الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأَعْتَدْنا معناه: يسّرناه وأحضرناه.
[سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 21]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (21)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً
…
الآية: قال ابن عَبَّاس: كانوا في الجاهليَّة، إذا مات الرجُلُ كانَ أولياؤه أحَقَّ بامرأته من أهلها، إن شاءوا تزوّجها أحدهم، وإن شاءوا زوّجوها من غيرهم، وإن شاءوا مَنَعُوهَا الزَّوَاج، فنزلَتِ الآيةُ في ذلِكَ «1» .
وقال بعضُ المتأوِّلين: معنى الآية: لا يحلُّ لكم عَضْل النساءِ اللواتِي أنْتُم أولياء لهنَّ، وإمساكُهُنَّ دون تزويجٍ حتى يَمُتْنَ، فتورَثُ أموالُهُنَّ.
قال ع «2» : فعلى هذا القولِ: فالموروث مالُهَا، لا هِيَ وروي نَحْوَ هذا عن ابْنِ عَبَّاس «3» .
وقوله تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ
…
الآية: قال ابنُ عبَّاس وغيره: هي أيضاً في أولئك الأولياء الذين كَانُوا يَرِثُون المرأةَ، لأنهم كانوا يتزوَّجونها إذا كانَتْ جميلةً، ويمسِكُونها حتى تموتَ إذا كانت دميمةً «4» وقال نحوَهُ الحَسَن، وعِكْرِمَة، وقال ابنُ عبَّاس أيضاً: هي في الأزواج في الرَّجُل يُمْسِكُ المرأَةَ، ويسيءُ عِشْرتها حتى تَفْتَدِيَ منه فذلك لا يحلُّ له «5» ، وقَالَ مثلَهُ قتادةَ «6» ، وهو أقوى الأقوال ودليل ذلك: قوله:
(1) أخرجه الطبري (3/ 647) برقم (8870) ، وذكره البغوي (1/ 408) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 26) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 234) .
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 26) .
(3)
أخرجه الطبري (3/ 647) برقم (8874) ، وذكره البغوي (1/ 408) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 26) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 234) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(4)
أخرجه الطبري (3/ 649) برقم (8883) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 27) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 234) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم. [.....]
(5)
ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 27) .
(6)
أخرجه الطبري (3/ 650) برقم (8886) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 27) .
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ، وإذا أتَتْ بفاحشةٍ، فليس للوليِّ حَبْسُهَا حتَّى يذهب بمالِهَا إجماعاً من الأُمَّة، وإنما ذلك للزَّوْج على ما سنبيِّنه الآن (إن شاء اللَّه)، وكذلك قوله:
عاشِرُوهُنَّ
…
إلى آخر الآية، يظهر منه تقويةُ ما ذكرته.
واختلِفَ في معنى «الفَاحِشَةِ» هنا، فقال الحسَنُ بنُ أبي الحَسَن: هو الزِّنَا «1» ، قال أبو قِلَابَةَ: إذا زنَتِ امرأة الرجُلِ، فلا بأس أنْ يُضارَّها، ويَشُقَّ عليها حتى تَفْتَدِيَ منْه، وقال السُّدِّيُّ: إذا فعلْنَ ذلك، فَخُذُوا مهورَهُنَّ «2» .
قلْتُ: وحديثُ المتلاعنَيْن يضعِّف هذا القول لقوله صلى الله عليه وسلم: «فَذَاكَ بِمَا استحللت مِنْ فَرْجِهَا
…
» الحديث «3» .
وقال ابنُ عبَّاس وغيره: الفاحشةُ في هذه الآية: البُغْضُ والنُّشُوز فإذا نَشَزَتْ، حلَّ له أنْ يأخذ مالَهَا «4» .
قال ع «5» : وهو مذهبُ مالكٍ.
وقال قوم: الفاحشةُ: البَذَاء باللِّسان، وسوءُ العِشْرة قولاً وفعلاً، وهذا في معنَى النُّشُوز.
