الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
304-
فتحُ بْن مُحَمَّد [1] بْن عليّ.
الفقيه أَبُو المنصور الدِّمياطيّ، الشّافعيّ، نجيب الدّين.
والد الزّين الكاتب المشهورِ.
عُمِّرَ دهرا. وسَمِعَ من: أَبِي طاهر السِّلَفِيّ، وأبي الطاهر بْن عوف، وجماعة.
وحدَّث، وله شعر حَسَن، وتصانيفُ حسنة في فنون.
تُوُفّي في مستَهلّ المحرّم.
[حرف الميم]
305-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بن عبد الملك بن عَبْد العزيز.
أَبُو عَبْد الله اللَّخْميّ، الباجيّ، ثُمَّ الإِشبيليّ.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي عَبْد الله ابن المجاهد، وابن الجدّ وبه تفقّهَ.
وولي قضاء إشبيلية.
وتُوُفّي في شوّال.
306-
مُحَمَّد بْن أعزّ [3] بْن عُمَر بْن مُحَمَّد.
أَبُو عَبْد الله التيَّميّ، البكريّ، السُّهرورديّ، ثُمَّ البغداديّ.
وُلِدَ سنةَ سبع وعشرين وخمسمائة.
وسمع من: إسماعيل ابن السمرقندي، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وغيرهما. وسَمِعَ من جدّه عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد السُّهرورديّ الصّوفيّ عمّ أَبِي النّجيب، حدّثه عَنْ عاصم بْن الحَسَن، وغيره.
ومات سنة اثنتين وثلاثين، وهو ممّن كتب عنه السّلفيّ.
[1] انظر عن (فتح بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 170، 171 رقم 1088، وتاريخ ابن الفرات 5 ق 1/ 99، 100.
[2]
انظر عن (محمد بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 579.
[3]
انظر عن (محمد بن أعزّ) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 12، وتاريخ ابن الدبيثي 1/ 179، 180، ومشيخة النجيب عبد اللطيف، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 188 رقم 1123، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2376.
روى عَنْ مُحَمَّد هذا: أَبُو عبد الله الدُّبَيْثِيّ، والنّجيبُ عَبْد اللّطيف.
وتُوُفّي في شوّال.
ومات أَبُوهُ وكان يروي عَنِ ابن نبهان سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
307-
مُحَمَّد بْن سعيد [1] بْن مُحَمَّد.
أَبُو عَبْد الله المُراديّ، المُرْسيّ، المقرئ.
أخذَ القراءاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن هُذيل، وأبي علي بن عريب. وسمع منهما، ومِن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن سعادة، وأبي محمد بن عاشر، وجماعة.
وكان خَيِّرًا فاضلا، أقرأ القراءاتِ، وروى الحديث، وحَمَلَ النّاسُ عَنْهُ الكثير. وممّن قرأ عَلَيْهِ القراءات عَلَم الدّين القَاسِم بْن أَحْمَد اللّورقيّ نزيل دمشق.
وقال الأبّار [2] : وُلِدَ سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وتُوُفّي بمُرسية إِلى رحمة الله ليلة الجمعةِ الحادي والعشرين من رمضان سنة ستّ.
308-
مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يَحْيَى [3] بن مطروح.
أَبُو عَبْد الله التُّجِيبِي، السّرقسطيّ.
سمع من: أبي الحسن ابن النّعمة.
قَالَ الأبار: كَانَ إخباريا حلوَ النّادرة والفكاهة، جمع شِعر أَبِي بَكْر يَحْيَى بْن محمد ابن الْجَزّار السَّرقُسطِيّ.
روى عَنْهُ: ابنُه عبدُ الله، وأبو عبد الله ابن أبي البقاء.
[1] انظر عن (محمد بن سعيد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 578، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 6/ 213، 214، والعبر 5/ 18، ومعرفة القراء الكبار 2/ 594 رقم 552، وغاية النهاية 2/ 145.
وقد سقطت هذه الترجمة بكاملها من المطبوع من تاريخ الإسلام 18/ 230 (طبعة مصر) .
[2]
في التكملة 2/ 578.
[3]
انظر عَنْ (مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يحيى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 579.
