الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزبير بن العوام رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، فإن غاب أو اعتذر كتب جهم بن الصلت، وحذيفة بن اليمان رضى اللَّه عنهما [ (1) ] .
فصل في ذكر الخارص على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قال ابن سيده: خرص العود يخرصه، خرصا حزرة، وقيل: الخرص المصدر، والخرص الاسم، والخراص الحراز، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبعث من يخرص الثمار على أربابها لأجل الزكاة الواجبة في تلك الثمار توسعة عليهم، ورفقا بهم، لأنهم لو منعوا من أجل سهم المساكين من أكلها طيبا، ومن التصرف فيها بالصلة والصدقة لأضر بهم ذلك، وكانت عليهم فيه مشقة كبيرة، ولو تركوا، والمتصرف بالأكل وغيره لأضرّ ذلك بالمساكين، ولتلف كثير مما يجب فيه الزكاة، ولهذا كان توجيه النبي صلى الله عليه وسلم الخارص وإرساله إياه.
وقد وقع في (الموطأ) من رواية مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال ليهود خيبر [يوم الفتح] : أقركم [فيها] ، ما أقركم اللَّه [عز وجل][ (2) ] ، على أن الثمر بيننا وبينكم، قال: فكان رسول
[ (1) ](التراتيب الادارية) : 1/ 398- 399، ثم قال: نقل الحافظ في (تلخيص الحبير) عن القضاعي: كان الزبير وجهم يكتبان أموال الصدقات، وترجم الحافظ في (الإصابة) :
جهم بن سعد، فقال: ذكره القضاعي في كتاب (النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه هو والزبير كانا يكتبان أموال الصدقة، وكذا ذكره القرطبي في (المولد النبوي) من تأليفه.
ونقل القلقشندي في (صبح الأعشى)، عن (عيون المعارف وفنون أخبار الخلائف) للقضاعى: أن الزبير بن العوام، وجهم بن الصلت كانا يكتبان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم أموال الصدقات، وأن حذيفة بن اليمان كان يكتب له خرص النخل، فإن صح ذلك فتكون هذه الدواوين قد وضعت في زمانه صلى الله عليه وسلم (المرجع السابق) .
[ (2) ] زيادة للسياق من (الموطأ) .
اللَّه صلى الله عليه وسلم يبعث عبد اللَّه بن رواحة فيخرّص بينه وبينهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه [ (1) ] .
قال أبو عمر بن عبد البر: هكذا روى هذا الحديث بهذا الإسناد، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد جماعة رواة الموطأ، وكذلك رواه أكثر أصحاب الزهري، وقد وصله منهم صالح بن أبى الأخضر، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر دعي اليهود، فقال: نعطيكم الثمر على أن يعملوها على النصف، أقركم ما أقركم اللَّه،
وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبعث عبد اللَّه بن رواحة يخرصها عليهم، ثم يخبرهم أيأخذون بخرصه أم يتركون.
وقال معمر عن الزهري: في هذا الحديث خمس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيبر، ولم يكن له ولا لأصحابه عمال ليعملونها، ويزرعونها، فدعا يهود خيبر، وكانوا أخرجوا منها، فدفع إليهم خيبر أن تعملوها على النصف، يردونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقال لهم: أقركم على ذلك ما أقركم اللَّه،
فكان يبعث إليهم عبد اللَّه بن رواحة فيخرص النخل حين يطيب، ثم يحضر يهود يأخذونها بذلك الخرص، أو يدفعونها بذلك الخرص.
قال: وإنما أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذلك الخرص لكي تحصى الزكاة قبل أن يؤكل الثمر، ويفرق، وكانوا كذلك، وذكر تمام الخبر.
وخرج الإمام أحمد من حديث عبد الرزاق، قال: أنبأنا ابن جريج، قال: أخبرت عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبعث ابن رواحة إلى اليهود، فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه، ثم يخبرون يهود أيأخذونه بذلك الخرص أم يدفعونه عليهم بذلك، وإنما كان أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالخرص لكي يحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمرة، ويفرق [ (2) ] .
[ (1) ](موطأ مالك) : 494، كتاب المساقاة، باب ما جاء في المساقاة.
[ (2) ](مسند أحمد) : 7/ 234، حديث رقم (24777) من حديث السيدة عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها، حديث رقم (24778)، وفيه: " حين يطيب التمر، وقال: قبل أن يؤكل الثمار.
وقد اختصره أبو داود [ (1) ] ، ولم يذكر الزكاة أيضا، ولأحمد من حديث وكيع أنبأنا العمرى، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث ابن رواحة إلى خيبر، يخرص عليهم، ثم خيرهم أن يأخذوا أو يردوا، فقالوا: هذا الحق بهذا قامت السموات والأرض [ (2) ] .
وذكر ابن إسحاق أن عبد اللَّه بن رواحة، خرص عاما واحدا، ثم أصيب بموته، وكان جبار بن صخر أخو بنى سلمة، هو الّذي يخرص عليهم بعد عبد اللَّه بن رواحة، وكان جبار جاء من أهل المدينة وحاسبهم.
وقد روى أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، بعث سهل بن خثيمة خارصا خيبر.
وقال ابن شهاب، عن عتاب بن أسد أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثه، وأمره أن يخرص العنب، كما يخرص النخل، وأن يأخذ زكاة العنب زبيبا، كما يأخذ زكاة النخل تمرا، وذكره أبو داود [ (3) ] ،
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن
[ (1) ](سنن أبى داود) : 3/ 699، كتاب البيوع والإجارات، باب (36) في الخرص، حديث رقم (3413) ، (3414) ، (3415) ، بأسانيد وسياقات مختلفة.
