المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة ومتوليها يقال له المحتسب [ (1) ] - إمتاع الأسماع - جـ ٩

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد التاسع]

- ‌فصل في ذكر عمرات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته

- ‌وأما عمرة القضاء

- ‌وأما عمرة الجعرانة [ (1) ]

- ‌فصل في ذكر حجة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة

- ‌فصل في ذكر من حدّث عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته

- ‌وأما الأحاديث [الإلهية] [ (1) ]

- ‌وأما الحكمة، وهي سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما مجيء الجبال إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة

- ‌وأما الملك الّذي نزل بتصويب الحباب

- ‌وأما اجتماعه صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ورؤيتهم في ليلة الإسراء

- ‌وأما حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام

- ‌وأما حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن تميم الداريّ [ (1) ]

- ‌وأما حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قسّ بن ساعدة

- ‌وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبى كبشة

- ‌ فصل في ذكر من حدث وروى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أصحابه رضى اللَّه تعالى عنهم بمكة والمدينة وغيرهما من البلدان التي غزا إليها وحلها بعرفة ومنى غير ذلك

- ‌إسلام الجن، وإنذارهم قومهم

- ‌وأما الصحابة رضوان اللَّه عليهم

- ‌أما المهاجرون

- ‌ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

- ‌وأما السابقون الأولون

- ‌وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم بن أبى الأرقم بن عبد مناف بن أسد بن عبد اللَّه ابن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ [ (1) ]

- ‌وأما المستضعفون الذين عذبوا في اللَّه

- ‌وأما المهاجرون إلى الحبشة

- ‌وأما من أسلم قبل الفتح

- ‌وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان [ (1) ] تحت الشجرة بالحديبية

- ‌وأما رفقاؤه النجباء

- ‌وأما أهل الفتيا من أصحابه رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم

- ‌فصل في ذكر أنصار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج يثرب

- ‌فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج

- ‌فصل في ذكر ما أكرم اللَّه تعالى به الأوس والخزرج من لقاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومبادرتهم إلى إجابته ودخولهم في طاعته، وتصديقهم برسالته ومسارعتهم إلى مبايعته [وحرصهم] على إيوائه ونصرته، بعد ما عرض نفسه على قبائل العرب فردوه ولم يقبلوه

- ‌أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت

- ‌ثم لقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بنى عبد الأشهل

- ‌وكان من خبر يوم بعاث [ (1) ]

- ‌فصل في ذكر خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من مكة إذ مكر به المشركون، وهجرته إلى المدينة دار هجرته ونزوله على الأنصار رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم وتلاحق المهاجرين به [صلى الله عليه وسلم]

- ‌فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة

- ‌فصل في ذكر من بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقههم في الدين

- ‌عقوبة من سب أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر [أمراء] سرايا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فأما اعتذاره صلى الله عليه وسلم عن التخلف

- ‌فصل في ذكر من استخلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة

- ‌فصل في ذكر من استعمله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في نصرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالرعب

- ‌فصل في ذكر مشورة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه

- ‌فصل في ذكر ما كان يقوله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا غزا

- ‌فصل في ذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورّى بغيرها

- ‌فصل في وقت إغارة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر الوقت الّذي كان يقاتل فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم

- ‌فصل في ذكر شعار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حروبه

- ‌فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر ما كان للنّبيّ عليه السلام من الغنيمة

- ‌فصل في ذكر من جعله النبي عليه السلام على مغانم حروبه

- ‌فصل في ذكر من كان على ثقل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر من حدا [ (1) ] برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أسفاره

- ‌فصل في ذكر وزير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر صاحب سر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر من كان يكتب الوحي لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الّذي كان يختم به

- ‌فصل في ذكر ما كان يختم به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتبه

- ‌فصل في ذكر صاحب خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمه العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم

- ‌فصل في ذكر ما أقطعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأرضين ونحوه

- ‌فصل في ذكر أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج

- ‌فصل في ذكر عمال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الجزية

- ‌فصل في ذكر عمال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الزكاة

- ‌فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر الخارص على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة ومتوليها يقال له المحتسب [ (1) ]

الفصل: ‌فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة ومتوليها يقال له المحتسب [ (1) ]

‌فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة ومتوليها يقال له المحتسب [ (1) ]

اعلم أن الحسبة أمر بالمعروف، إذا ظهر تركه، ونهى عن المنكر، إذا ظهر فعله، والأصل أن الاحتساب طلب الأجر، والاسم الحسبة [ (2) ] .