قال ع «6» : والزنا أصعَبُ علَى الزَّوْج من النُّشُوز والأذى، وكُلُّ ذلك فاحشةٌ تُحِلُّ أَخْذَ المالِ.
وقوله تعالى: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ: أمرٌ يعمُّ الأزواجَ والأولياءَ، ولكنَّ المتلبِّس في الأغلب بهذا الأمر الأزواجُ، والعِشْرَةُ: المخالطةُ والممازجة.
وقوله تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً،
(1) ذكره البغوي في «معالم التنزيل» (1/ 409) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 28) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 236) ، وعزاه لابن جرير.
(2)
أخرجه الطبري (3/ 652) برقم (8898) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 28) .
(3)
سيأتي تخريج أحاديث اللعان في محلها، وهي في سورة «النور» .
(4)
أخرجه الطبري (3/ 652) برقم (8900) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 28) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 235) ، وعزاه لابن جرير عن ابن عباس.
(5)
ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 28) .
(6)
ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 28) .
قال السُّدِّيُّ: الخيرُ الكثيرُ في المرأة الولَدُ «1» ، وقال نحوَهُ ابْنُ عَباس» .
قال ع «3» : ومِنْ فصاحة القرآن العمومُ الذي في لفظَةِ «شَيْء» لأنه يطَّرد هذا النَّظَرُ في كلِّ ما يكرهه المرءُ ممَّا يجمُلُ الصبْرُ عليه، ويحسُنُ، إذ عاقبةُ الصَّبْرِ إلى خيرٍ، إذا أريد به وَجْهُ اللَّهِ.
وقوله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ
…
الآية: لما مضى في الآية المتقدِّمة حُكْمُ الفِرَاقِ الذي سبَبَهُ المرأةُ، وأنَّ للزوج أخْذَ المالِ منْها، عَقَّبَ ذلك بِذكْرِ الفِراقِ الذي سبَبَه الزَّوْجُ، والمَنْع من أخْذ مالها مع ذلك.
وقال بعضُ النَّاس: يؤخَذُ من الآية جوازُ المُغَالاة بالمُهُور، وقال قوم: لا تُعْطِي الآيةُ ذلك لأن التمثيل إنما جاء على جهة المبالغةِ «4» .
والبُهْتان: مصدر في موضعِ الحالِ، ومعناه: مُبْهتاً، ثم وعظ تعالى عباده، وأَفْضى: معناه: بَاشَرَ، وقال مجاهدٌ وغيره: الإفْضَاءُ في هذه الآية: الجماعُ «5» ، قال ابنُ عَبَّاس: ولكنَّ اللَّه كريمٌ يَكْنِي «6» .
واختلف في المراد بالميثاقِ الغَليظِ.
فقال الحسن وغيره: / هو قوله تعالى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ «7» [البقرة: 229] وقال مجاهدٌ، وابنُ زَيْدٍ: الميثاقُ الغليظُ: عُقْدةُ النِّكاحِ «8» ، وقول الرّجل:
(1) أخرجه الطبري (3/ 655) برقم (8911) ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (1/ 409) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 28) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 236) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(2)
أخرجه الطبري (3/ 655) برقم (8912) ، وذكره ابن عطية (2/ 28) .
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 28) .
(4)
ومن أقبح العادات أن يطلب والد العروس من الزوج ما يعجز عن دفعه، فيضطر إلى بيع ما يملك أو الاستدانة من غيره، فيبتدىء صفحة حياته الجديدة بالهم والشقاء المستمر، وهذا من دواعي إحجام بعض الشباب عن الزواج، وفي الحديث الشريف «أقلهن صداقا أكثرهن بركة» .
ينظر: «أحكام الصداق» لشيخنا محمد جوهر.
(5)
أخرجه الطبري (3/ 656) برقم (8918) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 30) .
(6)
أخرجه الطبري (3/ 656) برقم (8915) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 30) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 238) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. [.....]
(7)
أخرجه الطبري (3/ 657) برقم (8927) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 30) .
(8)
أخرجه الطبري (3/ 658) برقم (8928- 8932) عن مجاهد، وبرقم (8933) عن زيد. وذكره ابن-