المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وأما من أسلم قبل الفتح - إمتاع الأسماع - جـ ٩

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد التاسع]

- ‌فصل في ذكر عمرات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته

- ‌وأما عمرة القضاء

- ‌وأما عمرة الجعرانة [ (1) ]

- ‌فصل في ذكر حجة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة

- ‌فصل في ذكر من حدّث عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته

- ‌وأما الأحاديث [الإلهية] [ (1) ]

- ‌وأما الحكمة، وهي سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما مجيء الجبال إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة

- ‌وأما الملك الّذي نزل بتصويب الحباب

- ‌وأما اجتماعه صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ورؤيتهم في ليلة الإسراء

- ‌وأما حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام

- ‌وأما حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن تميم الداريّ [ (1) ]

- ‌وأما حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قسّ بن ساعدة

- ‌وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبى كبشة

- ‌ فصل في ذكر من حدث وروى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أصحابه رضى اللَّه تعالى عنهم بمكة والمدينة وغيرهما من البلدان التي غزا إليها وحلها بعرفة ومنى غير ذلك

- ‌إسلام الجن، وإنذارهم قومهم

- ‌وأما الصحابة رضوان اللَّه عليهم

- ‌أما المهاجرون

- ‌ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

- ‌وأما السابقون الأولون

- ‌وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم بن أبى الأرقم بن عبد مناف بن أسد بن عبد اللَّه ابن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ [ (1) ]

- ‌وأما المستضعفون الذين عذبوا في اللَّه

- ‌وأما المهاجرون إلى الحبشة

- ‌وأما من أسلم قبل الفتح

- ‌وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان [ (1) ] تحت الشجرة بالحديبية

- ‌وأما رفقاؤه النجباء

- ‌وأما أهل الفتيا من أصحابه رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم

- ‌فصل في ذكر أنصار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج يثرب

- ‌فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج

- ‌فصل في ذكر ما أكرم اللَّه تعالى به الأوس والخزرج من لقاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومبادرتهم إلى إجابته ودخولهم في طاعته، وتصديقهم برسالته ومسارعتهم إلى مبايعته [وحرصهم] على إيوائه ونصرته، بعد ما عرض نفسه على قبائل العرب فردوه ولم يقبلوه

- ‌أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت

- ‌ثم لقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بنى عبد الأشهل

- ‌وكان من خبر يوم بعاث [ (1) ]

- ‌فصل في ذكر خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من مكة إذ مكر به المشركون، وهجرته إلى المدينة دار هجرته ونزوله على الأنصار رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم وتلاحق المهاجرين به [صلى الله عليه وسلم]

- ‌فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة

- ‌فصل في ذكر من بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقههم في الدين

- ‌عقوبة من سب أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر [أمراء] سرايا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فأما اعتذاره صلى الله عليه وسلم عن التخلف

- ‌فصل في ذكر من استخلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة

- ‌فصل في ذكر من استعمله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في نصرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالرعب

- ‌فصل في ذكر مشورة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه

- ‌فصل في ذكر ما كان يقوله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا غزا

- ‌فصل في ذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورّى بغيرها

- ‌فصل في وقت إغارة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر الوقت الّذي كان يقاتل فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم

- ‌فصل في ذكر شعار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حروبه

- ‌فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر ما كان للنّبيّ عليه السلام من الغنيمة

- ‌فصل في ذكر من جعله النبي عليه السلام على مغانم حروبه

- ‌فصل في ذكر من كان على ثقل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر من حدا [ (1) ] برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أسفاره

- ‌فصل في ذكر وزير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر من كان يكتب الوحي لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الّذي كان يختم به

- ‌فصل في ذكر ما كان يختم به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتبه

- ‌فصل في ذكر صاحب خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمه العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم

- ‌فصل في ذكر ما أقطعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأرضين ونحوه

- ‌فصل في ذكر أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج

- ‌فصل في ذكر عمال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الجزية

- ‌فصل في ذكر عمال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الزكاة

- ‌فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر الخارص على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة ومتوليها يقال له المحتسب [ (1) ]

الفصل: ‌وأما من أسلم قبل الفتح

‌وأما من أسلم قبل الفتح

فقد قال تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [ (1) ] .

[ (1) ] الحديد: 10، قوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أي لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديدا فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهورا عظيما ودخل الناس في دين اللَّه أفواجا، ولهذا قال تعالى: أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى والجمهور على أن المراد بالفتح هاهنا فتح مكة، وعن الشعبي وغيره أن المراد بالفتح هاهنا صلح الحديبيّة، وقد يستدل لهذا القول بما قال الإمام أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا زهير حدثنا حميد الطويل عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغنا أن ذلك ذكر للنّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:«دعوا لي أصحابى فو الّذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم» ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح الحديبيّة وفتح مكة وكانت هذه أعمالهم» وكانت هذه المشاجرة بينهما في بنى جذيمة الذين بعث إليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بعد الفتح فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فأمر خالد بقتلهم وقتل من أسر منهم فخالفه عبد الرحمن بن عوف، وعبد اللَّه بن عمر وغيرهما فاختصمهم خالد وعبد الرحمن بسبب ذلك.