[ (1) ] قال الإمام العلامة أبو الفضل جمال الدين بن مكرم بن منظور الإفريقيّ المصريّ: الحسبة في الأمر: أي حسن التدبير والنظر فيه، وليس هو من احتساب الأجر وفلان محتسب البلد، ولا تقل: محسبه (لسان العرب) : 1/ 317.

[ (2) ] قال العلامة مصطفى بن عبد اللَّه القسطنطىّ الرومىّ الحنفىّ، الشهير بالملا كاتب الجلبى، والمعروف بحاجى خليفة، في (كشف الظنون) : 1/ 77- 78: علم الاحتساب: وهو علم باحث عن علم الاحتساب وهو علم باحث عن الأمور الجارية بين أهل البلد من معاملاتهم اللاتي لا يتم التمدن بدونها من حيث إجرائها على قانون العدل بحيث يتم التراضي بين المتعاملين وعن سياسة العباد بنهي عن المنكر وأمر بالمعروف بحيث لا يؤدى إلى مشاجرات وتفاخر بين العباد بحسب ما رآه الخليفة من الزجر والمنع ومبادئه بعضها فقهي، وبعضها أمور استحسانية ناشئة من رأى الخليفة، والغرض منه تحصيل الملكة في تلك الأمور، وفائدته إجراء أمور المدن في المجاري على الوجه الأتم، وهذا العلم من أدق العلوم ولا يدركه إلا من له فهم ثاقب، وحدس صائب، إذ الأشخاص والأزمان والأحوال ليست على وتيرة واحدة، فلا بد لكل واحد من الزمان والأحوال سياسة خاصة، وذلك من أصعب الأمور فلذلك لا يليق بمنصب الاحتساب إلا من له قوة قدسية مجردة عن الهوى، كعمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، ولذلك كان علما في هذا الشأن كذا في (موضوعات) لطف اللَّه، وعرفه المولى أبو الخير بالنظر في أمور أهل المدينة بإجراء ما رسم في الرئاسة وما تقرر في الشرع ليلا ونهارا سرا وجهارا ثم قال وعلم الرئاسة [السياسة] المدنية مشتمل على بعض لوازم ها المنصب ولم نر كتابا صنف فيه خاصة وذكر في (الأحكام السلطانية) ما يكفى.

وتقول الدكتورة سعاد مصطفى أبو زيد في (الحسبة في مصر الإسلامية) : والمصادر التي تتحدث عن الحسبة شرعا تذكر دون استثناء تقريبا أنها وظيفة دينية أساسها الأمر بالمعروف-

ص: 386

_________

[ () ] والنهى عن المنكر، والمقصود بالمعروف هنا هو كل قول أو فعل أو قصد حسنه الشارع وأمر به، والمنكر هو: هو كل قول أو فعل أو قصد قبحه الشارع ونهى عنه.

وقد حبب اللَّه إلينا الخير، وأمرنا أن ندعو إليه، فكره إلينا المنكر ونهانا عنه، وأمرنا بمنع غيرنا منه، ونحن نجد في نصوص القرآن الكريم وفي الآيات البينات خير أدلة على ذلك، فقد صدر الأمر بها صراحة في قوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ كذلك امتدحها في قوله: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وكذلك جعلها من صفات الإيمان وقرنها بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وطاعة اللَّه مع تقديمها في الذكر في قوله:

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ كما قرنها بكثير من صفات المؤمنين في قوله: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وجعل تركها والعمل بخلافها من صفات المنافقين في قوله: الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ، وذم من تركها وجعل تركها سببا للعنة في قوله: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ* كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ.

ثم أضافت الدكتورة سعاد مصطفى أبو زيد في (المرجع نفسه) ، الملحق رقم (5) وأثبتت به جدولا بأسماء أهم المحتسبين في مصر، وسنوات توليتهم، والحكام الذين تولوا في عهودهم، مؤيدا بالمراجع المتخصصة في الموضوع، وذلك من ص 252- 272، فليراجع هناك.

