الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدنيا/، ويأتُونَ يَوْمَ القيامةِ، ولا حَسَنَةَ لَهُمْ، قلْتُ: وقد ذكرنا في هذا المُخْتَصَر من أحاديثِ الرَّجَاء، وأحاديثِ الشَّفَاعَةِ جملةً صالحةً لا تُوجَدُ مجتمعةً في غَيْره على نَحْوِ ما هِيَ فيه، عَسَى اللَّهُ أَنْ ينفَعَ به النّاظر فيه، ومن أعظم أحاديثِ الرَّجَاءِ ما ذَكَره عياضٌ في «الشِّفَا» قال:
ومن حديث أنس: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لأَشْفَعَنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ لأَكْثَرَ مِمَّا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ» «1» . انتهى.
وهذا الحديثُ أخرجه النِّسائِيُّ، ولفظه: «إِنِّي لأَشْفَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ لأَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ
…
» الحديث. انتهى من «الكوكب الدّرّيّ» .
ومِنْ لَدُنْهُ: معناه: مِنْ عنده، والأَجْرُ العظيمُ: الجَنَّة قاله ابنُ مَسْعود «2» وغيره، وإِذا مَنَّ اللَّه سبحانه بتفضُّله علَى عَبْده، بَلَغَ به الغايَةَ، اللهمّ منّ علينا بخير الدّارين بفضلك.
[سورة النساء (4) : الآيات 41 الى 42]
فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42)
وقوله جلَّت قدرته: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً
…
الآيةَ: لما تقدَّم في التي قَبْلَها الإِعلامُ بتَحْقيق الأحكام يوم القيامة، حَسُنَ بعد ذلك التَّنْبِيهُ على الحالَةِ الَّتي يُحْضَرُ ذلك فيها، ويُجَاءُ فيها بالشُّهَدَاءِ على الأُمَمِ، ومعنى الآيةِ: أنَّ اللَّه سبحانه يأتي بالأنبياءِ شُهَدَاءَ عَلَى أُمَمِهِمْ بالتَّصْديق والتَّكْذيب، ومعنى الأُمَّة في هذه الآية: جميعُ مَنْ بُعِثَ إِلَيْه مَنْ آمَنَ منهم، ومَنْ كَفَر، وكذَلِكَ قال المتأوِّلون: إن الإشارة ب «هؤلاء» إلى كفّار قريش وغيرهم، وروي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ، فَاضَتْ عَيْنَاهُ، وكذلك ذَرِفَتْ عَيْنَاهُ- عليه السلام حِينَ قَرَأَهَا عليه ابْنُ مَسْعُودٍ حَسْبَما هو مذكورٌ في الحديثِ الصَّحِيح، وفي «صحيحِ البخاريِّ» ، عن عُقْبَةَ بنِ عامر، قال:
صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى المَيِّتِ بَعد ثمان سنين، كالمُوَدِّع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر، فقال: إنِّي بَيْنَ أَيْدِيِكُمْ فَرَطٌ، وأَنا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ وإِنَّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هذا، وإِنِّي لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكُمُ الدنيا أن تنافسوها، قال: فكانت آخر نظرة نظرتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. «3»
(1) ينظر: «مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا» (35) .
(2)
أخرجه الطبري (4/ 94) برقم (9514) ، وذكره ابن عطية (2/ 54) ، والسيوطي (2/ 290- 291) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود.
(3)
حديث عقبة بن عامر: -