الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الظهار
وفيه بابان:
الباب الأول: في أركانه
قوله: فإن لم نجوز للكافر شراء رقبة مسلمة لإعتاقها عن كفارته فمادام موسرًا لا يباح له الوطء، ويقال له: إن أردت ذلك فأسلم وأعتق، وكذا لو كان معسرًا وهو قادر على الصوم لا يجوز له العدول إلى الإطعام لأنه يمكنه أن يسلم ويصوم كذا ذكره في "التهذيب" و"التتمة" وحكاه الإمام عن القاضي وتردد فيه من حيث أن الذمي مقرر على دينه فحمله على الإسلام بعيد.
وقد يجاب بأنا لا نحمله على الإسلام ولا نخاطبه بالصوم بل نقول: لا نمكنك من الوطء إلا هكذا إلى آخره.
وما نقله عن الإمام بحثًا من إسقاط اعتبار الصوم ولم يقف عليه منقولًا، وتابعه عليه أيضًا في "الروضة" قد صرح بنقله الماوردي في باب حكم المهادنين فقال: وفي جواز إطعام الكافر فيها أي في كفارة الظهار وجهان:
أحدهما: يجوز لأنها إطعام.
والثاني: لا، لأنه بدل عن الصيام هذه عبارته.
قوله: وإن شبهها بعضو يذكر في معرض الإكرام كقوله: أنت علي كعين أمي، وأطلق، فقال القفال: يحمل علي الكرامة.
وقال القاضي حسين: يكون ظهارًا، ونظم "التهذيب" يشعر بترجيحه، ثم قال: ولو قال: أنت على كأمي أو مثل أمي ففيه وجهان:
بالمنع أجاب ابن الصباغ والبغوي وغيرهما، والوجهان قريبان من الوجهين السابقين، أو هما هما ويشبه أن يرجح فيهما المنع، انتهى.
وهذا الذي ذكره في آخر كلامه عجيب فقد نقل هو عن صاحب "التهذيب" التفرقة بينهما، أو ذلك يمنع الاتحاد وبمثله أجاب القاضي الحسين، إلا أن الرافعي اقتصر على النقل عنه في إحدى المسألتين وغيار بينهما أيضًا جماعة كثيرون غير من ذكرناه وقد سلمت "الروضة" من هذا الاعتراض.
قوله في الكنايات: إنه يصير مظاهرًا إذا نوى.
لم يبين هنا حقيقة النية في الظهار وقد بينه صاحب "الشامل" في كتاب الطلاق تعليلًا لمسألة ما نصه: لأن معنى نية الظهار أن ينوي أنها كظهر أمه في التحريم هذه عبارته، وقد نقله عنه الرافعي في الباب الثاني في أركان الطلاق فيما إذا قال لأمته: أنت على حرام، وحذفه النووي من "الروضة" ظنًا منه أنه تعليل محض، وذكر صاحب "البيان" هناك نحو ما ذكره في "الشامل".
قوله: ولو قال: إن ظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت علي كظهر أمي، فنكحها وظاهر منا فهل يصير مظاهرًا عن الأولى؟
فيه وجهان: أصحهما: نعم لأن ذكر الأجنبية في مثل ذلك للتعريف دون الشرط، كما لو قال: لا أدخل دار زيد هذه فباعها ثم دخلها يحنث، ثم قال: والوجهان كالوجهين فيما إذا قال: لا أكلم هذا الصبي فكلمه بعد ما صار شيخًا ونظائره، انتهى كلامه.
وظاهره يقضي أن الصحيح في مسألة الصبي ونظائرها الحنث أيضًا وليس كذلك بل الصحيح المذكور في كتاب الأيمان أنه لا يحنث.
قوله: ولو قال إن ظاهرت من فلانة أجنبية أو هي أجنبية فهو كقوله: إن بعت الخمر فأنت طالق، أو كظهر أمي، ثم يأتي بلفظ البيع لا يقع الطلاق
ولا الظهار تنزيلًا للفظ العقود على الصحة، وعند المزني ينزل في مثل هذا على صورة العقد ومن الأصحاب من وافقه أيضًا، فإن في تعليق الطلاق بالمستحيل خلافًا قد تقدم في كتاب الطلاق، انتهى.
وما ذكره من تقوية مقالة المزني ومن تبعه بالتوجيه السابق غلط عجيب فإن قائله يقول بإلغاء التعليق وتنجيز الطلاق، والمزني ومتابعوه يقولون: لابد من وجود المعلق عليه لفظًا، وسأذكر المسألة إن شاء الله تعالى واضحة في كتاب الأيمان لغرض متعلق بالمسألة يتعين معرفته.
قوله: فرع: لو قال: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي، فدخلت وهو مجنون أو فاسق فعن أبي الحسين ابن القطان أن في حصول العود ولزم الكفارة قولين، قال القاضي ابن كج: وعندي أنها تلزم بلا خلاف كما لو علق طلاقها بالدخول فدخلت وهو مجنون، وإنما يؤثر الإكراه والنسيان في فعل المحلوف على فعله وهذا هو الوجه، انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من ترجيح عدم التخريج على فعل المكره والناسي قد خالفه في الباب الذي بعد هذا مخالفة عجيبة، وستعرفه عند ذكري للفظه.
الأمر الثاني: أن ما ادعاه الرافعي من أن الثاني هو الوجه أي المتجه عجيب، بل الوجه ما قاله ابن القطان في الناسي لأن وزان الطلاق المعلق إنما هو حصول الظهار لأنه المعلق، وابن القطان لم يخالف فيه، وإنما خالف في حصول العود ووجوب الكفارة، وهو أمر يطرأ بعد وجود الظهار، وقد حصل في حالة النسيان فكان كالفعل في تلك الحالة، وأما المجنون فالوجه القطع بعدم الوجوب لأنه لو جن عقب الظهار لم يكن عائدًا، لأنه لم يمسكها بعد الظهار زمانًا يمكنه أن يطلق فيه فلم يطلق.