المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الخامس في الشك في الطلاق - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٧

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النكاح

- ‌ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره

- ‌ الأركان

- ‌الفصل الأول في أسباب الولاية

- ‌الفصل الرابع في تولي طرفي العقد

- ‌الفصل الخامس في التوكيل

- ‌الفصل السادس في ما يجب على الولي

- ‌الفصل السابع في الكفاءة

- ‌الفصل الثامن في تزاحم الأولياء

- ‌ الموانع

- ‌الجنس الأول: المحرمية

- ‌الجنس الثاني: ما لا يوجب حرمة مؤبدة

- ‌الجنس الثالث: من الموانع الرق

- ‌الجنس الرابع: من الموانع الكفر

- ‌ موجبات الخيار

- ‌السبب الأول: العيب

- ‌السبب الثاني: الغرور

- ‌السبب الثالث: [العتق]

- ‌السبب الرابع: العنة

- ‌ فصول متفرقة

- ‌الفصل الأول فيما يحل للزوج

- ‌الفصل الثاني في وطء الأب جارية الابن

- ‌الفصل الرابع في تزويج الإماء

- ‌الفصل الخامس في تزويج العبد

- ‌الفصل السادس في النزاع

- ‌كتاب الصداق

- ‌الباب الأول في الصداق الصحيح

- ‌الباب الثاني في الصداق الفاسد

- ‌الباب الثالث في المفوضة

- ‌الباب الرابع في التشطير

- ‌الفصل الأول: في محله وحكمه

- ‌الفصل الثاني في التغيرات قبل الطلاق

- ‌الفصل الثالث في التصرفات المانعة من الرجوع

- ‌الفصل الرابع في هبة الصداق من الزوج

- ‌الفصل الخامس في المتعة

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌باب الوليمة والنثر

- ‌كتاب القسم والنشوز

- ‌[كتاب الخلع

- ‌الباب الأول في حقيقة الخلع]

- ‌الباب الثاني في أركان الخلع

- ‌الباب الثالث في موجب الألفاظ

- ‌الباب الرابع في سؤال الطلاق

- ‌الباب الخامس في النزاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الباب الأول في "السنة والبدعة

- ‌الركن الأول: المطلق

- ‌الركن الثاني: اللفظ وما يقوم مقامه

- ‌الركن الثالث: القصد إلى الطلاق

- ‌الركن الرابع: المحل

- ‌الركن الخامس: الولاية على المحل

- ‌الباب الثالث في تعدد الطلاق

- ‌الباب الرابع في الاستثناء

- ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

- ‌الشرط الثاني من الكتاب في التعليقات

- ‌الفصل الأول في التعليق بالأوقات

- ‌الفصل الثاني في التعليق بالتطليق

- ‌الفصل الثالث في التعليق بالولادة والحمل

- ‌[الفصل الرابع في التعليق بالحيض]