309-
محمدُ بنُ عُبَيْد الله [1] بْن الحُسَيْن.
أَبُو عَبْد الله البُرُوجِرْدِيّ.
سَمِعَ بأصبهان مِن أَحْمَد بن عبد الله بن مرزوق. وقدِم بغداد فتفقّه بها للشّافعيّ، وسَمِعَ من: أبي عبد الله ابن السّلال، وعبد الصَّبور الهَرَويّ.
وتُوُفّي بِبُرُوجِرْد- وهي عَلَى يومين من هَمَذَان- في العشرين من ربيع الأول.
310-
مُحَمَّد بْن عليّ بْن يَحْيَى [2] بن عليّ ابن الطّرّاح.
أَبُو جَعْفَر البغداديّ، المدير.
من أولاد المحدّثين. وكان شروطيّا مديرا [3] عَلَى أبواب الحُكّام.
سَمِعَ من: أَبِي الفضل الأُرْمَويّ، وأبي عَبْد الله الرُّطَبِيّ، وأبي الوَقْت.
قَالَ ابنُ النجّار: كتبتُ عَنْهُ ولا بأسَ بِهِ، تُوُفّي في سادس رمضان [4] .
311-
مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الحُسَيْن [5] بن الحسن بن عليّ.
[1] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد عليّ 1870) ورقة 59، 60، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 175، 176 رقم 1098، والمختصر المحتاج إليه 1/ 66، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 36، 37 رقم 246.
[2]
انظر عن (محمد بن علي بن يحيى) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 142، 143 رقم 377، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 189 رقم 1125، والمختصر المحتاج إليه 1/ 98.
[3]
قال المنذري: والمدير نسبة لمن يدير السجلّات التي يحكم بها الحكام على الشهود حتى يكتبوا فيها شهادتهم، واشتهر بهذه النسبة جدّ أبيه أبو الحسن علي ومن بعده من ولده.
[4]
مولده سنة 541 هـ. وقال المنذري: وكان وكيلا بباب القضاة هو، وأبوه، وجدّه، وجدّ أبيه، وهو آخرهم.
وحدّث هو، وأبوه، وجدّه، وجدّ أبيه، وأختاه: عزيزة، وسيّدة الكتبة نعمة.
[5]
انظر عن (محمد بن عمر بن الحسن) في: الكامل في التاريخ 12/ 288، والتاريخ المظفري لابن أبي الدم، ورقة 230، وتاريخ الحكماء 291- 293، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 542، 543، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 54- 60، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 186، 187 رقم 1121، وذيل الروضتين 68، وعيون الأنباء 3/ 34- 45، والجامع المختصر 9/ 306، 307، وتاريخ مختصر الدول 240، ووفيات الأعيان
العلَّامة فخر الدّين، أَبُو عَبْد الله القُرشيّ، البكْريّ، التَّيْمِيّ، الطَّبرَستانيُّ الأصلِ، الرّازيّ، ابن خطيب الرّيّ، الشّافعيّ، المفسّر، المتكلّم، صاحب التّصانيف.
