المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الثاني: المسائل الشرعية - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول - جـ ٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌تابع المقصد الرابع

- ‌الباب الخامس: في المطلق والمقيد

- ‌الفصل الأول: في حد الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ

- ‌الفصل الثاني: حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ

- ‌الفصل الثالث: شروط حمل المطلق على المقيد

- ‌الفصل الرَّابِعُ: جَرَيَانُ مَا ذُكِرَ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ

- ‌الباب السادس: في المجمل والمبين

- ‌الفصل الأول: في حدهما

- ‌تعريف المجمل

- ‌تَعْرِيفُ الْمُبَيِّنِ:

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: وُقُوعُ الْإِجْمَالِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

- ‌الفصل الثالث: وُجُوهِ الْإِجْمَالِ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِيمَا لَا إِجْمَالَ فِيهِ

- ‌الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي مَرَاتِبِ الْبَيَانِ لِلْأَحْكَامِ

- ‌الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِي تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَّةِ

- ‌الباب السابع: في الظاهر والمؤول

- ‌الفصل الأول: في حدهما

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا يَدْخُلُهُ التَّأْوِيلُ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي شُرُوطِ التَّأْوِيلِ

- ‌الباب الثامن: في المنطوق والمفهوم

- ‌المسألة الأولى: في حدهما

- ‌مدخل

- ‌أقسام المنطوق

- ‌أَقْسَامُ الْمَفْهُومِ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ

- ‌المسألة الثالثة: شروط القول بمفهوم المخالفة

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي أَنْوَاعِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ

- ‌الباب التاسع: فِي النَّسْخِ وَفِيهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي حَدِّهِ

- ‌المسألة الثانية: النسخ جائز عقلا واقع شرعا

- ‌مدخل

- ‌الْحِكْمَةُ مِنَ النَّسْخِ:

- ‌المسألة الثالثة: شُرُوطِ النَّسْخِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: جَوَازُ النَّسْخِ بَعْدَ اعْتِقَادِ الْمَنْسُوخِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّسْخِ أن يخلفه بدل

- ‌المسألة السادسة: في النَّسْخُ إِلَى بَدَلٍ يَقَعُ عَلَى وُجُوهٍ

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: فِي جَوَازِ نَسْخِ الْأَخْبَارِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: فِي نَسْخِ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ وَالْعَكْسِ وَنَسْخِهِمَا مَعًا

- ‌المسألة التاسعة: وُجُوهِ نَسْخِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ

- ‌المسألة العاشرة: نسخ القرآن بالسنة المتواترة

- ‌مدخل

- ‌نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ:

- ‌المسألة الحادية عشرة: نسخ القول والفعل من السنة

- ‌المسألة الثانية عشرة: القول في نسخ الإجماع والنسخ بِهِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: الْقِيَاسُ لَا يَكُونُ نَاسِخًا

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: فِي نَسْخِ الْمَفْهُومِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ

- ‌المسألة السادسة عشر: في النُّقْصَانُ مِنَ الْعِبَادَةِ هَلْ يَكُونُ نَسْخًا

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا كَوْنُ النَّاسِخِ نَاسِخًا

- ‌المقصد الخامس: من مقاصد هذا الكتاب في الْقِيَاسُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ

- ‌الْفَصْلُ الأول: في تعريفه

- ‌الفصل الثاني: في حجية القياس

- ‌مدخل

- ‌الأدلة من القرآن الكريم

- ‌أدلة الْقِيَاسِ مِنَ السُّنَّةِ:

- ‌الأدلة من الإجماع:

- ‌الفصل الثالث: في أركان القياس

- ‌مدخل

- ‌شروط القياس المعتبرة في المقيس عليه

- ‌مباحث العلة:

- ‌تعريف العلة:

- ‌الشروط المعتبرة في الْعِلَّةِ:

- ‌ما لا يعتبر من الشروط في العلة:

- ‌القول في تَعَدُّدِ الْعِلَلِ:

- ‌الشروط المعتبرة في الْفَرْعِ:

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسَالِكِ الْعِلَّةِ وهي طرقها الدالة عليها

- ‌مدخل

- ‌الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ: الْإِجْمَاعُ

- ‌الْمَسْلَكُ الثَّانِي: النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ

