الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ذلِكَ، واجعله فعلاً مقبولاً مُجَازًى به، والسَّمِيعُ: إشارة إلى دعائها، والْعَلِيمُ:
إشارة إلى نيّتها.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 36 الى 38]
فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (37) هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (38)
وقوله تعالى: فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ:
الوضْعُ: الولادةُ، وقولها: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى: لفظ خبر في ضِمْنِهِ التحسُّر والتلهُّف، وبيَّن اللَّه ذلك بقوله: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ، وقولها: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى، تريد في امتناع نَذْرها إِذ الأنثى تحيضُ ولا تصلُحُ لِصُحْبَة الرُّهْبَان، قاله قتادة وغيره»
، وبدأَتْ بذكْرِ الأَهَمِّ في نفْسها، وإِلَاّ فسياق قصَّتها يقتضي أنْ تقول: وليس الأنثى كالذَّكَر، وفي قولها: وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ: سنةُ تسميةِ الأطفالِ قُرْبَ الولادةِ ونحوُهُ قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ مَوْلُودٌ، فَسَمَّيْتُهُ باسم أَبِي إِبْرَاهِيمَ» «2» ، وباقي الآيةِ إعاذةٌ، قال النووي «3» : ورُوِّينَا فِي سُنَن أبِي دَاوُدَ بإسناد جيِّدٍ، عن أبي الدرداء «4» ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 237) برقم (6874) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 387) ، وابن عطية في «تفسيره» (1/ 425) .
(2)
أخرجه مسلم (4/ 1807) ، كتاب «الفضائل» ، باب رحمته بالصبيان والعيال، حديث (62/ 2315) ، وأبو داود (2/ 210) ، كتاب «الجنائز» ، باب في البكاء على الميت، حديث (3126) ، وأحمد (3/ 194) ، وابن حبان (2902) ، والبيهقي (4/ 69) كلهم من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس به.
(3)
ينظر: «حلية الأبرار» (ص 321) .
(4)
هو: عويمر بن عامر بن مالك بن زيد بن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج..
وقيل: اسمه: عامر بن مالك، و «عويمر» لقب. أبو الدرداء.
قال ابن الأثير في «الأسد» : تأخر إسلامه قليلا، كان آخر أهل داره إسلاما، وحسن إسلامه، وكان فقيها عاقلا حكيما. آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«وعويمر حكيم أمتي» شهد ما بعد «أحد» من المشاهد. قلت: وهو صحابي مشهور بالزهد والورع والحكمة، ولا يتسع المقام للحديث عنه.
وفاته قبل مقتل عثمان بسنتين.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (6/ 97) ، «الإصابة» (7/ 58) ، «تجريد أسماء الصحابة» (2/ 163) ، «الاستيعاب» (4/ 1646) ، «بقي بن مخلد» (21) ، «تقريب التهذيب» (2/ 419) ، «تهذيب التهذيب» -
قَالَ: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ بأسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فأحْسِنُوا أسْمَاءَكُمْ» «1» . وفي صحيح مُسْلِمٍ، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:«إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل عَبْدُ اللَّهِ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ» «2» وفي سنن أبِي دَاوُدَ والنَّسَائِيّ، وغيرِهِمَا، عن أبِي وهب الجشميّ، قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ تعالى عبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ ومُرَّة» «3» . اهـ.
وفي الحديثِ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ روايةِ أبي هُرَيْرة، قَالَ: «كُلُّ مَوْلُودٍ مِنْ بَنِي آدَمَ لَهُ طَعْنَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَسْتَهِلُّ الصَّبِيُّ إِلَاّ مَا كَانَ مِنْ مريم ابنة عمران، وابنها فإنّ أمّها
- (12/ 79، 89) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1603) ، «الجرح والتعديل» (9/ 368) ، «التاريخ» لابن معين (2/ 146) ، «الكنى والأسماء» (1/ 27) ، «تنقيح المقال» (3/ 16) ، «المصباح المضيء» (1/ 151) .
(1)
أخرجه أبو داود (2/ 705) ، كتاب «الأدب» ، باب في تغيير الأسماء، حديث (4948) ، وأحمد (5/ 194) ، والدارمي (2/ 294) ، كتاب «الاستئذان» ، باب في حسن الأسماء، وابن حبان (5818) ، والبيهقي (9/ 306) ، كتاب «الضحايا» ، باب ما يستحب أن يسمى به. وأبو نعيم في «الحلية» (5/ 152) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 382- بتحقيقنا) كلهم من طريق عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي عن أبي الدرداء مرفوعا.