[4] / 248، 252، وتاريخ الزمان لابن العبري 249، وآثار البلاد وأخبار العباد 377- 379، وتلخيص مجمع الآداب 3/ 357، وتاريخ إربل 1/ 329، والمختصر في أخبار البشر 3/ 112، ونهاية الأرب 29/ 51، والإشارة إلى وفيات الأعيان 316، والإعلام بوفيات الأعلام 249، وسير أعلام النبلاء 21/ 500، 501 رقم 261، وميزان الاعتدال 3/ 340 رقم 6686 (الفخر بن الخطيب) ، والمغني في الضعفاء 2/ 508 رقم 4889، ودول الإسلام 2/ 112، 113، والعبر 5/ 18، 19، وتاريخ ابن الوردي 2/ 127، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 33- 40 (8/ 81- 96) ، ومرآة الجنان 4/ 7- 11، والوافي بالوفيات 4/ 284- 259، والبداية والنهاية 13/ 55، 56، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 154 أ، 155 ب، وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 194 ب، والوفيات لابن قنفذ 308 وفيه «ابن الخطيب الرازيّ» ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 260، 261، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 74، 75، وتاريخ الخميس 2/ 410، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 396- 398 رقم 366، وطبقات النحاة واللغويين، له ورقة 48، والعسجد المسبوك 332 وفيه مولده سنة 543 هـ.، 332، 333 وفيه مولده سنة 544 هـ. ولم يتنبّه المحقّق للكتاب إلى أن صاحب الترجمة قد تكرّر في السنتين، وهما واحد، ولسان الميزان 4/ 426- 429 رقم 1311، وعقد الجمان 17/ ورقة 322- 324، وتاج التراجم 93، والنجوم الزاهرة 6/ 197، 198، مفتاح السعادة 1/ 445، وكشف الظنون 61، 67، 83، 94، 120، 204، 224، 962، 333، 354، 359، 447، 449، 454، 515، 605، 633، 725، 730، 739، 760، 954، 989، 993، 1035، 1113، 1141، 1186، 1312، 1445، 1467، 1561، 1577، 1578، 1614، 1615، 1616، 1697، 1714، 1726، 1727، 1756، 1774، 1819، 1840، 1864، 1905، 1973، 1986، 1988، 2002، وشذرات الذهب 5/ 31، وروضات الجنات 190- 192، وهدية العارفين 2/ 107، 108، وإيضاح المكنون 2/ 569، وديوان الإسلام 2/ 338- 340 رقم 1005، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 216، 217، وطبقات المفسّرين للسيوطي 39، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 47، 48، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 248، وفهرس مخطوطات الظاهرية للعش 6/ 249، وفهرس المخطوطات المصورة 1/ 233، 237، 238، 251، 253، وفهرست الخديوية 1/ 173، 213- 216 و 5/ 158، 159، 370 و 6/ 105، والخالدون العرب لطوقان 69- 76، والأعلام 7/ 203، والمجدّدون في الإسلام للصعيدي 224- 228، ومعجم المؤلفين 11/ 79، 80، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 282 رقم 550.
ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
اشتغل عَلَى والده الإِمام ضياء الدّين عُمَر، وكان مِن تلامذة مُحيي السُّنَّة أَبِي مُحَمَّد البَغَويّ.
قَالَ الموفّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيبعة فِي «تاريخه» : انتشرت في الآفاق مصنّفاتُ فخر الدّين وتلامذته. وكان إذَا رَكِبَ، مشى حوله نحو ثلاثمائة تلميذ فقهاء، وغيرهم، وكان خُوارزم شاه يأتي إِلَيْهِ، وكان شديدَ الحرص جدّا في العلوم الشرعيَّة والحكمية، حادَّ الذّهن، كثيرَ البراعة، قويَّ النّظر في صناعة الطّبّ، عارفا بالأدب، لَهُ شِعر بالفارسيّ والعربيّ، وكان عبلَ البدن، رَبْعَ القامة، كبيرَ اللّحية، في صوته فخامة. كانوا يقصِدُونه من البلاد عَلَى اختلاف مطالبهم في العلوم وتفنّنهم، فكان كلُّ منهم يجد عنده النهاية القصوى فيما يرومه منه. قرأ الحكمةَ عَلَى المجد الجِّيليّ بمراغة، وكان المجدُ من كبار الفضلاء وله تصانيف [1] .
قلت: يَعنِي بالحكمة: الفلسفةَ.
قَالَ القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان فيه: فريدُ عصره ونسيجُ وَحْدهِ.
وشهرته تُغني عَنِ استقصاء فضائله [2] ، ولَقَبُه فخر الدّين.
وتصانيفه في عِلم الكلام والمعقولات سائرة في الآفاق، وله «تفسير» كبير لم يتمّمه. ومن تصانيفه في عِلم الكلام:«المطالب العالية» ، وكتاب «نهاية العقول» ، وكتاب «الأربعين» ، وكتاب «المحصّل» ، وكتاب «البيان والبرهان في الردّ عَلَى أهل الزّيغ والطُّغيان» ، وكتاب «المباحث العماديّة في المطالب المعادية» ، وكتاب «المحصول» في أصول الفقه، وكتاب «عيون المسائل» ، وكتاب «تأسيس التّقديس في تأويل الصّفات» ، وكتاب «إرشاد
[1] انظر عيون الأنباء في طبقات الأطباء 3/ 34.
