الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في موجب الألفاظ
قوله ولو قال الزوج ابتداء: أنت طالق وعليك ألف وقع الطلاق رجعيًا قبلت أم لا، ثم قال بعد ذلك: وذكر المتولي أنه لو لم يسبق منها طلب وشاع في العرف استعمال هذا اللفظ في طلب العوض وإلزامه كان كقوله طلقتك على ألف. انتهى كلامه.
وما نقله عن المتولي وأقره عليه قد ذكر ما يشكل عليه في باب تعليق الطلاق في الطرف السابع منه فإنه نقل عن المتولي والأكثرين أنه إذا تعارض في تعليق الطلاق مدلولان لغوي وعرفي قدم اللغوي، وعبر في "الروضة" بقوله: قطع المتولي مع أن الخلع على عوض الطلاق معلق على مال، وسأذكر لفظه في موضعه.
قوله: ولو قال: أنت طالق على ألف إن شئت، وقالت في المجلس: شئت وقبلت طلقت ولزم المال، فإن اقتصرت على أحدهما فأوجه: أصحها عند صاحب الكتاب: يكفي وهو قضية المنقول عن الشيخ أبي محمد.
والثاني: لابد من الجمع بينهما.
والثالث: يكفي قولها شئت ولا يكفي قبلت، لأن القبول ليس مشيئة، وهذا ما أورده في "التتمة" وهو إختيار الإمام في ما حكى المعلق عنه. انتهى ملخصًا.
اقتصر في "الشرح الصغير" على نقل تصحيح الغزالي ومفهوم ذلك رجحانه، وقال في "الروضة" من زياداته: إن الثالث هو الأصح أو الصحيح.
قوله: ولو حضرت وقالت لوكيلها الحافظ لمالها: سلمه إليه فسلمه طلقت وكان تمكينها الزوج من المال إعطاء، قاله المتولى. انتهى كلامه.
وما نقله عن المتولى وأقره وتابعه عليه في "الروضة" فيه كلام ستعرفه في الطرف السابع من تعليق الطلاق فراجعه.
قوله: ولو علق الطلاق بالإقباض فقال: إن أقبضتني كذا فأنت طالق فوجهان:
أظهرهما وهو المذكور في "التتمة": أنه تعليق محض لأن الإقباض لا يقتضي التمليك بخلاف الإعطاء فعلى هذا لا يملك المقبوض ولا يكون له الرجوع إلى مهر المثل، بل يقع الطلاق رجعيًا ولا يختص بالمجلس كسائر التعليقات.
والثاني: أن الإقباض كالإعطاء، ثم قال: والأداء والدفع والتسليم كالإقباض. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره هنا من كون الإقباض والأداء ليسا كالإعطاء في اشتراط القبض في المجلس ذكر قبل هذا ذلك بنحو ورقة ما يخالفه فقال: سبق أنه إذا علق الطلاق بالإعطاء لا يقع الطلاق إلا بالإعطاء في المجلس إلا إذا كان التعليق بصيغة متى وما في معناه، وروينا عن أحمد أنه لا يختص بالمجلس، وهو وجه لبعض الأصحاب وكل ذلك جار فيما إذا قال إن أقبضتني أو أديته لي. انتهى.
هذا لفظه ووقع هذا الاختلاف أيضًا في "الشرح الصغير" و"الروضة" ولم يذكر المسألة في "المحرر".
قوله: وفي "التتمة" أن ما ذكرناه في التعليق بالإقباض مفروض فيما إذا لم يسبق منه كلام يدل على الاعتياض بأن يقول: إن أقبضتني كذا وجعلته لي، أو لأصرفه في حاجتي وما أشبه ذلك. انتهى.
وهذا الذي نقله عن "التتمة" ليس حكاية لوجه آخر، بل استدراكًا لما أطلقه الأولون، هكذا ذكره في "الشرح الصغير".
وعبر بقوله كان كالإعطاء بلا خلاف، هذه صيغته وذكر في "الروضة" من زوائده نحوه فقال: إن ما ذكره المتولى متعين.
قوله: ولو كان الغالب في البلد دراهم عددية ناقصة الوزن لم ينزل الإقرار ولا التعليق عليها لأن الغلبة لا تؤثر فيها، واللفظ صريح في الوراثة وفي تنزيل البيع والمعاملات عليها وجهان:
أحدهما: المنع لأن لفظ الدرهم صريح في المقدار المذكور، والعرف لا يعتبر المسمى وإن كان يخصص ببعض الأنواع.
وأظهرهما: التنزيل عليها لأنها التي تقصد في مثل هذه البلدة وليس في استعمال الدرهم في الناقص إلا استعمال اللفظ في بعض معناه، وأنه من طريق المجاز. انتهى.
وما ذكره رحمه الله من كون العرف لا يغير وإنما يخصص سبقه إليه الغزالي وغيره، وهو استهلال عجيب فإنا لا نقول خرج الأول بالعرف عن كونه مدلولًا لهذا اللفظ، بل هذا من باب تعارض الحقائق فصراحته في الوراثة حقيقة شرعية وفي الناقصة أو الزائدة حقيقة عرفية فلا تغيير هنا، بل كل حقيقة باقية على وضعها، وحكمها أنا ننظر إلى المتكلم بها، فإن استعملها أهل الشرع حمل على الحقيقة عندهم، وإن استعملها أهل العرف فكذلك، وأيضًا فما ذكره في أخر كلامه في توجيه الأظهر إنما هو توجيه للناقص فقط، وكلامه فيه وفي الزائد، وأيضًا فإن قصده في تلك البلدة إنما هو إذا كان المتكلم من أهلها فإن كان من غيرها فلا.
