الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ص: وَإِنْ يُهْلِكُونَ: إن نافية بمعنى «ما» ، وأَنْفُسَهُمْ مفعول ب يُهْلِكُونَ انتهى. وَما يَشْعُرُونَ معناه: ما يَعْلَمُونَ عِلْمَ حسٍّ، ونَفْيُ الشعور مذمَّةٌ بالغة إذ البهائم تشعر وتحسّ، فإذا قلت: فلان لا يَشْعُرُ، فقد نَفَيْتَ عنه العِلْمَ النفي العام الذي يقتضي أنه لا يَعْلَمُ ولا المحسوسات.
[سورة الأنعام (6) : الآيات 27 الى 28]
وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدا لَهُمْ مَّا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (28)
وقوله جَلَّتْ عظمته: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ الآية: المخاطبة فيه للنبي صلى الله عليه وسلم وجواب «لو» محذوف، تقديره في آخر الآية: لرأيت هولا عظيما ونحوه.
ووُقِفُوا معناه: حسُّوا، ويحتمل قوله: وُقِفُوا عَلَى النَّارِ بمعنى «دخلوها» .
قاله الطَّبَرِيُّ «1» .
ويحتمل أن يكون أشرفوا عليها، وعاينوها.
وقولهم: يا لَيْتَنا نُرَدُّ معناه إلى الدنيا.
وقوله سبحانه: بَلْ بَدا لَهُمْ مَّا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ الآية: يَتَضَمَّنُ أنهم كانوا يُخْفُونَ أموراً في الدنيا، فظهرت لهم يوم القِيَامَةِ، أو ظهر وَبَالُ ذلك وعاقبته، فحذف المُضَاف، وأقيم المضَافُ إليه مقامه.
وقيل: إن الكُفَّارَ كانوا إذَا وعظهم النبيّ صلى الله عليه وسلم خافوا، وأَخْفَوْا ذلك الخوف لَئلا يشعر بهم أتباعهم، فظهر لهم ذَلِكَ يوم القيامة.
ويصح أن يكون مَقْصِدُ الآية الإخْبَارَ عن هَوْلِ ما لقوه، فعبِّر عن ذلك بأنهم ظَهَرَتْ لهم مَسْتُورَاتهم في الدنيا من مَعَاصٍ وغيرها، فكيف الظَّنُّ بما كانوا يعلنونه من كُفْرٍ ونحوه.
وينظر إلى هذا التأويل قوله تعالى في تَعْظِيمِ شَأْنِ يوم القيامة: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ [الطارق: 9] . وقوله سبحانه: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا إخبار عن أَمْرٍ لا يكون كَيْفَ كان يُوجَدُ، وهذا النوع مما اسْتَأْثَرَ اللَّه- تعالى- بعِلْمِهِ، فإن أعلم بشيء منه علم، وإلا لم يُتَكَلَّمْ فيه.
قال الفخر «2» : قال الوَاحِدِيُّ: هذه الآية من الأدلة الظاهرة على فَسَادِ قول المعتزلة
(1) ينظر: الطبري (5/ 173) بلفظ: حبسوا. [.....]
(2)
ينظر: «مفاتيح الغيب» (12/ 160) .