المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقرأ الحسن (1): {وجنودًا} بفتح الجيم، والجمهور: بالضم، وقرأ أبو - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٢

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: وقرأ الحسن (1): {وجنودًا} بفتح الجيم، والجمهور: بالضم، وقرأ أبو

وقرأ الحسن (1): {وجنودًا} بفتح الجيم، والجمهور: بالضم، وقرأ أبو عمرو في رواية وأبو بكر في رواية:{لم يروها} بياء الغيبة؛ أي: الكفار، وباقي السبعة والجمهور: بتاء الخطاب؛ أي: أيها المسلمون.

{وَكَانَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى: {بِمَا تَعْمَلُونَ} قرأ (2) الجمهور: بتاء الخطاب؛ أي: بما تعملون أيها المسلمون من ترتيب الأسباب، وحفر الخندق، واستنصاركم به، وتوكلكم عليه، {بَصِيرًا}؛ أي: رائيًا، ولذلك فعل ما فعل من نصركم عليهم، وعصمتكم من شرهم، فلا بد لكم من الشكر على هذه النعمة الجليلة، باللسان والجنان والأركان.

وقرأ أبو عمرو بالتحتية؛ أي: بما يعمله الكفار من العناد لله ولرسوله، والتحزب للمسلمين، واجتماعهم عليهم من كل جهة؛ أي: وكان الله سبحانه عليمًا بجميع أعمالكم، من حفركم للخندق، وترتيب وسائل الحرب، لإعلاء كلمته، ومقاساتكم من الجهد والشدائد ما لا حصر له، بصيرًا بها، لا يخفى عليه شيء منها، وهو يجازيكم عليها، ولا يظلم ربك أحدًا.

‌10

- ثم زاد الأمر تفصيلًا وبيانًا، فقال:{إِذْ جَاءُوكُمْ} : {إِذْ} : هذه وما بعدها: بدل من {إذ} الأولى، والعامل في هذه: هو العامل في تلك، وقيل: منصوبة بمحذوف، هو اذكر؛ أي: اذكروا أيها المؤمنون: هول إذ جاءكم أعداؤكم الأحزاب {مِنْ فَوْقِكُمْ} ؛ أي: من أعلى الوادي من جهة المشرق، والذين جاؤوا من هذه الجهة هم غطفان، وسيدهم عيينة بن حصن، وهوازن، وسيدهم عوف بن مالك، وأهل نجد، وسيدهم طليحة بن خويلد الأسدي، وانضم إليهم عوف بن مالك، وبنو النضير.

{و} جاؤوكم {مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} ؛ أي: من أسفل الوادي من جهة المغرب، من ناحية مكة، وهم قريش ومن معهم من الأحابيش، وسيدهم أبو سفيان بن حرب، وجاء أبو الأعور السلمي، ومعه حيي بن أخطب اليهودي، في

(1) البحر المحيط.

(2)

الشوكاني.

ص: 430

يهود بني قريظة من وجه الخندق، ومعهم عامر بن الطفيل.

وقوله: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} : معطوف على ما قبله، داخل في حكم التذكير، والزيغ: الميل عن الاستقامة؛ أي: وإذ مالت الأبصار عن كل شيء، فلم تنظر إلا إلى عدوها مقبلًا من كل جانب، وقيل: شخصت من فرط الهول والحيرة.

والمعنى (1): واذكروا حين مالت الأبصار عن مستوى نظرها، حيرةً وشخوصًا، لكثرة ما رأت من العَدد والعُدد، فإنه كان مع قريش ثلاث مئة فرس، وألف وخمس مئة بعير.

{وَ} إذ {بَلَغَتِ} ووصلت {الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} : جمع حنجرة، وهي منتهى الحلقوم؛ أي: ارتفعت القلوب عن أماكنها للخروج، فزعًا وخوفًا، ووصلت في الارتفاع إلى رأس الحلقوم وأسفله، وهو مدخل الطعام والشراب، والحنجرة: منتهى الحلقوم وطرفه الأسفل؛ أي: بلغت رأس الغلصمة والحنجرة من خارج رعبًا وغمًا؛ لأن الرئة تنتفخ من شدة الفزع والغم، فيرتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة، وهو مشاهد في مرض الخفقان من غلبة السوداء.

قال قتادة: شخصت عن أماكنها، فلولا أنه ضاق الحلقوم بها عن أن تخرج .. لخرجت، وقال بعضهم: كادت تبلغ، فإن القلب إذا بلغ الحنجرة، مات الإنسان، فعلى هذا يكون الكلام تمثيلًا، لاضطراب القلوب من شدة الخوف، وإن لم تبلغ الحناجر حقيقةً.

وقوله: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ} يا من يظهر الإِسلام على الإطلاق {الظُّنُونَا} المختلفة، المخلصون يظنون النصر والظفر، والمنافقون يظنون خلاف ذلك، معطوف على {زَاغَتِ} . وصيغة المضارع فيه لاستحضار الصورة، والدلالة على الاستمرار، وقال الحسن: ظن المنافقون أنه يستأصل محمد وأصحابه، وظن المؤمنون أنه ينصر، وقيل: الآية خطاب للمنافقين، والأولى (2) ما قاله الحسن.

(1) روح البيان.

(2)

الشوكاني.

ص: 431