- ‌الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: الْإِيمَاءُ وَالتَّنْبِيهُ

- ‌الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ: الِاسْتِدْلَالُ عَلَى عِلِّيَّةِ الْحُكْمِ بِفِعْلِ النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ:

- ‌المسلك السادس: المناسبة

- ‌مدخل

- ‌انقسام المناسب من حيث الظن واليقين:

- ‌انقسام المناسب إلى حقيقي وإقناعي:

- ‌انقسام المناسب باعتبار شهادة الشرع وعدمها:

- ‌انقسام المناسب من حيث التأثير والملاءمة وعدمهما:

- ‌المسلك السابع: الشبه

- ‌مدخل

- ‌الْخِلَافُ فِي حُجِّيَّةِ الشَّبَهِ:

- ‌الْمَسْلَكُ الثَّامِنُ: الطَّرْدُ

- ‌الْمَسْلَكُ التَّاسِعُ: الدَّوَرَانُ

- ‌المسلك العاشر تنقيح النماط

- ‌الْمَسْلَكُ الْحَادِيَ عَشَرَ: تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ

- ‌الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِيمَا لَا يَجْرِي فِيهِ الْقِيَاسُ:

- ‌حكم جريان القياس في الأسباب:

- ‌القياس في الحدود والكفارات:

- ‌الفصل السادس: في الاعتراضات

- ‌مدخل

- ‌الِاعْتِرَاضُ الْأَوَّلُ: النَّقْضُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي: الْكَسْرُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ: عَدَمُ الْعَكْسِ

- ‌الاعتراض الرابع: عدم التأثير

- ‌الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسُ: الْقَلْبُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ السَّادِسُ: الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ السَّابِعُ: الْفَرْقُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّامِنُ: الِاسْتِفْسَارُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ التَّاسِعُ: فَسَادُ الِاعْتِبَارِ

- ‌الاعتراض العاشر: فساد الوضع

- ‌الِاعْتِرَاضُ الْحَادِيَ عَشَرَ: الْمَنْعُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّانِيَ عَشَرَ: التَّقْسِيمُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثَ عَشَرَ: اخْتِلَافُ الضَّابِطِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الرَّابِعَ عَشَرَ: اخْتِلَافُ حُكْمَيِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسَ عَشَرَ: مَنْعُ كَوْنِ مَا يَدَّعِيهِ المستدل علة لحكم الأصل

- ‌الِاعْتِرَاضُ السَّادِسَ عَشَرَ: مَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ الْمُدَّعَى عِلِّيَّتُهُ عِلَّةً

- ‌الِاعْتِرَاضُ السَّابِعَ عَشَرَ: الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّامِنَ عَشَرَ: الْقَدْحُ فِي إِفْضَائِهِ إِلَى الْمَصْلَحَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ لَهُ

- ‌الِاعْتِرَاضُ التَّاسِعَ عَشَرَ: كَوْنُ الْوَصْفِ غَيْرَ ظَاهِرٍ

- ‌الاعتراض العشرون: كون الوصف غير منضبط

- ‌الاعتراض الحادي والعشرون: المعارضة

- ‌مدخل

- ‌أَقْسَامُ الْمُعَارَضَةِ:

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: سُؤَالُ التَّعْدِيَةِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: سُؤَالُ التَّرْكِيبِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَنْعُ وُجُودِ الْوَصْفِ الْمُعَلَّلِ به في الفرع

- ‌الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: الْمُعَارَضَةُ فِي الْوَصْفِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ

- ‌الِاعْتِرَاضُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ يَدَّعِيَ الْمُعْتَرِضُ الْمُخَالَفَةَ بين حكم الأصل وحكم الفرع

- ‌مدخل

- ‌الفائدة الأولى: في لزوم إيراد الأسئلة مرتبة

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ إلى غيره قبل امام تمام الكلام فيه

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْفَرْضِ وَالْبِنَاءِ

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: فِي جَوَازِ التَّعَلُّقِ بِمُنَاقَضَاتِ الْخُصُومِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ: فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ

- ‌الفصل السابع: في الاستدلال

- ‌مدخل

- ‌الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي التَّلَازُمِ

- ‌الْبَحْثُ الثَّانِي: الِاسْتِصْحَابُ

- ‌الْبَحْثُ الثَّالِثُ: شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَلْ كَانَ صلى الله عليه وسلم مُتَعَبِّدًا قبل البعثة بِشَرْعٍ أَمْ لَا

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلْ كَانَ صلى الله عليه وسلم بعد البعثة متعبدا بشرع من قبله أم لا

- ‌البحث الرابع: الاستحسان

- ‌الْبَحْثُ الْخَامِسُ: الْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ

- ‌فوائد تتعلق بالاستدلال:

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى: فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ

- ‌الفائدة الثالثة: النافي للحكم هل يلزمه الدليل

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: سَدُّ الذَّرَائِعِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ: دَلَالَةُ الِاقْتِرَانِ

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: دَلَالَةُ الْإِلْهَامِ

- ‌الْمَقْصِدُ السَّادِسُ: مِنْ مَقَاصِدِ هَذَا الْكِتَابِ فِي الاجتهاد والتقليد

- ‌الفصل الأول: في الإجتهاد

- ‌المسألة الأولى: في حد الاجتهاد

- ‌مدخل

- ‌الشروط الواجب توفرها في المجتهد:

- ‌موضع الاجتهاد:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلْ يَجُوزُ خُلُوُّ الْعَصْرِ عَنِ الْمُجْتَهِدِينَ أَمْ لَا

- ‌المسألة الثالثة: في تجزء الاجتهاد

- ‌المسألة الرابعة: جواز الاجتهاد للأنبياء

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِيمَا يَنْبَغِي لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَعْمَلَهُ في اجتهاده ويعتمد عليه

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِيهَا مُصِيبٌ وَالَّتِي الْحَقُّ فِيهَا مَعَ وَاحِدٍ

- ‌الفرع الأول: العقليات

- ‌الفرع الثاني: المسائل الشرعية

- ‌المسألة الثامنة: أنه لا يجوز أن يكون للمجتهد في مسألة واحدة قولان متناقضان في وقت واحد

- ‌المسألة التاسعة: في جواز تفويض المجتهد

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي التَّقْلِيدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ من أحكام المفتي والمستفتي

- ‌المسألة الأولى: في حد التقليد، والمفتي، والمستفي

- ‌المسألة الثانية: حكم التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ

- ‌المسألة الثالثة: حكم التقليد في المسائل الشرعية الْفَرْعِيَّةِ

- ‌المسألة الرابعة: حكم إفتاء المقلد

- ‌المسألة الخامسة: حكم سُؤَالِ الْعَالِمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

- ‌المسألة السادسة: حكم الالتزام بمذهب مُعَيَّنٍ

- ‌الْمَقْصِدُ السَّابِعُ: مِنْ مَقَاصِدِ هَذَا الْكِتَابِ فِي التعادل والترجيح

- ‌الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: فِي مَعْنَاهُمَا، وَفِي الْعَمَلِ بِالتَّرْجِيحِ، وفي شروطه

- ‌الْمَبْحَثُ الثَّانِي: فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ دَلِيلَيْنِ قَطْعِيَّيْنِ

- ‌مدخل

- ‌عمل الْمُجْتَهِدِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ التَّرْجِيحِ

- ‌الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: فِي وُجُوهِ التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بَلْ فِي الظَّاهِرِ

- ‌مدخل

- ‌أنواع الترجيح

- ‌الترجيح باعتبار الإسناد

- ‌التَّرْجِيحُ بِاعْتِبَارِ الْمَتْنِ:

- ‌الترجيح بحسب الأمور الخارجة:

- ‌ التَّرْجِيحُ بَيْنَ الْأَقْيِسَةِ:

- ‌خاتمة لمقاصد هذا الكتاب

- ‌مدخل

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌الفهارس

- ‌فهرس الآيات القرآنية

- ‌ فهرس أطراف الأحاديث النبوية:

- ‌ فهرس الأعلام المترجمين:

- ‌ فهرس الكتب الواردة في المتن:

- ‌ فهرس الفرق:

- ‌ فهرس الأبيات الشعرية والأمثال العربية:

- ‌ فهرس الأماكن والبلدان:

- ‌ فهرس مراجع التحقيق:

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثاني:

الفصل: ‌الفرع الثاني: المسائل الشرعية

وَقَالَ ابْنُ عَبدِ السَّلَامِ: رَجَعَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ عِنْدَ مَوْتِهِ عَنْ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَاتِ لَيْسَ جَهْلًا "بِالْمَوْصُوفَاتِ"*.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ1 لا يفكر، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تُكَفِّرُ مَنْ يُكَفِّرُكَ، فَعَادَ إلى القول بالتفكير، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ، فَهُمْ يُكَفِّرُونَ خُصُومَهُمْ، وَيُكَفِّرُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمُ الْآخَرَ.

