الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة السجدة
سورة السجدة وتسمى سورة المضاجع، مكية كلها كما رواه ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس، ورواه ابن مردويه عن ابن الزبير، وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال: هي مكية، سوى ثلاث آيات.
{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا} إلى تمام الآيات الثلاث، فمدنية، وكذا قال الكلبي ومقاتل، وقيل: إلا خمس آيات من قوله.
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} إلى قوله: {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} .
وآياتها: ثلاثون آية، وقيل: تسع وعشرون (1) بناء على الاختلاف في أنّ آخر الآية: {لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} أو هو {كَافِرُونَ} فعلى الأول تكون ثلاثين آية، وعلى الثاني تكون تسعًا وعشرين. اهـ. "شيخنا". وكلماتها: ثلاث مئة وثمانون كلمة. وحروفها: ألف وخمس مئة وثمانية عشر حرفًا، نزلت بعد سورة المؤمنون.
تسميتها: سميت بسورة السجدة لاشتمالها على آية السجدة.
المناسبة: مناسبتها لما قبلها: أن الله (2) سبحانه وتعالى لما ذكر فيما قبلها دلائل التوحيد، من بدء الخلق، وهو الأصل الأول، ثم ذكر المعاد والحشر، وهو الأصل الثاني، وختم به السورة .. ذكر في بدء هذه السورة الأصل الثالث، وهو تبيين الرسالة.
وعبارة المراغي هنا: ووجه اتصالها بما قبلها من وجوه (3):
(1) الفتوحات.
(2)
البحر المحيط.
(3)
المراغي.
1 -
اشتمال كل منهما على دلائل الألوهية.
2 -
أنه ذكر في السورة السالفة دلائل التوحيد، وهو الأصل الأول، ثم ذكر المعاد، وهو الأصل الثاني، وهنا ذكر الأصل الثالث وهو النبوة.
3 -
أن هذه السورة شرحت مفاتيح الغيب، التي ذكرت في خاتمة ما قبلها، فقوله:
{ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} شرح لقوله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} . وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} شرح لقوله: {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} وقوله: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} تفصيل لقوله: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} وقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} إيضاح لقوله: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} وقوله: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} إلخ شرح لقوله: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} .
الناسخ والمنسوخ منها: قال ابن حزم: سورة السجدة جميع (1) آياتها محكمة غير آخرها، وهو قوله تعالى:{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)} (30) الآية. نسخت بآية السيف.
فضلها: ومن فضائلها ما أخرجه (2) مسلم وأصحاب "السنن" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة بـ {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} . وأخرجه البخاري وغيره أيضًا من حديثه، وأخرج أبو عبيد في فضائله، وأحمد وعبد بن حميد والدارمي والترمذي والنسائي والحاكم، وصححه، وابن مردويه عن جابر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ: {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} .
وأخرج أبو نصر والطبراني والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى أربع ركعات خلف العشاء الأخيرة، قرأ في
(1) ابن حزم.
(2)
الشوكاني.
الركعتين الأوليين: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} - و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} وفي الركعتين الأخيريين: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} - و {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة .. كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر".
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} - و {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، بين المغرب والعشاء الآخرة .. فكأنما قام ليلة القدر.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ في ليلة {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، ويس و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} .. كن له نورًا وحرزًا من الشيطان، ورفع في الدرجات إلى يوم القيامة".
وأخرج ابن الضريس عن المسيب بن رافع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " {الم (1) تَنْزِيلُ} تجيء لها جناحان يوم القيامة، تظل صاحبها وتقول: لا سبيل عليه، لا سبيل عليه".
قال الدارمي (1): وأخبرنا أبو المغيرة قال: حدثنا عبدة عن خالد بن معدان قال: اقرؤوا المنجية، وهي {الم (1) تَنْزِيلُ} فإنه بلغني أن رجلًا كان يقرؤها، ما يقرأ شيئًا غيرها، وكان كثير الخطايا، فنشرف جناحها عليه، وقالت: رب اغفر له، فإنه كان يكثر قراءَتي، فشفعها الرب فيه، وقال: اكتبوا له بكل خطيئة حسنةً وارفعوا له درجة.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
(1) القرطبي.
بسم الله الرحمن الرحيم
المناسبة
تقدم لنا بيان المناسبة بين السورة والسورة.
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها، أن الله سبحانه لما أثبت الرسالة في الآية التي قبلها .. بين هنا ما يجب على الرسول من الدعاء إلى توحيد الله تعالى، وإقامة الأدلة على ذلك.
قوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ
…
} مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الرسالة بقوله: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} والوحدانية بقوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} إلخ .. أردف ذلك ذكر البعث، واستبعاد المشركين له، ثم الرد عليهم.
قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما أثبت (1) البعث والرجوع إليه .. بين حال المشركين حين معاينة العذاب، ووقوفهم بين يدي الله تعالى أذلاء ناكسي رؤوسهم من الحياء والخجل، طالبي الرجوع إلى الدنيا لتحسين أعمالهم، ثم بين أنه لا سبيل إلى العودة؛ لأنهم لو ردوا لعادوا إلى ما نهوا عنه، وأنه قد ثبت في قضائه، وسبق في وعيده: أن جنهم تمتلىء من الجِنة والناس، ممن ساءت أعمالهم، وقبحت أفعالهم، فلا يصلحون لدخول الجنة، ويقال لهم: ذوقوا عذاب النار، جزاء ما عملتم في الدنيا، وقد نسيتم لقاء ربكم، فجازاكم بفعالكم، وجعلكم كالمنسيين من رحمته.
قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر علامة أهل الكفر، من طأطأة الرؤوس خجلًا وحياءً مما صنعوا في الدنيا، وذكر ما يلاقون من العذاب المهين يوم القيامة .. عطف على ذلك ذكر علامة أهل الإيمان، من تذللهم لربهم، وتسبيحهم بحمده، ومجافاة جنوبهم للمضاجع، يدعون ربهم خوفًا وطمعًا، ثم أردفه ذكر ما يلاقون من نعيم مقيم، وقرة أعين، جزاءً لهم على جميل أعمالهم، ومحاسن أقوالهم.
أسباب النزول
قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ
…
} الآية، سبب نزولها (2): ما أخرجه
(1) المراغي.
(2)
لباب النقول.