الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبب الثاني: الغرور
قوله: وإن شرطا في الزوج نسب شريف وبان خلافه نظر إن كان نسبه مثل نسبها أو فوقه إلا أنه دون المشروط ففيه قولان: أصحهما على ما ذكر في "التهذيب": أنه لا خيار لها لأنها لا تتعير به. انتهى.
وهذا الذى صححه البغوي هو الصحيح كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير" وعبر بالأصح، وصححه النووي في أصل "الروضة" وعبر بالأظهر، وإطلاق "المحرر" و"المنهاج" يقتضى ثبوت الخيار.
قوله: فإن شرط العبد حرية امرأته فبانت أمة، وقلنا بثبوت الخيار لو كان حرًا فقولان، قال في "التهذيب": أصحهما: أنه لا خيار لتكافؤهما. انتهى.
وهذا الذى صححه في "التهذيب" هو الأصح فقد صححه الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في أصل "الروضة".
قوله: وإن كان المشروط صفة أخرى -أي غير النسب- والحرية كاليسار والصغر وغيرهما فإن شرطت في الزوج فبان دون المشروط فلها الخيار، وإن شرطت فيها ففي ثبوت الخيار له قولان لتمكنه من الطلاق ذكره في "التتمة". انتهى كلامه.
وهذا الخلاف حكاه في "الشرح الصغير" وجهين على عكس ما قاله هنا ولم يصحح فيه أيضًا شيئًا منهما وقال في "الروضة" من زياداته: الأظهر منهما ثبوت الخيار.
قوله: إحداهما إذا ظنت أن زيدًا كفء فأذنت في تزويجها منه، ثم بان أنه ليس بكفء فلا خيار لأنه لم يجز شرط والتقصير منها ومن الولي حيث لم يفحصا، وليس هذا كظن السلامة عن العيب، لأن الظن هناك يبنى على أن الغالب السلامة، وهاهنا لا يمكن أن يقال أن الغالب كفاءة
الخاطب، هكذا أطلق المسألة صاحب الكتاب، وينبغي أن يفصل فيقال إن كان فوات الكفاءة لدناءة نسبه أو حرفته أو لفسقه، فالجواب ما ذكرنا، وإن كان فواتها لعيب به ثبت الخيار، وإن كان لرقه فليكن الحكم كلما سنذكر على الأثر في ما إذا تكح امرأة على ظن أنها حرة فإذا هي رقيقة، بل كانت المرأة أولى بثبوت الخيار من جانب الرجل. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن كلامه يدل على أنه لم يقف في المسألة على نقل، ولهذا أبدى ما أبداه فيها على سبيل التفقه وهو غريب جدًا، فأما فوات الكفاءة للفسق فقد صرح به البغوى في "فتاويه"، وأجاب بالخيار على عكس ما تفقه فيه الرافعى، والغريب أن الرافعى نقله عنه قبيل كتاب الصداق وارتضاه ولم ينقل عن أحد ما يخالفه فقال نقلًا عن "فتاوى القاضي الحسين" ما نصه: وإذا استؤذنت المرأة في التزويج من رجل فأذنت ولم يعلم فسقه وكان فاسقًا يصح النكاح لوجود الإشارة إلى عينه، قال الشيخ البغوي: لكن لها حق الفسخ كما لو أذنت في التزويج من رجل ثم وجدت به عيبًا هذا لفظه هناك.
وأما فوات الكفاءة للعيب فقد صرح به البغوي أيضًا هناك على وفق ما تفقه فيه الرافعي، وهو من جملة الكلام الذي نقله هو عنه، كما ذكرناه، بل الأصحاب قائلون بثبوت الخيار بهذه العيوب وثبوت الخيار فرع عن صحة [النكاح.
وأما الفوات لأجل الرق فنقل في "الروضة" ثبوت] (1) الخيار فيه عن فتاوى صاحب "الشامل" وعن غيره أيضًا، وحكى ابن يونس شارح "التنبيه" فيها وجهين.
الأمر الثاني: أن إطلاق الغزالي إنما هو في "الوجيز" خاصة، وأما في
(1) سقط من أ، ب.
"البسيط" و"الوسيط" فإنه فصل التفصيل السابق.