وقال البيهقي: هذا مرسل ابن أبي زكريا لم يسمع من أبي الدرداء.
قال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص 113) رقم (410) : سمعت أبي يقول: عبد الله بن أبي زكريا لم يسمع أبا الدرداء. اهـ.
وأشار إلى هذا الانقطاع أيضا الحافظ المنذري في «الترغيب» (2/ 697) .
(2)
أخرجه مسلم (3/ 1682) ، كتاب «الأدب» ، باب النهي عن التكني بأبي القاسم، حديث (2/ 2132) ، وأبو داود (2/ 705) ، كتاب «الأدب» باب في تغيير الأسماء، حديث (4949) ، والترمذي (5/ 132) كتاب «الأدب» ، باب ما جاء ما يستحب من الأسماء، حديث (2833) ، وابن ماجة (2/ 1229) ، كتاب «الأدب» ، باب ما يستحب من الأسماء، حديث (3728) ، والبيهقي (9/ 306) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 386، 387- بتحقيقنا) من حديث ابن عمر مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وللحديث شاهد من حديث أنس: أخرجه أبو يعلى (5/ 164) رقم (2778) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرّحمن، والحارث» .
وذكره الهيثمي في «المجمع» (8/ 52) وقال: رواه أبو يعلى، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف اهـ.
وذكره أيضا الحافظ في «المطالب العالية» (2802) ، وعزاه لأبي يعلى، وقال: له شاهد من حديث ابن عمر في صحيح مسلم.
(3)
أخرجه أبو داود (4/ 287- 288) ، كتاب «الأدب» ، باب تغيير الأسماء، حديث (4950) ، والنسائي (6/ 218) ، كتاب «الخيل» ، باب ما يستحب من شية الخيل، من حديث أبي وهب الجشمي.
قَالَتْ حِينَ وَضَعْتَها: وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، فَضُرِبَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ، فَطَعَنَ الشَّيْطَانُ فِي الحَجابِ» «1» ، وَقَدِ اختلفت ألفاظُ هذا الحديثِ، والمعنى واحد كما ذكرته، قال النوويُّ: بَاب مَا يُقَالُ عنْد الولادةِ «2» : رُوِّينَا في كتاب ابْنِ السُّنِّيِّ، عن فاطمة «3» رضي الله عنها «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمَّا دَنَا ولَادَهَا، أَمَر أُمَّ سَلْمَة، وَزَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أنْ تَأْتِيَاهَا، فَتَقْرَآ عِنْدَهَا آيَةَ الكرسيّ، وإِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ
…
إلى آخر الآية،
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» (6/ 336- شاكر) رقم (6884) ، (6885) ، (6886) ، والحاكم (2/ 594) كلاهما من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي هريرة به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وهذه الرواية ذكرها السيوطي في «الدر المنثور» (2/ 34) وزاد نسبتها إلى عبد بن حميد.
وأخرجه البخاري (8/ 60) كتاب «التفسير» ، باب وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، حديث (4548) و (6/ 541) كتاب «أحاديث الأنبياء» ، باب وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ
، حديث (3431) ، ومسلم (4/ 1838) كتاب «الفضائل» ، باب فضائل عيسى عليه السلام، حديث (146/ 2366) ، وأحمد (2/ 233، 274- 275) ، والطبري في «تفسيره» (6/ 339- شاكر) رقم (6891) ، وابن حبان (6235- الإحسان) ، والواحدي في «الوسيط» (1/ 431- بتحقيقنا) ، والبغوي في «معالم التنزيل» (1/ 295) كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به.
وأخرجه الطبري (6/ 343- شاكر) رقم (6899) ، وأبو يعلى (10/ 376) رقم (5971) من طريقين عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري (6/ 388- 389) كتاب «بدء الخلق» ، باب صفة إبليس وجنوده، حديث (3286) ، والحميدي (2/ 450) رقم (1042) ، كلاهما من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به.
وأخرجه مسلم (4/ 1838) ، كتاب «الفضائل» ، باب فضائل عيسى عليه السلام، حديث (147/ 2366) ، والطبري في «تفسيره» (6/ 338- شاكر) كلاهما من طريق عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا يونس سليمان مولى أبي هريرة حدثه عن أبي هريرة به.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (2/ 34) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(2)
ينظر: «حلية الأبرار» (ص 318) .
