الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
اعلم أن صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو حذيفة بن اليمان لقب، وإنما هو عبد اللَّه حذيفة بن حسن ويقال: حسيل بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة ويقال لجروة اليمنى أيضا ابن الحارث بن قطيعة العبسيّ بن بغيض بن ريث بن غطفان العبسيّ القطيعي. حليف لبني عبد الأشهل المعروف بالصحابة بصاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، شهد أحدا، وكان من كبار الصحابة، وشهد نهاوند، فأخذ الراية بعد مقتل النعمان بن مقرن، ففتح اللَّه على يديه همذان والري والدينور في سنة اثنين وعشرين، ومات سنة ست وثلاثين على الصحيح [ (1) ] .
خرج البخاري [ (2) ] من حديث إسرائيل عن المغيرة عن إبراهيم عن علقمة قال: قدمت الشام وصليت ركعتين ثم قلت اللَّهمّ يسر لي جليسا صالحا، فأتيت قوما فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي. فقلت: من هذا؟
قالوا أبو الدرداء رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، فقلت: إني دعوت اللَّه عز وجل أن ييسر لي جليسا صالحا فيسرك لي، قال: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة قال: أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟
أفيكم الّذي أجاره اللَّه يعنى من الشيطان على لسان نبيه؟ أوليس فيكم صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الّذي لا يعلم أحد غيره؟ قال: كيف يقرأ عبد اللَّه
[ (1) ](الاستيعاب) : 1/ 334- 2335 ترجمة رقم 492، (الإصابة) : 2/ 44- 45، ترجمة رقم (1649)، (سير أعلام النبلاء) : 2/ 361- 369، ترجمة رقم (76)، (كنز العمال) :
13/ 343، (تهذيب التهذيب) : 2/ 193، ترجمة رقم (405)، (حلية الأولياء) : 1/ 270- 283، (التاريخ الكبير) : 3/ 95، (الجرح والتعديل) : 3/ 256، (تاريخ خليفة) : 182، طبقات خليفة) : 48، 130، (طبقات ابن سعد) : 6/ 15، 7/ 317.
[ (2) ](فتح الباري) : 7/ 113- 114، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب (20) مناقب عمار وحذيفة رضى اللَّه عنهما، حديث رقم (3742) .
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى فقرأت عليه وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى فقال: واللَّه لقد أقرأنيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من فيه إلى في.
ومن حديث شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال: ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد قال: اللَّهمّ يسر لي جليسا صالحا، فجلس إلى أبي الدرداء، فقال أبو الدرداء: ممن أنت؟ قال من أهل الكوفة. قال: أليس فيكم- أو منكم صاحب السر الّذي لا يعلمه غيره؟ يعنى حذيفة. قال: قلت بلى. قال أليس فيكم- أو منكم- الّذي أجاره اللَّه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؟ يعنى من الشيطان، يعنى عمارا، قلت: بلى. قال: أليس فيكم- أو منكم- صاحب السواك، والوساد، أو السرار؟ قال: بلى. قال: كيف كان عبد اللَّه يقرأ: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى؟ قلت: وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى، قال: ما زال بى هؤلاء حتى كادوا يستنزلونى عن شيء سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم. ذكرهما في مناقبهما [ (1) ] وذكر في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من حديث
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 114، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب (20) مناقب عمار وحذيفة، رضى اللَّه عنهما، حديث رقم (3743) .
قوله: «قال: أوليس عندكم ابن أم عبد» يعنى عبد اللَّه بن مسعود، ومراد أبى الدرداء بذلك أنه فهم منهم أنهم قدموا في طلب العلم، فبين لهم أن عندهم من العلماء من لا يحتاجون معهم إلى غيرهم، ويستفاد منه أن المحدث لا يرحل عن بلده حتى يستوعب ما عند مشايخها.
قوله: «صاحب النعلين» أي نعلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان عبد اللَّه بن مسعود يحملها.
قوله: «الّذي أجاره اللَّه من الشيطان، يعنى على لسان نلبيه» زعم ابن التين أن المراد بذلك
قول النبي صلى الله عليه وسلم: ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار
«وهو محتمل، ويحتمل أن يكون المراد بذلك حديث عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها مرفوعا:» ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما أخرجه الترمذي.
ولأحمد من حديث ابن مسعود مثله، أخرجهما الحاكم، فكونه يختار أرشد الأمرين دائما يقتضي أنه أجير من الشيطان.
شعبة قريبا [ (1) ] منه. وذكره أيضا في مناقب عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه من حديث أبي عوانة عن مغيرة باختلاف ألفاظ [ (2) ] .
