الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم نقل كلامًا للإمام أحمد وللإمام مالك في السياسة الشرعية، وقال في (5/ 521):
"وأبعد الناس من الأخذ بذلك الإمام الشافعي، مع أنه اعتبر قرائن الأحوال في أكثر من مئة موضع، وقد ذكرنا منها كثيرًا في غير هذا الكتاب" وسرد أمثلة عليها.
ثم قال بعد ذلك في (5/ 522): "فلنرجع إلى فتاوى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"، وذكر طرف من (فتاويه) في الأطعمة وساقها، ثم ذكر فتاويه صلى الله عليه وسلم في العقيقة، وفي الأشربة، وفي الأيمان، وفي النذور، والنيابة في فعل الطاعة، وفي الجهاد، وفي الطب، والطيرة، والفأل، والاستصلاح، ثم ذكر فتاويه في أبواب متفرقة (1)، ثم ختم الكتاب بـ (فصل) عنونه بـ (مستطرد من فتاويه صلى الله عليه وسلم فارجع إليها)(2).
والملاحظ أن هذه الفتاوى أشبه ما تكون بالمادة الحديثية، فقد ذكر المصنف ألفاظ الأحاديث وعزاها إلى دواوين السنة، وحكم على بعض أسانيدها.
-
أمور جملية لا بد منها:
وأخيرًا لا بد من ذكر أمور جُمْليَّة مهمة، بها نختم هذا المبحث:
الأول: كتابنا هذا يؤكد بيقين أن ابن القيم فقيه النفس، وله اختيارات مذكورة في كتب المتأخرين، وأنه متفنن في العلم وهذا يترجم ما ذكره غير واحد عنه بأنه يحسن الفقه وغيره، قال الذهبي -مثلًا- عنه:"وكان يشتغل في الفقه، وُيجيد تقريره"(3) ونعته بـ "الفقيه الإمام المفتي المتفنن"(4) و"الإمام العلامة ذو الفنون"(5) وقال السخاوي: "العلامة الحجة المتقدّم في سعة العلم، ومعرفة الخلاف، وقوة الجنان،. . . انتفع به الأئمة"(6)، وقال ابن تغري بردي:"كان بارعًا في عدة علوم، ما بين تفسير وفقه وعربيَّة ونحو وحديث وأصول وفروع"(7)، وقال الصفدي:
(1) مثل: التوبة، وحق الطريق، والكذب، والشرك وما يلحق به، وطاعة الأمراء، وسد الذرائع، والجوار، والغيبة، والكبائر، وأخذ يعدد مفرداتها على وجه حسن.
(2)
انظر: (5/ 584).
(3)
"المعجم المختص"(ص 269).
(4)
"المعجم المختص"(ص 269).
(5)
"ذيول العبر"(4/ 155).
(6)
"وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام"(1/ 53 - 54).
(7)
"النجوم الزاهرة"(10/ 195).
"وكان ذا ذهن سيّال، وفكر إلى حل الغوامض ميّال، قد أكبّ على الاشتغال، وطلب من العلوم كلَّ ما هو نفيسٌ غالٍ، وناظر وجادل وجالد الخصوم وعادل، قد تبحّر في العربية وأتقنها، وحرّر قواعدها ومكّنها، واستطال بالأصول، وأرهف منها الأسنة والنُّصُول، وقام بالحديث وروى منه، وعرف الرجال وكلَّ من أُخذ عنه.
وأما التفسير فكان يستحضر من بحاره الزخّارة كلَّ فائدة مِهمّة، ومن كواكبه السيارة كل نيّر يجلو حَنَادس الظُّلمة.
وأمّا الخلاف ومذاهب السلف فذاك عُشه الذي مِنه دَرَج، وغابُه الذي ألفه لَيْثُه الخادر ودخل وخرج.
وكان جريء الجنان ثابت الجأش لا يُقَعقع له بالشنان، وله إقدام وتمكن أقدام، وحظّه موفور" (1)، وقال عنه أيضًا: "وأكب على الطلب، وصنَّف، وصار من الأئمة الكبار في علم التفسير والحديث والأصول، فقهًا وكلامًا والفروع والعربية" (2).
وقال ابن حجر: "وكان جريء الجنان (3)، واسع العلم، عارفًا بالخلاف، ومذاهب السلف"(4)، وقال الشوكاني:"برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، واشتهر في الآفاق، وتبحّر في معرفة مذاهب السلف" ونعته بـ "العلامة الكبير المجتهد المطلق"(5).
وقال ابن رجب: "وتفقه في المذهب وأفتى وبرع وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفًا بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين وإليه فيهما المنتهى، وبالحديث ومعانيه وفقهه ودقائق الاستنباط منه لا يلحق في ذلك وبالفقه وأصوله وبالعربية وله فيها اليد الطولى وبعلم الكلام والنحو وغير ذلك من كلام أهل
(1)"الوافي بالوفيات"(2/ 196).
(2)
"أعيان العصر"(4/ 367 - 368).
(3)
نعت الذهبيُّ في "المعجم المختص"(ص 269) ابن القيم بقوله: "جريء على الأمور، غفر اللَّه له"! فتعقبه الشوكاني في "البدر الطالع"(2/ 143 - 144) بقوله: "قلت: بل كان متقيّدًا بالأدلة الصحيحة، معجبًا بالعمل بها، غير معوّل على الرأي، صادعًا بالحق، لا يحابي فيه أحدًا، ونعمت الجرأة".
(4)
"الدرر الكامنة"(3/ 401) و"أبجد العلوم"(3/ 139).
(5)
"البدر الطالع"(2/ 143).