الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء ذلك اليوم {يُصَدَّعُونَ} ؛ أي: يتفرقون بعد محاسبة الله تعالى أهل الموقف، فريق في الجنة، وفريق في السعير،
44
- كما قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ} بالله ورسوله في الدنيا {فَعَلَيْهِ} لا على غيره {كُفْرُهُ} ؛ أي: وبال كفره وجزاؤه، وهو النار المؤبدة، {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا}؛ أي: وحد الله سبحانه، وعمل بالطاعة الخالصة بعد التوحيد {فَلِأَنْفُسِهِمْ} وحدها {يَمْهَدُونَ}؛ أي: يسوون منزلًا في الجنة، ويفرشون ويهيئون له، وأصل (1) المهد: إصلاح المضجع للصبي، ثم استعير لغيره، كما في "كشف الأسرار" ومن التمهيد: تمهيد المضاجع في القبور، فإنه بالعمل الصالح يصلح منزل القبر ومأوى الجنة، وتقديم الظرف في الموضعين: للدلالة على الاختصاص.
45
- ثم بين العلة في تفرقهم، فقال:{لِيَجْزِيَ} الله سبحانه {الَّذِينَ آمَنُوا} وصدقوا به وبرسوله في الدنيا، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} بامتثال المأمورات، وهي ما أريد به وجه الله تعالى ورضاه الجزاء الجميل، والأجر الجزيل {مِنْ فَضْلِهِ} وكرمه وإحسانه لا وجوبًا عليه، وهو متعلق بـ {يجزي} ، وهو متعلق بيصدعون؛ أي: يتفرقون بتفريق الله تعالى فريقين، ليجزي كلًّا منهما بحسب أعمالهم، فيجازي المؤمنين بالحسنى من فضله، فيكافىء الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبع مئة ضعف إلى ما شاء الله من المنح والعطايا.
وقال ابن عطية: ومقابله محذوف لدلالة ما بعده عليه، تقديره: ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله، والكافرين بعدله.
وحيث كان جزاء المؤمنين هو المقصود بالذات، أبرز ذلك في معرض الغاية، وعبر عنه بالفضل، لما أن الإثابة عند أهل السنة بطريق التفضل، لا بطريق الوجوب، كما عند المعتزلة.
وأشار إلى جزاء الفريق الآخر بقوله: {إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} به وبرسوله؛ أي: إنه يبغضهم ولا يرضى أعمالهم، وذلك يستدعي
(1) روح البيان.
عقابهم، ولا يخفى ما في ذلك من تهديد ووعيد.
وروي أن الله سبحانه، أوحى إلى موسى عليه السلام:"ما خلقت النار بخلًا منى، ولكن أكره أن أجمع أعدائي وأوليائي في دار واحدة". نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينزلنا دار أوليائه، ونستعيذ به أن يدخلنا دار أعدائه، مع أحبابنا وأحبائنا، وجميع المسلمين. آمين.
الإعراب
{وَمِنْ} {الواو} : عاطفة. {مِنْ آيَاتِهِ} : جار ومجرور خبر مقدم {يُرِيكُمُ} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله، ومفعول أول مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم. {الْبَرْقَ}: مفعول ثان؛ لأن الرؤية هنا بصرية تعدت بالهمزة إلى مفعولين، والجملة الفعلية، مع أن المصدرية المحذوفة - لأن أصله أن يريكم -: في تأويل مصدر مرفوع على كونه مبتدأً مؤخرًا، تقديره: وإراءته إياكم البرق من آياته تعالى، والجملة الاسمية: معطوفة على الجملة التي قبلها. {خَوْفًا وَطَمَعًا} : منصوبان على أنهما مفعولان لأجله، وقد اعترض على هذا الإعراب، بأن من حق المفعول له أن يكون فعلًا لفاعل الفعل المعلل، والخوف والطمع ليسا كذلك؟ والجواب عن هذا الاعتراض بأن يقال: بأنه على حذف مضاف؛ أي: يريكم إراءة خوف صاراءة طمع، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وانتصب انتصابه، ويجوز أن يكونا حالين من كاف يريكم؛ أي: خائفين وطامعين. {وَيُنَزِّلُ} : {الواو} : عاطفة. {يُنَزِّلُ} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله، {مِنَ السَّمَاءِ}: متعلق بـ {يُنَزِّلُ} . {مَاءً} : مفعول به، والجملة: في محل الرفع معطوفة على جملة {يُرِيكُمُ} . {فَيُحْيِي} : {الفاء} : عاطفة. {يُحْيِي} : فعل مضارع وفاعل مستتر معطوف على {يُنَزِّلُ} ، {بِهِ} متعلقان بـ {يُحْيِي} {الْأَرْضَ}: مفعول به، {بَعْدَ مَوْتِهَا}: ظرف ومضاف إليه، متعلق بمحذوف حال من الأرض. {إِنَّ}: حرف نصب. {فِي ذَلِكَ} : جار
ومجرور خبر مقدم لـ {إنَّ} . {لَآيَاتٍ} : اسم {إِنَّ} مؤخر، واللام: حرف ابتداء، {لِقَوْمٍ}: صفة {لَآيَاتٍ} ، وجملة {يَعْقِلُونَ}: صفة لـ {قَوْمٍ} .
{وَمِنْ آيَاتِهِ} : جار ومجرور خبر مقدم، {أَن}: حرف مصدر، {تَقُومَ السَّمَاءُ}: فعل وفاعل منصوب بأن المصدرية، {وَالْأَرْضُ}: معطوف على {السَّمَاءُ} . والجملة الفعلية: في تأويل مصدر مرفوع على كونه مبتدأً مؤخرًا، والتقدير: وقيام السماء والأرض بأمره كائن من آياته، والجملة الاسمية: معطوفة على الجمل التي قبلها، {بِأَمْرِهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {تَقُومَ} . {ثُمَّ} : حرف عطف وتراخ. {إِذَا} : ظرف لما يستقبل من الزمان، {دَعَاكُمْ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به. {دَعْوَةً} : مفعول مطلق، {مِنَ الْأَرْضِ}: متعلق بـ {دَعَاكُمْ} . والجملة الفعلية: في محل الخفض بـ {إِذَا} على كونها فعل شرط لها. {إِذَا} : فجائية قائمة مقام الفاء في ربط الجواب بالشرط، حرف لا محل لها من الإعراب. {أَنْتُمْ}: مبتدأ، وجملة {تَخْرُجُونَ}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: جواب إذا لا محل لها من الإعراب. وجملة {إِذَا} : في محل الرفع معطوفة على جملة {أَنْ تَقُومَ} على كونها مبتدأً مؤخرًا، والتقدير: وقيام السماء والأرض بأمره، ثم خروجكم من الأرض وقت دعوته إياكم كائن من آياته.