- ‌الفصل الخامس في التعليق بالمشيئة

- ‌الفصل السادس في مسائل الدور

- ‌فصل: في مسائل منثورة ذكرها أبو العباس الروياني

- ‌فصل: قد بقى من كلام الرافعي ألفاظ لم يتقدم ضبطها

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في أحكامه

- ‌كتاب الظهار

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم الظهار

- ‌كتاب الكفارات

- ‌ العتق

- ‌ الصيام

- ‌ الإطعام

- ‌[كتاب اللعان

- ‌الباب الثاني: في قذف الأزواج

- ‌الباب الثالث: في ثمرة اللعان

الفصل: ‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

‌الباب الخامس في الشك في الطلاق

قوله: ولو قال: إن كان هذا الطائر غرابًا فعبدى حر، وقال الآخر: إن لم يكن كذلك فعبدى حر، واجتمع لأحدهما العبدان منع التصرف فيهما وأمر بتعيين العتق في أحدهما، وقيل يمتنع في الذي كان للآخر خاصة فلو باع أحدهما عبده ثم اشتر عبد صاحبه قال في "البسيط": لم أره مسطورًا، والقياس أنه ينفذ تصرفه في الثاني؛ لأن بيع الأول كواقعة انقضت وتصرفه في الثاني واقعة أخرى كما لو صلى إلى جهتين باجتهادين. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما نقل احتماله عن "البسيط" من جواز التصرف قد جزم به الماوردي فقال في "الحاوي": لو ابتاع كل منهما عبد الآخر ولم يتكاذبا جاز لكل منهما أن يتصرف في الذي اشتراه وجهًا واحدًا -أي وإن كان لا يجوز على وجه لو اجتمعا في ملكه-، وقال في "الروضة": أما على الوجه الثاني فيعتق عليه الثاني بلا شك، وأما على الطريقة الأخرى فيحتمل ما قاله في "البسيط" ويحتمل بقاء الحجر في الثاني قال: وهو الأقيس احتياطًا للعتق، قال: وقد ذكر في "الوسيط" احتمالين: أحدهما ما ذكره في "البسيط"، والثاني: عدم النفوذ فيه.

الأمر الثاني: أن القول بمنع التصرف في الثاني مخالف لما ذكره [الأصحاب في](1) العتق فيما إذا كان عبد بين معسرين فقال أحدهما: إن كان هذا الطائر غرابًا فنصيبى حر، وقال الآخر: إن لم يكن غرابًا فنصيبي حر ولم يعلم الطائر ثم تبادلا إحدى الحصتين بالأخرى وصححنا مثل هذا

(1) في أ: وللأصحاب، وفي ب: ولا ضجار.

ص: 354

التبادل أن كلا منهما يتصرف فيما انتقل إليه كما كان يتصرف فيما نقله عنه، وهذا الاستشهاد ذكره ابن الرفعة، واستشكل جواز التبادل قال: لأنا نقطع بفساد أحد العوضين.

قوله: فرع: قال البوشنجي: ولو قال: أنت طالق بعدد كل شعرة على جسد إبليس فقياس مذهبنا أنه لا يقع شيء؛ لأنا لا ندرى عليه شعر أم لا؟ والأصل العدم، وعن بعض أصحاب أبي حنيفة وقوع طلقة. انتهى.

والصواب هو الوقوع فقد جزم الرافعي في أوائل باب عدد الطلاق بأنه إذا قال: أنت طالق وزن درهم أو وزن ثلاثة أو عشرة ونحو ذلك وقعت عليه طلقة ومسألتنا أولى من تلك بالوقوع؛ لأن ربط الطلاق بالعدد ممكن من حيث الجملة بخلاف ربطه بالوزن، وقد رجح النووي أيضًا ما ذكرناه إلا أنه لم يستحضر هذا النقل الذي ذكرناه فقال: القياس المختار وقوع طلقة وليس هذا تعليقًا على صفة فيقال: شككنا فيها، بل هو يتخير طلاق وربط تعدده بشيء شككنا فيه فيوقع أصل الطلاق ويلغى العدد فإن الواحدة ليست، بعدد لأن أقل العدد إثنان. هذا كلامه، والمتجه في مسألتنا إيقاع طلقتين؛ لأنه واقع عددًا والمتيقن منه اثنان وشككنا في الزائد.

قوله: ولو قال لزوجته وأجنبية: إحداكما طالق وقال: نويت الأجنبية قبل قوله بيمينه على الصحيح، فلو قال: لم أنو واحدة منهما طلقت زوجته: قاله البغوي في فتاويه. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما نقله عن البغوي يتجه أن يكون محله في ما إذا لم يصدر على الأجنبية طلاق منه أو من غيره، فإن كان قد وقع عليها ذلك لم يحكم بطلاق زوجته بما وقع منه، لأن الكلام الذي صدر منه صادق عليهما صدقًا واحدًا، والأصل بقاء الزوجية، وقد ذكر في العتق قبيل

ص: 355

الكلام على الولاء ما يقوى ما قلناه فقال: إذا عتق عبدًا ثم قال له ولعبد آخر له: أحدكما حر لم يقبض ذلك عتق الآخر. هذا كلامه، فاقتضى أن لا يقع عليه به شيء عند الإطلاق.

الأمر الثاني: أن الماوردي أيضًا قد جزم بما نقل عن البغوي فإنه قال ولو قال: إحداكما طالق فكان قد نكح إحداهما نكاحًا صحيحًا والأخرى فاسدًا فإن كان الطلاق مرسلًا غير معين وقع على المنكوحة نكاحًا صحيحًا، وإذا كان الطلاق ينصرف هنا إلى الزوجة مع صحة إرادة من لها شبهة نكاح ففي الأجنبية أولى، لكن قال ابن الرفعة أن كلام الغزالي يقتضي أنه لو لم يرد شيئًا لم ينصرف إلى الزوجة بل تراجع.

