الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة آل عمران (3) : الآيات 188 الى 190]
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (190)
وقوله سبحانه: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا
…
الآية: ذهبتْ جماعة إلى أن الآية في المنافقين، وقالت جماعة كبيرة: إنما نزلَتْ في أهْل الكتاب أحبارِ/ اليهودِ، قال سعيدُ بن جُبَيْر «1» : الآية في اليهود، فَرِحُوا بما أعطَى اللَّه آل إبراهيم من النبوَّة والكتابِ، فهم يقولونَ: نحن على طريقهم، ويحبُّون أن يُحْمَدُوا بذلك، وهم ليسوا على طريقهم «2» ، وقراءةُ سعيدِ «3» بنِ جُبَيْر:«بما أُوتُوا» بمعنى «أُعْطُوا» (بضم الهمزة والطاء) وعلى قراءته يَستقيمُ المعنَى الذي قال، والمفازةُ مَفْعَلَةٌ من فَازَ يَفُوزُ، إذا نَجَا، وباقي الآية بيِّن.
ثم دلَّ سبحانه على مواضِع النظرِ والعبرةِ، فقالَ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، أي: تَعَاقُب الليل والنَّهار إذ جعلهما سبحانه خِلْفِةً، ويدخل تحت اختلافهما قِصَرُ أحدِهِمَا وطولُ الآخَرِ، وبالعكْسِ، واختلافُهُما بالنُّور والظَّلام، والآياتُ: العلاماتُ الدالَّة على وحدانيَّتِهِ، وعظيمِ قُدْرته سُبْحانه.
قال الفَخْر «4» : واعلم أنَّ المقصود من هذا الكتَابِ الكريمِ جَذْبُ القلوبِ والأرْوَاحِ عن الإشتغالِ بالخَلْقِ والإستغراقِ في معرفة الحقِّ، فلمَّا طال الكلامُ في تَقْرير الأحكامِ، والجوابِ عن شُبُهَاتِ المُبْطِلِين، عاد إلى إثارة القُلُوب بِذِكْرِ ما يدلُّ على التوحيدِ والكِبْرِيَاءِ والجَلَال، وذِكْرِ الأدعية، فختم بهذه الآياتِ بنَحْو ما في «سورة البقرة» . انتهى.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 191 الى 192]
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (191) رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (192)
(1) أخرجه الطبري (3/ 546) برقم (8336) ، وذكره ابن عطية (1/ 552) ، والسيوطي في «الدر» (2/ 191) ، وعزاه لابن جرير.
(2)
أخرجه الطبري (3/ 546) برقم (8337) ، وذكره ابن عطية (1/ 552) ، وذكره السيوطي في «الدر» (2/ 192) ، وعزاه لابن جرير.
(3)
وقرأ بها علي فيما روي عنه.
ينظر: «الكشاف» (1/ 451) ، و «مختصر الشواذ» (30) ، و «المحرر الوجيز» (1/ 552) .
(4)
ينظر: «مفاتيح الغيب» للرازي (9/ 109) .
وقوله سبحانه: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً: الّذين: في موضع خفض صفة لِأُولِي الْأَلْبابِ، وهذا وصف ظاهره استعمالُ التحميدِ والتَّهْليلِ والتَّكْبير ونَحْوه مِنْ ذكر اللَّه، وأنْ يحضر القلب اللسان وذلك من أعْظَمِ وجوه العبادَاتِ، والأحاديثُ الصحيحةُ في ذلك كثيرةٌ، وابنُ آدم متنقِّلٌ في هذه الثلاثِ الهيئاتِ، لا يَخْلُو في غالب أمْرِه مِنْها فكأنها تحصرُ زمنه، وكذلك جَرَّتْ عائشةُ رضي الله عنها إلى حصر الزَّمَن في قَوْلها:
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ على كُلِّ أَحْيَانِهِ» .
قلت: خرَّجه أبو داود «1» ، فدخَلَ في ذلك كونه على الخَلَاءِ وغيره.