[ (2) ] سبق تخريجه.
[ (3) ](سنن أبى داود) : 2/ 257، كتاب الزكاة، باب (13) في خرص العنب، حديث رقم (1603)، قال الخطابي في (معالم السنن) : إنما يخرص من الثمر ما يحيط به البصر بارزا لا يحول دونه حائل ولا يخفى موضعه في خلال ورق الشجر، والعنب في هذا المعنى كثمر النخل.
فأما سائر الثمار فإنّها لا تجرى فيها الخرص لأن هذا المعنى فيها معدوم وفائدة الخرص ومعناه أن الفقراء شركاء أرباب الأموال في الثمر فلو منع أرباب المال من حقوقهم ومن الانتفاع بها إلى أن تبلغ الثمرة غاية جفافها لأضر ذلك بهم، ولو انبسطت أيديهم فيها لأخل ذلك بحصة الفقراء منها إذ ليس مع كل أحد من التقية ما تقع به الوثيقة في أداء الأمانة فوضعت الشريعة هذا المعيار ليتوصل به أرباب الأموال إلى الانتفاع ويحفظ على المساكين حقوقهم. وإنما يفعل ذلك عند أول وقت «بدو» صلاحها قبل أن يؤكل ويستهلك ليعلم حصة الصدقة منها فيخرج بعد الجفاف بقدرها تمرا وزبيبا. -
سابق، قال: أنبأنا إبراهيم بن طهمان، عن أبى الزبير، عن جابر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أنه قال: أفاء اللَّه خيبر على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأقرهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [كما كانوا][ (1) ] ، وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد اللَّه بن رواحة فخرصها عليهم، ثم قال: يا معشر اليهود أنتم أبغض [الخلق] إليّ، [قتلتم أنبياء اللَّه] وكذبتم على اللَّه، وليس يحملني بغضي إياكم على أن أحيف عليكم، قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم، وإن
[ () ] وفيه دليل على صحة القسمة في الثمار بين الشركاء بالخرص لأنه إذا صح ان يكون عيارا في إفراز حصة الفقراء من حصة أرباب الأموال كان كلك عيارا في إفراز حصص الشركاء.
قلت: ولم يختلف أحد من العلماء في وجوب الصدقة في التمر والزبيب، واختلفوا في وجوب الصدقة في الزيتون، فقال ابن أبى ليلى: لا زكاة فيه لأنه" أدم غير مأكول بنفسه وهو آخر قولي الشافعيّ وأوجبها أصحاب الرأى وهو قول مالك والأوزاعي والثوري إلا أنهم اختلفوا في كيفية ما يؤخذ من الواجب فيه فقال أصحاب الرأى: يؤخذ من ثمرته العشر أو نصف العشر.
قال الأوزاعي: يؤخذ العشر منه بعد أن يعصر زيتا صافيا.
وأما الحبوب فقد اختلف العلماء فيها فقال أصحاب الرأى تجب الصدقة في الحبوب ما كان مقتاتا منها أو غير مقتات.
وقال الشافعيّ: كل ما جمع من الحبوب أن يزرعه الآدميون وييبس ويدخر ويقتات ففيه الصدقة، فأما ما يتفكه به أو ما يؤتدم به أو يتداوى به فلا شيء فيه.
وأخرجه الترمذي في الزكاة باب في الخرص حديث (644)، وقال:[هذا حديث حسن غريب] وابن ماجة في الزكاة باب خرص النخل والعنب حديث (1819) قال الترمذي: [وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن عروة عن عائشة، وسألت محمدا- يعنى البخاري- عن هذا، فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ وحديث سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أصح] .
قال المنذري: [وذكر غيره أن هذا الحديث منقطع، وما ذكره ظاهر جدا، فإن عتاب بن أسيد توفى في اليوم الّذي توفى فيه أبو بكر الصديق رضى اللَّه عنهما، ومولد سعيد بن المسيب في خلافة عمر، سنة خمسة عشرة، على المشهور، وقيل: كان مولده بعد ذلك، واللَّه أعلم] .
[ (1) ] زيادة للسياق من (المسند) .
[أبيتم] فلي، فقالوا:[لهذا] قامت السموات والأرض [ (1) ] . [قد أخذنا فاخرجوا عنا] .
وذكر الواقدي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لما فتح خيبر، سأله يهود، فقالوا:
يا محمد نحن أرباب النخل، وأهل المعرفة بها، فساقاهم على الشطر من التمر، والزرع، وكان يزرع تحت النخل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أقركم ما أقركم اللَّه، فكانوا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى توفى، وأبى بكر، وصدرا من خلافة عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبعث عبد اللَّه بن رواحة، يخرص عليهم النخل، فإذا خرص قال: إن شئتم فلكم وتضمنون نصف ما خرصت، وإن شئتم لنا، ويضمن لكم ما خرصت، وأنه خرص عليهم أربعين ألف وسق فجمعوا له حليا من حلى نسائهم. فقالوا: هذا لك وتجاوز في القسم، فقال: يا معشر يهود واللَّه إنكم لمن أبغض خلق اللَّه إلى، وما ذاك يحملني أن أحيف عليكم، قالوا: لهذا قامت السموات والأرض،
وكان عبد اللَّه يخرص عليهم، فلما قتل يوم موته، بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم بن التيهان، يخرص عليهم، ويقال جبار بن صخر، وكان نصنع بهم مثل ما كان يصنع ابن رواحة، ويقال: الّذي خرص بعد ابن رواحة عليهم فروة بن عمرو [ (2) ] .
[ (1) ](مسند أحمد) : 4/ 344، حديث رقم (14536) من مسند جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 2/ 690- 691.