وَقَدْ حَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ مُعْظَمِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ تَرْكَ التَّكْفِيرِ، وَقَالُوا: إِنَّمَا يُكَفَّرُ مَنْ جَهِلَ وُجُودَ الرَّبِّ، أَوْ عَلِمَ وَجُودَهُ، وَلَكِنْ فَعَلَ فِعْلًا، أَوْ قَالَ قَوْلًا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصْدُرُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ كَافِرٍ. انْتَهَى.

وَاعْلَمْ: أَنَّ التَّكْفِيرَ لِمُجْتَهَدِي الْإِسْلَامِ بِمُجَرَّدِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ الْعَقْلِ عَقَبَةٌ كَئُودٌ لَا يَصْعَدُ إِلَيْهَا إِلَّا مَنْ لَا يُبَالِي بِدِينِهِ، وَلَا يَحْرِصُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، وَعَلَى ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَغَالِبُ الْقَوْلِ بِهِ نَاشِئٌ عَنِ العصبية، وبعضه ناشئ عن شبه واهية، وليست مِنَ الْحُجَّةِ فِي شَيْءٍ، وَلَا يَحِلُّ التَّمَسُّكُ بِهَا فِي أَيْسَرِ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، فَضْلًا عَنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ مَزَلَّةُ الْأَقْدَامِ، وَمَدْحَضَةُ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْكِتَابَ، وَالسُّنَّةَ، وَمَذْهَبَ خَيْرِ الْقُرُونِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ يَدْفَعُ ذَلِكَ دَفْعًا لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ: إِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَعْوَى بَاطِلَةٌ، مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى شُبَهَةٍ دَاحِضَةٍ، وَلَيْسَ هَذَا الْمَقَامُ مَقَامَ بَسْطِ الْكَلَامِ على هذا المرام، فموضعه علم الكلام.

* في "أ": بالموصوف.

_________

1 هو محمد بن سليمان بن محمد، الحنفي، العجلي، الصعلوكي النيسابوري، الفقيه، أبو سهل، المتكلم، النحوي، المفسر، اللغوي، الصوفي توفي سنة تسع وستين وثلاثمائة هـ، ا. هـ سير أعلام النبلاء 16/ 235 شذرات الذهب 3/ 69 الأعلام 6/ 149.

ص: 230

‌الفرع الثاني: المسائل الشرعية

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَمِنْهُمُ الْأَشْعَرِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الباقلاني، ومن المعتزلة أبو الهذيل، وأبو علي، وأبو هاشم، وأبتاعهم إِلَى أَنَّهَا تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:

الْأَوَّلُ: مَا كان منها قطعيا

مَا كَانَ مِنْهَا قَطْعِيًّا مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ مِنَ الدِّينِ، كَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَتَحْرِيمِ الزِّنَا، وَالْخَمْرِ، فَلَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِيهَا بِمُصِيبٍ، بَلِ الْحَقُّ فِيهَا وَاحِدٌ، فَالْمُوَافِقُ لَهُ مُصِيبٌ، وَالْمُخْطِئُ غَيْرُ مَعْذُورٍ وَكَفَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ لِمُخَالَفَتِهِ لِلضَّرُورِيِّ، وَإِنْ كَانَ.

ص: 230

فِيهَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ، وَلَيْسَتْ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الشَّرْعِيَّةِ، فَقِيلَ: إِنْ قَصَّرَ فَهُوَ مُخْطِئٌ آثِمٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَهُوَ مُخْطِئٌ غَيْرُ آثِمٍ.

قَالَ ابن السعاني: ويشبه أن يكون سبب غموضها امتحان مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ، لِيُفَاضِلَ بَيْنَهُمْ فِي دَرَجَاتِ الْعِلْمِ، وَمَرَاتِبِ الْكَرَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} 1 وقال: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} 2.