[ () ] قوله: «والوساد» في رواية شعبة: «صاحب السواك- بالكاف- أو السواد بالدال، ووقع في رواية الكشميهني هنا: «الوساد» ورواية غيره أوجه. والسواد: السرار- براءين- يقال: ساودته سوادا أي ساررته سرارا، وأصله أدنى السواد، وهو الشخص من السواد.
قوله: «والمطهرة» في رواية السرخسي «والمطهر» بغير هاء، وأغرب الداوديّ فقال: معناه أنه لم يكن يملك من الجهاز غير هذه الأشياء الثلاثة، وكذا قال، وتعقب ابن التين كلامه فأصاب،
وقد روى مسلم عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إذنك عليّ أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي»
أي سراري، وهي خصوصية لابن مسعود.
قوله: «أوليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الّذي لا يعلم أحد غيره» كذا فيه بحذف المفعول، وفي رواية الكشميهني «الّذي لا يعلمه» والمراد بالسر ما أعلمه به النبي صلى الله عليه وسلم من أحوال المنافقين.
قوله: ثم قال كيف يقرأ عبد اللَّه" يعنى ابن مسعود، وفي هذا بيان واضح أن قراءة ابن مسعود كانت كذلك، وفي رواية إسرائيل عن مغيرة في المناقب وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى بحذف وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى كذا في رواية أبى ذر، وأثبتها الباقون، ومن عداهم قرءوا وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى وعليها استقر الأمر مع قوة إسناد ذلك إلى أبى الدرداء ومن ذكر معه.
والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة على علقمة وعن ابن مسعود، وإليها تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام، حملوا القراءة عن أبى الدرداء. ولم يقرأ أحد منهم بهذا، فهذا مما يقوى أن التلاوة بها نسخت.
(فتح الباري) : 7/ 115- 116، 8/ 917 مختصرا.
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 114، كتاب فضائل أصحاب النبي، باب (20) مناقب عمار وحذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، حديث رقم (3743) .
[ (2) ](فتح الباري) : 7/ 128، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب (27) مناقب عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه حديث رقم (3761) .
وخرجه الترمذي من حديث قتادة عن خيثمة بن أبي سبرة قال أتيت المدينة فسألت اللَّه أن ييسر لي جليسا صالحا. [فيسر لي أبا هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه فجلست إليه فقلت له: إني سألت اللَّه إن ييسر لي جليسا صالحا] فوفقت لي، فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة جئت ألتمس الخير وأطلبه فقال: أليس فيكم سعد بن مالك مجاب الدعوة، وابن مسعود صاحب طهور رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبغلته؟ وحذيفة صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعمار الّذي أجاره اللَّه من الشيطان على لسان نبيه، وسلمان صاحب الكتابين، قال قتادة: الكتابان الإنجيل والفرقان. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب [صحيح] وخيثمة هو ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة، إنما نسب إلى جده [ (1) ] .
وقال الحاكم في (المستدرك) : اتفق الشيخان على إخراج حديث شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد اللَّه بن يزيد عن حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أنه قال: أخبرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة فما من شيء إلا وقد سألته عنه إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة [ (2) ] .
وخرجه الحاكم من حديث إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال: قال أبو إدريس [عائذ اللَّه] الخولانيّ: سمعت حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه يقول: واللَّه إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما ذاك أن يكون حدثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بها من شيء لم يحدث بها
[ (1) ](سنن الترمذي) 5/ 633، كتاب المناقب، باب (38) مناقب عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (3811)، وقال الحافظ في (الفتح) : تنبيه: توارد أبو هريرة في وصف المذكورين مع أبى الدرداء بما وصفهم وزاد عليه، فروى الترمذي من طريق خيثمة ابن عبد الرحمن، قال
…
وذكر الحديث. (فتح الباري) : 7/ 116، تعقيبا على الحديث رقم (3743) .
[ (2) ](المستدرك) 4/ 472، كتاب الفتن والملاحم، آخر الحديث رقم (8311)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط مسلم، وقال أبو عبد اللَّه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فليعلم طالب هذا العلم أن حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
غيري ولكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث في مجلس أنا فيه عن الفتن وهو يعد الفتن فيهن ثلاث لا تذرن شيئا منهن كهياج الصيف منها صغار ومنها كبار فذهب أولئك الرهط كلهم غيري. قال: هذا حديث صحيح [ (1) ][على شرط الشيخين ولم يخرجاه] .
وخرجه مسلم عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب قال أنبأنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب [ (2) ] .
وخرج الترمذي من حديث زائدة عن عاصم، عن زر عن حذيفة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه أنه قال: أخبرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة فما من شيء إلا وسألته عنه إلا أنى لم أسأله عن ما يخرج أهل المدينة من المدينة.