قوله: وإذا قبلنا تفسير الدراهم هنا بالناقصة والمغشوشة فهل تراجعه
لتعبر عن المقصود، أو يأخذ بالظاهر فيه احتمالان في "البسيط". انتهى.
قال في "الروضة" من زوائده: أفقههما الثاني.
واعلم أن هذا الفرع فرد من قاعدة عامة، وهي: أنا حيث قبلنا صرف اللفظ عن ظاهره فهل يتوقف الحكم على سؤاله أم يجوز الإقدام عليه قبل ذلك؟ ، وقد صرح صاحب "الحاوي" في نظير هذا الفرع بما رجحه النووي تفقهًا وحكاه عنه من زوائده في اللغات، فإنه ذكر ما إذا قال لمنفي استحلفه النافي بعد ذلك لست ابن فلان وفسره بأنه نفاه فقال: إنه يقبل فاعترض عليه في "الروضة" فقال في أثناء اعتراضه: الراجح فيه ما قاله صاحب "الحاوي" فإنه قال: إنه يكون قذفًا عند الإطلاق فنحده من غير أن نسأله ما أراد، فإن ادعى احتمالًا ممكنًا كقوله لم يكن أباه حين نفاه قبل قوله بيمينه.
قوله: ولو أتت بمغصوب أو مشترك لم تطلق في الأصح، ثم قال: وطرد هذا الخلاف في العبد إنما يأتي إذا منعنا بيعه فإن جوزناه طلقت قطعًا، وقد نبه عليه النووي أيضًا.
قوله: وذكر في "التهذيب" أنه لو قال لامرأته الأمة: إن أعطيتني ثوبًا فأنت طالق فأعطته ثوبًا لم تطلق لأنها أعطته ما لا تملك. انتهى.
وما نقله هنا عن البغوي من عدم الوقوع في الأمة قد نقل في الباب الأول عن المتولي عكسه، وأقره عليه أيضًا، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.
وتبعه النووي في "الروضة" على الموضعين.
قوله: الثانية: لو خالعها على ثوب بعينه على أنه هروي، فلم يكن نظر، إن بان مرويًا نفذت البينونة وملكه الزوج لأن جنسهما واحد وهو القطن واختلاف الصفة كعيب يوجد فيه فله خيار الحلف وإذا رجع إلى
مهر المثل، وفي قول إلى قيمة الهروي، قال أبو الفرج السرخسي: وهذا على قولنا أن اختلاف الصفة لا يتنزل منزلة اختلاف العين، وفيه قولان ذكرناهما في كتاب النكاح، فإن نزلناه منزلة اختلاف العين فالعوض فاسد وليس له إمساكه، بل يرجع بمهر المثل أو قيمة الثوب على اختلاف القولين. انتهى.
وما نقله عن السرخسي وأقره من التخريج على القولين المذكورين وهما أن اختلاف الصفة، هل تنزل منزلة إختلاف العين أم لا؟ قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" ولكن ذلك الخلاف إنما ذكره الأصحاب في الزوجين خاصة وعللوه بأن الوصف فيهما مع كونهما عينين معينين تقوم مقام الرؤية، فإذا اختلف الوصف كان بمنزلة ما لو رأى عينًا وعقد على غيرها وأما بدل الخلع إذا كان معينًا فقد صرح الأصحاب بأنه كالمبيع، نعم لنا قول ضعيف أن البيع يبطل بذلك أيضًا إلا أن القولين ليسا هما القولين في النكاح بل القولان في النكاح مفرعان على قول الصحة في البيع كما أوضحه الرافعي وغيره في كتاب النكاح.
قوله في أصل "الروضة": وإن خالعها على ثوب معين على أنه كتان فخرج قطنًا أو بالعكس فوجهان: أحدهما وبه قطع البغوي: أنه كاختلاف الصفة فيكون حكمه ما سبق في خروجه مرويًا وهو الخيار بين إمساكه وبين رده والرجوع إلى مهر المثل، وأصحهما وبه قطع الشيخ أبو حامد وسائر العراقيين: أن العوض فاسد، وتقع البينونة بمهر المثل على الأظهر وبقيمة ثوب كتان في قوله، وليس له إمساكه، وهؤلاء قالوا: لو باعه على أنه كتان فبان قطنا بطل البيع، انتهى كلامه.
وما ذكره من قطع جميع العراقيين غريب فإن "التنبيه" أشهر الكتب المنسوبة إلى العراقيين، بل إلى الشافعية مطلقًا إذ يعرفه الفقهاء وغالب
العوام، مصنفه أشهر الشافعية أيضًا خصوصًا العراقيين لما ذكرناه وهو أيضًا محفوظ المصنف، وقد حكى في هذه المسألة وجهين، وكلام الرافعي سالم من هذا الاعتراض، فإنه عبر بقوله أورد أصحابنا العراقيون والإيراد قد يكون عن جزم وقد يكون عن ترجيح، وهو المذكور في "التنبيه".