قوله: ولو نكح امرأة نكاحًا فاسدًا وأخرى نكاحًا صحيحًا فقال لهما: إحداكما طالق، وقال: أردت فاسدة النكاح فيمكن أن يقال: إن قبلنا التفسير بالأجنبية فهذه أولى وإلا فوجهان. انتهى.

وما ذكره من احتمال قبول إرادة الأجنبية قد جزم به الماوردي في "الحاوي" فقال: إذا قال: إحداكما طالق وكان قد نكح إحداهما فاسدًا والأخرى صحيحًا فإن كان الطلاق مرسلًا غير معين وقع على المنكوحة نكاحًا صحيحًا، وإن تبين أنه أراد التي نكحها نكاحًا فاسدًا قبل منه. انتهى.

قوله: فيما إذا طلق إحداهما بعينها ثم نسيها أولا بعينها بأن أبهم الطلاق فيجب عليه التعيين أو التبيين على الفور فإن أخر عصى. انتهى.

وظاهره أنه لو استمهل لا يمهل لكن قال ابن الرفعة: إنه لو استمهل أمهل فإن الروياني قال في المسلم على أكثر من أربع يمهل إذا استمهل ثلاثة أيام، وما قاله ابن الرفعة ينبغي أن يكون محله إذا طلق ثم نسى أو أبهم، أما إذا عين ولم يدع النسيان فلا وجه للإمهال.

ص: 356

قوله: فإن امتنع حبس وعزر، ظاهره أنه يجمع بين نوعي تعزير من الحبس وغيره وهو مخالف لما سيأتي في كتاب التعازير في آخر المسألة، ولو أبهم طلقة رجعية فهل يلزمه أن يبين أو يعين في الحال؟ وجهان حكاهما الإمام: أحدهما، نعم لحصول التحريم، وأصحهما: لا لأن الرجعية زوجة. انتهى.

وما ذكره من عدم وجوب التعيين أو التبيين ينبغي أن يكون محله إذا كانت العدة قائمة، أما إذا انقضت العدة فإنه يطالب بحصول البينونة وانتفاء الزوجية.

قوله: وإذا طلق واحدة لا بعينها فهل يقع الطلاق من حين التلفظ أو من حين التعيين؟ فيه وجهان: رجح مرجحون الثاني، منهم الشيخ أبو علي وقال: إنه ظاهر المذهب، وذهب الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والروياني وغيرهم إلى ترجيح الأول والنفس إلى قبوله أسرع، انتهى ملخصًا.

والراجح الأول فقد قال في "المحرر": إنه أقرب الوجهين، وفي "الروضة": إنه الصواب.

قوله: ولو ماتتا أو ماتت إحداهما بقيت المطالبة بالتعيين لبيان حكم الميراث، وحينئذ فإن أوقعنا الطلاق باللفظ فذاك وإن أوقعناه بالتعيين فلا سبيل إلى إيقاع طلاق بعد الموت ولابد من استناده للضرورة، وإلى ما يسند؟ وجهان:

أصحهما عند الإمام: إلى وقت اللفظ فيرتفع الخلاف.

وأرجحهما عند الغزالي: إلى قُبيل الموت. انتهى كلامه.

وما ذكره من الجزم بالوقوع على القول بإيقاعه بالتعيين أيضًا قد خالفه في نظيره من العتق فجزم بأنه لا يقع، وسوف أذكر لفظه في موضعه وهو

ص: 357

في أثناء الخاصة الرابعة من خواص العتق فراجعه، ووقع الموضعان في "الروضة" كذلك.

قوله: وإن لم ينو واحدة بعينها فهل يكون الوطء تعيينًا؟ فيه وجهان وقيل قولان:

أحدهما: أنه يكون تعيينا وبه قال المزني وأبو إسحاق وأبو الحسن الماسرجسي، ورجحه ابن كج.

والثاني: لا يكون وبه قال ابن أبى هريرة، قال في "الشامل" و"التتمة": إنه ظاهر المذهب. انتهى ملخصًا.