[2]
العبارة حتى هنا غير موجودة في المطبوع من (وفيات الأعيان) .
النُّظّار إِلى لطائف الأسرار» ، وكتاب «أجوبة المسائل البخاريَّة» [1] ، وكتاب «تحصيل الحقّ» ، وكتاب «الزُّبدة» ، وكتاب «المعالم» في أصول الدّين، وكتاب «الملخّص» في الفلسفة، وكتاب «شرح الإشارات» ، وكتاب «عيون الحكمة» [2] ، وكتاب «السرّ المكتوم في مخاطبة النّجوم» ، وشرح أسماء الله الحسنى.
ويقال: إنّه شرحَ «المفصّل» للزّمخشريّ، وشرح «الوجيز» للغزاليّ، وشرح «سقْط الزّنْد» لأبي العلاء. وله مختصر في الإِعجاز ومؤاخذات جيّدة عَلَى النُّحاة، وله طريقة في الخلاف. وصَنّف في الطّبّ «شرح الكلّيات للقانون» وصَنّف في عِلم الفراسة. وله مصنّف في مناقب الشّافعيّ. وكلّ تصانيفه ممتعة، ورُزق فيها سعادة عظيمة، وانتشرت في الآفاق، وأقبل النّاسُ عَلَى الاشتغال فيها، ورفضوا كُتُبَ المتقدّمين.
وله في الوعظ باللّسانين مرتبة عالية، وكان يلحقه الوجدُ حالَ وعْظه، ويحضر مجلسَه أربابُ المقالات والمذاهب ويسألونه. ورجع بسببه خلق كثير من الكرّامية وغيرهم إِلى مذهب أهل السُّنَّة، وكان يُلقّب بهَرَاة: شيخ الإِسلام.
اشتغل عَلَى والده إِلى أن مات، ثُمَّ قصد الكمال السّمنانيّ، واشتغل عَلَيْهِ مدَّةً، ثُمَّ عاد إِلى الرّيّ، واشتغل عَلَى المجد الجيليّ صاحب مُحَمَّد بْن يَحْيَى الفقيه النّيسابوريّ، وتوجّه معه إلى مراغة لمّا طُلِبَ إليها.
ويقال: إنّه كَانَ يحفظ كتاب «الشّامل» في عِلم الكلام لإمامِ الحَرَمين، ثُمَّ قصد خُوارزم وقد تمهَّر في العلوم، فجرى بينَه وبينَ أهلها كلام فيما يرجع إِلى المذهب والعقيدة، فأُخْرِجَ من البلد، فقصد ما وراء النّهر، فجرى لَهُ أيضا ما جرى بخوارزم، فعاد إلى الرّيّ، وكان بها طبيب حاذق، له ثروة ونعمة،
وله بنتان، ولفخر الدّين ابنان، فمرض الطّبيبُ، فزوّج بنتيه بابني الفخر، ومات الطّبيبُ فاستولى الفخر عَلَى جميع أمواله، ومن ثُمَّ كانت لَهُ النّعمةُ.
ولمّا وصل إِلى السّلطان شهاب الدّين الغُوريّ، بالغ في إكرامه والإِنعام عَلَيْهِ، وحصلت لَهُ منه أموال عظيمة، وعاد إِلى خُراسان واتّصل بالسّلطان خُوارزم شاه مُحَمَّد بْن تكش، وحظي عنده، ونال أسمى المراتب.
وهو أول مَنِ اخترع هذا التّرتيبَ في كتبه، وأتى فيها بما لم يُسبق إِلَيْهِ.
وكان يُكثر البكاءَ حالَ الوعظ. وكان لمّا أثرى، لازم الأسفار والتّجارة، وعامل شهابَ الدّين الغوريّ في جملةٍ من المال، ومضى إِلَيْهِ لاستيفاء حقّه، فبالغ في إكرامه، ونال منه مالا طائلا.
