الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله تعالى: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ مِنْ أمْر القُرْبان، والمعنى: أنَّ هذا منكم تعلُّل/ وتعنُّت، ولو أتيتُكُمْ بقُرْبَان، لتعلَّلتم بغَيْرِ ذلك، ثم أَنَّسَ سبحانه نبيَّه بالأُسْوة والقُدْوة فيمن تقدَّم من الأنبياء.
قال الفَخْر «1» : والمرادُ بِالْبَيِّناتِ المعجزاتُ. انتهى.
وَالزُّبُرِ: الكتابُ المكتوبُ، قال الزَّجَّاج «2» : زَبَرْتُ: كَتَبْتُ.
[سورة آل عمران (3) : آية 185]
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَاّ مَتاعُ الْغُرُورِ (185)
وقوله سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ
…
الآية: وعظ فيه تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم، ولأمته عن أمْرِ الدُّنْيا وأهلِها، ووَعْدٌ بالفلاحِ في الآخرةِ فبالفكْرة في المَوْت يَهُونُ أمر الكُفَّار وتكذيبُهم، وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ، أي: على الكمالِ، ولا محَالَة أنَّ يوم القيامةِ تَقَعُ فيه توفية الأجور، وتوفية العقوبات، وزُحْزِحَ: معناه: أبعد، والمَكَانُ الزَّحْزَاحُ:
البعيدُ، وفازَ: معناه: نجا من خطره وخوفه، والْغُرُورِ: الخَدْعُ، والتَّرْجِيَةُ بالباطل والحياةِ الدنيا، وكُلُّ ما فيها من الأموالِ هي متاعٌ قليلٌ يخدَعُ المرء، ويمنِّيه الأباطيلَ وعلى هذا فسَّر الآيةَ جمهور المفسّرين، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«لَمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ، ثم تَلَا هذه الآيةَ، قُلْتُ: وأسند أبو بَكْر بْنُ الخَطِيبِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«مَا سَكَنَ حُبُّ الدُّنْيَا قَلْبَ عَبْدٍ قَطُّ إلَاّ التاط «3» مِنْهَا بِخِصَالٍ ثَلَاثٍ: أَمَلٌ لَا يَبْلُغُ مُنْتَهَاهُ، وَفَقْرٌ لَا يُدْرِكُ غِنَاهُ، وشغل لا ينفكّ عناه» «4» . انتهى.
[سورة آل عمران (3) : آية 186]
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)
وقوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
…
الآية: خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمته، والمعنى: لتختبرنَّ ولتمتحننَّ في أموالكم بالمَصَائب والأرزاء، وبالإنفاق في سبيل الله،
(1) ينظر: «مفاتيح الغيب» للإمام فخر الدين الرازي (9/ 101) .
(2)
ينظر: «معاني القرآن وإعرابه» للزجاج (1/ 495) .
(3)
يعني لصق بقلبه، ويقال للشيء، إذا لم يوافق صاحبه: ما يلتاط، ولا يلتاط هذا الأمر بصفرى، أي: لا يلزق بقلبي، وهو يفتعل من اللوط.
ينظر: «لسان العرب» (4099) .
(4)
أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (3/ 336) .