الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في وقت إغارة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
خرج البخاري [ (1) ] من حديث حميد الطويل عن أنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا- وكان إذا أتى قوما بليل لم يقربهم حتى يصبح- فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد واللَّه، محمد والخميس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
ذكره في كتاب الصلاة في باب ما يحقن بالأذان من الدماء. وذكره في كتاب المغازي، ولفظه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا وكان إذا أتى قوما بليل لم يغزهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 593- 594 كتاب المغازي، باب (39) غزوة خيبر حديث رقم (4197)، قوله:«أتى خيبر ليلا» أي قرب منها، وذكر ابن إسحاق أنه نزل بواد يقال له الرجيع بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم، قال: فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر، فسمعوا حسا خلفهم فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم، فرجعوا فأقاموا وخذلوا أهل خيبر.
قوله: «لم يغز بهم حتى يصبح» كذا للكثر من الإغارة، ولأبى ذر عن المستملي «لم يقربهم»
بفتح أوله وسكون القاف وفتح الراء وسكون الموحدة، فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار، قال: فخرجنا إلى خيبر فانتهينا إليهم ليلا فلما أصبح ولم يسمع أذانا ركب.
وحكى الواقدي أن أهل خيبر سمعوا بقصده لهم، فكانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين فلا يرون أحدا. حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون ناموا فلم تتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك، وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين.
قوله: «بمساحيهم»
بمهملتين جمع مسحاة وهي من آلات الحرث
«ومكاتلهم»
جمع مكتل وهو القفة الكبيرة التي يحول فيها التراب وغيره. وعند أحمد من حديث أبى طلحة في نحو هذه القصة «حتى إذا كان عند السحر وذهب ذو الزرع إلى زرعه وذو الضرع إلى ضرعه أغار عليهم.
يؤخذ من هذا الحديث التفاؤل، لأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى آلات الهدم أخذ منه أن مدينتهم ستخرب، ويحتمل أن يكون
قال «خربت خيبر»
بطريق الوحي. ويؤيده قوله بعد ذلك:
«إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» . (فتح الباري) مختصرا.
رأوه قالوا: محمد واللَّه والجيش فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، وذكره في غزوة خيبر من حديث محمد بن سيرين وثابت البناني، وعبد العزيز بن صهيب، عن أنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه وخرجه مسلم [ (1) ] من طرق متعددة.
وخرج مسلم [ (2) ] وابن أبى خيثمة من حديث يحيى بن سعيد، عن حماد ابن سلمة قال: أنبأنا ثابت، عن أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر وكان يستمع الأذان فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار، فسمع رجلا يقول اللَّه أكبر اللَّه أكبر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: على الفطرة، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه أشهد أن لا إله إلا اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار فنظروا فإذا هو راعى معزى.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 405، كتاب الجهاد، باب (43) غزوة خيبر، حديث رقم (1865) ،
قوله: «اللَّه أكبر خربت خيبر»
فيه استحباب التكبير عند اللقاء، قال القاضي: قيل:
تفاءل بخرابها بما رآه في أيديهم من آلات الخراب من الفؤوس والمساحي وغيرها، وقيل أخذه من اسمها، والأصح أنه أعلمه اللَّه تعالى بذلك.
قوله صلى الله عليه وسلم «إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين»
الساحة الفناء وأصلها الفضاء بين المنازل، ففيه جواز الاستشهاد في مثل هذا السياق بالقرآن في الأمور المحققة، وقد جاء لهذا نظائر كثيرة كما
في فتح مكة أنه صلى الله عليه وسلم جعل يطعن في الأصنام ويقول: جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد،
وقوله: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
قال العلماء: يكره من ذلك ما كان على ضرب الأمثال في المحاورات والمزح ولغو الحديث فيكره في كل ذلك تعظيم لكتاب اللَّه تعالى. (شرح النووي) مختصرا.
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 4/ 326، كتاب الصلاة، باب (6) الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع فيهم الأذان، حديث رقم 382
قوله صلى الله عليه وسلم: «خرجت من النار»
أي بالتوحيد، واحتج به في أن الأذان مشروع للمنفرد، وهذا هو الصحيح المشهور في مذهبنا ومذهب غيرنا.
وفي الحديث دليل على أن الأذان يمنع الإغارة على أهل ذلك الموضع فإنه دليل على أسلمهم، وفيه أن النطق بالشهادتين يكون إسلاما وإن لم يكن باستدعاء ذلك منه وهذا هو الصواب.
(شرح النووي) : مختصرا.