وذهَبَ جماعةٌ إلى أنَّ قوله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إنما هو عبارةٌ عن الصَّلاة، أي: لا يضيِّعونها، ففي حال العُذْر يصلُّونها قعوداً، وعلى جُنُوبهم، ثم عَطَف على هذه العبادةِ التي هِيَ ذكُرْ اللَّه باللسان، أو الصَّلاة فرضها وندبها بعبادة أخرى عظيمةٍ، وهي الفِكْرَةُ في قُدْرة اللَّه تعالى ومخلوقاتِهِ، والعِبَرُ التي بَثَّ. [المتقارب]
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ
…
تَدُلُّ على أَنَّهُ وَاحِدُ «2»
قال الغَزَّالِيُّ: ونهايةُ ثمرة الدِّين في الدُّنيا تَحْصيلُ معرفة اللَّه، وتحصيلُ الأُنُس بذكْرِ اللَّهِ تعالى، والأنسُ يَحْصُلُ بدوامِ الذِّكْر، والمعرفَةُ تحصُلُ بدوامِ الفِكْرِ. انتهى من «الإحياء» .
ومَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على قومٍ يتفكَّرون في اللَّه، فَقَالَ:«تَفَكَّرُوا فِي الخَلْقِ، وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي الخَالِقِ فَإنَّكُمْ لَا تَقْدُرُونَ قَدْرَهُ» «3» .
قال ع «4» : وهذا هو قَصْدُ الآية في قوله: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
وقبله:
ولله في كل تحريكة
…
وفي كل تسكينة شاهد
البيت لأبي العتاهية في ديوانه (122) ، و «المحتسب» (1/ 153) .
(3)
أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1/ 174) ، وأبو الشيخ في «العظمة» (1/ 216) رقم (5) عن ابن عباس مرفوعا.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (2/ 110) ، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في كتاب «التفكر» ، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب» .
(4)
ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 555) .
وقال بعض العلماء: المتفكِّر في ذاتِ اللَّهِ كَالنَّاظر في عَيْنِ الشمْسِ لأنه سبحانه لَيْسَ كمثله شيء، وإنما التفكُّر وانبساط الذِّهْن في المخلوقاتِ، وفي أحوالِ الآخِرَةِ، قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا عِبَادَةَ كَتَفَكُّرٍ» «1» وقال ابن عبَّاس، وأبو الدَّرْدَاء: فكْرَةُ ساعَةٍ خيُرٌ من قيامِ لَيْلَةٍ «2» ، وقال سَرِيٌّ السَّقطِيُّ «3» : فكرةُ ساعةٍ خَيْرٌ من عبادة سَنَةٍ، ما هو إلَاّ أنْ تحلَّ أطناب خَيْمَتِكَ، فَتَجْعَلها في الآخِرَةِ «4» ، وقال الحَسَنُ بْنُ أَبي الحَسَن: الفكْرةُ مِرآةُ المُؤْمنِ/، ينظر فيها إلى حسنَاتهِ وسيِّئاته «5» ، وأخذ أبو سليمان الدَّارانِيُّ «6» قَدَح الماء ليتوضَّأ لصلاة الليلِ، وعنده ضيْفٌ، فرآه لما أدخَلَ أصبعه في أُذُنِ القَدَح، أقام كذلك مفكِّراً حتى طلع الفَجْر، فقال له: ما هذا يَا أبا سليمان؟ فَقَالَ: إني لما طَرَحْتُ أصبعي في أُذُنِ القَدَحِ، تذكَّرت قول اللَّه سُبْحَانه: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ [غافر: 71] ،
(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (3/ 66- 68) رقم (2688) من طريق أبي رجاء الحبطي محمد بن عبد الله: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (10/ 283)، وقال: رواه الطبراني، وفيه أبو رجاء الحبطي، واسمه محمد بن عبد الله، وهو كذاب.
(2)
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (1/ 509) ، والبيهقي في «الشعب» (1/ 118) كلاهما عن أبي الدرداء. كما أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (1/ 297- 298) برقم (42) ، وذكره الديلمي في «مسند الفردوس» (2/ 110) برقم (2216) عن ابن عباس، وفي طريق ابن عباس «ليث بن أبي سليم» وهو ضعيف. والأثر ذكره السيوطي في «الدر» (2/ 195) ، وعزاه لأبي الشيخ في «العظيمة» . [.....]
(3)
سري بن المغلس السقطي، أبو الحسن: من كبار المتصوفة. بغدادي المولد والوفاة. وهو أول من تكلم في «بغداد» بلسان التوحيد وأحوال الصوفية، وكان إمام البغداديين وشيخهم في وقته. وهو خال الجنيد، وأستاذه. قال الجنيد: ما رأيت أعبد من السريّ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رؤي مضطجعا إلا في علة الموت. من كلامه:«من عجز عن أدب نفسه كان عن أدب غيره أعجز» توفي سنة 253.
