الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَاجِبُ الْأَخْذُ بِالزَّائِدِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا جَمِيعًا.
وَقِيلَ: إِنْ كَانَ التَّعَارُضُ بَيْنَ حَدِيثَيْنِ تَسَاقَطَا، وَلَا يُعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ قِيَاسَيْنِ فَيُخَيَّرُ، حَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانَ فِي "الْوَجِيزِ" عَنِ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ.
وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ، حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ الرَّازِيُّ فِي "التَّقْرِيبِ" وَاسْتَبْعَدَهُ الْهِنْدِيُّ؛ إِذِ الْوَقْفُ فِيهِ لَا إِلَى غَايَةٍ وَأَمَدٍ؛ إِذْ لَا يُرْجَى فِيهِ ظُهُورُ الرُّجْحَانِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَسْأَلَتِنَا، بِخِلَافِ التَّعَادُلِ الذِّهْنِيِّ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ الْمُرَجِّحُ.
وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِالْأَغْلَظِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ.
وَقِيلَ: يَصِيرُ إِلَى التَّوْزِيعِ، إِنْ أَمْكَنَ تَنْزِيلُ كُلِّ أَمَارَةٍ عَلَى أَمْرٍ، حَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ".
وَقِيلَ: إِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الواجبات فالتخيير، وإن كان في الإباحة والتحريم فَالتَّسَاقُطُ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، ذَكَرَهُ فِي "الْمُسْتَصْفَى".
وَقِيلَ: يُقَلِّدُ عَالِمًا أَكْبَرَ مِنْهُ، وَيَصِيرُ كالعامي لعجزه عن الاجتهاد، حكاه إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ كَالْحُكْمِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، فَتَجِيءُ فِيهِ الْأَقْوَالُ الْمَشْهُورَةُ، حَكَاهُ إِلْكِيَا الطَّبَرَيُّ، فَهَذِهِ تِسْعَةُ مَذَاهِبَ فِيمَا كَانَ مُتَعَارِضًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، مَعَ عَدَمِ إِمْكَانِ التَّرْجِيحِ.
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: فِي وُجُوهِ التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بَلْ فِي الظَّاهِرِ
مدخل
…
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: فِي وُجُوهِ التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بَلْ فِي الظَّاهِرِ
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ.
وَمَنْ نَظَرَ فِي أَحْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَتَابِعِيهِمْ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَجَدَهُمْ مُتَّفِقِينَ عَلَى الْعَمَلِ بِالرَّاجِحِ وَتَرْكِ الْمَرْجُوحِ، وَقَدْ سَمَّى بَعْضُهُمْ هَذَا الْمُخَالِفَ فِي الْعَمَلِ بِالتَّرْجِيحِ فَقَالَ هُوَ الْبَصْرِيُّ الْمُلَقَّبُ بِـ"جُعَل"* كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي، وَاسْتَبْعَدَ الْإِبْيَارِيُّ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْ مِثْلِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى اسْتِعْمَالِ التَّرْجِيحِ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتِ "أَهْلِ"** الْإِسْلَامِ.
وَشَرَطَ الْقَاضِي فِي التَّرْجِيحِ شَرْطًا غير ما قد ذكرنا فِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ: لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالتَّرْجِيحِ الْمَظْنُونِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ امْتِنَاعُ الْعَمَلِ بِشَيْءٍ مِنَ الظُّنُونِ، وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الظُّنُونُ الْمُسْتَقِلَّةُ بأنفسها؛ لانعقاد إجماع الصحابة عليها، وما راء ذلك يبقى على الأصل، والترجيح.
* في "أ": سحعل وهو تحريف.
** ما بين قوسين ساقط من "أ".