إِلى أن قَالَ ابن خَلِّكان: ومناقُبه أكثر من أن تُعَدّ وفضائله لا تُحصى ولا تُحَدّ. واشتغل بعلوم الأصول عَلَى والده، وأبوه اشتغل عَلَى أَبِي القَاسِم الأنصاريّ صاحب إمام الحرمين، واسمه سليمان ابن ناصر.
وقال أبو المظفّر سبط ابن الجوزيّ [1]، وأَبُو شامة [2] : اعتنى الفخرُ الرّازيّ بكتب ابن سيناء وشَرَحها. وكان يعظ وينالُ من الكرّامية، وينالون منه سبّا وتكفيرا.
وقيل: إنّهم وضعوا عَلَيْهِ مَنْ سقاه السُّمَّ فمات، وكانوا يَرْمُونه بالكبائر.
ولا كلامَ في فضله، وإنّما الشناعات قائمة عَلَيْهِ بأشياء.
منها: أَنَّهُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّد التّازيّ [3] وقال مُحَمَّد الرّازيّ، يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ونفسه، والتّازي: هو العربيّ.
[1] في مرآة الزمان 8/ 542- 543.
[2]
في ذيل الروضتين، ص 68.
[3]
في المرآة: «النادي» وهو تحريف.
ومنها أَنَّهُ كَانَ يقرّر مسائلَ الخصوم وشُبَهَهُمْ بأتمّ عبارة، فإذا جاء بالأجوبة، قَنِعَ بالإِشارة [1] . ولعلّه قصد الإِيجاز، ولكن أين الحقيقة من المجاز. وقد خالف الفلاسفة الّذين أخذ عنهم هذا الفنّ فَقَالَ في كتاب «المعالم» : أطبقت الفلاسفة عَلَى أنّ النّفس جوهر وليست بجسم، قَالَ: وهذا عندي باطل لأنّ الجوهر يمتنع أن يكون لَهُ قرب أو بُعد من الأجسام [2] .
قَالَ الإِمام أَبُو شامة [3] : وقد رأيتُ جماعة من أصحابه قدِموا علينا دمشق، وكُلُّهُمْ كَانَ يعظّمه تعظيما كبيرا، ولا ينبغي أن يُسمع فيمن ثبتت فضيلتُه كلامٌ يستبشع [4] ، لعلّه مِن صاحب غرض مِن حسدٍ، أو مخالفة في مذهب أو عقيدة.
قَالَ: وبلغني أَنَّهُ خلَّف من الذَّهب ثمانين ألف دينار سوى الدّوابّ والعقارِ، وغير ذَلِكَ. وخلّف ولَدَيْنِ كَانَ الأكبر منهما قد تجنَّد في حياة أَبِيهِ، وخدم السّلطان خُوارزم شاه.
قلت: ومن تلامذته مصنِّف «الحاصل» تاج الدّين مُحَمَّد بْن الحُسَيْن الأُرْمَويّ، وقد تُوُفّي قبل وقعة بغداد، وشمس الدّين عَبْد الحميد بْن عيسى الخُسْرُوشاهي، والقاضي شمس الدّين الخُوَيّي، ومحيي الدّين قاضي مرند.
وتفسيره الكبير في اثنتي عشرة مجلَّدةٍ كِبار سماه «فتوح الغيب» أو «مفاتيح الغيب» . وفسّر «الفاتحة» في مجلَّدٍ مستقلّ. وشرح نصف «الوجيز»
[1] حتى هنا في ذيل الروضتين.
[2]
قال سبط ابن الجوزي معقبا على هذا: «قلت: اتفاقهم على أنها ليست داخلة في البدن ولا خارجة عنه يدل على عدم الجسمية وما ادعوا على أن للجوهر قربا ولا بعدا عن الأجسام وإنما ادعوا ذلك في ذات الجوهر لا في غيره. وليست النفس كذلك، ولهذا توقفوا عن الجواب في معنى الجوهر الفرد، ولهم في هذا مذاهب موصوفة ومآرب معروفة» .
[3]
في ذيل، ص 68.
[4]
في ذيل الروضتين: «شنع» .