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمَسَائِلُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا

وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا طَوِيلًا، وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَذَهَبَ جَمْعٌ جَمٌّ إِلَى أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهَا حَقٌّ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُصِيبٌ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، عَنِ الْأَكْثَرِينَ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَالْمُعْتَزِلَةِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَنَا، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ مُتَعَيَّنٌ، لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ، فِي الزَّمَانِ الْوَاحِدِ، فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ حَلَالًا وَحَرَامًا، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم يُخطِّئ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَعْتَرِضُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَوْ كَانَ اجْتِهَادُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ حَقًّا، لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْطِئَةِ وَجْهٌ.

ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، هَلْ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَمْ لَا؟

فَعِنْدَ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمُصِيبَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَأَنَّ جَمِيعَهَمْ مُخْطِئٌ إِلَّا ذَلِكَ الْوَاحِدَ.

وَقَالَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ: إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مَعَ وَاحِدٍ، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلَهُ.

وأنكر ذلك أبو سحاق الْمَرْوَزِيِّ، وَقَالَ: إِنَّمَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ المتأخرين، ممن لا معرفة له بِمَذْهَبِهِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرَيُّ: وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قال في بعض المسائل كقولنا، وفي بعضها كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَأَصْحَابِ مَالِكٍ وَابْنِ "سُرَيْجٍ"*، وَأَبِي حَامِدٍ، بِمِثْلِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.

وَاسْتَدَلَّ ابْنُ كَجٍّ عَلَى هَذَا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى تَصْوِيبِ بَعْضِهِمْ بعضا، فيما اختلفوا فيه،

* في "أ": ابن شريح.

_________

1 جزء من الآية من سورة المجادلة.

2 جزء من الآية 76 من سورة يوسف.

ص: 231

وَلَا يَجُوزُ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى خَطَأٍ.

قَالَ ابْنُ فورك: في المسألة ثلاثة أقوال:

أحدهما:

أن الحق في وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَعَلَيْهِ دَلِيلٌ مَنْصُوبٌ، فَمَنْ وَضَعَ النَّظَرَ مَوْضِعَهُ أَصَابَ، وَمَنْ قَصَّرَ عَنْهُ وَفَقَدَ الصَّوَابَ؛ فَهُوَ مُخْطِئٌ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَا نَقُولُ إِنَّهُ مَعْذُورٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْذُورَ مَنْ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ، لِعُذْرٍ فِي تَرْكِهِ، كَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ عِنْدَنَا قَدْ كُلِّفَ إِصَابَةَ الْعَيْنِ، لَكِنَّهُ خُفٍّفَ أَمْرُ خِطَابِهِ، وَأُجِرَ عَلَى قَصْدِهِ الصَّوَابَ، وَحُكْمُهُ نَافِذٌ عَلَى الظَّاهِرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَعَلَيْهِ نص في كتاب "الرسالة" و"أدب الْقَاضِي"1.

وَالثَّانِي:

أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، إِلَّا أَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ لَمْ يَتَكَلَّفُوا إِصَابَتَهُ، وَكُلُّهُمْ مُصِيبُونَ لِمَا كُلِّفُوا مِنَ الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُخْطِئًا.

وَالثَّالِثُ:

أَنَّهُمْ كُلِّفُوا الرَّدَّ إِلَى الْأَشْبَهِ عَلَى طَرِيقِ الظَّنِّ. انْتَهَى.

وَذَهَبَ قَوْمٌ: إِلَى أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ وَالْمُخَالِفَ لَهُ مُخْطِئٌ آثِمٌ، وَيَخْتَلِفُ خَطَؤُهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ، فَقَدْ يَكُونُ كَبِيرَةً، وَقَدْ يَكُونُ صَغِيرَةً.

وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْأَصَمُّ وَالْمَرِيسِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ، وحُكي عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَقَدْ طَوَّلَ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَوْرَدُوا مِنَ الْأَدِلَّةِ مَا لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَاسْتَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ"، وَلَمْ يَأْتُوا بما يشفي طالب الحق.