لم يصحح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا، ورجح في "المحرر" أنه لا يكون تعيينًا وعبر بالأظهر، وقال في "الروضة" من "زوائده": إنه المختار، وفي "الشامل": إنه ظاهر نص الشافعي.

قوله في آخر المسألة: ولما أطلق الجمهور بالمنع منهما جميعًا أشعر ذلك بأن الأصح عندهم أنه ليس بتعيين. انتهى.

وما ذكره قد نازع فيه ابن الرفعة وقال: لا يلزم من كونه تعيينًا أن يكون حلالًا؛ لأن ابتداء الوطء من المقدمات، وقد منعوه منها، قال: ويحتمل أن يقال: إذا حصل التغييب بجميع الحشفة تبينا أن ابتداء الإيلاج كان جائزًا بطريق الانعطاف على ما مضى.

قوله: ولو قال: أردت هذه ثم هذه أو هذه فهذه، قال القاضي الحسين وصاحباه المتولى والبغوي: تطلق الأولى دون الثانية لاقتضاء الحرفين الترتيب، وحكى الإمام هذا عن القاضي واعترض بأنه اعترف بطلاق الثانية أيضًا فليكن كقوله هذه وهذه، والحق هو الاعتراض. انتهى.

والمتجه من جهة البحث هو المنقول لا الاعتراض، وقد رجحه أيضًا في "الروضة" فقال: إنه الأظهر.

ص: 358

قوله: ولو قال: وهن ثلاث أردت أو طلقت هذه بل هذه أو هذه، طلقت الأولى وإحدى الأخريين ويؤمر بالبيان، وإن قال هذه أو هذه، بل هذه طلقت الأخيرة وإحدى الأوليين ويؤمر بالبيان، ثم قال عقبه من غير فاصل ما نصه: ولو قال هذه وهذه أو هذه نظر إن فصل الثالثة عن الأوليين بوقفة أو بنغمة أو أداء فالطلاق مردد بين الأوليين وبين الثالثة وحدها وعليه البيان، فإن بين في الثالثة طلقت وحدها، فإن بين في الأوليين أو إحداهما طلقتا -لأنه جمع بينهما بالواو العاطفة فلا يفترقان، وإن فصل الثانية عن الأولى طلقت وحدها وإن بين في الأخيرتين أو إحداهما طلقتا جميعًا وإن سرد الكلام ولم يفصل احتمل كون الثالثة مفصولة عنهما واحتمل كونها مضمومة إلى الثانية مفصولة عن الأولى فيسأل ويعمل بما أظهر إرادته. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن جميع ما ذكره في ما إذا فصل الثانية عن الأولى غلط عجيب تبعه عليه في "الروضة"، فأما قوله تردد الطلاق بين الأولى وإحدى الأخريين فصوابه أن يقول: طلقت الأولى وتردد الطلاق بين الأخرتين، لأن كلامه فيما إذا عطف الثانية بالواو والثالثة بأو، وقد ذكر بعده في ما إذا عكس فقدم لفظه أو نظير ما ذكرته فقال: طلقت الأخرى وتردد الطلاق بين إحدى الأولتين.

وأما قوله فإن بين في الأولى طلقت وحدها فالغلط فيه من وجهين:

أحدهما: أن الأولى لا تحتاج إلى بيان.

والثاني: أن الطلاق لا يقع عليها وحدها، بل لابد معها من إحدى الأخريين.

وأما قوله فإن بين في الأخريين أو إحداهما طلقتا، فإن الذي ذكره في

ص: 359

إحداهما غلط، بل إذا بين فيها اقتصر الطلاق عليها مع الأولى، واعلم أن هذه الأغاليط المذكورة كما أنها لا تستقيم في القسم الذي يتكلم فيه لا يستقيم أيضًا مجموعها في شيء من الأقسام.

الأمر الثاني: أنه قد وقع في نسخ "الروضة" إسقاط الثالثة المعطوفة "بأو"، فقال: ولو قال هذه وهذه نظر. . . . إلى آخره. وكذلك في كثير من نسخ الرافعي وهو غلط فإن كلامه فيما إذا كن ثلاثًا.

