الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ مُطْلَقًا.
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ إِلَى التَّفْصِيلِ، فَقَالَ: هُوَ حُجَّةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.
وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْهُمْ.
قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُدَانَ اللَّهُ بِهِ، وَاخْتَارَ الرَّازِيُّ، وَالْبَيْضَاوِيُّ أَنَّهُ حُجَّةٌ، وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي "التَّبْصِرَةِ" عَنِ الصَّيْرَفِيِّ. قَالَ الْكَرْخِيُّ: هُوَ مَقْبُولٌ جَدَلًا، وَلَا يُسَوَّغُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ عملا و"لا"* الْفَتْوَى بِهِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ: ذَهَبَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْعِلِّيَّةِ، وَاقْتَدَى بِهِ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْعِرَاقِ، فَصَارُوا يَطْرُدُونَ الْأَوْصَافَ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ، وَيَقُولُونَ إِنَّهَا قَدْ صَحَّتْ، كَقَوْلِهِمْ فِي مَسِّ الذَّكَرِ "مَسُّ"** آلَةِ الْحَدَثِ، فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِهِ؛ لِأَنَّهُ طَوِيلٌ مَشْقُوقٌ، فَأَشْبَهَ الْبُوقَ، وَفِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: إِنَّهُ سَعْيٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَلَا يَكُونُ رُكْنًا، كَالسَّعْيِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ بِنَيْسَابُورَ1، وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ هَذَا سُخْفٌ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَسَمَّى أَبُو زَيْدٍ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الطَّرْدَ حُجَّةً، وَالِاطِّرَادَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ الْعِلِّيَّةِ حَشْوِيَّةَ أَهْلِ الْقِيَاسِ. قَالَ: ولا يعد هؤلاء من جملة الفقهاء.
* ما بين قوسين ساقط من "أ".
** ما بين قوسين ساقط من "أ".
_________
1 مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة، معدن الفضلاء، ومنبع العلماء، وهي مدينة في الإقليم الرابع، تبعد عن الري مائة وستين فرسخا، وهي مدينة كثيرة المياه والثمار والفواكه ا. هـ معجم البلدان 5/ 331.
الْمَسْلَكُ التَّاسِعُ: الدَّوَرَانُ
وَهُوَ: أَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ، وَيَرْتَفِعَ بِارْتِفَاعِهِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، كَالتَّحْرِيمِ مَعَ السُّكْرِ فِي الْعَصِيرِ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا، فَلَمَّا حَدَثَ السُّكْرُ فِيهِ وُجِدَتِ الْحُرْمَةُ، ثُمَّ لَمَّا زَالَ السُّكْرُ بِصَيْرُورَتِهِ خَلًّا زَالَ التَّحْرِيمُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ السُّكْرُ1.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي إِفَادَتِهِ لِلْعِلِّيَّةِ.
فَذَهَبَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُفِيدُ الْقَطْعَ بِالْعِلِّيَّةِ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُفِيدُ ظَنَّ الْعِلِّيَّةِ، بِشَرْطِ عَدَمِ الْمُزَاحِمِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تُوجِبُ
1 انظر المستصفى 2/ 307 والبحر المحيط 5/ 243.