للغزاليّ. وله كتاب «المطالب العالية» في ثلاث مجلّدات، ولم يتمَّه، وهو من آخر تصانيفه، وله كتاب «عيون الحكمة» فلسفة، وكتاب في الرمل، وكتاب في الهندسة، وكتاب «الاختبارات العلائية» فيه تنجيم، وكتاب «الاختبارات السّماوية» تنجيم، وكتاب «المِلَل والنِّحَل» ، وكتاب في النَّبْض، وكتاب «الطّبّ الكبير» ، وكتاب «التّشريح» لم يتمّه، ومصنّفات كثيرة ذكرها الموفّق ابن أَبِي أصيبعة [1]، وقال: كَانَ خطيب الرّيّ، وكان أكثر مقامه بها، وتوجّه إلى خوارزم ومرض بها، وامتدّ مرضه أشهرا، ومات بهَرَاة بدار السّلطنة.
وكان علاء المُلك العلويّ وزير خُوارزم شاه قد تزوّج بابنته. وكان لفخر الدّين أموال عظيمة ومماليك تُرْك وحَشَم وتجمُّل زائد، وعلى مجلسه هيبة شديدة.
ومن شِعره:
نِهَايَةُ إقْدَامِ العُقُولِ عِقَالُ
…
وأَكْثَرُ سَعْي العَالَمِينَ ضَلالُ
وأَرْوَاحُنا في وحْشَةٍ مِن جُسُومِنَا
…
وَحَاصِلُ دُنيانَا أذى وَوَبَالُ
ولَمْ نَسْتَفِدْ مِن بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا
…
سِوى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا
وَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ رِجَالٍ وَدَوْلَةٍ
…
فَبَادُوا جَمِيعًا مُسْرِعِينَ وزَالُوا
وَكَمْ مِنْ جِبَالٍ قَدْ عَلَتْ شُرُفَاتهَا
…
رِجَالٌ فَزالُوا والجِبَالُ جِبَالُ [2]
حكى الأديبُ شرفُ الدّين مُحَمَّد بْن عُنَين أَنَّهُ حضر درسَ فخر الدّين في مدرسته بخوارزم، ودرسُه حافل بالأفاضل، واليومُ شاتٍ، وقد وقع ثلج كثير، وبرد خوارزم شديد، فسقطت بالقربِ منه حمامة، وقد طردها بعضُ الجوارح، فلمّا وقعت، رجع عنها الجارحُ، وخاف، فلم تقدر الحمامة عَلَى الطّيران من الخوف ومن البرد، فلمّا قام فخرُ الدّين من الدّرس، وقف عليها، ورقّ لها وأخذها. فقلت في الحال:
[1] في عيون الأنباء 3/ 44- 45.
[2]
الأبيات في: وفيات الأعيان 4/ 250، 251، وعيون الأنباء 3/ 40، والمختصر في أخبار البشر 3/ 112، وتاريخ ابن الوردي 2/ 127.
يا ابْنَ الكِرَام المُطْعِمِينَ إذَا شَتَوْا
…
في كلّ مسغبة وثلج خَاشِفِ [1]
العَاصِمِينَ إذَا النُّفُوسُ تَطَايَرَتْ
…
بَيْنَ الصَّوَارِمِ والوَشِيجِ الرَّاعِفِ
مَن نبَّأ الوَرْقَاءَ أنَّ مَحَلَّكُم
…
حَرَمٌ وأنَّكَ مَلْجَأ لِلخائِفِ؟
وفَدَتْ عَلَيْكَ وقد تَدَانَى حَتْفُهَا
…
فَحَبوْتَهَا بِبَقَائِهَا المُسْتَأْنَفِ
وَلَو أنَّها تُحْبى بِمَالٍ لانْثَنَتْ
…
مِنْ رَاحَتَيْكَ بِنَائِلٍ مُتَضَاعِفِ
جَاءَتْ سُلْيمَانَ الزَّمانَ بِشَكْوهَا
…
والمَوْتُ يَلْمَعُ مِنْ جَنَاحَيْ خَاطِفِ
قَرْمٍ لَوَاهُ القُوتُ حَتَّى ظِلُّه
…
بِإزَائِه يَجْرِي بِقَلْبٍ وَاجِفِ
وله فيه:
مَاتَتْ بِهِ بِدَعٌ تَمَادَى عُمْرُهَا
…
دَهْرًا وَكَادَ ظَلَامُهَا لا يَنْجَلِي
فَعَلا بِهِ الإِسْلَامُ أَرْفَعَ هَضْبَةِ
…
وَرَسَا سِوَاهُ في الحَضِيضِ الأسْفَلِ
غَلِطَ امرُؤٌ بأبي عَليٍّ قَاسَهُ