وههنا دَلِيلٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ، وَيُوَضِّحُ الْحَقَّ إِيضَاحًا لَا يَبْقَى بَعْدَهُ رَيْبٌ لِمُرْتَابٍ، وَهُوَ الْحَدِيثُ الثَّابِتُ في الصحيح، ومن طُرُقٍ:"أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ، فَلَهُ أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرا"2.

فَهَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُكَ أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، وَأَنَّ بَعْضَ الْمُجْتَهِدِينَ يُوَافِقُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: مُصِيبٌ، وَيَسْتَحِقُّ أَجْرَيْنِ، وَبَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ يُخَالِفُهُ، وَيُقَالُ لَهُ مُخْطِئٌ، واستحقاقه الأجر لا يستلزم كونه.

1 للإمام محمد بن إدريس الشافعي ا. هـ الأعلام 6/ 26.

2 أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الاعتصام، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ 7352. ومسلم، كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ 1716. وأبو داود، كتاب الأقضية، باب في القاضي يخطئ 3574. والنسائي، كتاب القضاء، كما في التحفة 8/ 158. والبيهقي، كتاب آداب القاضي، باب اجتهاد الحاكم فيما يسوغ فيه الاجتماع 10/ 119. وابن حبان في صحيحه 5060. وأحمد في مسنده 4/ 198.

ص: 232

مصيبًا، و"إطلاق"* اسْمِ الْخَطَأِ عَلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَجْرٌ، فَمَنْ قَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَجَعَلَ الْحَقَّ مُتَعَدِّدًا بِتَعَدُّدِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً بَيِّنًا، وَخَالَفَ الصَّوَابَ مُخَالَفَةً ظَاهِرَةً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الْمُجْتَهِدِينَ قِسْمَيْنِ، قِسْمًا مُصِيبًا، وَقِسْمًا مخطئا، ولو كان كل واحد مِنْهُمْ مُصِيبًا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّقْسِيمِ مَعْنًى.

وَهَكَذَا مَنْ قَالَ: إِنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، وَمُخَالِفَهُ آثم، فإن هذا الْحَدِيثَ يَرُدُّ عَلَيْهِ رَدًّا بَيِّنًا، وَيَدْفَعُهُ دَفْعًا ظاهرا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سَمَّى مَنْ لَمْ يُوَافِقِ الْحَقَّ فِي اجْتِهَادِهِ مُخْطِئًا، وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْأَجْرِ، فَالْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ أن الحق واحد، ومخالفه مخطئ مَأْجُورٌ، إِذَا كَانَ قَدْ وفَّى الِاجْتِهَادَ حَقَّهُ، وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الْبَحْثِ، بَعْدَ إِحْرَازِهِ لِمَا يَكُونُ بِهِ مُجْتَهِدًا.

وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى هَذَا حَدِيثُ: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ" 1 فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْحَقُّ وَاحِدًا، لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْسِيمِ مَعْنًى، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ:"وَإِنْ طَلَبَ مِنْكَ أَهْلُ حِصْنٍ النُّزُولَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا"2.

وَمَا أَشْنَعَ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْجَاعِلُونَ لِحُكْمِ اللَّهِ عز وجل متعددا بتعدد الْمُجْتَهِدِينَ، تَابِعًا لِمَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ مِنَ الِاجْتِهَادَاتِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَعَ كَوْنِهَا مُخَالِفَةً لِلْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ عز وجل، وَمَعَ شَرِيعَتِهِ الْمُطَهَّرَةِ، هِيَ أَيْضًا صَادِرَةٌ عَنْ مَحْضِ الرَّأْيِ، الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ لَهُ دَلِيلٌ، وَلَا عَضَّدَتْهُ شُبْهَةٌ تَقْبَلُهَا الْعُقُولُ، وَهِيَ أَيْضًا مُخَالِفَةٌ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، سلفها خلفها، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنَ الْعُصُورِ، مَا زَالُوا يُخَطِّئُونَ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ مَا هُوَ أَنْهَضُ مِمَّا تَمَسَّكَ بِهِ، وَمَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ، وَأَنْكَرَهُ، فَهُوَ لَا يَدْرِي بِمَا فِي بُطُونِ الدَّفَاتِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِأَسْرِهَا مِنَ التَّصْرِيحِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ بتخطئه بعضهم البعض واعتراض بعضهم على بعض.