{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26)} .
{وَلَهُ} : خبر مقدم، {مَنْ}: اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة: معطوفة على الجمل التي قبلها، {فِي السَّمَاوَاتِ}: صلة {مَن} الموصولة، {وَالْأَرْضِ}: معطوف على {السَّمَاوَاتِ} . {كُلٌّ} : مبتدأ، وسوغ الابتداء به العموم، {لَهُ}: متعلق بـ {قَانِتُونَ} . {قَانِتُونَ} : خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: في محل النصب حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور في قوله: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} .
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}.
{وَهُوَ الَّذِي} : مبتدأ وخبر، والجملة: معطوفة على الجمل التي قبلها، {يَبْدَأُ الْخَلْقَ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة: صلة الموصول، {ثُمَّ يُعِيدُهُ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {يبدؤُا} . {وَهُوَ أَهْوَنُ} : مبتدأ وخبر. {عَلَيْهِ} : متعلق بـ {أَهْوَنُ} ، والجملة الاسمية: في محل النصب حال من الإعادة المفهومة من {يُعِيدُ} ؛ أي: حالة كون الإعادة أهون عليه من البدء بالنظر إلى ما نعرفه. {وَلَهُ} : خبر مقدم، {المَثَلُ}: مبتدأ مؤخر، {الْأَعْلَى}: صفة لـ {الْمَثَلُ} الجملة: معطوفة على ما قبلها، {فِي السَّمَاوَاتِ}: حال من {الْمَثَلُ} ، أو من {الْأَعْلَى} ، أو من الضمير فيه، {وَالْأَرْضِ}: معطوف على {السَّمَاوَاتِ} ، {وَهُوَ الْعَزِيزُ}: مبتدأ وخبر، والجملة: معطوفة على ما قبلها، {الْحَكِيمُ}: خبر ثان.
{ضَرَبَ} : فعل ماض وفاعل مستتر، والجملة: مستأنفة. {لَكُمْ} : جار ومجرور في محل المفعول الثاني لـ {ضَرَبَ} ، {مَثَلًا}: مفعول أول له، {مِنْ أَنْفُسِكُمْ}: صفة لـ {مَثَلًا} ، {هَلْ}: حرف استفهام للاستفهام الإنكاري، {لَكُمْ}: خبر مقدم. {مِنْ مَا} : جار ومجرور حال من {شُرَكَاءَ} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها، {مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فعل وفاعل صلة لـ {ما} الموصولة، والعائد: محذوف، تقديره: مما ملكته أيمانكم، {مِنْ}: زائدة، {شُرَكَاءَ}: مبتدأ مؤخر، {فِي مَا} متعلق بشركاء، {رَزَقْنَاكُمْ}: صلة الموصول، والعائد: محذوف، تقديره: فيما رزقناكموه، والجملة الاسمية: جملة إنشائية، لا محل لها من الإعراب، مبينة لضرب المثل. {فَأَنْتُمْ}:{الفاء} : عاطفة واقعة في جواب الاستفهام، {أَنْتُمْ}: مبتدأ، {فِيهِ}: متعلق بـ {سَوَاءٌ} . {سَوَاءٌ} : خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: معطوفة على الجملة الاستفهامية، وجملة {تَخَافُونَهُمْ}: في
محل الرفع خبر ثان لـ {أَنْتُمْ} ، أو في محل النصب حال من الضمير المستكن في {سَوَاءٌ}؛ أي: فأنتم متساوون فيه حالة كون بعضكم خائفًا من بعض مشاركته له في المال، {كَخِيفَتِكُمْ}: صفة لمصدر محذوف؛ أي: خيفةً مثل خيفتكم، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، و {أَنْفُسَكُمْ}: مفعوله. {كَذَلِكَ} : صفة لمصدر محذوف، {نُفَصِّلُ الْآيَاتِ}: فعل وفاعل مستتر يعود على الله، ومفعول به، {لِقَوْمٍ}: متعلق بـ {نُفَصِّلُ} ، وجملة:{يَعْقِلُونَ} : صفة لـ {قَوْمٍ} ، والتقدير: نفصل الآيات لقوم يعقلون، تفصيلًا مثل ذلك التفصيل المذكور هنا.
{بَلِ} : حرف إضراب وابتداء، {اتَّبَعَ الَّذِينَ}: فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة، وجملة {ظَلَمُوا}: صلة الموصول. {أَهْوَاءَهُمْ} : مفعول {اتَّبَعَ} ، {بِغَيْرِ عِلْمٍ}: جار ومجرور حال من الموصول، {فَمَنْ}:{الفاء} : عاطفة، {مَنْ}: اسم استفهام للاستفهام الإنكاري، في محل الرفع مبتدأ، وجملة {يَهْدِي}: في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: معطوفة على جملة {اتَّبَعَ} ، {مَن}: اسم موصول في محل النصب مفعول {يَهْدِي} ، {أَضَلَّ اللَّهُ}: صلة الموصول، والعائد: محذوف، تقديره: من أضله الله. {وَمَا} : {الواو} : عاطفة. {ما} : نافية، {لَهُمْ}: خبر مقدم، {مِنْ نَاصِرِينَ}: مبتدأ مؤخر، و {مِنْ}: زائدة. ويجوز أن تجعل {ما} : حجازية عند من يجيز تقديم خبرها على اسمها، والجملة الاسمية: معطوفة على الجملة قبلها.
{فَأَقِمْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا كان حال المشركين اتباع الهوى، والإعراض عن الهدى، وأردت
بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك: أقم وجهك للدين القيم، {أَقِمْ}: فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد وأمته أسوة له. {وَجْهَكَ} : مفعول به، {لِلدِّينِ}: متعلق بـ {أَقِمْ} ، {حَنِيفًا}: حال من فاعل {أَقِمْ} ، أو من مفعوله، أو من الدين، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: مستأنفة. {فِطْرَتَ اللَّهِ} : منصوب على الإغراء بفعل محذوف وجوبًا، تقديره: الزموا {فِطْرَتَ اللَّهِ} . والجملة المحذوفة: مقول لجواب إذا المقدرة {الَّتِي} في محل النصب صفة لـ {فِطْرَتَ اللَّهِ} ، {فَطَرَ النَّاسَ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به {عَلَيْهَا} : متعلق بـ {فَطَرَ} ، والجملة: صلة الموصول، {لَا} نافية للجنس {تَبْدِيلَ}: اسمها {لِخَلْقِ اللَّهِ} : خبرها وجملة {لَا} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة على كونها مسوقة لتعليل ما قبلها، {ذَلِكَ الدِّينُ}: مبتدأ وخبر، {الْقَيِّمُ}: صفة لـ {الدِّينُ} ، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. {وَلَكِنَّ}:{الواو} : حالية. {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} : ناصب واسمه، وجملة {لَا يَعْلَمُونَ}: خبره، والجملة الاستدراكية: في محل النصب حال من {الدِّينُ الْقَيِّمُ} ، ولكنها على تقدير رابط بينها وبين صاحب الحال؛ أي: والحال أن أكثر الناس لا يعلمون كونه دينًا قيمًا، {مُنِيبِينَ}: حال من فاعل الزموا المضمر، وهو أحسن من جعله حالًا من فاعل {أَقِمْ}. {إِلَيْهِ}: متعلق بـ {مُنِيبِينَ} ، {وَاتَّقُوهُ}: فعل وفاعل ومفعول به معطوف على الزموا المضمر، {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}: فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {وَاتَّقُوهُ} ، {وَلَا تَكُونُوا}:{الواو} : عاطفة. {لَا} : ناهية جازمة، {تَكُونُوا} فعل مضارع ناقص واسمه مجزوم بـ {لَا}: الناهية، {مِنَ الْمُشْرِكِينَ}: خبره، والجملة: معطوفة على جملة {وَاتَّقُوهُ} .
{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)} .
{مِنَ الَّذِينَ} : جار ومجرور بدل من قوله: {مِنَ الْمُشْرِكِينَ} بإعادة الجار، {فَرَّقُوا دِينَهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة: صلة الموصول، {وَكَانُوا شِيَعًا}: فعل ناقص واسمه وخبره معطوف على جملة الصلة، {كُلُّ حِزْبٍ}: مبتدأ
ومضاف إليه، {بِمَا}: جار ومجرور متعلق بـ {فَرِحُونَ} ، {لَدَيْهِمْ}: ظرف ومضاف إليه متعلق بمحذوف صلة لـ {ما} الموصولة، {فَرِحُونَ}: خبر للمبتدأ، والجملة: مستأنفة مقررة لما قبلها.
{وَإِذَا} {الواو} : استئنافية، {إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ}: فعل ومفعول وفاعل، والجملة: في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} ، والظرف: متعلق بالجواب الآتي، {دَعَوْا رَبَّهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة: جواب {إِذَا} ، وجملة {إِذَا}: مستأنفة، {مُنِيبِينَ}: حال من فاعل {دَعَوْا} ، {إليه}: متعلق بـ {مُنِيبِينَ} . {ثُمَّ} : حرف عطف، {إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان. {أَذَاقَهُمْ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول أول، {مِنْهُ}: حال من {رَحْمَةً} ، {رَحْمَةً}: مفعول ثان لـ {أَذَاقَهُمْ} ، والجملة: في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} على كونها فعل شرط لها، {إذَا}: فجائية رابطة لجواب {إِذَا} {فَرِيقٌ} : مبتدأ، {مِنْهُمْ}: صفة لـ {فَرِيقٌ} ، {بِرَبِّهِمْ}: متعلق بـ {يُشْرِكُونَ} ، وجملة {يُشْرِكُونَ}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: جواب {إِذَا} وجملة {إذَا} : معطوفة على جملة {إِذَا} الأولى.
{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34)} .
{لِيَكْفُرُوا} : {اللام} : لام كي، أو لام العاقبة، وقيل: هي لام الأمر، والمراد بالأمر، التهديد والوعيد، {يَكْفُرُوا}: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد اللام: و {الواو} : فاعله، {بِمَا}: جار ومجرور متعلق به، والجملة الفعلية، مع أن المضمرة: في تأويل مصدر مجرور بـ {اللام} : تقديره: لكفرهم بما آتيناهم. والجار والمجرور متعلق بـ {يُشْرِكُونَ} ، {آتَيْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول أول، والمفعول الثاني: محذوف، تقديره: بما آتيناهموه، والجملة: صلة لـ {ما} الموصولة، {فَتَمَتَّعُوا}:{الفاء} : عاطفة. {تَمَتَّعُوا} : فعل أمر، و {الواو}: فاعل، والجملة: معطوفة على {يَكْفُرُوا} ، ولكن فيه التفات عن
الغيبة إلى الخطاب للمبالغة، فكأنه قال: ليكفروا بما آتيناهم فيتمتعوا به، {فَسَوْفَ}:{الفاء} : عاطفة. {سوف} : حرف استقبال، {تَعْلَمُونَ}: فعل وفاعل معطوف على {تَمَتَّعُوا} .
{أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)} .
