الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: في أحكام الرجعة
قوله: وكما يحرم وطيء الرجعية يحرم سائر الاستمتاعات كاللمس والنظر بالشهوة، انتهى.
وتقييده النظر بما إذا كان بالشهوة مشعر بجوازه إذا لم يكن كذلك، وعبر في "الروضة" بقوله: يحرم وطيء الرجعية ولمسها والنظر إليها وسائر الاستمتاعات، وهذه العبارة أخف من تعبير الرافعي وإن كان التعبير بسائر وهو الباقي يشعر بأن ما سبق مفروض أيضًا مع الاستمتاع، فإن قلت: فما الذي بقي من الاستمتاعات حتى يعبر في "الروضة" بلفظ سائر، قلت: التقبيل والمعانقة مع الساتر للبشرة وإن كان بحضرة من تزول معه الخلوة المحرمة.
قوله: فإن وطيء عزر معتقد التحريم، انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وهو يعارض قولهم: إن الإنكار لا يكون في المختلف فيه، وفيه كلام تعرفه في السير وغيره.
قوله من "زوائده": والمختار من الخلاف في أن الرجعية زوجة أم لا؟ ما اختاره الرافعي أنه لا يطلق ترجيح ونظيره القولان في النذر يسلك به مسلك واجب الشرع أم جائزه؟ وأن الإبراء إسقاط أم تمليك؟ ويختلف الراجح بحسب المسائل لظهور دليل أحد الطرفين في بعضها وعكسه في بعض، انتهى.
وما إختاره هنا في النذور والإبراء مخالف لما قال في بابها، وقد سبق ذكر الابراء في بابه ويأتيك النذر في بابه إن شاء الله.
قوله: وإن اختلفا فقال: راجعتك قبل إنقضاء العدة وقالت: بل بعد إنقضائها، نظر: إن إتفقا على وقت واحد فالقول قول من تعلق به الشيء
المتفق عليه على وقت الرجعة، واختلفا في إنقضاء العدة صدق الزوج، وإن كان بالعكس صدقت المرأة، وإن لم يتفقا فالقول قول السابق، انتهى ملخصًا.
وذكر ما يخالف ذلك في آخر الباب الأول من أبواب العدة إلا أنه ليس في غير المسألة، بل في ما إذا ولدت فطلقها واختلفا في المتقدم منهما فقال: إن اتفقا على وقت أحدهما فالعكس مما تقدم، وإن لم يتفقا صدق الزوج ووقع الموضعان كذلك في "الروضة".
قوله: وإذا كانت العدة باقية واختلفا في الرجعة فالقول قول الزوج ثم قال: وإذا قبلنا قوله فقد أطلق جماعة منهم صاحب "التهذيب" أن إقراره ودعواه إنشاء، وحكى ذلك عن القفال، وذكر الشيخ أبو محمد أن من قال به يجعل الإقرار بالطلاق إنشاء أيضًا، قال الإمام: وهذا لا وجه له فإن الإقرار والإنشاء متنافيان، انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الروضة" أيضًا، والصواب: أنه رجعة كذلك نص عليه الشافعي فقال في "الأم" في ما يكون رجعة ما نصه: قال الشافعي: وإذا قال لها في العدة قد راجعتك أمس أو يوم كذا ليوم ماض بعد الخلاف كان رجعة وهكذا لو قال: قد كنت راجعتك بعد الطلاق، هذا لفظه بحروفه ومن "الأم" نقلته، وذكر مثله في "البويطي" أيضًا وهو صريح في كونه إنشاء.
قوله: القسم الثاني: إذا نكحت زوجًا بعد العدة فجاء الأول وادعى الرجعة ففي سماع دعواه على الزوج وجهان:
أصحهما عند الإمام: لا، لأن الزوجة ليست في يده.
والثاني: نعم، لأنها في حباله وفراشه، وبهذا قطع المحاملي وغيره من العراقيين، فإذا ادعى عليها فإن أقرت بالرجعة لم يقبل إقرارها علي الثاني، ثم قال ما نصه: بخلاف ما لو ادعى علي امرأة في حبالة رجل أنها زوجته فقالت: كنت زوجتك فطلقتني فإنه يكون إقرارًا له وتجعل زوجة له والقول
قوله في أنه لم يطلقها لأنه لم يحصل الاتفاق على عدم الطلاق وهنا حصل والأصل عدم الرجعة، انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر كلامه من تسليم المرأة إلى الأول قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وكيف يستقيم ذلك مع أنه قد سبق تعلق حق الأول وقد صحح الرافعي في ما إذا باع شيئًا ثم اعترف بعد البيع، بأنه كان ملكا لغيره أنه لا يقبل لأنهما قد يتواطآن على ذلك، ولعل المسألة مصورة بما إذا أثبت نكاح الأول.
قوله: في المسألة فإن ادعى على الزوج فإن أنكر صدق بيمينه، وحينئذ فإن حلف حكم له وإن نكل ردت اليمين على المدعي، فإن حلف حكم بارتفاع نكاح الثاني ولا تصير المرأة للأول بيمينه، ثم إن قلنا: إن اليمين المردودة كالبينة، فكأنه لم يكن بينها وبين الثاني نكاح ولا شيء لها على الثاني إلا مهر المثل إن دخل بها، وإن قلنا: إنها كالإقرار فإقراره عليها غير مقبول فلها كمال المسمى إن كان بعد الدخول ونصفه إن كان قبله.
قال في "التهذيب": والصحيح عندي أنها وإن جعلت كالبينة لا تؤثر في سقوط حقها من المسمى، بل يختص أمر اليمين المردودة بالمتداعيين، انتهى كلامه.