قال: قال أبو إدريس الخولانيّ سمعت حذيفة يقول واللَّه إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة وما ذاك أن يكون حدثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بشيء لم يحدث به غيري، ولكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث في مجلس أنا فيه عن الفتن وهو يعد الفتن كذا لا يذرن شيئا منهن كرياح الصيف، ومنها صغارا ومنها كبارا، فذهب أولئك الرهط كلهم غيري. قال:
هذا حديث صحيح خرجه مسلم عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب قال: أنبأنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب [ (3) ] .
وخرج الترمذي من حديث زائدة عن عاصم عن حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقام خير أخبر فيه ما يكون
[ (1) ](المستدرك) : 4/ 518، كتاب الفتن والملاحم، حديث رقم (8454)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 18/ 231، كتاب الفتن وأشراط الساعة باب (6) ، إخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة، حديث رقم (2819) .
[ (3) ] سبق تخريجه من طرق.
فيه إلى قيام الساعة، عقله منا من عقله، ونسيه من نسيه. قال: حديث صحيح [ (1) ] .
سلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العقبة [وأمر عمار بن ياسر أن يأخذ بزمام الناقة يقودها، وأمر حذيفة بن اليمان يسوق خلفه] فبينا إذ سمع حس القوم قد غشوه فغضب وأمر حذيفة أن يردهم فرجع حذيفة إليهم فجعل يضرب وجوه رواحلهم [بمحجن في يده] فانحطوا من العقبة وأقبل حذيفة فلما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من
[ (1) ](فتح الباري) : 11/ 604، كتاب القدر، باب (4) وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً، حديث رقم (6604) ولفظه:«عن حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله، إن كنت لأرى الشيء قد نسيته، فأعرف كما يعرف الرجل إذا غاب عنه فرآه فعرفه» .
قوله: «لقد خطبنا» في رواية جرير عن الأعمش عند مسلم: «قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقاما» .
قوله: «إلا ذكره» ، في رواية جرير:«إلا حدث به» .
قوله: «علمه من علمه وجهله من جهله» في رواية جرير: «حفظه من حفظه ونسيه من نسيه» وزاد: «قد علمه أصحابى هؤلاء» ، أي علموا وقوع ذلك المقام وما وقع من الكلام (فتح الباري) .
وقد سبق ذكر حديث مسلم من طريق أبى إدريس الخولانيّ عن حذيفة، والّذي قال في آخره:«فذهب لأولئك الرهط غيري» ، وهذا لا يناقض الأول، بل يجمع بأن يحمل على مجلسين، أو المراد بالأول أعم من المراد بالثاني. (فتح الباري) .
قال الحافظ في (الفتح) : أخرج هذا الحديث القاضي عياض في (الشفاء) من طريق أبى داود بسنده إلى قوله: «ثم إذا رآه عرفه» ، ثم قال حذيفة:«ما أدرى أنسي أصحابى أم تناسوه واللَّه ما ترك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا بلغ من معه ثلاثمائة إلا قد سماه لنا» . قلت: ولم أر هذه الزيادة في كتاب أبى داود، وإنما أخرجه أبو داود بسند آخر مستقل من وجه آخر عن حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه [في أول كتاب الفتن والملاحم] باب (1) ذكر الفتن ودلائلها، حديث رقم (4240) ] ولم أجده في (سنن الترمذي) كما ذكر المقريزي عليه رحمة اللَّه.
العقبة وترك الناس قال: يا حذيفة هل عرفت أحدا من الركب الذين ركبوا قال:
يا رسول اللَّه عرفت راحلة فلان وفلان وكان القوم متلثمين فلم أبصرهم من أجل ظلمة الليل [ (1) ] .
قال الواقدي حدثني يعقوب بن محمد عن [ربيح] بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدريّ عن أبيه عن جده قال: كان أهل العقبة الذين أرادوا بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ما أرادوا ثلاثة عشر رجلا قد سماهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحذيفة وعمار [ (2) ] .
وحدثني معمر بن راشد عن الزهري فقال نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن راحلته فأوحى إليه وراحلته باركة فقامت تجر زمامها حتى أمسكها حذيفة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فأخذ بزمامها فاقتادها حين رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالسا فأناخها ثم جلس عندها حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: من هذا؟ قال:
أنا حذيفة فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإنّي مسر إليك أمرا فلا تذكرنه: إني- نهيت أن أصلى على فلان وفلان رهط عدة من المنافقين ولا يعلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكرهم لأحد غير حذيفة.
فلما توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه في خلافته إذا مات الرجل ممن يظن به أنه من أولئك الرهط أخذ بيد حذيفة فقاده إلى الصلاة عليه فإن مشى معه حذيفة صلّى عليه عمر، وإن انتزع يده وأبى أن يمشي انصرف معه.