{أَمْ} : منقطعة بمعنى بل الإضرابية، و {همزة}: الاستفهام الإنكاري، {أَنْزَلْنَا}: فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة، {عَلَيْهِمْ}: متعلق بـ {أَنْزَلْنَا} ، وفيه التفات عن الخطاب إلى الغيبة، للإيذان بالإعراض عنهم، وبعدهم عن ساحة الخطاب. اهـ. "شيخنا". كما سيأتي في مبحث البلاغة، {سُلْطَانًا}: مفعول به، {فَهُوَ}:{الفاء} : عاطفة. {هُوَ} : مبتدأ. وجملة {يَتَكَلَّمُ} : خبره، والجملة الاسمية: معطوفة على جملة {أَنْزَلْنَا} ، {بِمَا}: جار ومجرور متعلق بـ {يَتَكَلَّمُ} ، {كَانُوا}: فعل ناقص واسمه، {بِهِ} متعلق بـ {يُشْرِكُونَ} ، وجملة {يُشْرِكُونَ}: خبر {كَانُ} ، وجملة {كَان}: صلة الموصول.
{وَإِذَا} : {الواو} : عاطفة. {إِذَا} : ظرف لما يستقبل من الزمان، {أَذَقْنَا}: فعل وفاعل. {النَّاسَ} : مفعول أول، {رَحْمَةً}: مفعول ثان، والجملة في محل الخفض بإضافة {إِذَا} إليها على كونها فعل شرط لها، {فَرِحُوا}: فعل وفاعل، {بِهَا}: متعلق به، والجملة: جواب {إِذَا} ، وجملة {إِذَا}: معطوفة على جملة {إِذَا} الأولى، وما بينهما اعتراض. {وَإِنْ تُصِبْهُمْ}:{الواو} : عاطفة، {إن}: حرف شرط. {تُصِبْهُمْ} فعل مضارع ومفعول به مجزوم بـ {إن} : الشرطية. {سَيِّئَةٌ} : فاعل، {بِمَا}:{الباء} : حرف جر وسبب، {ما}: اسم موصول في محل الجر بالباء، والجار والمجرور متعلق بـ {تُصِبْهُمْ}. {قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}: فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: بما قدمته أيديهم، {إِذَا}: فجائية رابطة لجواب {إن} الشرطية، {هُمْ}: مبتدأ، وجملة {يَقْنَطُونَ}: خبره، والجملة الاسمية: في محل الجزم على كونها جواب
{إِن} : الشرطية، وجملة {إن}: الشرطية معطوفة على جملة {إِذَا} الشرطية.
{أَوَلَمْ يَرَوْا} : {الهمزة} : للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف معلوم من السياق، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف، {لَمْ}: حرف جزم، {يَرَوْا}: فعل وفاعل مجزوم بـ {لَمْ} ، والجملة: معطوفة على تلك المحذوفة، والتقدير: ألم يشاهد هؤلاء المشركون، ولم يعلموا أن الله يبسط الرزق، {أَنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمه، وجملة {يَبْسُطُ الرِّزْقَ}: خبره، {لِمَنْ}: متعلق بـ {يَبْسُطُ} ، وجملة {يَشَاءُ}: صلة {مَنْ} الموصولة، {وَيَقْدِرُ} معطوف على {يَبْسُطُ} ، وجملة {أن} في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي {يَرَوْا} ، {إِنَّ} حرف نصب، {فِي ذَلِكَ} خبرها مقدم، {لَآيَاتٍ}: اسمها مؤخر، و {اللام}: حرف ابتداء. {لِقَوْمٍ} : صفة {لَآيَاتٍ} . وجملة {يُؤْمِنُونَ} : صفة قوم. وجملة {إن} : مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{فَآتِ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره، إذا عرفت أن القبض والبسط كليهما بيد الله سبحانه، وأردت بيان ما هو اللازم لك فأقول لك أيها المكلف: آت. {آت} : فعل أمر وفاعل مستتر مبني على حذف حرف العلة، {ذَا الْقُرْبَى}: مفعول به أول، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: مستأنفة. {حَقَّهُ} : مفعول ثان ومضاف إليه، {وَالْمِسْكِينَ}: معطوف على {ذَا الْقُرْبَى} ، {وَابْنَ السَّبِيلِ}: معطوف عليه أيضًا. {ذَلِكَ خَيْرٌ} : مبتدأ وخبر، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. {لِلَّذِينَ} : متعلق بـ {خَيْرٌ} وجملة: {يُرِيدُونَ} : صلة الموصول. {وَجْهَ اللَّهِ} : مفعول به ومضاف إليه. {وَأُولَئِكَ} : مبتدأ أول، {هُمُ}: مبتدأ ثان، {الْمُفْلِحُونَ}: خبر للمبتدأ الثاني، وجملة الثاني: خبر للأول، وجملة الأول: مقول لجواب إذا.
{وَمَا آتَيْتُمْ} : {الواو} : عاطفة أو استئنافية، {مَا}: اسم شرط جازم في محل النصب مفعول مقدم وجوبًا، {آتَيْتُمْ}: فعل وفاعل في محل الجزم بـ {ما} : الشرطية على كونها فعل شرط لها، والمفعول الثاني لـ {آتِ} محذوف، تقديره: وما آتيتموه {مِنْ رِبًا} : حال من الضمير المحذوف، {لِيَرْبُوَ}:{اللام} : حرف جر وتعليل، {يربو}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد لام كي، {يربو}: فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على {ما} أو على {رِبًا} . {فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} : متعلق بـ {يربو} . والجملة في تأويل مصدر مجرور بـ {اللام} : تقديره لربائه في أموال الناس، والجار والمجرور متعلق بـ {آتَيْتُمْ} ، {فَلَا يَرْبُو}:{الفاء} : رابطة الجواب بالشرط وجوبًا لاقترانه بـ {لا} النافية. {يربوا} : فعل مضارع وفاعل مستتر. {عِنْدَ اللَّهِ} : متعلق به، والجملة الفعلية في محل الجزم بـ {ما}: الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {ما}: الشرطية في محل النصب معطوف على جملة قوله: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى} : على كونها مقولًا لجواب إذا المقدرة، أو مستأنفة. {مَا}:{الواو} : عاطفة. {ما} : الشرطية، {آتَيْتُمْ}: فعل وفاعل في محل الجزم بـ {ما} : الشرطية. {مِنْ زَكَاةٍ} : حال من الضمير المحذوف، {تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة: في محل النصب حال من فاعل {آتَيْتُمْ} . {فَاُؤلئكَ} : {الفاء} : رابطة للجواب {أولئك} : مبتدأ {هُمُ} : ضمير فصل {الْمُضْعِفُونَ} : خبره. والجملة الاسمية: في محل الجزم على كونها جوابًا لـ {ما} : الشرطية، وجملة {ما}: الشرطية: معطوفة على جملة {ما} الأولى.