والّذي في الصحيح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال «لا تسبوا أصحابى فو الّذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه»

وروى بن جرير وابن أبى حاتم من حديث ابن وهب أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدريّ خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الحديبيّة حتى إذا كنا بعسفان قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:

يوشك أن يأتى قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم فقلنا: من هم يا رسول اللَّه أقريش؟ قال: لا، ولكن أهل اليمن أرق أفئدة وألين قلوبا، فقلنا أهم خير منا يا رسول اللَّه؟ قال: لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه، إلا أن هذه الآية فضلت ما بيننا وبين-

ص: 117

وخرج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] ، من حديث شعبة عن الأعمش، سمعت ذكوان يحدث عن أبى سعيد الخدريّ رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابى فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. ذكره البخاري في مناقب أبى بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه.

وذكره مسلم [ (3) ] في آخر المناقب من طريق الأعمش، عن أبى صالح عن أبى سعيد قال: كان بين خالد بن الوليد، وبين عبد الرحمن بن عوف

[ () ] الناس: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.

وهذا الحديث غريب بهذا السياق والّذي في الصحيحين من رواية جماعة عن عطاء ابن يسار عن أبى سعيد وقد ذكر الخوارج: تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، يرمقون من الدين كما يمرق السهم من الرّميّة، والحديث الّذي في الصحيح: المؤمن القوى خير وأحب إلى اللَّه من المؤمن الضعيف وفي كل خير، وإنما نبه بهذا لئلا يهدر جانب آخر لمدح الأول دون الآخر، فيتوهم متوهم ذمه، فلهذا عطف بمدح الآخر والثناء عليه مع تفضيل الأول عليه، لهذا قال: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل، ومن فعل ذلك بعد ذلك، وما ذاك إلا لعلمه بقصد الأول وإخلاصه التام، وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق. (تفسير ابن كثير) 4/ 328- 329 مختصرا.

[ (1) ] رواه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب

قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا.

ومسلم في فضائل الصحابة باب تحريم سب الصحابة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم حديث رقم (2541) وأبو داود في السنة، باب النهى عن سبب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (4658) والترمذي في المناقب، باب فيمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (3860)، والمدّ: ربع الصاع، والنصيف نصف المد، والتقدير: ما بلغ هذا القدر اليسير من فضلهم ولا نصفهم. (جامع الأصول) 8/ 552- 553 باب في فضائل الصحابة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم ومناقبهم، حديث رقم (6361) ، و (6362) .

[ (2) ] راجع التعليق السابق.

[ (3) ] راجع التعليق السابق.

ص: 118

شيء، فسبه خالد، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أحدا من أصحابى فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه.

وخرج مسلم [ (1) ] من حديث أبى معاوية، عن الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابى، فو الّذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه.

كذا وقع في كتاب مسلم في هذا الحديث، عن أبى معاوية عن الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة، ولعله وهم من مسلم، أو ممن كتب عنه وإنما الحديث عن أبى سعيد الخدريّ، وهكذا هو في مسند ابن أبى شيبة، وفي كتاب الترمذي وغيرهما، ويدل على الوهم في ذلك قول مسلم بعد ما أورده من رواية وكيع، ومعاذ، وشعبه عن الأعمش، بإسناد جرير وأبى معاوية، [و] إنما تدل هذه الإحالة على أمر متفق، لا مختلف.

وخرجه أبو داود [ (2) ] الترمذي [ (3) ] ، من حديث أبى معاوية، عن الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى سعيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابى، فو الّذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه،

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ومعنى قوله: نصيفه، يعنى نصف المد.

وقال أبو بكر محمد بن أبى نصر الحميدي في كتابه، بعد ذكره حديث الأعمش: رواه أبو بكر البرقاني في كتابه (المخرج على الصحيح) ، من حديث أبى بكر بن عياش عن الأعمش، وفيه: لا تسبوا أصحابى، دعوا لي أصحابى، فإن أحدكم لو أنفق كل يوم مثل أحد ذهبا لم يبلغ مدّ أحدهم،

قال أبو بكر البرقاني: قوله: كل يوم، حسن مليح.

[ (1) ] سبق تخريجه.

[ (2) ] سبق تخريجه.

[ (3) ] سبق تخريجه.

ص: 119

وقال سعيد بن منصور المكيّ في كتابه (الزهد) : حدثني سفيان عن زيد بن أسلم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يأتى قوم من ها هنا- وأشار بيده نحو اليمين- تحتقرون أعمالكم عند أعمالهم، قالوا: فنحن خير أم هم؟ قال:

بل أنتم، لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه، فضلت هذه الآية بيننا وبين الناس: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا [وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ] .

حديث مرسل.

وقال أبو عمر بن عبد البرّ: فضّل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه بفضائل، وسمهم بها، وذكرهم فيها، ولم يأت عنه أنه فضّل منهم واحد على صاحبه بعينه من وجه يصح، ولكنه ذكر من فضائلهم، ما يستدل به على مواضعهم ومنازلهم من الفضل، والدين، [و] العلم.

وكان صلى الله عليه وسلم أحلم وأكرم معاشرة، وأعلم بمحاسن الأخلاق، من أن يواجه فاضلا منهم، بأن غيره أفضل منه، فيجد من ذلك في نفسه، بل فضل السابقين منهم، وأهل الاختصاص به، على من لم ينل منازلهم، فقال لهم: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا، ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه، وهذا معنى قول اللَّه تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا

ومحال أن يستوي من قاتله صلى الله عليه وسلم، مع من قاتل عنه.

وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لبعض من لم يشهد بدرا وقد رآه يمشى بين يدي أبى بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: تمشى بين يدي من هو خير منك؟!

لأنه كان أعلمهما، ذلك في الجملة، لمن شهد بدرا والحديبيّة، ولكل طبقة منهم منزلة معروفة، وحال موصوفة، رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم.

ص: 120