قوله: ولو طلق إحداهما ثم مات الزوج قبل البيان أو ماتتا ثم مات الزوج فهل يقوم الوارث مقامه؟ فيه أقوال: أظهرها: أنه يقوم في الطلاق المعين دون المبهم وإذا لم يقم مقامه فإن مات الزوج قبلهما وقف ميراث زوجة بينهما حتي يصطلحا أو يصطلح ورثتهما بعد موتهما، وإن ماتتا قبل موت الزوج وقف من تركتهما ميراث زوج، وإن توسط موته بينهما وقف من تركة لأولى ميراث زوج ومن تركة الزوج ميراث زوجة حتى يحصل الاصطلاح. انتهى ملخصًا.

وحكم الوقف للزوجتين ما إذا تحققنا أن كل واحدة منهما، فإن لم نتحقق بأن كانت إحداهما كتابية ففي الوقف وجهان:

أصحهما وهو المنصوص: لا يوقف شيء للزوجات، بل يقسم كل التركة بين باقي الورثة لأن استحقاق الزوجين غير معلوم لاحتمال أنها الكتابية.

والثاني: يوقف لأن استحقاق باقي الورثة قدر نصيب الزوجات غير معلوم، هكذا صرح الرافعي بالمسألة في نكاح المشركات ومثل بهذا المثال ومثله ما لو كانت إحداهما أمة أو غيرها ممن قام به مانع، وكذلك يأتي أيضًا هذا الخلاف في وقف نصيب إحداهما للزوج.

واعلم أن الاصطلاح لابد فيه من التصريح بالتواهب كما سبق إيضاحه في كتاب الفرائض في الكلام في ميراث الخنثى وإذا كان في الزوجات محجور عليها فلا ينقض ولها في المصالحة عن ما في يدها ظاهرًا، ففي

ص: 360

الزوجين لا ينقص عن النصف، وفي الثلاث لا ينقص عن الثلث كما أوضحه الرافعي في نظيره من نكاح المشركات فاستحضر ذلك هنا والله أعلم.

قوله: ولو قال: إن كان هذا الطائر غرابًا فعبدى حر، فإن لم يكن فزوجتي طالق، وأشكل الحال ومات الزوج قبل البيان فلا يقوم

الوارث مقامه على المذهب فإنه قد يخبر بالحنث في الطلاق ليرق العبد ويسقط إرث الزوجة، قال السرخسي في "الأمالي": هذا الخلاف إذا قال الوارث حنث مورثي في الزوجة فإن عكس فيقبل قطعًا لإضراره نفسه وهذا حسن. انتهى.

زاد في "الروضة" فقال: قد قال به أيضًا غير السرخسي وهو متعين. هذا كلامه، وما ذكره السرخسي من الاتفاق على القبول وتصريح الرافعي والروياني بموافقته باطل نقلًا ومعنى، وأما النقل فلأن مقتضى كلام الأصحاب يخالفه، ولهذا نقله ابن يونس شارح "التنبيه" عن بعض المتأخرين، وقال ابن الرفعة في "الكفاية": إن هذه المقالة تلائم كلامًا ذكره الشيخ أبو حامد في نظير المسألة وطريقة الإطلاق تلائم كلامًا ذكره القاضي أبو الطيب.

وأما بطلانه من جهة المعنى فيتضح بالكلام على القسمين فنقول:

أما القسم الأول: وهو ما إذا أقر بالطلاق فلا شك أن العبد لا يعتق، ولكن قد يرث الزوج منها كما تقدم وهو واضح، وقد ترث المرأة من الزوج بأن يكون الطلاق الواقع رجعيًا وبموت الزوج في العدة، وقد لا يرث أحدهما من الآخر كما إذا كانت المرأة رقيقة أو كافرة أو كان الطلاق بائنًا أو رجعيًا ولكن مات الزوج بعد انقضاء العدة، ثم إن الإرث قد يزيد على قيمة العبد.