وأفرد الدكتور أحمد عبد الرزاق أحمد، في كتابه (البذل والبرطلة زمن سلاطين المماليك، دراسة عن الرشوة)، فصلا خاصا أسماه: الوظائف الدينية والبذل والبرطلة، فقال:

أما الحسبة، خامس الوظائف الدينية الرفيعة التي كان لصاحبها مجلس بالحضرة السلطانية، وبدار العدل الشريف، فقد فسد أيضا أمرها نتيجة للبذل عليها طوال عصر سلاطين المماليك، وفي هذا المعنى يقول أحد كتاب القرن الثامن الهجريّ الرابع عشر الميلادى: «وأما أمر

ص: 387

_________

[ () ] الحسبة فاعلموا- رحمكم اللَّه- أن أمرها قد فسد، واستحكم فساده، وكثر الطمع في أموال الناس يسببها، وقد بقيت سيئة فلا يحل للسلطان أن يوليها أحدا، ولا حاجة للناس بها.

والحق أن البذل على هذه الوظيفة يعتبر أحد الأسباب الرئيسية، التي عجلت يتدهورها وانهيارها، خاصة وأن الأمر لم يعد يقتصر على توليها بالرشوة والبراطيل، وإنما استقر الحال على توليها حسب مصطلح العصر عن طريق البذل، مما أدى إلى كثرة الطامعين فيها وإلى المزايدة عليها فيما بينهم، وبالتالي لم يعد المحتسب بحاجة إلى مجرد تناول رشوة مقنعة أو خفية، وإنما وصل به الحال إلى فرض مقررات شهرية على الباعة والتجار وأصحاب الحرف والصنائع.

ولهذا لم يكن عجيبا أن تسير الحسبة بخطي سريعة إلى الهاوية، بسبب تلاعب الجهلة بهذا المنصب الجليل، ففي سنة 809 هـ 1406 م، والتي يعدها وليها في الشهر الواحد ثلاثة أو أربعة، " بسبب ذلك أنهم فرضوا على المنصب مالا مقررا، فكان من قام في نفسه أن يليه يزن المبلغ ويخلع عليه، ثم يقوم آخر ويزن ويصرف الّذي قبله.

وفي رمضان سنة 789 هـ/ 1387 م، استقر نجم الدين محمد الطنبدى، وكيل بيت المال في حسبة القاهرة، عوضا عن جمال الدين محمود القيصري بحكم انتقاله إلى قضاء العسكر بعد أن سعى فيها بخمسين ألف درهم، قيمتها يومئذ أكثر من ألفى دينار ذهب.

ويبدو أن بهاء الدين محمد بن البرجي كان دائب السعي على هذه الوظيفة بدليل أنه عاد إليها في شهر ربيع الأول سنة 799 هـ/ 1397 م، بمال قام به في ذلك، إذ أنه لم يل قط إلا بمال، فتشاءم الناس من ولايته.

وفي شعبان من نفس العام استقر زين الدين شعبان الآثاري في حسبة الفسطاط، عوضا عن نور الدين على بن عبد الوارث البكري بمال التزم به، يبدو أنه استدان أغلبه، لأنه يفهم من المصادر المعاصرة أنه اضطر إلى الفرار من هذا المنصب في شهر ذي القعدة سنة 800 هـ 1398 م، هربا من مطالبة أرباب الديون بمالهم، فخلع بها على شمس الدين محمد الشاذلى، الّذي كان عاريا من العلم، غاية في الجهل، حتى تولى بالبذل والبراطيل.

وحل القرن التاسع الهجريّ لتدخل الحسبة أخطر مراحل تدهورها وانهيارها، بسبب كثرة البذل والسعي عليها، مما نتج عنه عدم استقرار هذه الوظيفة البالغة الأهمية بالنسبة للحياة الاقتصادية، ويكفى للتدليل على ذلك، أنه وليها على مدى هذا القرن مائة وثلاثة وعشرين

ص: 388

وخرج البخاري من حديث الليث عن يونس عن ابن شهاب قال:

أخبرنى سالم بن عبد اللَّه، أن ابن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، قال: رأيت الناس في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافا [يعنى الطعام] يضربون أن يبيعون في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم [ (1) ] .

[ () ] محتسبا للقاهرة فقط، اتهمت المصادر المعاصرة أغلبهم بالسعي عليها بالمال رغم جهلهم وسوء سلوكهم.

