الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاحِدَةً جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْجَدَلِ.
وَقَالَ ابْنُ فُورَكَ: لَا يَجُوزُ الْفَرْضُ وَالْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْجَوَابِ أَنْ يُطَابِقَ السُّؤَالَ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ عِلَّةُ الْفَرْضِ شَامِلَةً لسائر الأطراف.
قال: المستحسن مِنْهُ هُوَ الْوَاقِعُ فِي طَرَفٍ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ عُمُومُ سُؤَالِ السَّائِلِ، وَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِشْعَارِ انْتِشَارِ الْكَلَامِ فِي جَمِيعِ الْأَطْرَافِ، وَعَدَمِ وَفَاءِ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ بِاسْتِتْمَامِ الْكَلَامِ فِيهَا.
وَحَاصِلُهُ: إِنْ ظَهَرَ انْتِظَامُ الْعِلَّةِ الْعَامَّةِ فِي الصُّورَتَيْنِ كَانَ مُسْتَحْسَنًا، وَإِلَّا كَانَ مُسْتَهْجَنًا، وَفَائِدَتُهُ كَوْنُ الْعِلَّةِ قَدْ تَخْفَى فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَتَظْهَرُ فِي بَعْضٍ آخَرَ، فَالتَّفَاوُتُ بِالْأَوَّلِيَّةِ خَاصَّةٌ، وَالْعِلَّةُ وَاحِدَةٌ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: فِي جَوَازِ التَّعَلُّقِ بِمُنَاقَضَاتِ الْخُصُومِ
قَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ الْمَذْهَبِ إِلَّا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي التَّعَلُّقِ بِمُنَاقَضَاتِ الْخُصُومِ فِي الْمُنَاظَرَةِ.
فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْجَدَلِ تَضْيِيقُ الْأَمْرِ عَلَى الْخَصْمِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي تَفْصِيلًا حَسَنًا، فَقَالَ: إِنْ كَانَتِ الْمُنَاقَضَةُ عَائِدَةً إِلَى تَفَاصِيلِ أَصْلٍ لَا يَرْتَبِطُ فَسَادُهَا وَصِحَّتُهَا بِفَسَادِ الْأَصْلِ وَصِحَّتِهِ، فَلَا يَجُوزُ التَّعَلُّقُ بها، وإلا جاز.
الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ: فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ
قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: السُّؤَالُ إِمَّا اسْتِفْهَامٌ مُجَرَّدٌ، وَهُوَ الِاسْتِخْبَارُ عَنِ الْمَذْهَبِ، أَوْ عَنِ الْعِلَّةِ، وَإِمَّا اسْتِفْهَامٌ عَنِ "الدَّلَالَةِ"* أَيِ: الْتِمَاسُ وَجْهِ دَلَالَةِ الْبُرْهَانِ، ثُمَّ الْمُطَالَبَةُ بِنُفُوذِ الدَّلِيلِ وَجَرَيَانِهِ.
وَسَبِيلُ الْجَوَابِ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا مُجَرَّدًا، ثُمَّ الِاسْتِدْلَالَ، ثُمَّ طَرْدَ الدَّلِيلِ، ثُمَّ السَّائِلَ فِي الِابْتِدَاءِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَذْهَبِ مَنْ يَسْأَلُهُ، أَوْ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ، ثُمَّ إِمَّا أَنْ يَعْلَمَ صِحَّتَهُ، فَسُؤَالُهُ لَا مَعْنَى لَهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَعْلَمَ فَسُؤَالُهُ رَاجِعٌ إِلَى الدَّلِيلِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْأَصْلَ الَّذِي يَسْتَشْهِدُ بِهِ الْمُجِيبُ، فَسُؤَالُهُ عَنْهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الَّذِي أَحْوَجَهُ إِلَى الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْخِلَافُ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الخلاف في الشاهد، فالسؤال عنه أولى.
*في "أ": الأدلة.