ينظر: «الأعلام» (3/ 82) ، و «الوفيات» (1/ 200) ، و «صفة الصفوة» (2/ 209) .
(4)
ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 555) .
(5)
ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 555) .
(6)
عبد الرّحمن بن سليمان بن أبي الجون العنسيّ الدمشقيّ، محدّث رحّال.
روى عن: ليث، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي خالد، والأعمش، وعمرو بن شراحيل الدّاراني.
وعنه: إسماعيل بن عيّاش من أقرانه، ومحمد بن عائذ، وأبو توبة الحلبي، وصفوان بن صالح، وهشام بن عمّار، وجماعة.
وثّقه دحيم وقال أبو حاتم: لا يحتج به. توفي سنة نيف وتسعين ومائة.
ينظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» (5/ 289) .، و «ميزان الاعتدال» (2/ 567) ، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 186) ، و «تهذيب التهذيب» (6/ 188- 189) .
فتفكَّرت في حالِي، وكيف أتلَقَّى الغُلَّ، إنْ طُرِحَ في عُنُقِي يوم القيامة، فما زلْتُ في ذلك حتى أُصْبِحَ.
قال ع «1» : وهذه نهايةُ الخَوْف، وخَيْرُ الأمور أوساطها، وليس علماء الأمَّة الذين هم الحُجَّة على هذا المنهاج، وقراءةُ علْمِ كتابِ اللَّه ومَعَانِي سُنَّة رسُوله لِمَنْ يفهم ويرجى نَفْعُه أفضَلُ من هذا، لكنْ يَحْسُنُ ألَاّ تخلُوَ البلاد مِنْ مثل هذا.
قال ع «2» : وحدثني أبي رحمه الله ، عَنْ بعضِ علماءِ المَشْرق، قال: كنتُ بائتًا في مسجد الإقدامُ ب «مَصْرَ» فصلَّيْتُ العَتَمَةَ، فرأَيْتُ رجلاً قد اضطجع في كساءٍ له، حتى أصبح، وصلَّينا نَحْنُ تلك اللَّيْلَة، وسَهِرْنَا، فلَمَّا أُقِيمَتْ صلاةُ الصُّبْح، قام ذلك الرجُلُ، فاستقبل القبْلَةَ، وصلى مع النَّاس، فاستعظمت جرأته في الصلاة بغير وضوء، فلَمَّا فرغَتِ الصلاةُ، خرَجَ، فتبعْتُهُ لأعظَهُ، فلَمَّا دنوْتُ منه، سَمِعْتُهُ، وهو ينشد:[المنسوح]
مُنْسَجِنُ الْجِسْمِ غَائِبٌ حَاضِر
…
مُنْتَبِهُ القَلْبِ صَامِتٌ ذَاكِرْ
مُنْبَسِطٌ فِي الغُيُوبِ مُنْقَبُض
…
كَذَاكَ مَنْ كَانَ عَارِفاً ناكِرْ
يَبِيتُ فِي لَيْلِهِ أَخَا فِكَر
…
فَهْوَ مَدَى اللَّيْلِ نَائِمٌ سَاهِرْ
قال: فعلمتُ أنه مِمَّن يعبدُ اللَّهَ بالفِكْرة، فانصرفت «3» عنه.
قال الفَخْر «4» : ودلَّتِ الآية على أنَّ أعلى مراتب الصِّدِّيقين التفكُّر. انتهى.
وفي «العتبية» : قال مالكٌ: قيلَ لأمِّ الدَّرْداء: ما كان أَكْثَر شأن أبي الدَّرْداء؟ قَالَتْ:
كان أَكْثَرُ شَأْنِهِ التفكُّرَ. قال مالكٌ: وهو مِنَ الأعمال، وهو اليَقِينُ قال اللَّه عز وجل:
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قال ابنُ رُشْدٍ: والتفكُّر مِنَ الأعمال كما قاله مالك رحمه الله ، وهو مِنْ أشرف الأعمال لأنه مِنْ أعمال القُلُوب التي هي أشْرَفُ الجوارحِ أَلَا ترى أنه لا يُثَابُ أحدٌ على عملٍ مِنْ أعمال الجَوَارح مِنْ سائر الطَّاعات، إلَاّ مع مشارَكَةِ القُلُوبِ لها بإخلاص النِّيَّة للَّه عز وجل في فعلها. انتهى من «البيان والتحصيل» .