…
هَيْهَات قَصَّرَ عَنْ هُداه [2] أبو علي
لو أن رسطاليس يسمع لَفْظَةً
…
مِنْ لَفْظِهِ لَعَرَتْهُ هِزَّةُ أَفْكَلِ
ولَحَار بطلميوس لَوْ لَاقَاهُ مِن
…
بُرْهَانِهِ في كُلِّ شَكْلٍ مُشْكلِ
ولَو أنَّهُم جَمَعُوا لَدَيْه تَيَقَّنُوا
…
أنَّ الفَضِيلَة لَمْ تَكُنْ لِلأوَّلِ
ومِن كلام فخر الدّين قَالَ:
[رأيت الأصلحَ والأصوبَ طريقة القرآن، وهو تركُ الرّبّ، ثمّ ترك التّعمّق، ثُمَّ المبالغة في التّعظيم مِن غير خوضٍ في التّفاصيل، فأقرأ في التّنزيه قوله: وَالله الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ 47: 38 [3]، وقوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ 42: 11 [4]، وقُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 112: 1 [5]، وأقرأ في الإثبات: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ 20: 5
[1] الخاشف: الذاهب في الأرض.
[2]
في وفيات الأعيان: «مداه» .
[3]
سورة محمد، الآية 38.
[4]
سورة الشورى، الآية 11.
[5]
أول سورة الإخلاص.
اسْتَوى/ [1]، ويَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ 16: 50 [2]، وإِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ 35: 10 [3]، وأقرأ في أنّ الكلّ من الله قوله: قُلْ كُلٌّ من عِنْدِ الله 4: 78 [4]، وفي تنزيهه عَنْ ما لا ينبغي: مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ من سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ 4: 79 [5] وعلى هذا القانون فقس. وأقولُ مِن صميم القلب من داخل الروح: إنّي مُقِرٌّ بأنَّ كُلَّ ما هو الأكملُ الأفضلُ الأعظم الأجلّ، فهو لك، وكلّ ما فيه عيب ونقص، فأنت مُنَزَّه عَنْهُ. [وأقول: إنّ عقلي وفهمي قاصرٌ عَنِ الوصول إِلى كُنْه صفة ذَرَّةٍ من مخلوقاتك [6]] .
قَالَ الإِمام أَبُو عَمْرو بْن الصّلاح: حدّثني القطْبُ الطُّوغانيّ مرّتين أنّه سَمِعَ الفخر الرّازيّ يَقُولُ: ليتني لم أشتغل بالكلام، وبكى.
وقيل: إنّ الفخر الرّازيّ وعظ مرَّةً عند السّلطان شهاب الدّين فَقَالَ: يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي يبقى وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى الله 40: 43 [7] فأبكى السّلطانَ.
وقد ذكرنا في سنة خمسٍ وتسعين الفتنةَ الّتي جرت لَهُ مَعَ مجد الدّين عبد المجيد ابن القدوة بهَرَاة.
من كلام فخر الدّين: إنْ كنتَ ترحم فقيرا، فأنا ذاك، وإن كنتَ ترى معيوبا، فأنا ذاك المعيوب، وإن كنت تُخَلِّصُ غريقا، فأنا الغريق في بحر الذّنوب. [وإن كنتَ أنت أنت، فأنا أَنَا لَيْسَ غير النّقص والحرمان والذّلّ والهوان [8]] .
[1] سورة طه، الآية 5.
[2]
سورة النحل، الآية 50.
[3]
سورة فاطر، الآية 10.
[4]
سورة النساء، الآية 78.
[5]
سورة النساء، الآية 79.
[6]
ما بين الحاصرتين كتبه المؤلف- رحمه الله على هامش النسخة.
[7]
سورة غافر، الآية 43.
[8]
ما بين الحاصرتين كتب على هامش الأصل.