الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكر (1)، ثم ذكر قول الصحابي إن لم يخالف قول صحابي آخر، وفصل في مذهب الشافعي وأقواله في الاحتجاج بقول الصحابي، ورد الاعتراضات على ذلك، واحتج على وجوب اتباعهم بالآيات والأحاديث والآثار والمعقول، وذكر ستة وأربعين (2) وجهًا في وجوب العمل بقول الصحابي (3).
قال صديق حسن خان عن مباحث المصنف في كتابنا هذا:
"ثم حرَّر فصلًا في جواز الفتوى بالآثار السَّلَفِيَّةِ، والفتاوى الصحابية، وأنها أولى بالأخذ بها من آراء المتأخِّرين وفتاويهم، وأن قربَها إلى الصَّواب بحسب قُرْب أهلِها من عصر الرَّسول صلوات اللَّه وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه؛ فكلَّمَا كان العهدُ بالرَّسُول أقرب، كان الصَّواب أغلب، وهذا حكمٌ بحسب الجنس لا بحسب كلِّ فرْدٍ فرْد من المسائل، لكن المفضَّلون في العصر المتقدِّم أكثرُ من المفضلين في العصر المتأخِّر، وهكذا الصَّواب في أقوالهم أكثرُ من الصَّواب في أقوال من بعدهم، فإن التَّفاوت بين علوم المتقدِّمين والمتأخِّرين كالتَّفاوت الذي بينهم في الفضل والدِّين"(4).
-
فوائد تتعلق بالفتوى:
ثم ختم كتابه بفوائد تتعلق بالفتوى، قال في (5/ 40):
"ولنختم الكتاب بفوائد تتعلق بالفتوى".
وذكر سبعين من الفوائد الفرائد التي تتعلق بذلك، وهذه نماذج تدل على ذلك: أورد تحت (الفائدة الثالثة والعشرين)(صفات المفتي) ومن بينها (الإخلاص) و (الحلم والوقار والسكينة)، وأخذ يفصل في هذه الأخلاق، ولا
(1) انظر -لزومًا-: "منهاج السنة النبوية"(8/ 210).
(2)
انتهى المجلد الرابع من نشرتنا بالوجه الثالث والعشرين منها.
(3)
ينظر لزومًا (5/ 21 - 23) آخر (الوجه الثالث والأربعين)، إذ عقد المصنف فيه مقارنة بين فضل الصحابة والمتأخرين عنهم، يظهر فيه جليًّا مراد المصنف من وجوب اتباعهم وعدم الخروج عن فهمهم.
ومما ينبغي أن لا يهمل: أن هنالك علاقة بين المباحث السابقة (سد الذرائع) و (الحيل) و (قول الصحابي)، إذ الصحابة هم أعلم الناس بالمقاصد الشرعية، وأشد الناس معرفة بما أراد اللَّه وأراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة تشكل ضابطًا مهمًا في ذلك على وجه الاعتدال، وتنزيلها على الواقع في مسائل نكون لمن بعدهم بمثابة (النماذج).
(4)
"ذخر المحتي"(66 - 67).
سيما (السكينة) منها، فذكر أسبابها وأنواعها، ثم ذكر من بقية الصفات:(العلم) و (الكفاية) و (معرفة الناس)، وتكلم عليها في (5/ 106 - 114) بكلام تربويّ علمي تأصيلي، يندر أن تجده عند غيره، واللَّه الموفق.
وذكر في آخر (الفائدة الرابعة والخمسين) وجوب تعظيم حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال في (5/ 179 - 180):
"وقد كان السَّلفُ الطَّيِّبُ يشتدُّ نكيرُهم وغضبُهم على مَنْ عارض حديثَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنًا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يضرب له الأمثال، ولا يسوِّغون غير الانقياد له والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان، بل كانوا عاملين بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، وبقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65]، وبقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)} [الأعراف: 3] وأمثالها، فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم: "ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا"، يقول: من قال بهذا؟! ويجعل هذا دفعًا في صدر الحديث، يجعل جهله بالقائل به حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل، وأنه لا يحل له دفع سنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الجهل، وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفته تلك السنة، وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأقبح من ذلك: عذرُه في دعوى هذا الإجماع، وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث، فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة، واللَّه المستعان.
ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام ألبتة قال: لا نعمل بحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى نعرف من عمل به، فإن جَهِلَ مَنْ بلغه الحديث مَنْ عَمِل به لم يحل له أن يعمل به، كما يقول هذا القائل".
وفصل في (الفائدة الخامسة والخمسين) -وهي في (عدم جواز إخراج النصوص عن ظاهرها لتوافق مذهب المفتي) - فذكر ذم العلماء للكلام وأهله،