر" و"الحلية" والعمراني في "البيان" وابن الرفعة في "الكفاية"، ووقع في بعض نسخ الرافعي على الصواب وجزم في "التتمة" في الباب الرابع من أبواب الصداق بالاستحباب موافقًا للقديم ونقل البيهقي في "المبسوط" عن القديم ما حاصله وجوب التسمية، واعلم أن هذه المسألة قد ذكرها الرافعي في ثلاثة مواضع:

أحدها: في هذا الموضع، والثاني: في الفصل المعقود لتزويج الرقيق

ص: 92

وهو قبيل كتاب الصداق.

والثالث: في الباب الثالث من كتاب الرضاع وحاصل ما حكى في الثلاث خلافًا في صحة النكاح وعلى الصحة خلافًا في أن المهر هل وجب وسقط أم لم يجب؟ ، وخلافًا في استحباب التسمية وذكرت في الكلام على نكاح الرقيق فوائد -وهو قبل الصداق- أخرى متعلقة بمسألتنا فراجعها.

قوله في "الروضة": له إجبار أمته على النكاح، ثم قال: والمدبرة والمعلق عتقها كالقنة وكذا أم الولد على الصحيح. انتهى.

وتعبيره بالصحيح يدل على أن الخلاف وجهان وهو المذكور في "المنهاج" أيضًا لكن المذكور في أمهات الأولاد من "الروضة" والرافعي أن في المسألة ثلاثة أقوال وسنذكر إن شاء الله تعالى عبارته في موضعها، وقد سلم الرافعي من هذا الاختلاف فإنه عبر بقوله فيه خلاف وفي "المحرر" بلفظ الأصح، وقد سبق لك غير مرة أنه لا اصطلاح له فيه.

قوله: وإذا طلبت المكاتبة التزويج ففي وجوب الإجابة وجهان. انتهى.

والأصح عدم الوجوب كذا صححه النووي من زياداته.

قوله: فرع: إذا كان لعبده المأذون في التجارة أمة، وكان عليه دين فزوجها السيد بإذن العبد والغرماء صح، وإن زوجها بإذن العبد دون الغرماء أو بالعكس لم يصح في أظهر الوجهين، وبيعه وهبته وطؤه كالتزويج. انتهى.

وهذه المسالة فيها كلام يتعين الوقوف عليه سبق ذكره واضحًا في معاملة العبيد فلتراجع.

واعلم أن السيد إذا وطيء أمة المأذون ولا دين عليه كان وطؤها حجرًا

ص: 93

عليه فيها، وقيل يفصل بين أن يعزل أم لا، كذا رأيته في هذا الباب من "شرح المختصر" للصيدلاني، ويعبر عنه ابن الرفعة في "المطلب" تارة بالداوودى وتارة بابن داوود ثم ذكر عقبه أنه لا يحتاج إلى استبراء بعد قضاء الدين على الصحيح.

قوله: وإذا وطئ بغير إذن الغرماء فهل عليه المهر؟ فيه وجهان، زاد النووي على هذا فقال: قلت لعل أصحهما الوجوب لأن مهرها مما يتعلق به حق الغرماء بخلاف وطء المرهونة. انتهى.

وما جزم به من تعلق حق الغرماء بالمهر وجعله دليلًا للترجيح المذكور قد تقدم منه في باب معاملة العبيد من "زوائده" أيضًا الجزم بعكسه فراجعه.

قوله: ولو أحبلها فالولد حر والجارية أم ولد إن كان موسرًا، فإن كان معسرًا لم تصر أم ولد وتباع في الدين، فإن ملكها بعد ذلك فالحكم كما مر في المرهونة. انتهى.

تابعه عليه في "الروضة"، والذي تقدم في ملك المرهونة بعد الإحبال أنها تعتق على الراجح، وحينئذ فيقال لم جعلها كالمرهونة في ما إذا ملكها بعد الإحبال، ولم يجعلها كالمرهونة وقت الإحبال حتى يجيء في عتقها ثلاثة أقوال: الثالث التفصيل بين الموسر والمعسر، بل جزم بعتقها على الموسر وبعدمه على المعسر.

قوله: وكذا الحكم في استيلاد الجارية الجانية وفي استيلاد الوارث جارية التركة إذا كان على المورث دين وإن لم نحكم بثبوت الاستيلاد في الحال وجبت قيمة الولد في جارية العبد المأذون، وفي جارية التركة ولا يجب في الجانية والمرهونة لأن حق المجني عليه والمرتهن لا يتعلق بالولد. انتهى.

ص: 94

تابعه عليه في "الروضة" والذي ذكره في ولد جارية التركة هنا قد خالفه في الباب الثالث من كتاب الرهن فذكر ما حاصله أن الصحيح أن حق الورثة لا يتعلق بالولد بالكلية حتى لا تجب قيمته على الوارث، وقد تقدم هناك ذكر عبارته.