ويجمع المعاصرون على أن أضخم مبلغ بذل على هذه الوظيفة خلال القرن التاسع الهجريّ الخامس عشر الميلادى، هو عشرة آلاف دينار، بذلها شمس الدين بن يعقوب في المحرم سنة 820 هـ 1317 م، على هيئة هدايا قدمها للسلطان المؤيد، ومع ذلك فلم يمكث فيها سوى ستة أشهر، حيث عزل في جمادى الآخرة، بعد أن سعى عليه عماد الدين ابن بدر الدين ابن الرشيد.

قال محققه: ومع ذلك فهناك ثلاثة من الأتقياء العلماء العاملين قد شغلوا وظيفة المحتسب بجدارة، وعن استحقاق، وبعضهم شغلها أكثر من مرة، وهم:

- بدر الدين العيني، صاحب كتاب (عمدة القاري بشرح صحيح البخاري) ، وصاحب قصر العيني المقام عليه كلية الطب- جامعة القاهرة حتى الآن.

- أحمد بن على بن عبد القادر المقريزي، تقى الدين، المؤرخ، صاحب كتاب (إمتاع الأسماع) .

- أحمد بن على بن حجر صاحب كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري)، والّذي قال عنه السيوطي في (طبقات الحفاظ) :«حافظ الدنيا على الإطلاق» .

[ (1) ](فتح الباري) : 4/ 441، كتاب البيوع، باب (56) من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك، حديث رقم (2137)، قوله:«باب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك» أي تعزير من يبيعه قبل أن يؤويه إلى رحله، ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك، وهو ظاهر فيما ترجم له، وبه قال الجمهور، لكنهم لم يخصوه بالجزاف ولا قيدوه بالإيواء إلى الرحال، أما الأول فلما ثبت من النهى عن بيع الطعام قبل قبضه فدخل فيه المكيل، وورد التنصيص على المكيل من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا أخرجه أبو داود. -

ص: 389

وخرجه مسلم من حديث ابن وهب، قال: أخبرنى يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرنى سالم أن أباه قال: قد رأيت الناس في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذا ابتاعوا الطعام جزافا يضربون أن يبيعوه في مكانهم، ذلك حتى تؤوي

[ () ] وأما الثاني: فلان الإيواء إلى الرحال خرج مخرج الغالب، وفي بعض طرق مسلم عن ابن عمر:«كنا نبتاع الطعام فيبعث إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من يأمرنا بانتقاله من المكان الّذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه،» وفرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل:

فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه وبه قال الأوزاعي وإسحاق، واحتج لهم بأن الجزاف مر بي فتكفى فيه التخلية، والاستيفاء إنما يكون في مكيل أو موزون، وقد روى أحمد من حديث ابن عمر مرفوعا «من اشترى طعاما بكيل أو وزن فلا يبيعه حتى يقبضه» .

ورواه أبو داود والنسائي بلفظ «نهى أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه» والدار قطنى من حديث جابر «نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجرى فيه الصاعان البائع والمشترى» ونحوه للبزار من حديث أبى هريرة بإسناد حسن، وفي ذلك دلالة على اشتراط القبض في المكيل بالكيل وفي الموزون بالوزن، فمن اشترى شيئا مكايلة أو موازنة فقبضه جزافا فقبضه فاسد، وكذا لو اشترى مكايلة فقبضه موازنة وبالعكس، ومن اشترى مكايلة وقبضه ثم باعه لغيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا، وبذلك كله قال الجمهور، وقال عطاء: يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقا، وقيل: إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول، وإن باعه بنسيئة لم يجز بالأول والأحاديث المذكورة ترد عليه، وفي الحديث مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة، وإقامة الإمام على الناس من يراعى أحوالهم في ذلك واللَّه تعالى أعلم.

وفي هذا الحديث جواز بيع الصبرة جزافا سواء علم البائع قدرها أم لم يعلم، وقال ابن قدامة: يجوز بيع الصبرة جزافا لا نعلم فيه خلافا إذا جهل البائع والمشترى قدرها فإن اشتراها جزافا ففي بيعها قبل نقلها روايتان عن أحمد، ونقلها قبضها.

ص: 390

إلى رحالهم [ (1) ]، [قال ابن شهاب: وحدثني عبيد اللَّه بن عمر أن أباه كان يشترى طعاما جزافا فيحمله إلى أهله] [ (2) ] .

وخرجه البخاري أيضا في كتاب الحدود من حديث معمر، عن الزهري عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه، أنهم كانوا يضربون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم. ذكره في باب كم التعزير والأدب [ (3) ] .

