الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس في تزويج العبد
قوله: وإذا جرى نكاح العبد بإذن السيد لا يصير السيد ضامنًا للمهر والنفقة على الجديد فإن قلنا بالقديم فهل يجب على السيد إبتداء أم يلاقي العبد ثم يتحمل عنه السيد؟ وجهان حكاهما أبو الفرج الزاز، وصحح الثاني وقطع البغوي بالأول، وكلام الإمام يقرب منه فإنه قال: وهذا وإن سمي ضامنًا إلى آخره ثم قال: فعلى الأول لا تتوجه المطالبة إلا على السيد ولو أبرأت العبد فهو كفء، وعلى الثاني تتوجه المطالبة عليهما. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأصح هو الثاني وهو التحمل كذا صححه الرافعى في "الشرح الصغير".
الأمر الثاني: أن كلام الرافعي يقتضى موافقة الإمام والبغوى مع أن [التعبير الذي نقله هو عنه لا يقتضي ذلك، بل قد صرح الإمام في](1) الكلام على الأب هل يكون ضامنًا لمهر ولده الصغير بعكس ذلك، ولم يحك فيه خلافًا.
قوله: يجب على السيد تخلية العبد بالليل للاستمتاع وله أن يستخدمه نهارًا إذا تكفل بالمهر والنفقة وإلا فعليه أن يخليه ليكتسب، فإن استخدمه ولم يلتزم شيئًا لزمه الغرم، وفى ما يغرمه؟ وجهان أصحهما: أقل الأمرين من أجرة المثل وكمال المهر والنفقة.
والثاني: كمال المهر والنفقة [على الوجهين في المراد بالنفقة](2) وجهان، الصحيح نفقه مدة الاستخدام، والثاني نفقة مدة النكاح ما امتدت
(1) سقط من جـ.
(2)
سقط من أ.
لأنه ربما كان يكتسب ما بقي لجميع ذلك. انتهى ملخصًا.
ذكر مثله في "الروضة" ولا شك أن جريان الوجهين في المراد بالنفقة على الوجه الثاني واضح، وأما على الوجه الأول وهو القائل بالأقل فلا فائدة فيه إذا كان الأقل هو الأجرة لأنها إن كانت أقل من نفقة مدة الاستخدام فهى الواجبة، وإن كانت أقل من نفقة العمر فبطريق الأولى لأن نفقة مدة الاستخدام جزء من نفقة تلك المدة مع ما بعده، وأما إذا كان الأقل هو النفقة كما إذا فرضنا مثلا أن أجرته تساوى درهمين ونفقة تلك المدة تساوي درهمًا ونفقتها مع ما بعدها تزيد على درهمين فإن اعتبرنا الأقل بالنسبة إلى نفقة مدة الاستخدام أوجبنا الأقل وهو الدرهم، وإن اعتبرنا الأقل ولكن بالنسبة إلى العمر فيوجب درهمين فقد ظهرت فائدة الخلاف في قسم واحد من أربعة أقسام، ولأجل ما ذكرناه نعرف نقصان الأجرة عن نفقة العمر من زيادتها عليه، فإن الأجرة إن كانت بقدر النفقة في مدة الاستخدام أو أقل علمنا أن أجرة المثل أقل من المهر ونفقة العمر فإن كانت -أى الأجرة- أكثر كما لو كانت عشرة والنفقة خمسة فيأمن السيد بالنفقة تلك المدة ثم ينظر إن بقي النكاح حتى استغرقت النفقة تمام العشرة علمنا أن أجرة المثل أقل من نفقة مدة النكاح مع المهر فلا يزيد عن تمام العشرة، وإن زال النكاح بموت أو غيره قبل استكمال العشرة نظرنا بينها وبين الخمسة التى هى نفقة تلك المدة ونفقة بقية مدة النكاح، وعلمنا الأقل وطريقه لا يخفى.
واعلم أن الغزالي في "الوجيز" لما حكى الأوجه لم يذكر الأقل، بل ذكر عوضه أجرة المثل وليس ذلك مغايرًا له فإن الزوجة ليس لها إلا المؤنة فإن كانت الأجرة أكثر استحال إيجابها للمرأة ولا وجه لخروجها عن ملك السيد فلزم أن الأجرة بكمالها إنما تجب إذا كانت أقل، وحينئذ فينتظم أن
يقال الواجب إنما هو الأقل.
قوله: قال القاضي الحسين في "فتاويه": لو اختلف السيد والعبد في الإذن في النكاح فقال السيد ما أذنت، فالوجه أن تدعي المرأة على السيد أن كسب هذا العبد مستحق لي لمهري ونفقتي ليسمع القاضي البينة. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" لكن الصحيح في كتاب الدعوى أن مجرد دعوى الزوجية أي بدون مال مسموعة على الصحيح، وهذا التصوير المتكلف فيه توهم الذهول عنه وأنها لا تسمع.
قوله في مسائل الدور: المسألة الثانية: زوج أمته عبد غيره وقبض الصداق وأتلفه بإنفاق أو غيره، ثم أعتقها في مرض موته أو أوصى بعتقها فأعتقت وهى ثلث ماله، وكان ذلك قبل الدخول فليس لها خيار العتق لأنها لو فسخت النكاح لوجب رد المهر من تركة السيد، وحينئذ فلا تخرج بتمامها من الثلث، وإذا بقي الرق في البعض لا يثبت الخيار، فإثبات الخيار يجر إلى سقوطه، وكذا الحكم لو لم يتلف الصداق وكانت الأمة ثلث أمواله مع الصداق، ولو خرجت من الثلث دون الصداق أو أنفق ذلك بعد الدخول واستقرار المهر فلها الخيار، ولو كانت المسألة بحالها إلا أن الإعتاق وجد من وارثه بعد موته فينظر إن كان الوارث معسرًا فلا خيار لها لأنها لو فسخت النكاح لزم رد المهر من تركة الميت، وإذا كان على الميت دين لم ينفذ إعتاق الوارث المعسر على الصحيح. انتهى كلامه.
وما ذكره يستقيم في صورة ثلث المهر، فأما في الصورة الثانية فلا لأنه بالفسخ تبقى العين التي هي المهر مستحقة لسيد العبد ولا دين على التركة.
قوله: والمكاتب لا يتسرى من غير إذن السيد وبإذنه قولان بناء على الخلاف في تبرعاته بإذن المولى. انتهى كلامه.
وهذه المسألة مذكورة في الرافعي و"الروضة" في ثلاثة مواضع: أحدها: هذا، والثاني: في باب الوكالة، والثالث: في البيع في آخر معاملات العبيد، وهو من زيادات النووي، ومقتضى المذكور هنا وفي البيع تصحيح الجواز لأنه الأصح في التبرعات، ولكن الصحيح الذي عليه الفتوى خلافه، وسنوضحه إن شاء الله تعالى في الكتابة فراجعه.