قوله: ولو أعتق عبد المأذون وعلى المأذون دين، أو أعتق الوارث عبدًا من التركة، وعلى المورث دين قال البغوي: قيل في نفوذ العتق قولان كإعتاق المرهون والمذهب أنه إن كان معسرًا لم تنفذ وإن كان موسرًا نفذ كالاستيلاد وعليه أقل الأمرين من الدين وقيمة العبد كإعتاق العبد الجاني. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره في المسألة الأولى ليس على إطلاقه، بل محله إذا لم يأذن العبد والغرماء، فإن أذنوا جاز كما سبق إيضاحه في باب معاملة العبيد، وقد سبق قريبًا في باقي التصرفات ما يؤخذ منه أيضًا.

الأمر الثاني: أن ما ذكره في المسألة الثانية وهي إعتاق الوارث سبق الكلام عليه واضحًا في الباب الثالث من أبواب الرهن فراجعه.

قوله: وتزويج التي تعلق المال برقبتها دون إذن المجني عليه لا يجوز إن كان السيد معسرًا، فإن كان موسرًا فأحد الوجهين أنه يصح ويجعل اختيارًا للفداء. انتهى كلامه.

قال في "الروضة" من زياداته: الأصح هو الجواز والذي ذكره يشكل على منع البيع في هذه الحالة وقد سووا في الرهن بين إزالة الملك وتنقيصه في الامتناع.

قوله: الثالثة: تزويج السيد أمته بالملك أو بالولاية فيه وجهان: أظهرهما أنه بالملك لأنه يملك الاستمتاع بها كما يملك تزويجها والتصرف [في ما يملك استيفاؤه ونقله إلى الغير يكون نحو الملك](1)، ويتفرع عليه

(1) سقط من جـ.

ص: 95

مسائل منها إذا كان لمسلم أمة كتابية فظاهر المذهب أنه له تزويجها بالملك، وإذا قلنا بهذا فهي لا تصلح للحر المسلم إنما يزوجها من الحر الكتابي أو من العبد المسلم إذا جوزنا لهما ذلك. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا التعليل الذي ذكره منقوض بما إذا كانت الأمة لا تحل له.

الأمر الثاني: أن حصره التزويج في الحر الكتابي والعبد المسلم غير صحيح، فإن العبد الكتابي يجوز له نكاح الأمة الكتابية على الصحيح، ولو حذف لفظ الحر لاستقام وقد تفطن في "الروضة" لهذا الاعتراض فحذف التقييد بالمسلم فقال: بعبد أو حر كتابي هذه عبارته، ولو سلك ما سلكناه لكان أولى لأن إطلاق العبد يدخل فيه الكتابي وغيره كالوثني والمجوسي وعابد القمر والشمس، فإن الصحيح أن العبد يبقي على هذا الدين ولا يقتل.

قوله في أصل "الروضة": فإن جوزنا أي تزويج أمة المحجور عليه. فقال الإمام: يجوز تزويج أمته الثيب الصغيرة وإن لم تجز تزويجها، ولا يجوز للأب تزويج البكر البالغة قهرًا، وإن كان يقهرها وفي من يزوج أمة الصغير والمجنون وجهان أحدهما: ولي ماله نسيبًا كان أو وصيًا أو قيمًا كسائر التصرفات.

وأصحهما: أنه ولي النكاح الذي يلي المال، وعلى هذا غير الأب والجد لا يزوج أمة الصغير والصغيرة، والأب لا يزوج أمة البنت الصغيرة وإن كانت مجنونة زوج وإن كانت لسفيهة فلابد من إذنه. انتهى.

وهذا الكلام المذكور في تزويج أمة البنت الصغيرة مضطرب فإنه نقل أولًا عن الإمام جوازه، ولم يذكر فيه خلافًا، بل ارتضاه وأقره وانتقل

ص: 96

إلى غيره، ثم ذكر في آخر الكلام أنه لا يجوز، وهذا الذي وقع فيها سببه سوء الاختصار، فإن الرافعي بعد ذكره لكلام الإمام، قال: وهذا يوافق وجهًا للأصحاب في أن ولي المال يزوج أمة الصغير والمجنون، ثم قال: والأظهر وجه آخر وهو أن الذي يزوجها هو ولي النكاح الذي يلي المال وعلى هذا غير الأب والجد لا يزوجها لأنه لا يزوج الصغيرة والصغير والأب لا يزوج أمة البنت الصغيرة هذا كلامه، فاختصره في "الروضة" على هذا النمط المتقدم وعجيب كونه لم يتفطن له مع قرب ما بين الكلامين.

ص: 97