الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَقْصِدُ السَّادِسُ: مِنْ مَقَاصِدِ هَذَا الْكِتَابِ فِي الاجتهاد والتقليد
الفصل الأول: في الإجتهاد
المسألة الأولى: في حد الاجتهاد
مدخل
…
المقصد السادس: في الاجتهاد والتقليد
أما الفصل الأول: في الاجتهاد
فَفِيهِ تِسْعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي حَدِّ الِاجْتِهَادِ
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجَهْدِ، وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالطَّاقَةُ، فَيَخْتَصُّ بِمَا فِيهِ مَشَقَّةٌ، لِيَخْرُجَ عَنْهُ مَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ.
قَالَ "فِي الْمَحْصُولِ": وَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ، فِي أَيِّ فِعْلٍ كَانَ.
يُقَالُ: استفرع وُسْعَهُ فِي حَمْلِ الثَّقِيلِ، وَلَا يُقَالُ: اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي حَمْلِ النَّوَاةِ.
وَأَمَّا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ: فَهُوَ اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي النَّظَرِ فِيمَا لَا يَلْحَقُهُ فِيهِ لَوْمٌ، مَعَ اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فيه، و"هذا"* سبيل مسائل الفروع، و"لذلك"** تُسَمَّى هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ، وَالنَّاظِرُ فِيهَا مُجْتَهِدًا، وَلَيْسَ هَكَذَا حَالُ الْأُصُولِ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: هُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ: بَذْلُ الْوُسْعِ فِي نَيْلِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَمَلِيٍّ، بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ.
فَقَوْلُنَا: بَذْلُ الْوُسْعِ يُخْرِجُ مَا يَحْصُلُ مَعَ التَّقْصِيرِ، فَإِنَّ مَعْنَى بَذْلِ الْوُسْعِ: أَنْ يُحِسَّ مِنْ نَفْسِهِ الْعَجْزَ عَنْ مَزِيدِ طَلَبٍ.
وَيَخْرُجُ بِالشَّرْعِيِّ اللُّغَوِيُّ، وَالْعَقْلِيُّ، وَالْحِسِّيُّ، فَلَا يُسَمَّى مَنْ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي تَحْصِيلِهَا مُجْتَهِدًا اصْطِلَاحًا، وَكَذَلِكَ بَذْلُ الْوُسْعِ في تحصيل الحكم العلمي، فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى اجْتِهَادًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى اجْتِهَادًا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ1.
وَيَخْرُجُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ نَيْلُ الْأَحْكَامِ مِنَ النُّصُوصِ ظَاهِرًا، أَوْ حِفْظُ الْمَسَائِلِ، أَوِ اسْتِعْلَامُهَا مِنَ الْمُفْتِي، أَوْ بِالْكَشْفِ عَنْهَا فِي كُتُبِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ اللُّغَوِيُّ، فَإِنَّهُ لا يصدق عليه الاجتهاد الاصطلاحي.
* في "أ": وهو.
** في "أ": ولهذا.
_________
1 انظر البحر المحيط 6/ 197 والمستصفى 2/ 350.