حدثني ابن أبي سبرة عن سليمان بن أبى سحيم عن نافع بن جبير قال:
لم يخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدا إلى حذيفة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه. قال الواقدي: وهم اثنا عشر رجلا ليس فيهم قرشي وهذا الأمر المجتمع عليه عندنا [ (3) ] وأبو ذر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.] [ (4) ] .
[ (1) ](مغازي الواقدي) : 3/ 1042- 1043 مختصرا.
[ (2) ](المرجع السابق) : 3/ 1044.
[ (3) ](مغازي الواقدي) : 3/ 1044- 1045 مختصرا.
[ (4) ] زيادة في (الأصل) .
خرج الإمام أحمد من حديث خالد بن ذكوان حدثني أيوب بن بشير عن فلان الغبرى [الغزى ولم يقل][ (1) ] أنه أقبل مع أبي ذر فلما رجع تقطع الناس عنه فقلت: يا أبا ذر إني سائلك [عن][ (2) ] بعض أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن كان سرا من سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم أحدثك به قلت ليس بسر ولكن كان إذا لقي الرجل يأخذ بيده يصافحه قال على الخير سقطت لم يلقني قط إلا أخذ بيدي غير مرة واحدة وكانت تلك آخرهن أرسل إلي في مرضه الّذي توفى فيه، فوجدته مضطجعا فأكببت عليه فرفع يده فالتزمني [ (3) ][رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم][ (2) ] .
وخرجه من حديث حماد بن سلمة قال أخبرني ابن أبى الحسين عن أيوب بن بشير بن كعب العدوي عن رجل من عتر أنه قال لأبي ذر حين سير من الشام فذكر الحديث وقال فيه: هل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه منه فقال: ما لقيته قط إلا صافحني [ (4) ][فقال أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم][ (5) ] .
خرج البخاري في كتاب الاستئذان باب حفظ السر من حديث معتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال سمعت أنس بن مالك [ (6) ] رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.
[ (1) ] زيادة من (مسند أحمد) .
[ (2) ] زيادة في (الأصل) .
[ (3) ](مسند أحمد) : 6/ 204، حديث رقم (20932) .
[ (4) ](مسند أحمد) : 6/ 211، حديث رقم (20965) .
[ (5) ] زيادة في (الأصل) .
[ (6) ](فتح الباري) : 11/ 97 كتاب الاستئذان، باب (46) حفظ السر، حديث رقم (6289) ولفظه:«سمعت أنس بن مالك أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم سرا فما أخبرت به أحدا بعده، ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به» .
قال بعض العلماء: كأن هذا السر كان يختص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فلو كان من العلم ما وسع أنسا كتمانه وقال ابن بطال: الّذي عليه أهل العلم أن السر لا يباح به إذا كان على صاحبه
وخرج مسلم [ (1) ] من حديث معتمر قال: وسمعت أبى يحدث عن أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم سرا فما أخبرت به أحدا بعد ولقد سألتني عنه أم سليم رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه فما أخبرتها به.
وخرج مسلم من حديث معمر قال أنبأنا عمار قال أنبأنا ثابت عن أنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: أتى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان قال فسلم علينا فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي فلما جئت قالت: ما حبسك قلت: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحاجة قالت: ما حاجته قالت؟ إنها سر،
[ () ] منه مضرة، وأكثرهم يقول: إنه إذا مات لا يلزمه كتمانه ما كان يلزم في حياته إلا أن يكون عليه فيه غضاضة.
قال الحافظ: الّذي يظهر انقسام ذلك بعد الموت: إلى ما يباح، وقد يستحب ذكره ولو كرهه صاحب السر، كأن يكون فيه تزكية له من كرامة أو منقبة أو نحو ذلك.
وإلى ما يكره مطلقا وقد يحرم وهو الّذي أسار إليه ابن بطال، وقد يجب كأن يكون فيه ما يجب ذكره كحق عليه كان يعذر بترك القيام به فيرجى بعده إذا ذكر لمن يقوم به عنه أن يفعل ذلك.
ومن الأحاديث الواردة في حفظ السر، حديث أنس «أحفظ سرى تكن مؤمنا» أخرجه أبو يعلى والخرائطى، وفيه على بن زيد، وهو صدوق كثير الأوهام، وقد أخرج أصله الترمذي وحسنه، ولكن لم يسق هذا المتن، بل ذكر بعض الحديث ثم قال: وفي الحديث طول.
وحديث «إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة، فلا يحل لأحد أن يفشي على صاحبه ما يكره» أخرجه عبد الرزاق من مرسل أبى بكر بن حزم.
وحديث جابر رفعه «إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة» . أخرجه ابن أبى شيبة، وأبو داود، والترمذي، وله شاهد من حديث أنس عند أبى يعلى. (فتح الباري) مختصرا.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 16/ 274، كتاب فضائل الصحابة، باب (32) من فضائل أنس ابن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (146) .