وما ذكره هاهنا من أنا إذا جعلناها كالبينة يكون كما لو لم يكن بينهما نكاح حتى لا يجب لها عليه شيء إذا لم يدخل بها، تبعه عليه في "الروضة" أيضًا وهو خلاف الصحيح فتفطن له.
وذلك لأن الصحيح المعروف في المذهب على ما ستعرفه في كتاب الدعاوى هو ما قاله البغوي هنا وهو اختصاص أثر اليمين المردودة بالمتداعيين فقط والغريب أن الرافعي قد صرح قبل هذا الموضع بأسطر قلائل بكونها لا تتعدى إلى ثالث، وتبعه عليها في "الروضة" أيضًا فكيف غفل عنه في هذا الزمن اللطيف.
قوله: ولو زوجت المرأة وهي ممن يحتاج إلى رضاها فقالت: لم أرض بعقد النكاح ثم رجعت فقالت: رضيت وكنت أنسيته فوجهان: أظهرهما: عند الغزالي أنه يقبل، والمنصوص أنه لا يقبل، انتهى ملخصًا.
وهو صريح في قبول قولها أنها لم تكن راضية بعد النكاح، وهذه المسألة قد ذكرها الرافعي قبيل الصداق نقلًا عن البغوي فقال: إن أقامت معه لم يقبل قولها وإلا قبل منها.
قوله: لو قال طلقتها بعد الدخول فلي الرجعة فأنكرت الدخول فالقول قولها بيمينها فإذا حلفت فلا رجعة ولا سكنى ولا نفقة ولا عدة، ثم هو مقر لها بكمال المهر وهي لا تدعي إلا نصفه، فإن كانت قبضت الجميع فليس له مطالبتها بشيء وإن لم تقبضه فليس لها إلا أخذ النصف فإذا أخذته ثم عادت واعترفت بالدخول فهل لها أخذ النصف الآخر أم لابد من إقرار جديد من الزوج؟ فيه وجهان حكاهما إبراهيم المرزوي، انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" والأصح الوجه الثاني كذا صححه الرافعي في كتاب الإقرار، ثم إن كلامه هنا يشعر باستغراب الخلاف وهو مشهور في المختصرات فإنه فرد من أفراد ما إذا كذب المقر له ثم رجع.
قوله: وفي "شرح المفتاح" لأبي منصور البغدادي أنها لو كانت قبضت المهر وهو عين وامتنع الزوج من قبول النصف فيقال له: إما أن تقبله وإما أن تبريها منه، انتهى.
وهذا الكلام من تتمة ما ذكره في المسألة السابقة وهو أنها إذا قبضت الجميع فليس له مطالبتها بشيء وهذا الذي نقله الرافعي، وأقره عجب منه لأن البراءة من الأعيان لا تصح، والإجبار على أخذه كيف يستقيم مع أن المرأة تدعي إنتقاله إلى ملك الزوج، ومن أقر لشخص بشيء وهو ينكره، فإن المقر له لا يجبر على قبوله، بل يترك في يد المقر على الأصح في المسألتين.
إذا علمت هذا فمراد الرافعي إنما هو استحباب التلطف من القاضي في قول ذلك للزوج كما سبق مثله في الوكالة عند الاختلاف ولهذا لم يعبر هاهنا بالوجوب، بل بقوله: فيقال له، والمراد بالإبراء هو إيقاع شيء يحصل به خلاص المرأة والتعبير عنه بالإبراء صحيح.
قوله: في المسألة ولو كانت العين المصدقة في يده وامتنعت من أخذ الجميع أخذه الحاكم، وإن كان دينًا في ذمته قال لها: إما أن تبرئيه وإما أن تقبليه، انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" أيضًا وهو غير مستقيم، أما في العين فلأن من أقر لشخص بها وهو ينكرها فإنها لا تنزع منه، بل تقر في يده كما سبق.
وأما في الدين فلأنها لا تدعي إستحقاقه حتى يلزمها الأخذ والبراءة منه وينبغي تأويله بما ذكرناه قريبًا من التلطف ولكن الظاهر أن الرافعي ذكره ذهولًا ولم يرد ما ذكرناه، وقول الرافعي في هذا الفصل أنه لا نفقة يأتي فيه ما في المهر، وقد يكون ذهولًا.
قوله: وفي "التتمة" أنه لو طلق زوجته الأمة واختلفا في الرجعة فحنث قلنا: إن القول قول الزوج إذا كانت المطلقة حرة فكذلك هاهنا وحيث قلنا أن القول قول الزوجة فهاهنا القول قول السيد لأن نكاح الأمة حقه، وقال في "التهذيب" هو مذهب الشافعي فقد نص عليه في "الأم" في باب الوقت الذي تكون فيه الرجعة، فقال ما نصه: وإذا قضت فقال قد كنت راجعتك في العدة وصدقته فالرجعة ثابتة، فإن كذبته بعد التصديق أو كذبته قبل التصديق ثم صدقته كانت الرجعة ثابتة وهكذا لو كانت زوجته أمة فصدقته كانت كالحرة في جميع أمرها، ولو كذبه مولاها لم أقبل قوله: لأن التحليل بالرجعة والتحريم بالطلاق فيها ولها هذا لفظه بحروفه.
وذكر في "البويطي" مثله أيضًا ومن الأم والبويطي نقلت، وقد رجح
في "الروضة" من زوائده ما في "التتمة" فقال واختار الشاشي ما ذكره المتولي وهو قوي والله أعلم.
وهذا الكلام مردود ودليل على عدم اطلاعه على كلام إمام المذهب، وحامل على العمل بقول متأخر لم يطلع على كلام إمامه.