(3)
هي: فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الزهراء، سيدة نساء العالمين ما عدا مريم بنت عمران. أمها: خديجة بنت خويلد بن وهب.. كنيتها: أم أبيها.
هي أول من غطي نعشها في الإسلام، ثم بعدها زينب بنت جحش، كانت أحب الناس إلى رسول الله، وأول آل بيته لحوقا به بعد موته، وقد كتبت في سيرتها المؤلفات الكثيرة، ولا يتسع المقام لذكر شيء منها. توفيت لثلاث خلون من رمضان سنة (11) هـ وكان عمرها (29) سنة.
تنظر ترجمتها في: «أسد الغابة» (7/ 220) ، «الإصابة» (8/ 157) ، «الثقات» (3/ 334) ، «بقي بن مخلد» (137) ، «تجريد أسماء الصحابة» (2/ 294) ، «تقريب التهذيب» (2/ 609) ، «تهذيب التهذيب» (12/ 440) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1691) ، «أعلام النساء» (4/ 108) ، «السمط الثمين» (171) ، «الدر المنثور» (359) ، «الاستيعاب» (4/ 1893) ، «حلية الأولياء» (2/ 29) .
وتُعَوِّذَانِهَا بِالمُعَوِّذَتَيْنِ» «1» . انتهى.
وقوله تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ: إخبار منه سبحانه لمحمّد صلى الله عليه وسلم بأنه رَضِيَ مَرْيَمَ لخدمة المَسْجد كما نذَرَتْ أُمُّهَا وسنى لها الأمَلَ في ذلك.
وقوله سبحانه: وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً: عبارةٌ عن حُسْن النشأة في خِلْقَةٍ وخُلُقٍ/.
ص: بِقَبُولٍ مصدر على غير الصَّدْرِ، والجاري على: تَقَبَّلَ تَقَبُّلاً، وعلى قبل قبولا، ونَباتاً: مصدرٌ منصوبٌ ب «أَنْبَتَهَا» على غير الصَّدْر. انتهى.
وقوله تعالى: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا معناه: ضمَّها إِلى إِنفاقه وحِضْنِهِ، والكَافِلُ: هو المربِّي، قال السُّدِّيُّ وغيره: إِنَّ زكريَّا كان زَوْجَ أختها «2» ويعضد هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في يحيى وعيسى: «ابنا الخَالَةِ» ، والذي عليه النَّاس: أنَّ زكريَّا إنما كفَّلها بالاِستهامِ «3» لتشاحِّهم حينئذٍ فيمَنْ يكفُلُ المحرَّر.
وقوله تعالى: كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً: المِحْرَابُ:
المَبْنَى الحَسَنُ، ومِحْرَابُ القَصْر: أشرف ما فيه ولذلك قيل لأَشْرَفِ مَا في المصلى وهو موقِفُ الإِمامِ: مِحْرَاب، ومعنى رِزْقاً، أيْ: طعاما يتغذّى به، لم يَعْهَدْهُ، ولا عَرفَ كيف جُلِبَ إليها، قال مجاهد وغيره: كان يجدُ عندها فاكهةَ الشِّتاءِ في الصَّيْفِ، وفاكهةَ الصَّيْفِ في الشتاءِ «4» ، ونحوه عن ابن عَبَّاس إِلَاّ أنه قال: ثِمَار الجَنَّة «5» ، وقوله: أَنَّى:
معناه: كَيْفَ، ومِنْ أَيْنَ، وقولها: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ دليلٌ على أنه ليس مِنْ جَلْب بَشَرٍ، قال الزَّجَّاج. وهذا من الآية الَّتي قال اللَّه تعالى: وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء: 91] وقولها: إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ: تقرير لكون ذلك الرزْقِ من عند اللَّه، وذهب الطَّبَرِيُّ إِلى أنَّ ذلك ليس من قولِ مرْيَمَ، وأنَّه خبر من الله تعالى لمحمّد صلى الله عليه وسلم، والله
(1) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» رقم (625)، وقال الألباني في تعليقه على «الكلم الطيب» (ص 110) : موضوع. [.....]
(2)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 242) برقم (6899) ، وذكره السيوطي في «تفسيره» ، وعزاه لابن مسعود، وابن عباس، وناس من الصحابة.