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

_________

1 أخرجه أبو داود، كتاب الأقضية، باب القاضي يخطئ 3573. والترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في القاضي 1322. وابن ماجه، كتاب الأحكام، باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق 2351. والحاكم في المستدرك، كتاب الأحكام، باب قاضيان في النار

4/ 9 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. والبيهقي، كتاب آداب القاضي، باب إثم من أفتى أو قضى بالجهل 10/ 117. وذكره المزي في تحفة الأشراف 2/ 94. وذكره البغوي في مصابيح السنة 2814.

2 أخرجه مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه، كتاب الجهاد، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث 1731. وأبو داود، كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين 2612، 2613. والترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء في النهي عن المثلة 1408. وابن ماجه، كتاب الجهد، باب وصية الإمام 3858. وابن حبان في صحيحه 4739. وأحمد في مسنده 5/ 352. والبيهقي، كتاب السير، باب الرخصة في الإقامة بدار الشرك لمن لا يخاف الفتنة 9/ 15. وابن الجارود في المنتقى 1042.

ص: 233

وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ بِمِثْلِ قِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ1 فَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى صَرَّحَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ مَا قَالَهُ سُلَيْمَانُ، فقال:{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} 2 وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لما كان لتخصيص سليمان بذلك المعنى.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} 3 فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ، مِنَ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ هُوَ بِإِذْنِهِ عز وجل، فَأَفَادَ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ بِخُصُوصِهَا، هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ، وَلَيْسَ النِّزَاعُ إِلَّا فِيمَا لَمْ يَرِدِ النَّصُّ فِيهِ "بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ"* بِخُصُوصِهَا، هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ، وَأَنَّ حُكْمَهُ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ أُمُورٍ، يَخْتَارُ الْمُكَلَّفُ مَا شَاءَ مِنْهَا، كَالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَأَنَّ حُكْمَهُ يَجِبُ على الكل، حتى يفعله البعض، فيسقط عن الْبَاقِينَ، كَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، فَتَدَبَّرْ هَذَا وَافْهَمْهُ حَقَّ فَهْمِهِ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِتَصْوِيبِ كُلِّ طَائِفَةٍ مِمَّنْ صَلَّى قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، لِمَنْ خَشِيَ فَوْتَ الْوَقْتِ، وَمِمَّنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ" 4 فَالْجَوَابُ عَنْهُ كَالْجَوَابِ عَمَّا قَبْلَهُ، عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّثْرِيبِ لِمَنْ قَدْ عَمِلَ بِاجْتِهَادِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ الْحَقَّ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَجْزَأَهُ مَا عَمِلَهُ بِاجْتِهَادِهِ، وَصَحَّ صُدُورُهُ عَنْهُ، لِكَوْنِهِ قَدْ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي تَحَرِّي الْحَقِّ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي طَلَبَهُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْإِصَابَةِ وَالصَّوَابِ، فَإِنَّ إِصَابَةَ الْحَقِّ "هِيَ"** الْمُوَافَقَةُ، بِخِلَافِ الصَّوَابِ فَإِنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ الْحَقَّ وَلَمْ يُصِبْهُ، مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ قَدْ فَعَلَ مَا كُلِّفَ بِهِ، وَاسْتَحَقَّ الْأَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا لِلْحَقِّ وَمُوَافِقًا لَهُ.

وَإِذَا عرفت هذا الحق مَعْرِفَتِهِ، لَمْ تَحْتَجْ إِلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَقَدْ حَرَّرَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْمَذَاهِبِ تَحْرِيرًا جَيِّدًا فَقَالَ: الْوَاقِعَةُ الَّتِي وَقَعَتْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا نَصٌّ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَإِمَّا أَنْ "يَجْتَهِدَ"*** الْمُجْتَهِدُ أَوْ لَا، الثَّانِي عَلَى قِسْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إما أن يقصر في

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

** في "أ": هو.

*** في "أ": يجده.

_________

1 تقدم في: 2/ 219.

2 جزء من الآية 79 من سورة الأنبياء.

3 جزء من الآية 5 من سورة الحشر.

4 تقدم تخريجه في 2/ 223.

ص: 234