(1) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 555) .
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 555) .
(3)
وهذا الفعل غير مشروع لأنه يخالف الكتاب والسنة لأن التفكر الذي يجعل العبد يعبد الله عز وجل على غير نهجه، فباطل وغير مأجور عليه العبد.
(4)
ينظر: «تفسير الرازي» (1/ 122) .
قال ابنُ بَطَّال «1» : إن الإنسان إذا كَمُل إيمانه، وكَثُر تفكُّره، كان الغالِبُ علَيْه الإشفاقَ والخَوْف. انتهى.
قال ابنُ عطاءِ اللَّهِ: الفِكْرَةُ سَيْر القَلْب في ميادين الاعتبار، والفَكْرَةِ سِرَاجُ القَلْب، فإذا ذَهَبَتْ، فلا إضاءة له.
قُلْتُ: قال بعض المحقِّقين: وذلك أن الإنسان إذا تفكَّر، عَلِم، وإذا عَلِمَ، عَمِلَ.
قال ابنُ عَبَّاد «2» : قال الإمام أبو القاسم القُشَيْريُّ رحمه الله : التفكُّر نعتُ كلِّ طالب، وثمرتُهُ الوصولُ بشرط العِلْمِ، ثم فِكْرُ الزاهدين: في فناءِ الدنيا، وقلَّةِ وفائها لطلَاّبها فيزدادُونَ بالفِكْرِ زهْداً، وفِكْرُ العابدين: في جَميلِ الثوابِ، فيزدادُونَ نَشَاطاً ورغبةً فيه، وفِكْرُ العارفين: في الآلاء والنعماء فيزدادُونَ محبَّةً للحَقِّ سبحانه. انتهى.
وقوله تعالى: رَبَّنا مَا خَلَقْتَ هَذا باطِلًا، أي: يقولُونَ: يا ربَّنا على النداء، ما خلَقْتَ هذا باطلاً، يريد: لغير غايةٍ منصوبةٍ، بل خلقْتَهُ، وخلَقْتَ البشر لينظروا فيه فيوحِّدوك، ويعبدوك فَمَنْ فعل ذلك نَعَّمْتَهُ، ومَنْ ضَلَّ عن ذلك عَذَّبته، وقولهم:
سُبْحانَكَ، أي: تنزيهاً لك عمَّا/ يقول المُبْطِلُون، وقولهم: رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ، أي: فلا تفعلْ ذلك بِنَا، والخِزْيُ: الفضيحةُ المُخْجِلَةُ الهادِمَة لقَدْرِ المرء.
قال أنَسُ بنُ مالكٍ، والحَسَنُ بنُ أبي الحَسَن، وابنُ جُرَيْج، وغيرهم: هذه إشارة إلى من يَخْلُدُ في النَّار، وأمَّا مَنْ يخرج منها بالشفاعةِ والأَمان، فليس بمُخْزًى، أي: وما أصابه
(1) شارح «صحيح» البخاري، العلامة أبو الحسن عليّ بن خلف بن بطال البكريّ، القرطبي، ثم البلنسي، ويعرف ب «ابن اللّجّام» .
أخذ عن: أبي عمر الطّلمنكي، وابن عفيف، وأبي المطرّف القنازعي، ويونس بن مغيث.
قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم والمعرفة، عني بالحديث العناية التامة شرح «الصحيح» في عدة أسفار، رواه الناس عنه، واستقضي بحصن «لورقة» . توفي في صفر سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
تنظر ترجمته في: «ترتيب المدارك» (4/ 827) ، و «الديباج المذهب» (3/ 105- 106) ، و «شجرة النور الذكية» (1/ 115) ، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 47) .
(2)
محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن مالك بن إبراهيم بن محمد بن مالك بن إبراهيم بن يحيى بن عباد النفزي، الحميري، الرندي، أبو عبد الله، المعروف ب «ابن عباد» : متصوف باحث. من أهل «رندة» بالأندلس. تنقل بين «فاس» و «تلمسان» و «مراكش» و «سلا» و «طنجة» ، واستقر خطيبا للقرويين ب «فاس» . وتوفي بها. له كتب، منها «الرسائل الكبرى» في التوحيد والتصوف ومتشابه الآيات، و «غيث المواهب العلية بشرح الحكم العطائية» ، و «كفاية المحتاج» و «الرسائل الصغرى» .
ينظر: «الأعلام» (5/ 299) .