قوله: قال الأصحاب التغرير المؤثر هو المقارن للعقد على سبيل الاشتراط، وأما السابق فلا يؤثر وفيه وجه، وهذا كله في تأثيره في فساد العقد أو في إثبات الخيار، فأما في الرجوع بالمهر على الغار فالسابق كالمقارن هكذا نقل الغزالى، وحققه الإمام فقال: لا يشترط في تصوير التغرير دخول الشرط بين الإيجاب والقبول، ولا صدوره من العاقد، ألا ترى أنا نضمن الأمة والمكاتبة إذا كان التغرير منهما وليستا بعاقدين، ولكن يشترط اتصاله بالعقد، فلو قال فلانة حرة في معرض الترغيب في النكاح ثم زوجها على الاتصال إما بالوكالة أو الولاية فهذا تغرير، ولو لم يقصد بما قاله تحريض السامع واتفق بعد أيام أنه زوجها ممن سمع كلامه فليس ما جرى بتغرير، وإن ذكره لا في معرض التحريض، ولكن جرى العقد بعد زمان فاصل ففي كونه تغريرًا تردد ويشبه أن لا يعتبر الاتصال بالعقد على ما يقتضيه إطلاق صاحب الكتاب، وكان سبب الفرق بين التأثير في [الفساد أو في إثبات الخيار وبين التأثير في](1) الرجوع أن يعلق الضمان بالتغرير أوسع بابًا، وكذلك يثبت الرجوع على قول بمجرد السكوت عن عيب المنكوحة. انتهى كلامه.
قال ابن الرفعة: وما قاله الرافعى نقلًا وفقها يحتاج إلى تأمل وذلك أن قول الرجوع بالمهر على الغار مفروض في ما إذا قلنا بفساد النكاح أو بصحته وثبوت الخيار فاختار الفسخ، وإلا فالواجب المسمى ولا رجوع به كما دل عليه كلام الشيخ في "المهذب" والبغوى والرافعى وغيرهم، وحينئذ متى كان سابقًا وقلنا بأنه لا يؤثر في النكاح والخيار وجب المسمى فلا رجوع فلا وجه للتفرقة بين الرجوع بالمهر وغيره، هذا كلامه.
قوله: الثالثة: لا يتصور الغرور بالحرية من السيد لأنه إذا قال هى حرة
(1) سقط من جـ.
وزوجها أو قال: زوجتكها على أنها حرة عتقت، وخرجت الصورة على أن يكون نكاح غرور، وإنما يتصور ذلك من وكيل السيد في التزويج أو من المنكوحة نفسها أو منهما ولا عبرة بقول من ليس بعاقد ولا معقود عليه: انتهى كلامه.
وهذا الذى قاله من كون التغرير بالحرية لا يتصور من السيد إلى آخره ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" و"المحرر" وتابعه النووى في "الروضة" و"المنهاج" وابن الرفعة في "الكفاية" وليس كما قالوا، بل يتصور التغرير من السيد في مسائل منها: ما لو كان اسمها حرة فناداها بذلك أو أخبر عنها كما لو قال هذه حرة، أو زوجتك هذه وهي حرة ونحو ذلك.
ومنها: ما لو رهنها وهو معسر فأذن له المرتهن في زواجها فزوجها وشرط حريتها فإنها لا تعتق كما لو صرح بعتقها.
ومنها: ما إذا كانت الأمة جانية ففيها ما قلناه في المرهونة.
ومنها: إذا أطلق عليها لفظ وأراد به المعنى المشهور في العرف وهو العفة عن الزنا فإنها لا تعتق بذلك لوجود الصارف عن معنى العتق إلى غيره.
قوله: ولو انفصل الولد ميتًا بجناية جان فله أحوال، الرابع: أن تصدر الجناية من سيد الأمة فعلى عاقلته الغرة، ثم إن اعتمدنا التفويت سلمت الغرة للورثة، وغرم المغرور للسيد عشر قيمة الأم. قال الإمام: ويجوز أن يقال انفصاله بجناية السيد كانفصاله لا بجناية فلا يغرم المغرور له شيئًا، وإن قصرنا النظر عن الغرة، فإذا حصلت ينصرف منها العشر إلى السيد فإن فضل شيء فهو للورثة. قال الإمام: إذا كانت الغرة قدر العشر أو أقل وصرفناها إلى السيد كان الحاصل إيجاب مال على عاقلة الجاني للجاني وهو مستبعد. انتهى كلامه.
وما نقله الرافعى عن الإمام في آخر هذا الكلام وسكت عليه تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو عجيب لأن الغرة تجب للورثة على عاقلة الجاني وحق السيد يجب على المغرور متعلقًا بما يسلم له وليس هو نفس حقه لأن الغرة لا تجب له، بل إنما يجب له قيمة الولد وحق المغرور ثابت بمجرد الجناية يستحق المطالبة به، والسيد على هذا القول إنما يطالب المغرور بعد أن يتسلم ما يثبت له، وحينئذ يتعلق حق السيد.