{اللَّهُ} : مبتدأ. {الَّذِي} : خبر. {خَلَقَكُمْ} : صلة الموصول، والجملة الاسمية، متسأنفة، {ثُمَّ رَزَقَكُمْ}: معطوف على {خَلَقَكُمْ} . {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} :
معطوف على {رَزَقَكُمْ} . {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} : معطوف على {يُمِيتُكُمْ} . {هَلْ} : حرف استفهام للاستفهام الإنكاري. {مِنْ شُرَكَائِكُمْ} : جار ومجرور خبر مقدم، و {مَنْ}: للتبعيض. {مِن} : اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية: جملة إنشائية، لا محل لها من الإعراب، وجملة {يَفْعَلُ}: صلة الموصول، {مِنْ ذَلِكُمْ}: حال من {شَيْءٍ} ؛ لأنه كان في الأصل صفة له، {مِن}: زأئدة. {شَيْءٍ} : مفعول به لـ {يَفْعَلُ} . {سُبْحَانَهُ} ؛ مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا؛ أي: سبحوه سبحانًا، أو أسبحه سبحانًا، والجملة: مستأنفة، {وَتَعَالَى}: فعل ماض وفاعل مستتر معطوف على جملة {سُبْحَانَهُ} . {عَمَّا} : متعلق بـ {تَعَالَى} . و {ما} : مصدرية أو موصولة، وجملة {يُشْرِكُونَ}: صلة لها؛ أي: عن إشراكم، أو عن الشريك الذي يشركونه به.
{ظَهَرَ الْفَسَادُ} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة مسوقة لتقرير ما عم في مختلف الأنحاء من البر والبحر، من مفسدة وظلم ولهو ولعب وسائر ما يطلق عليه الفساد الذي هو ضد الصلاح، {فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}: متعلق بـ {ظَهَرَ} أو حال من الفساد، {بِمَا}: متعلق بـ {ظَهَرَ} أيضًا، {ما}: مصدرية أو موصولة، {كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}: فعل وفاعل. والجملة: صلة لـ {ما} : المصدرية؛ أي: بسبب كسبهم، أو صلة لـ {ما} الموصولة، والعائد محذوف؛ أي: بسبب الذي كسبوه. {لِيُذِيقَهُمْ} : {اللام} : حرف جر وتعليل متعلقة بمحذوف، تقديره:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} وعاقبهم {لِيُذِيقَهُمْ} . وقيل: {اللام} : لام العاقبة والصيرورة؛ لأن ذلك هو ماَلهم وعاقبتهم، وأجاز أبو البقاء تعلق {اللام} بـ {ظَهَرَ}. {يُذِيقَهُمْ}: فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله، ومفعول أول منصوب بأن مضمرة بعد {اللام} ، {بَعْضَ الَّذِي}: مفعول ثان ومضاف إليه، والجملة الفعلية مع أن المضمرة: في تأويل مصدر محرور بـ {اللام} تقديره: لإذاقته إياهم بعض الدين عملوا؛ أي: جزاءه في الدنيا، {عَمِلُوا}: فعل وفاعل
صلة الموصول. {لَعَلَّهُمْ} ناصب واسمه، وجملة {يَرْجِعُونَ}: خبره، وجملة {لَعَلَّ}: مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{قُلْ} : فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد، والجملة: مستأنفة، {سِيرُوا}: فعل أمر وفاعل. {فِي الْأَرْضِ} : متعلق به، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول {قُلْ} . {فَانْظُرُوا} : {الفاء} : عاطفة. انظروا: فعل وفاعل معطوف على {سِيرُوا} . {كَيْفَ} : اسم استفهام في محل النصب خبر {كَانَ} مقدم. {كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ} : فعل ناقص واسمه ومضاف إليه، {مِنْ قَبْلُ}: جار ومجرور صلة الموصول. وجملة {كَانَ} : في محل النصب مفعول {انْظُرُوا} : معلق عنها باسم الاستفهام، {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ}: فعل ناقص واسمه وخبره، والجملة: مستأنفة مسوقة لبيان أن ما أصابهم كان لفشو الشرك في أكثرهم والفساد والمعاصي في أقلهم.
{فَأَقِمْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أنه قد ظهر الفساد في الأرض، بسبب ما كسبت أيدي الناس، وأردت بيان ما هو اللازم لك ولأمتك .. فأقول لك:{أَقِمْ وَجْهَكَ} الخ، {أَقِمْ}: فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد، {وَجْهَكَ}: مفعول به، {لِلدِّينِ}: متعلق بـ {أَقِمْ} . {القيم} : صفة {لِلدِّينِ} ، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. {مِنْ قَبْلِ} : جار ومجرور حال من فاعل {أَقِمْ} ، أو من {الدين}. {أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ}: فعل وفاعل منصوب بـ {أَنْ} المصدرية، والجملة: في تأويل مصدر مجرور بإضافة الظرف إليه، تقديره: من
قبل إتيان يوم لا مرد له من الله، {لَا}: نافية للجنس، {مَرَدَّ}: اسمها. {لَهُ} : خبرها، والجملة: في محل الرفع صفة لـ {يَوْمٌ} ، {مِنَ اللَّهِ}: إما متعلق بـ {يَأْتِيَ} أو بمحذوف أو بمحذوف دل عليه المصدر؛ أي: لا يرده من الله أحد، ولا يجوز تعلقه بـ {مَرَدَّ} لأنه حينئذٍ يكون شبيهًا بالمضاف فيعرب بالفتحة الظاهرة، {يَوْمَئِذٍ}: ظرف مضاف لمثله متعلق بـ {يَصَّدَّعُونَ} . {يَصَّدَّعُونَ} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة. {مَنْ كَفَرَ} : {مَنْ} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الشرط، أو الجواب، أو هما، {كَفَرَ}: فعل ماض وفاعل مستتر في محل الجزم بـ {مَن} : على كونه فعل شرط لها، {فَعَلَيْهِ}:{الفاء} : رابطة لجواب {مَن} : الشرطية وجوبًا، {عَلَيْهِ}: خبر مقدم، {كُفْرُهُ}: مبتدأ مؤخر، والجملة: في محل الجزم جواب {مَنْ} : الشرطية، وجملة {مَن}: الشرطية، وجملة مفسرة لقوله:{يَصَّدَّعُونَ} : فلا محل لها من الإعراب، {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا}:{الواو} : عاطفة. {مَنْ} : اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، أو فعل الشرط خبره. {عَمِلَ صَالِحًا}: فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به في محل الجزم بـ {مَن} : الشرطية، على كونها فعل شرط لها. {فَلِأَنْفُسِهِمْ}:{الفاء} : رابطة الجواب جوازًا. مشاكلة للجواب الماضي {لأنفسهم} : جار ومجرور متعلق بـ {يَمْهَدُونَ} . {يَمْهَدُونَ} : فعل وفاعل، والجملة: في محل الجزم بـ {مَن} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن} الشرطية: معطوفة على جملة {مَن} الأولى. {لِيَجْزِيَ} : {اللام} : حرف جر وتعليل. {يَجْزِيَ} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله، منصوب بأن مضمرة بعد لام كي. {الَّذِينَ}: مفعول به، الجار والمجرور متعلق بـ {يَصَّدَّعُونَ} ، أو بـ {يَمْهَدُونَ} ، أو خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: ذلك كائن لجزائه الذين آمنوا الخ. {آمَنُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: معطوف عليه. {مِنْ فَضْلِهِ} : متعلق بـ {يجزي} . {إنَّه} : ناصب واسمه. {لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} : فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {إن} . وجملة {إن} : مستأنفة مسوقة لتعليل جملة محذوفة معلومة من السياق، تقديره: ويعاقب الكافرين بعدله؛ لأنه لا يحب الكافرين.
التصريف ومفردات اللغة
{يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} البرق: لمعان السحاب. وفي "إخوان الصفا": البرق: نار وهواء. {خَوْفًا} ؛ أي: إخافةً من الصاعقة، خصوصًا لمن كان في البرية، كقولهم: فعلته رغمًا للشيطان؛ أي: إرغامًا له.
{وَطَمَعًا} ؛ أي: إطماعًا في الغيث، لا سيما لمن كان مقيمًا.
{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} ؛ أي: مطرًا، قال في "إخوان الصفا": المطر: هو الأجزاء المائية، إذا التام بعضها مع بعض وبردت وثقلت رجعت إلى الأرض.
{فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ} : والأرض: جسم غليظ أغلظ ما يكون من الأجسام، واقف في مركز العالم مبين لكيفية الجهات الست كما مر.
{كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} : من القنوت، وهو الطاعة، والمراد: طاعة الإرادة، لا طاعة العبادة؛ أي: منقادون لما يريده بهم من حياة وموت وبعث وصحة وسقم وعز وذل، لا يمتنعون عليه تعالى في شأن من شؤونه.
{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} ؛ أي: أسهل وأيسر بالنظر إلى ما نعرفه، قال في "القاموس": هان هونًا، بالضم، وهوانًا ومهانةً: ذل، وهونًا: سهل، فهو هين، بالتشديد والتخفيف وأهون. اهـ.
{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} ؛ أي: الوصف الأعلى: العجيب الشأن من القدرة العامة، والحكمة التامة، وسائر صفات الكمال التي ليس لغيره ما يدانيها، فضلًا عما يساويها.
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا} : يقال: ضرب الدرهم اعتبارًا بضربه بالمطرقة، وقيل له: الطبع اعتبارًا بتأثير السكة فيه، وضرب المثل: هو من ضرب الدرهم، وهو ذكر شيء أثره يظهر في غيره، والمثل: عبارة عن قول في شيء يشبه قولًا في شيء آخر، بينهما مشابهة، لتبيين أحدهما بالآخر وتصويره.
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} وأقم من أقام العود وقومه، إذا عدله، والمراد:
الإقبال على دين الإِسلام والثبات عليه، والوجه في الأصل: الجارحة المخصوصة، سميت وجهًا لأن بها تحصل المواجهة، وقد يعبر به عن الذات، كما في قوله:{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ} وهذا المعنى هو المراد هنا، والدين: في الأصل الطاعة والجزاء، واستعير هنا للشريعة، والفرق بينه وبين الملة اعتباري، فإن الشريعة من حيث إنها يطاع لها وينقاد: دين، ومن حيث إنها تملى وتكتب: ملة، والإملاء: كالإملال، هو حكاية القول لمن يكتبه.
{حَنِيفًا} : وفي "المفردات" الحنف: ميل عن الضلال إلى الاستقامة، وتحنف فلان: تحرى طريق الاستقامة، وسمت العرب كل من اختتن أو حج: حنيفًا، تنبيهًا على أنه على دين إبراهيم عليه السلام.
{فِطْرَتَ اللَّهِ} والفطرة: الخلقة وزنًا ومعنًى، وقولهم: صدقة الفطرة؛ أي: صدقة إنسانٍ مفطورٍ؛ أي: مخلوق فيؤول إلى قولهم: زكاة الرأس، والمراد بالفطرة هاهنا: هي الحالة التي خلق الله الناس عليها، من القابلية للتوحيد ودين الإِسلام، والتهيؤ لإدراكه عن غير إباء عنه وإنكار له. قال الراغب: فطرة الله ما فطر؛ أي: أبدع وركز في الناس من قوتهم على معرفة الإيمان.
{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} : هو فطرته المذكورة أولًا.
{ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} ؛ أي: المستوي الذي لا عوج فيه ولا انحراف.
{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} : هو من أناب الرباعي إذا رجع مرةً بعد أخرى، ويقال: ناب نوبةً ونوبًا: إذا رجع مرة بعد أخرى؛ أي: راجعين إليه بالتوبة وإخلاص العمل.
{وَكَانُوا شِيَعًا} ؛ أي: فرقًا تشايع كل فرقة إمامها الذي مهد لها دينها. وقرره ووضع أصوله.
{كُلُّ حِزْبٍ} : الحزب: الجماعة من الناس، والسلاح، وجند الرجل، وأصحابه الذين على رأيه، والنصيب والقسم من القرآن أو غيره، والجمع أحزاب، وكل قوم تشاكلت قلوبهم وأعمالهم فهم أحزاب، وإن لم يلق بعضهم بعضًا.
{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ} قال في "المفردات": المس: يقال في كل ما ينال الإنسان من أذى.
{سُلْطَانًا} : والسلطان: الحجة، تقول: له سلطان مبين؛ أي: حجة واضحة، وعبارة "القاموس": والسلطان: الحجة وقدرة الملك. اهـ.
والسلطان: يذكر؛ لأنه بمعنى الدليل، ويؤنث؛ لأنه بمعنى الحجة. وقيل: هو جمع سليط للدهن، كرغيف ورغفان.
{يَقْنَطُونَ} ؛ أي: ييئسون من الرحمة، وفي "المصباح": هو بفتح النون وكسرها سبعيتان، وبابه ضرب وتعب. وفي "القاموس": قنط كنصر وضرب وحسب وكرم قنوطًا، وكفرح قنطًا وقناطةً، كمنع وحسب، وهاتان على الجمع بين اللغتين، يئس فهو قنط كفرح، وقنطه تقنيطًا آيسة، والقنط: المنع، وزبيب الصبي. انتهى.
{حَقَّهُ} : هو صلة الرحم والبر به.
{وَالْمِسْكِينَ} : هو المعدم الذي لا مال له.
{وَابْنَ السَّبِيلِ} : هو المسافر، احتاج إلى مال وعز عليه إحضاره من بلده، ووسائل المواصلات الحديثة الآن تدفع مثل هذه الحاجة.
{رِبًا} ؛ أي: زيادة، والمراد بها هنا: الهدية التي يتوقع بها مزيد مكافأة.
{فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} ؛ أي: فلا يبارك فيه.
{الْمُضْعِفُونَ} ؛ أي: الذين يضاعف الله لهم الثواب، جمع مضعف، وهو اسم فاعل من أضعف، إذا صار ذا ضعف بكسر فسكون، كأن يضاعف له ثواب ما أعطاه، كأقوى وأيسر، إذا صار ذات قوةٍ ويسار فهو لصيرورة الفاعل، ذا أصلهُ.
{ظَهَرَ الْفَسَادُ} في "القاموس": فسد كنصر وكرم فسادًا: ضد صلح، فهو فاسد، والفساد أخذ المال ظلمًا، والجدب والمفسدة: ضد المصلحة. اهـ.
{يَصَّدَّعُونَ} : أصله يتصدعون، فأدغمت التاء في الصاد وشددت، والصدع: الشق في الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما، ومنه استعير صدع الأمر؛ أي: فصله، والصداع وهو: الانشقاق في الرأس من الوجع، ومنه الصديع للفجر؛ لأنه ينشق من الليل، والمعنى: يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير، وفي "المصباح": صدعته صدعًا من باب نفع، شققته فانصدع، وصدعت القوم صدعًا فتصدعوا، أي فرقتهم فتفرقوا، وقوله تعالى:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} ، قيل: مأخوذ من هذا؛ أي: شق جماعاتهم بالتوحيد، وقيل: افرق بذلك بين الحق والباطل. وقيل: أظهر ذلك، وصدعت بالحق تكلمت به جهارًا، وصدعت الفلاة: قطعتها. اهـ.
{يَمْهَدُونَ} : وفي "المختار": ومهد الفراش بسطه ووطأهُ. اهـ؛ أي: يتخذون ويهيئون منازلهم، ولتسببهم في تهيئة المنازل لهم وتمهيدها واتخاذها نسب إليه. اهـ. "شيخنا".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين قوله: {خَوْفًا وَطَمَعًا} وبين {يَبْسُطُ} ، {وَيَقْدِرُ} وبين {يُمِيتُكُمْ} ، و {يُحْيِيكُمْ} ، وبين {يَبدَؤُا} ، و {يُعِيدُهُ} .
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ} وقوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ} وفي قوله: {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} .
ومنها: التشبيه في قوله: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} .
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ} للتسجيل عليهم بوصف الظلم؛ أي: بأنهم في ذلك الاتباع ظالمون، وفيه أيضًا الالتفات من الخطاب إلى الغيبة إهانةً لهم، وإيذانًا بأنهم لا يتسحقون الخطاب.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} شبه إقباله على الدين واستقامته واهتمامه بترتيب أسبابه، بحال من اهتم بشيء محسوس بالبصر، عقد عليه طرفه، ومد إليه نظره، وقوم له وجهه مقبلًا عليه، وفيه المجاز المرسل أيضًا في قوله:{وَجْهَكَ} : حيث أطلق الجزء وأراد الكل؛ أي: توجه إلى الله بكليتك، وفيه أيضًا الاستعارة التصريحية حيث استعار الدين، الذي هو بمعنى الجزاء للشريعة للمجازاة عليها.
ومنها: المقابلة بين قوله: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا} وبين قوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} .
ومنها: المجاز العقلي في قوله: {فَهُوَ يَتَكَلَّمُ} كما تقول كتابه ناطق بكذا، وهذا مما نطق به القرآن، ومعناه الدلالة والشهادة، فهو يشهد بشركهم، أو بالذي يشركون به.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} ، وفيه الكناية أيضًا لأن قوله:{لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} كناية، لأن الزيادة التي يأخذها المرابي من أموال الناس، لا يملكها أصلًا، فالظرفية: هي موضع الكناية.
