الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الحَسَنُ بْنُ أبي الحَسَنِ: بَغْتَةً لَيْلاً، وجَهْرَةً»
: نهارا.
وقال مجاهد: بَغْتَةً فجاءة آمنين. وجَهْرَةً: وهم ينظرون «2» .
قال أبو حَيَّان «3» : هَلْ يُهْلَكُ؟ «هل» حَرْفُ استفهام، معناه هنا النَّفْيُ، أي: ما يهلك ولذلك دخَلَتْ «إلَاّ» على ما بعدها. انتهى.
وقوله سبحانه: وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ، أي: إلَاّ ليبشِّروا بإنعامنا وَرَحْمَتِنَا مَنْ آمن، ومُنْذِرِينَ بعذابنا وعِقَابنا مَنْ كَذَّب وكَفَر، قال أبو حَيَّان: مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ:
حالٌ فيها معنَى العِلِّيَّة، أي: أرسلناهم للتبشير والإنذار. انتهى.
ثم وَعَدَ سبحانَهُ مَنْ سلَكَ طريقَ البِشَارة، فآمَنَ وأصْلَح في امتثال الطاعةِ، وأوعد الآخرين.
[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 53]
قُلْ لَاّ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)
وقوله تعالى: قُلْ لَاّ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ
…
الآية: هذا مِنَ الرَّدِّ على القائلين: لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ [الأنعام: 37] والطَّالِبِينَ أنْ ينزَّل ملَكٌ، أو تكونَ له جَنَّةٌ أو كَنْزٌ، ونَحْوُ هَذَا، والمعنى: إنما أنا بشر، وإنما أَتَّبِعُ ما يوحى إليَّ، وهو القرآنُ وسَائِرُ ما يأتيه مِنَ اللَّه سبحانه، أي: وفي ذلك عِبَرٌ وآياتٌ لمن تأمَّل.
وقوله سبحانه: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، أي: هل يستوي المؤمِنُ المُفَكِّرُ في الآياتِ، معِ الكافِرِ المُعْرِضِ عَنِ النَّظَر أفلا تتفكَّرون، وجاء الأمر بالفِكْرة في عبارة العرض والتّحضيض/.
(1) ذكره البغوي (2/ 98) ، وذكره ابن عطية (2/ 293) .
(2)
أخرجه الطبري (5/ 196) برقم (13253) ، وذكره ابن عطية (2/ 293) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 24) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن مجاهد بنحوه. [.....]
(3)
ينظر: «البحر المحيط» (4/ 126) .
وقوله تعالى: وَأَنْذِرْ بِهِ، أي: وأنذر بالقرآن الذين هُمْ مَظِنَّةُ الإيمان، وأهْلٌ للاِنتفاعِ، والضميرُ في بِهِ عائدٌ على ما يوحى.
وقوله سبحانه: لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ: إخبارٌ من اللَّه سبحانه عَنْ صفة الحالِ يَوْمَ الحَشْرِ، قال الفَخْر «1» : قوله: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: قال ابن عَبَّاس: معناه:
وأنذرهم لكَيْ يخافوا في الدنيا، وينتهوا عن الكُفْر والمعاصِي. انتهى.
وقوله سبحانه: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ: المرادُ ب الَّذِينَ ضَعَفَةَ المُؤْمنين في ذلك الوَقْت في أمور الدُّنْيا كَبَلَالٍ. وصُهَيْبٍ، وعَمَّارٍ، وَخَبَّابٍ «2» ، وصُبَيْحٍ، وذي الشِّمَالَيْنِ والمِقْدَادِ، ونحوِهِمْ، وسببُ الآية أنَّ بعض أشراف الكفّار قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: نَحْنُ لِشَرَفِنَا وأقْدَارِنَا لَا يُمْكِنُنَا أنْ نختلطَ بهؤلاءِ، فلو طَرَدْتَّهم، لأتَّبَعْنَاكَ، وَرَدَ في ذلك حديثٌ عن ابْنِ مسعود، وظاهر الأمر أنهم أرادوا بذلك الخديعة، فنزلت الآية، ويَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ: قال الحَسَنُ بنُ أبي الحَسَن «3» : المراد به صلاةُ مكَّة الَّتي كانَتْ مرَّتين في اليومِ بُكْرةً وعَشِيًّا، وقيل: قوله: بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ: عبارةٌ عن استمرار الفعْلِ، وأنَّ الزمان معمورٌ به، والمرادُ على هذا التأويل، قيل: الصلواتُ الخَمْس قاله ابنُ عَبَّاس وغيره «4» ، وقيل: الدُّعاء، وذِكْرُ اللَّه، واللفظةُ على وجهها، وقيل: القُرآنُ وتعلُّمه قاله أبو جعفر «5» ، وقيل: العبادة قاله الضّحّاك «6» .
(1) ينظر: «مفاتيح الغيب» (12/ 193) .
(2)
(خبّاب) بن الأرت: - بتشديد المثناة- بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي، ويقال: الخزاعي، أبو عبد الله.
سبي في الجاهليّة، فبيع بمكّة، فكان مولى أم أنمار الخزاعية، وقيل غير ذلك. ثم حالف بني زهرة، وكان من السّابقين الأوّلين.
وقال ابن سعد: بيع بمكّة، ثم حالف بني زهرة. وأسلم قديما وكان من المستضعفين، روى الباوردي أنه أسلم سادس ستة، وهو أول من أظهر إسلامه، وعذّب عذابا شديدا لأجل ذلك.
ينظر: «الإصابة» (2/ 221) ، «طبقات ابن سعد» (3/ 164) ، «تهذيب الكمال» (373) ، «تهذيب التهذيب» (3/ 133) .
(3)
ذكره ابن عطية (2/ 295) .
(4)
أخرجه الطبري (5/ 201) برقم (13269) بنحوه، وذكره ابن عطية (2/ 295) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 26) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس بنحوه.
(5)
ينظر الطبري (5/ 204) .
(6)
أخرجه الطبري (5/ 203) رقم (13291) بنحوه، وذكره ابن عطية (2/ 295) .