الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيئاً، فكان ذلك أماناً له، وكذلك إذا انصرفوا، تقلَّدوا من شجر الحَرَمِ، وقوله ذلِكَ:
إشارةٌ إلى أنَّ جعل اللَّه هذه الأمور قياماً.
وقوله سبحانه: بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ: عامٌّ عموماً تامًّا في الجزئيَّات ودَقائِقِ الموجودات، والقولُ بغير هذا إلحاد في الدّين وكفر.
[سورة المائدة (5) : الآيات 99 الى 100]
ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَاّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (99) قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)
وقوله سبحانه: مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ
…
الآية: إخبارٌ للمؤمنين مضمَّنه الوعيدِ، إنِ انحرفوا، ولم يمتثلُوا ما بلغ الرسُولُ إليهم، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ، قلت: قال الشيخُ أبو مَدْيَن رضي الله عنه : الحَقُّ تعالى مطَّلع على السرائر والظواهرِ في كلِّ نَفَسٍ وحالٍ، فأيُّما قلْبٍ رآه مؤثراً له، حَفِظَهُ من الطوارق والمِحَنِ ومضلَاّت الفِتَن، وقال رحمه الله : ما عرف الحَقَّ مَنْ لم يُؤْثره، وما أطاعه مَنْ لم يَشْكُرْه.
انتهى.
وقوله تعالى: قُلْ لَاّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ
…
ألاية: لفظ عامٌّ في جميع الأمور، فيتصوَّر في المكاسِب، وعدد النَّاس، والمعارفِ مِنَ العلوم ونحوِهَا، فالخبيثُ مِنْ هذا كلِّه لا يُفْلِحُ ولا يُنْجِبُ، ولا تحسُنُ له عاقبةٌ، والطَّيِّبُ وإنْ قَلَّ: نافعٌ جميل العاقبة، ويَنْظُرُ إلى هذه الآيةِ قوله تعالى: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً [الأعراف: 58]، والخبث: هو الفساد الباطنُ في الأشياء حتى يظن بها الصَّلاح، وهي بخلافِ ذلك. وقوله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ: تنبيهٌ على لزوم الطَّيِّب في المعتقَدِ والعملِ، وخُصَّ أولو الألباب بالذِّكْر لأنهم المتقدِّمون في مَيْز هذه الأمور، والذين لا ينبغي لهم إهمالها مع ألبابهم وإدراكهم.
[سورة المائدة (5) : الآيات 101 الى 102]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (102)
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ
…
الآية:
اختلف الرواةُ في سببها، والظاهرُ مِنَ الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَلَحّت علَيْه الأعراب والجُهَّال بأنواع من السؤالاتِ، حَسْبَما هو معلومٌ في الروايات، فزَجَرهم اللَّه تعالى عَنْ ذلك بهذه الآيةِ، وأشْيَاء: اسمٌ لجَمْعِ شيْءٍ، قال ابنُ عباس: معنى الآية: لا تسأَلُوا عن
أشياء في ضِمْن الأنباء عنْها مساءَةٌ لكم «1» إما بتكليفٍ شرعيٍّ يلزمكم، وإما بخَبَر يسوءُكم، ولكن إذا نزل القرآن بشيء، وابتدأكم ربُّكم بأمر، فحينئذٍ إنْ سألتم عن تَفْصيله وبَيَانِهِ بيّن لكم، وأبدي، ويحتمل قوله: وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ أنْ يكون في معنى الوعيدِ كأنه قال: لا تسألوا، وإن سألتم، لَقِيتُمْ غِبَّ ذلك وصعوبته، قال النوويُّ: وعن أبي ثعلبة الخشنيّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ عز وجل فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُوداً فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ، لَا عَنْ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» ، ورُوِّينَاه في «سنن الدارقطنيِّ» «2» .
انتهى، وفي «صحيح البخاريِّ» ، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إنَّما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ واختلافهم على أَنْبِيَائِهِمْ، فَإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فاجتنبوه، وَإذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فأتوا منه ما استطعتم» «3» . انتهى.
(1) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (2/ 246) .
(2)
أخرجه الدارقطني (4/ 184) كتاب «الرضاع» ، حديث (42) والحاكم (4/ 115) والبيهقي (10/ 13) كتاب «الضحايا» ، باب ما لم يذكر تحريمه، وأبو نعيم في «الحلية» (9/ 17) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 9) كلهم من طريق داود بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 174) وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
وذكره أيضا الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (3/ 72) رقم (2909) ، وعزاه لمسدد، وقال:
رجاله ثقات، إلا أنه منقطع.
وللحديث شاهد من حديث أبي الدرداء.
أخرجه الدارقطني (4/ 298) باب الصيد والذبائح والأطعمة، حديث (104) من طريق نهشل الخراساني عن الضحاك بن مزاحم، عن طاوس، عن أبي الدرداء، وقال أبو الطيب آبادي في «التعليق المغني» (4/ 297) : نهشل الخراساني. قال إسحاق بن راهويه: كان كذابا، وقال أبو حاتم والنسائي: متروك. وقال يحيى، والدارقطني: ضعيف.
ويبدو أن للحديث طريقا آخر، فقد ذكره الهيثمي في «المجمع» (1/ 174) وقال: رواه الطبراني في «الأوسط» و «الصغير» ، وفيه أصرم بن حوشب، وهو متروك، ونسب إلى الوضع.
(3)
أخرجه البخاري (130/ 264) كتاب «الاعتصام بالكتاب والسنة» ، باب الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث (7288) ومسلم (4/ 1831) كتاب «الفضائل» ، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، حديث (131/ 1337) ، وأحمد (2/ 258) والحميدي (2/ 477) رقم (1125) وأبو يعلى (11/ 195) رقم (6305) كلهم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم» .
ومن طريق أبي الزناد أخرجه البغوي في «شرح السنة» (1/ 177- بتحقيقنا) وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة.
فأخرجه مسلم (2/ 975) كتاب «الحج» ، باب فرض الحج مرة في العمر حديث (412/ 1337) -