وخرجه مسلم بهذا السند، ولفظه: عن ابن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه عنهما، أنهم كانوا يضربون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذا اشتروا طعاما جزافا، أن يبعوه في مكانه حتى يحولوه [ (4) ] .

وخرجه البخاري أيضا من حديث الأوزاعي [عن الزهري] عن سالم، عن أبيه رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أن يبيعوه، حتى يؤووه إلى رحالهم، ذكره في باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة [ (5) ] .

[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 10/ 427، كتاب البيوع، باب (8) بطلان بيع المبيع قبل القبض، حديث رقم (38) .

[ (2) ] ما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .

[ (3) ](فتح الباري) : 12/ 216، كتاب الحدود، باب (42) كم التعزير والأدب، حديث رقم (6852)، قال الحافظ في (الفتح) : التعزير مصدر عزره، وهو مأخوذ من العزر، وهو الرد والمنع، واستعمل في الدفع عن الشخص، كدفع أعدائه عنه، ومنعهم إضراره، ومنه:

وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ، وكدفعه عن إتيان القبيح، ومنه: عزره القاضي أي لئلا يعود إلى القبيح، ويكون بالقول وبالفعل، بحسب ما يليق به، والمراد بالأدب في الترجمة التأديب، وعطفه على التعزير لأن التعزير يكون بسبب المعصية، والتأديب أعم منه. (فتح الباري) .

[ (4) ](مسلم بشرح النووي) : 10/ 427، كتاب البيوع، باب (8) بطلان بيع المبيع قبل القبض، حديث رقم (37) .

[ (5) ](فتح الباري) : 4/ 437، كتاب البيوع، باب (54) ما يذكر في بيع الطعام أو الحكرة، حديث رقم (2131)، قال الحافظ في (الفتح) قوله:«باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة» -

ص: 391

وخرج مسلم من حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، قال: كنا في زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام، فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الّذي اتبعناه فيه، إلى مكان سواه قبل أن نبيعه [ (1) ] .

[ () ] أي بضم المهملة وسكون الكاف: حبس السلع عن البيع، هذا مقتضى اللغة، وليس في أحاديث الباب للحكرة ذكر كما قال الإسماعيلي، وكأن المصنف استنبط ذلك من الأمر بنقل الطعام إلى الرحال ومنع بيع الطعام قبل استيفائه، فلو كان الاحتكار حراما لم يأمر بما يؤول إليه، وكأنه لو يثبت عنده

حديث معمر بن عبد اللَّه مرفوعا ولا يحتكر إلا خاطئ «أخرجه مسلم،

لكن مجرد إيواء الطعام إلى الرحال لا يستلزم الاحتكار الشرعي، لأن الاحتكار الشرعي إمساك الطعام عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة الناس إليه، وبهذا فسره مالك عن أبى الزناد عن سعيد بن المسيب، وقال مالك فيمن رفع طعاما من ضيعته إلى بيته: ليست هذه بحكرة، وعن أحمد إنما يحرم احتكار الطعام المقتات دون غيره من الأشياء، ويحتمل أن يكون البخاري أراد بالترجمة بيان تعريف الحكرة التي نهى عنها في غير هذا الحديث وأن المراد بها قدر زائد على ما يفسره أهل اللغة، فساق الأحاديث التي فيها تمكين الناس من شراء الطعام ونقله، ولو كان الاحتكار ممنوعا لمنعوا من نقله، أو لبين لهم عند نقله المدى الّذي ينتهون إليه، أو لأخذ على أيديهم من شراء الشيء الكثير الّذي هو مظنة الاحتكار، وكل مشعر بأن الاحتكار إنما يمنع في حالة مخصوصة بشروط مخصوصة، وقد ورد في ذم الاحتكار أحاديث: منها حديث معمر المذكور أولا

وحديث عمر مرفوعا «من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللَّه بالجذام والإفلاس» رواه ابن ماجة وإسناده حسن،

وعنه مرفوعا قال: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون» أخرجه ابن ماجة والحاكم إسناده ضعيف، وعن ابن عمر مرفوعا «من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد بريء من اللَّه وبريء منه.» أخرجه أحمد والحاكم وفي إسناده مقال.

وعن أبى هريرة مرفوعا «من احتكر حكرة يريد أن يغالى بها على المسلمين فهو خاطئ.

» أخرجه الحاكم.