(3)
استهم الرجلان: تقارعا، والاستهام: المغالبة بالقرعة. ينظر: «لسان العرب» (2135)(سهم) بتصرف.
(4)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 244) برقم (6922) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 388) ، وابن عطية (1/ 426) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 36) ، وعزاه لابن جرير.
(5)
ذكره ابن عطية (1/ 426) .
سبحانه لا تنتقصُ خزائنه، فليس يَحْسُبُ ما خرج منها، وقد يُعَبَّر بهذه العبارة عن المُكْثِرِينَ مِنَ النَّاسِ أنهم ينفقون بغَيْرِ حِسَابٍ، وذلك مجازٌ وتشبيهٌ، والحقيقةُ هي فيما ينتفقُ من خزائنِ اللَّه سبحانه، قال الشيخُ ابْنُ أبي جَمْرَةَ رضي الله عنه : وقد قال العلماءُ في معنى قوله عز وجل إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ: إِنه الفتوحُ، إِذا كان على وجهه. اهـ، ذكر هذا عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم:«لَوْ دُعِيْتُ إلى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ، لأَجَبْتُ» . «1»
وقوله تعالى: هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ
…
الآية: هُنَالِكَ في كلامِ العربِ: إِشارةٌ إِلى مكانٍ أو زمانٍ فيه بُعْدٌ، ومعنى هذه الآية: إِنَّ في الوقْتِ الذي رأى زكريَّاء رزْقَ اللَّهِ لمَرْيَمَ ومكانَتَها مِنَ اللَّه، وفَكَّر في أنَّها جاءَتْ أُمَّها بَعْدَ أَنْ أَسَنَّتْ، وأن اللَّه تعالى تقَبَّلها، وجعَلَها من الصالحاتِ، تحرَّك أملُهُ لطَلَبِ الولدِ، وقَوِيَ رجاؤه، وذلك منْه على حالِ سِنٍّ وَوَهْنِ عَظْمٍ، واشتعال شَيْب، فدعا ربَّه أنْ يَهَبَ له ذريَّةً طيِّبَةً يرثه، والذُّرِّيَّةُ: اسم جنسٍ، يقع على واحد فصاعدًا كما أن الوَلَدَ: اسمُ جنسٍ كذلك، وطَيِّبة: معناه: سَلِيمَة في الخَلْق والدِّين، تَقِيَّة، ثم قال تعالى: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ [آل عمران: 39] ، وترك محذوف كثير
(1) أخرجه البخاري (9/ 154) ، كتاب «النكاح» ، باب من أجاب إلى كراع، حديث (5178) والبيهقي (6/ 169) ، كتاب «الهبات» ، باب التحريض على الهبة وابن حبان (7/ 349) رقم (5267) والخطيب في «تاريخ بغداد» (12/ 14) والبغوي في «شرح السنة» (3/ 382- بتحقيقنا) من حديث أبي هريرة مرفوعا وفي الباب عن أنس وابن عباس.
حديث أنس:
أخرجه الترمذي (3/ 623) : كتاب «الأحكام» ، باب ما جاء في قبول الهدية وإجابة الدعوة، حديث (1338) وفي الشمائل رقم (338) ، وأحمد (3/ 209) ، وابن حبان (1065- موارد) وأبو الشيخ في «أخلاق النبيّ» (ص 234) ، والبيهقي (6/ 169) كتاب «الهبات» ، باب التحريض على الهبة والبغوي في «شرح السنة» (7/ 36) كلهم من طريق قتادة عن أنس مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وصححه ابن حبان.
وللحديث طريق آخر عن أنس بلفظ: يا معشر الأنصار تهادوا فإن الهدية تحل السخيمة وتورث المودة، فو الله لو أهدي إلى كراع لقبلت ولو دعيت إلى ذراع لأجبت» قال الهيثمي في «المجمع» (4/ 149) ، رواه الطبراني في «الأوسط» والبزار بنحوه وفيه عائذ بن شريح وهو ضعيف.
حديث ابن عباس:
أخرجه الطبراني في «الكبير» (11/ 120) رقم (11236) من طريق عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعا: «لو دعيت إلى كراع لأجبت» .
وقال الهيثمي في «المجمع» (3/ 56) : رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن سعد وابن حبان وقال يخطىء وضعفه جماعة.