الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن
قوله: وإذا وطيء الأب جارية الابن لم يجب الحد وفيه قول مخرج، وأما التعزير ففيه وجهان: أحدهما المنع لئلا يصير الابن وماله سببًا لعقوبة الأب.
وأصحهما: الوجوب كارتكاب سائر المحظورات، ثم قال: ويشبه أن يكون هذا في التعزير لحق الله تعالى لا لحق الابن. انتهى كلامه.
ذكره نحوه في "الروضة" ولم يذكره على صورة البحث، بل جزم به وفي المراد بهذا التقييد نظر فإن أريد به أن الابن لا يثبت له على الأب تعزير قطعًا فباطل، ولهذا جزم الأصحاب بأنه إذا قذف ولده عزر، إلا أن ابن الرفعة ذكر في باب القذف من "الكفاية" أنه سمع بعض مشايخه يحكى وجهًا أنه لا يعزر ويؤيده أنه لا يحبس لوفاء دينه على الصحيح في "الشرح" و"الروضة" في كتاب الشهادات مع أن الحبس تعزير، وإن أريد به أن هذا الخلاف في التعزير لحق الله تعالى وأما لحق الابن فيثبت جزما فباطل أيضًا لأن تعليل الوجه الأول صريح في دفعه، وكذلك الخلاف الذي ذكرناه في الحبس.
قوله: الحالة الثانية إذا كانت الجارية موطوءة الابن ووطئها الأب وهو عالم بالحال فلا حد على الأصح، ثم قال: وخصص الروياني في "البحر" الخلاف بما لو كانت موطوءة الابن من غير استيلاد، فأما إذا كان قد استولدها فحكايته عن الأصحاب وجوب الحد قطعًا لأنه لا يتصور أن يملكها بحال. انتهى.
وهذا الكلام ربما يشعر بأن الأمر على ما نقله الروياني من التقييد لا
سيما كلام "الروضة" فإنه أشد إشعارًا به، وليس كذلك، بل الخلاف جار مطلقًا، فقد ذكر بعد هذا في أثناء التفريع على القول الصحيح ما يدل عليه فقال: أما إذا قلنا: إنه لا حد عليه فهو كما لو كان جاهلًا فيلزمه المسمى، وتكون الجارية محرمة عليهما أبدًا، وإذا أولدها فإن كانت مستولدة للابن لم تصر مستولدة للأب لأن أم الولد لا تقبل النقل هذا كلامه فجعل قول عدم وجوب الحد جاريًا مع استيلاد الابن لها على خلاف ما نقله الروياني، وعبارة "الشرح الصغير" في أصل المسألة يدل عليه، فإنه قال: بعد حكاية الخلاف ما نصه: ومنهم من يخصص القولين بكذا إلى أخره، فلم يأت به في صورة التقييد ولا نقله عن الأصحاب، بل ساقه مساق حكايات الأوجه الضعيفة.
قوله: فإن قلنا بوجوب الحد فأولدها لم تصر أم ولد له وكان الولد رقيقًا غير نسيب، وعلى هذا القياس إذا وطئ جاريته المحرمة عليه برضاع أو غيره وأولدها لا تصير أم ولد له إذا أوجبنا الحد، قال الإمام: وارتاع بعض الأصحاب فلم يستجز أن يطأ الإنسان مملوكته فتحبل منه ولا تصير أم ولد له فحكم بثبوت النسب، والاستيلاد مع القول بوجوب الحد، وطرد هذا القائل كلامه في إيلاد جارية الابن والظاهر الأول. انتهى.
وما صححه هنا من نفى النسب وأمية الولد في جاريته المحرمة عليه على القول بوجوب الحد ذكر مثله في باب حد الزنا في الكلام على وطء الشبهة وخالف الموضعين جميعًا في كتاب أمهات الأولاد فجزم بثبوته تفريعًا على هذا القول، وسوف أذكره في موضعه فراجعه، وتابعه في "الروضة" على ذلك.
قوله: وفي إيلاد أحد الشريكين الجارية المشتركة يثبت الاستيلاد والنسب وإن طرد القول القديم، وقيل بوجوب الحد لأن وطأه يصادف
ملكه وملك غيره حقيقة، وكانت الشبهة أقوى تمكنًا، وإنما [يجب](1) الحد صيانة لملك الغير. انتهى كلامه.
وما جزم به هاهنا من ثبوت النسب والاستيلاد، وإن فرعنا على وجوب الحد قد خالفه في باب حد الزنا في الكلام على وطء الشبهة فصحح عدم الثبوت وسوف أذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى فراجعه، وتابعه في "الروضة" على الموضعين.
قوله: وقطع الجمهور بأنه لا يجوز للأب أن يتزوج بجارية ولده سواء أوجبنا الإعفاف أم لا، ثم قال: ولو نكح الأب جارية أجنبى فملكها الابن، وكان الأب بحيث لا يجوز له نكاح الأمة، فهل ينفسخ نكاحه؟ وجهان أحدهما: نعم كما لو ملكها الأب.
وأصحهما: لا لأن الدوام له من القوة ما ليس للابتداء. انتهى.
والتقييد بكون الأب لا يجوز له نكاح الأمة وقع أيضًا في "الشرح الصغير" و"المحرر" وتابع النووي عليه في "الروضة" و"المنهاج" وهذا القيد لا فائدة له.
قوله: ولو أيسر الأب بعد ما ملكه الولد جارية أو ثمنها لم يكن له الرجوع كما لو أعطاه نفقة فلم يأكلها حتى أيسر. انتهى كلامه.
وما أطلقه من عدم الرجوع في النفقة وتابعه عليه في "الروضة" سبقهما إليه صاحب "المهذب" وغيره وهو مشكل لا يوافق القواعد فإن نفقة القريب إمتاع لا تمليك، قال الإمام: ومن ثمرة ذلك أنه لا يجب على الولد تسليمها إليه، بل لو قال: كل معي كفى، وقد نقل ابن الرفعة في كتابيه "الكفاية" و"المطلب" ذلك عن "المهذب"، ثم رده بما ذكرناه.
(1) سقط من جـ.