[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 10/ 426، كتاب البيوع، باب (8) بطلان بيع المبيع قبل القبض، حديث رقم (33)، قال الإمام النووي: وفي هذه الأحاديث النهى عن بيع المبيع حتى يقبضه البائع، واختلف العلماء في ذلك فقال الشافعيّ لا يصح بيع المبيع قبل قبضه سواء كان طعاما-

ص: 392

وخرجه أبو داود، وزاد في آخره: «يعنى نشتري به جزافا [ (1) ] ، وخرجه النسائي أيضا [ (2) ] .

وخرج البخاري من حديث موسى بن عقبة، عن نافع قال: أنبأنا ابن عمر أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه، حتى ينقلوه حيث

[ () ] أو عقارا، أو منقولا، أو نقدا، أو غيره. وقال عثمان البتي: يجوز في كل مبيع. وقال أبو حنيفة: لا يجوز في كل شيء إلا العقار. وقال مالك: لا يجوز في الطعام ويجوز فيما سواه، ووافقه كثيرون. وقال آخرون: لا يجوز في المكيل والموزون ويجوز فيما سواهما. أما مذهب عثمان البتي فحكاه المازري والقاضي ولم يحكه الأكثرون بل نقلوا الإجماع على بطلان بيع الطعام المبيع قبل قبضه قالوا: وإنما الخلاف فيما سواه فهو شاذ متروك واللَّه تبارك وتعالى أعلم.

[ (1) ](سنن أبى داود) : 3/ 760- 761، كتاب البيوع والإجارات، باب (67) في بيع الطعام قبل أن يستوفي، حديث رقم (3493) .

قال الخطابي: القبوض تختلف في الأشياء بحسب اختلافها في أنفسها وحسب اختلاف عادات الناس فيها، فمنها ما يكون بأن يوضع المبيع في يد صاحبه ومنها ما يكون بالتخلية بينه وبين المشترى، ومنها ما يكون بالنقل من موضعه ومنها ما يكون بأن يكتال وذلك فيما بيع من المكيل كيلا، فأما ما يباع منه جزافا صبرة مضمومة على الأرض فالقبض فيه: أن ينقل ويحول من مكانه، فإن ابتاع طعاما كيلا ثم أراد أن يبيعه بالكيل الأول لم يجز حتى يكليه على المشترى ثانيا،

وذلك لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجرى فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشترى» .

وممن قال إنه يجوز بيعه بالكيل الأول حتى يكال ثانيا: أبو حنيفة وأصحابه، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وهو مذهب الحسن البصريّ، ومحمد بن سيرين، والشعيبي، وقال مالك: إذا باعه نسيئة فهو المكروه، فأما إذا باعه نقدا فلا بأس أن يبيعه بالكيل الأول، وروى عن عطاء أنه أجاز بيعه نسيئة كان أو نقدا.

[ (2) ](سنن النسائي) : 7/ 231، كتاب البيوع، باب (57) بيع ما يشترى من الطعام جزافا قبل أن ينقل من مكانه، حديث رقم (4619) .

قال السيوطي في قوله: «من يأمرنا» هذا أصل إقامة المحتسب أهل السوق. -

ص: 393

يباع الطعام [ (1) ] . وذكر أبو عمر بن عبد البر، أن سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، استعمله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد الفتح على سوق مكة، فلما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، خرج معه، فاستشهد [ (2) ] ، واستعمل عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه على سوق المدينة السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود، مع عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود [ (3) ]

[ (1) ] وأخرج الإمام أحمد قريبا منه في (المسند) : 2/ 296، حديث رقم (6156) ، من مسند عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.

[ (2) ] ترجمته في (الاستيعاب) : 2/ 621، ترجمة رقم (984)، (الإصابة) : 3/ 105 ترجمة رقم (3265) .

[ (3) ] هو السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود بن أخت النمر مختلف في نسبته، فقيل:

كثانى، وقيل: كندى، وقيل: ايثى، وقيل: سلمى، وقيل: هذلي، وقيل: أزدى، وقال ابن شعاب: هو من الأزد، وعداوة في بنى كنانة، وقيل: هو حليف لبني أمية، أو لبني عبد شمس ولد في سنة الثانية من الهجرة، فهو يرب ابن الزبير، والنعمان بن بثير في قول من قال ذلك، كان عاملا لعمر على سوق المدينة مع عبد اللَّه بن عتبة مسعود.