ومنها: الالتفات في قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} ففيه التفات من الخطاب إلى الغيبة للتعظيم، فهو أمدح من أن يقول لهم: فأنتم المضعفون، وفيه حذف المفعول به؛ أي: ثوابهم.
ومنها: المقابلة بين قوله: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} وقوله: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} .
ومنها: الطباق بين البر والبحر في قوله: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} .
ومنها: المجاز المرسل في قوله: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} بإطلاق الجزء وإرادة الكل.
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ
ذَلِكُمْ}.
ومنها: جناس المناسبة اللفظي؛ لأن الجناس أصلين: وهما: جناس المزاوجة، وجناس المناسبة.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} حيث استعار الصدع بمعنى: الشق في الأجسام الصلبة، للصدع بمعنى التفريق، فاشتق من الصدع بمعنى التفريق {يَصَّدَّعُونَ} بمعنى يتفرقون على سبيلى الاستعارة التصريحية التبعية.
ومنها: الاستعارة اللطيفة في قوله: {فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} شبه من قدم الأعمال الصالحة بمن يمهد فراشه ويوطئه للنوم عليه، لئلا يصيبه في مضجعه ما يؤذيه، وينغص عليه مرقده.
ومنها: الكناية في قوله: {لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} فإن عدم محبته تعالى، كناية عن بغضه الموجب لغضبه، المستتبع للعقوبة لا محالة.
ومنها: الحذف والزيادة في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
قال الله سبحانه جلَّ وعلا:
المناسبة
قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (1) ظهور الفساد والهلاك بسبب الشرك .. ذكر ظهور الصلاح، والكريم لا يذكر لإحسانه عوضًا، ويذكر لعقابه سببًا، لئلا يتوهم به الظلم، فذكر من أعلام القدرة: إرسال الرياح مبشرات
(1) البحر المحيط.
بالمطر لأنها متقدمة.
وعبارة "المراغي" هنا: لما ذكر سبحانه أن الفساد ظهر في البر والبحر، بسبب الشرك والمعاصي .. نبّههم إلى دلائل وحدانيته، بما يُشاهدونه أمامهم، من إرسال الرياح بالأمطار فتحيا به الأرض بعد موتها، وجري الفلك حاملةً لما هم في حاجة إليه، مما فيه غذاؤهم، وعليه مدار حياتهم.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر (1) البراهين الساطعة، الدالة على الوحدانية والبعث والنشور، ولم يرعوِ بها المشركون، بل لجوافي طغيانهم يعمهون .. سلى رسوله صلى الله عليه وسلم فذكر له أنك لست أول من كُذب، فكثير ممن قبلك جاؤوا أقوامهم بالبينات، فلم تغنهم الآيات والنذر، فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر، ونصرنا رسلنا ومن آمن بهم، فلا تبتئس بما كانوا يعملون، ولنجرين عليك وعلى قومك سنّتنا، ولننتقمن منهم، ولننصرنك عليهم فالعاقبة للمتقين.
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (2) سلى رسوله صلى الله عليه وسلم على ما يلاقيه من أذى قومه، ببيان أنه ليس ببدع في الرسل، فكأين من رسول قبله قد كُذب، ثم دالت الدولة على المكذبين، ونصر الله رسوله والمؤمنين .. أعاد الكرة مرة أخرى، فأتبع البرهان بالبرهان، لإثبات الوحدانية، وإمكان البعث والنشور، بما يشاهد من الأدلة في الآفاق، مرشدةً إلى قدرته وعظيم رحمته، ثم بما يرى في الأرض الموات من إحيائها بالمطر، وهو دليل لائح يشاهدونه ولا يغيب عنهم الحين بعد الحين، والفينة بعد الفينة، أفليس فيه حجة لمن اعتبر ومقنع لمن ادكر.
قوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر صنوف الأدلة، ثم ضرب المثل على توحيده،
(1) المراغي.
(2)
المراغي.
ووجوب إرسال الرسل مبشرين ومنذرين، وصحة بعث الأجسام يوم القيامة، ووعد وأوعد بما لم يبق بعده مستزاد لمستزيد، ثم ما زادهم دعاء الرسول إلا إعراضًا، ولا تكرار النصح إلا إصرارًا، وعنادًا .. أردف هذا تسليته على ما يراه من التمادي في الإعراض، وكثرة العناد، واللجاج، فأبان أن هؤلاء كأنهم موتى، فأنى لك أن تُسمعهم، وكأنهم صم، فكيف يسمعون دعاءَك حتى يستجيبوا لك، إنما الذي يستجيب من يؤمن بآيات الله، فهو إذا سمع كتابه .. تدبره وفهمه، فيخضع لك بطاعته، ويتذلل بمواعظ كتابه.
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه (1) لما ذكر دلائل الآفاق على وحدانيته .. أردفها دلائل الأنفس، فذكر خلق الأنفس في أطوارها المختلفة، من ضعف إلى قوة، ثم انتكاسها وتغيير حالها من قوة إلى ضعف، ثم إلى شيخوخة وهرم، وبين أنه العلم بها في مختلف أحوالها، القدير على تغييرها، واختلاف أشكالها.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها؛ أنه تعالى لما ذكر فيما سلف بدء النشأة الأولى، وذكر الإعادة والبعث، وأقام عليه الأدلة في شتى السور، وضرب له الأمثال .. أردف ذلك بذكر أحوال البعث، وما يجري فيه من الأفعال والأقوال، من الأشقياء والسعداء، ليكون في ذلك عبرة لمن يدكر.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر (2) من الأدلة على الوحدانية والبعث ما ذكر، وأعاد وكرر بشتى البراهين، وبديع الأمثال .. أردف ذلك بأنه لم يبق بعد هذا زيادةً لمستزيد، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أدى واجبه، وأن من طلب شيئًا بعد ذلك .. فهو معاند مكابر، فإن من كذب الدليل الواضح اللائح، لا يصعب عليه تكذيب غيره من الدلائل، ولقد أجاد من قال:
(1) المراغي.
(2)
المراغي.