القسم الثاني: أن يقر بالحنث في العتق وأن الطلاق لم يقع فقد ترث المرأة من الزوج وهو واضح ويحصل للوارث الضرر من جهة إرث المرأة

ص: 361

وفوات الرقبة ولكن لو كان قد قتله قاتل فإنه يأخذ منه دية الأحرار مع أنها قد تزيد على القيمة وعلى حصتها من الإرث فيكون منهما في ذلك، وقد لا ترث المرأة من الزوج كما إذا طلقها بعد ذلك طلاقًا بائنًا، لاسيما وقد يقتل العبد كما سبق فيأخذ الوارث بهذا الاعتراف دية الأحرار، وقد لا يرث أحدهما من الآخر وهو معلوم مما سبق، وإذا استحضرت جميع ما قلناه علمت أن كل واحد من هذه الأقسام قد يكون فيه تهمة وقد لا يكون فبطل ما وقع في الرافعي و"الروضة" من دعوى الاتفاق على قبول العكس استنادًا إلى عدم التهمة ويبقى النظر في أنا هل نقبله مطلقًا كما أطلقه الأصحاب أو نرده في كل صورة تحصل فيها تهمة دون ما عداها؟ يتجه تخريجه على إقرار الخنثى بالذكورة أو الأنوثة في محل التهمة وفيه اضطراب نبهت عليه، وعلى ما عليه الفتوى في موضعه وهو باب الأحداث فراجعه.

قوله في المسألة: فإن لم يعتبر قول الوارث، أو قال: لا أعلم أقرعنا بين العبد والمرأة فإن خرجت القرعة على العبد عتق، وإن خرجت على المرأة لم تطلق، وهل يرق العبد؟ وجهان: أصحهما: لا لأن القرعة لم تؤثر في ما خرجت عليه فغيره كذلك فعلى هذا يبقي الإبهام كما كان، وقيل لا نزال نعيد القرعة حتى تخرج على العبد.

قال الإمام: وعندي يجب إخرج القائل به من أحزاب الفقهاء ومن قال به فليقطع بعتق العبد وليترك تضييع الزمان في إخرج القرعة، وهذا قويم، لكن الحناطي حكى الوجه عن ابن أبي هريرة، وهو في الفقهاء، زعيم عظيم فلا يتأتى إخراجه عن أحزابهم. انتهى كلامه.

وهذا النقل عن ابن أبي هريرة قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وليس كذلك، فقد رأيته في تعليقه الذي علقه عنه أبو على الطبري الجزم بمقالة غيره، ولم يذكر هذه بالكلية لا عنه ولا عن غيره.

ص: 362

قوله نقلًا عن أبى العباس الروياني: لو كانت له امرأتان فقال مشيرًا إلى إحداهما: امرأتى طالق وقال: أردت الأخرى فهل تطلق الأخرى وتبطل الإشارة أم تطلقان معًا؟ وجهان. انتهى.

قال في "الروضة" الأرجح الأول.

قوله نقلًا عن البوشنجي: وأنه لو جلست نسوته الأربع صفًا فقال: الوسطى منكن طالق، فوجهان:

أحدهما: لا يقع شيء، إذ لا وسطى.

والثاني: يقع على الوسطيين؛ لأن الاتحاد ليس شرط في وقوع اسم الوسطى. انتهى كلامه.

والصواب في هذه المسألة خلاف الوجهين جميعًا بل يقع الطلاق على واحدة من الوسطيين ويعينها الزوج، فقد نص الشافعي على أن هذا هو مدلول الوسط فقال في "الأم" في باب من أبواب الكتابة في باب الوصية للمكاتب في الكلام على الوصية له بأوسط النجوم ما نصه: ولو كانت عليه أربعة أنجم فأرادوا وضع الأوسط من النجوم المؤجلة وضعوا عنه أى النجمين شاؤوا الثاني أو الثالث؛ لأن ليس منهما واحد أولى باسم الأوسط من الآخر، وذكر أيضًا بعده فيما إذا قال: ضعوا عنه أوسط نجومه عددًا مثله أيضًا، وقد حكى الرافعي في مسألة النجوم عن ابن الصباغ التخيير وعن "التهذيب" أنه كلاهما وحاول ترجيحه ولم يطلع على نص الشافعي في المسألة وقد تفقه النووي هنا تفقهًا جيدًا وافق النص فقال: قلت: كلا الوجهين ضعيف والمختار وجه ثالث وهو أنه يطلق واحدة من الوسطيين ويعينها الزوج: لأن موضوع الوسطى لواحدة فلا يزاد. والله أعلم.

ص: 363