وقال السائب: حج بى أبى مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وانا ابن سبع سنين، هذه رواية محمد بن يوسف، عنه.

قال ابن عيينة، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك تلقاه الناس، فتلقيته مع الناس، وقال مرة: مع الغلمان، وفي حجة الوداع أيضا.

حدثنا محمد بن الحكم، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا غسحاق ابن أبى حيان [الأنماطي] ، حدثنا هشام بن عمارة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا الجعيد ابن عبد الرحمن، قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: ذهبت بى خالتي الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابن أختى وجع، فدعا لي، ومسح برأسي، ثم توضأ، فشبت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه كأنه زر الحجلة.

اختلف في وقت وفاته، واختلف في سنه ومولده، فقيل: توفى سنة ثمانين، وقيل: سنة ست وثمانين، وقيل: سنة إحدى وتسعين، وهو ابن أربع وتسعين وقيل: بل

ص: 394

[وسليمان بن أبى خيثمة][ (1) ] .

وقال ابن أبى خثيمة [كانت الشفاء ممن استعمله عمر على سوق المدينة][ (2) ] ، والشفاء هذه هي الشفاء أم سليمان بنت عبد اللَّه بن قرط بن رزاح ابن عدي بن كعب العدوية [ (3) ] ، وكانت سمراء بنت نهيك الأسدية ممن أدركت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعمرت وكانت تمر في الأسواق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتضرب الناس على ذلك بسوط معها [ (4) ] .

[ () ] توفى وهو ابن ست وتسعين، وقال الواقدي: ولد السائب بن يزيد ابن أخت النمر- وهو رجل من كندة من أنفسهم، له حلف في قريش- في سنة ثلاث من التاريخ، له ترجمة في (الاستيعاب) : 2/ 576- 577، (الإصابة) : 3/ 26- 28، ترجمة رقم (3079) .

[ (1) ] زيادة للسياق من (افصابه) : 3/ 27.

[ (2) ] ما بين الحاصرتين سياقه مضطرب في (الأصل) ، وصوبناه من قواميس التراجم.

[ (3) ] هي الشفاء بنت عبد اللَّه بن عبد شمس بن خلف بن شداد- أو صيداد- بن عبد اللَّه بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشية العدوية، وقيل: خالد بدل خلف، وقيل: صداد بدل شداد، وقيل: ضرار، أمها فاطمة بنت وهب بن عمرو بن عائد بن عمران المخزومية.

أسلمت الشفاء قبل الهجرة، وهي من المهاجرات الأول، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يزورها ويقيل عندها في بيتها، وكانت قد اتخذت له فراشا وإزارا ينام فيه، فلم يزل ذلك عند ولدها حتى أخذه منه مروان بن الحكم، وقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: علمي حفصة رقية النحلة كما علمتها الكتابة.

وأقطعها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دارها عند الحكاكين بالمدينة، فنزلتها مع ابنها سليمان، وكان عمر يقدمها في الرأى ويرعاها، [ويرضاها] ، ويفضلها، وربما ولاها شيئا من أمر السوق، لها ترجمة في (الإصابة) : 7/ 727- 729، ترجمة رقم (11373)، (الاستيعاب) :

4/ 1868- 1870، ترجمة رقم (3398) .

[ (4) ](الاستيعاب) : 4/ 1863، ترجمة رقم (3386)، (الإصابة) : 7/ 712، ترجمة رقم (11332) .

وعن جواز قيام المرأة بوظيفة المحتسب، فقد نقل الكتاني في (التراتيب الإدارية) ما ذكره القاضي أبو العباس أحمد بن سعيد في كتابه (التيسير في أحكام التسعير) ، أن من شرط المحتسب أن يكون ذكرا، إذ الداعي للذكورة أسباب لا تحصى، وأمور لا تستقصى، ولا يرد

ص: 395

تم بحمد اللَّه تعالى الجزء التاسع ويليه الجزء العاشر وأوله:

«فصل في ذكر من كان من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير»

[ () ] ما ذكر ابن هارون أن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، ولى الحسبة في سوق من الأسواق امرأة تسمى أم الشفاء الأنصارية، لأن الحكم للغالب، والنادر لا حكم له، وتلك القضية من الندرة بمكان، ولعله في أمر خاص يتعلق بأمور النسوة. (التراتيب الإدارية) : 1/ 285- 286.

ص: 396