الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة
قال تعالى: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ (1) ] قال أبو عبد اللَّه القرطبي: لا خلاف أن الذين تبوءوا الدار هم الأنصار الذين استوطنوا المدينة قبل المهاجرين. قال: والتبوؤ، التمكن والاستقرار، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، لا يحسدون المهاجرين على ما خصوا به [من] الفيء وغيره.
وخرج البخاري ومسلم، من حديث يونس عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: لما قدم المهاجرون من مكة [إلى] المدينة، قدموا وليس بأيديهم شيء، وكان الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام، ويكفونهم العمل والمؤنة، وكانت أم أنس [بن مالك وهي تدعى أم سليم، وكانت أم عبد اللَّه بن أبى طلحة، كان أخا لأنس][ (2) ] لأمه، كانت أعطت [أم أنس][ (2) ] رسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم عذاقا لها، فأعطاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أم أيمن، مولاته، أم أسامة بن زيد، فلما فرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قتال أهل خيبر وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم، قال: فرد اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أمى عذاقها، وأعطى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أم أيمن مكانهم من حائطه. وفي رواية: من خالصة [ (3) ] زاد مسلم: قال ابن شهاب: وكان من
[ (1) ] الحشر: 9.
[ (2) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
[ (3) ] رواه البخاري في الهبة، باب فضل المنيحة، ومسلم في الجهاد، باب (24) رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح، حديث رقم (1771)، والعذاق:
شأن أم أيمن- أم أسامة بن زيد- أنها كانت وصيفة لعبد المطلب، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ما توفى أبوه، كانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأعتقها، ثم أنكحها زيد بن حارثة، ثم توفيت بعد ما توفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر وفي رواية قال: «كان الرجل يجعل للنّبيّ صلى الله عليه وسلم النخلات من أرضه حتى افتتح قريظة والنضير، فجعل بعد ذلك يرد عليهم، وأن أهلي أمرونى أن آتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسأله ما كان أهله أعطوه أو بعضه؟
وكان نبي اللَّه قد أعطاه أم أيمن فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي، وقالت واللَّه لا يعطيكهن وقد أعطانيهن، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا أم أيمن، اتركيه، ولك كذا،
وتقول:
كلا، واللَّه الّذي لا إله إلا هو، فجعل يقول كذا حتى أعطاها عشرة أمثاله، أو قريبا من عشرة أمثاله.
[ () ] جمع عذق- بفتح العين، وهو النخلة بما عليها من الحمل، منائحهم: المنائح جمع منحية، وهو العطية، والأصل فيه الناقة أو الشاة تعيرها غيرك لينتفع بلبنها ثم يردها. (جامع الأصول) :
5/ 11- 13، حديث رقم (2989) .